تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف تدرب نفسك على تقبل الاختلاف مع وجهات النظر الحياتية؟

كيف تدرب نفسك على تقبل الاختلاف مع وجهات النظر الحياتية؟

تقبل الاختلاف من الأشياء التي يفرضها علينا الواقع يوما بعد يوم ولكن أحيانا يرى الإنسان نفسه هو النموذج والآخرين شواذ عن القاعدة فكيف يمكننا التخلص من هذه النظرة الضيقة للأمور ذات البعد الواحد وندرك أن تقبل الاختلاف ضرورة؟

تقبل الاختلاف

نواجه في واقعنا الحالي انعدام تقبل الاختلاف وأن كل شخص يريد أن يصبح الآخر مثله بالضبط يفكر مثله ويتصرف مثله ولا وجود لما يسمى باختلاف وجهات النظر لذلك علينا أن ندرك أهمية اختلاف وجهات النظر وأنها ضرورة لاستمرار الحياة وأن الأمر لا يعد واجب إنساني فحسب فلولا اختلاف الأفكار والآراء ما كانت الإنسانية قد وصلت لما هي عليه اليوم وكانت البشرية انهارت منذ زمن.

تقبل الاختلاف ضرورة حياة

يجب أن نفهم أن تقبل الاختلاف ضروري للحياة فمن خلال الأفكار المختلفة والمتناقضة يخرج لنا الأفكار الأكثر اتزانا واتساقا مع واقع الحياة خصوصًا أن كل وجهة نظر ترى جانبا واحدا من الأمر لذلك مع تلاقي وجهات النظر جميعها يكون هناك تكامل لوجهات النظر ونستطيع الإلمام بكافة الأمور من جميع جوانبها ونخرج بوجهة نظر واحدة تكون جامعة لكافة وجهات النظر أو على الأقل مراعية لبقية الجوانب دون إغفالها ومتخذة لكافة الاحتياطات وعلى ذلك مثلا نجد أن المواد القانونية في الدساتير تراعي هذا الاختلاف وتراعي وجهات النظر المختلفة والجوانب المختلفة للشئون الحياتية.

تقبل الاختلاف مناسب أكثر للواقع

تقبل الاختلاف تقبل الاختلاف مناسب أكثر للواقع

الواقع دائما في تطور وتغير والأحداث التي نراها حولنا هي عبارة عن أسباب لدفع الواقع إلى الأمام وبالتالي حينما نمشي بوجهة نظر واحدة فإن هذا يعني أننا لا نساير التطور ولا نواكب التقدم الذي يحدث في الواقع ومن هنا ظهرت الرؤى الأخرى للواقع ولو كان هناك منع للاختلاف ونفور من عدم تقبله لما كان فكر الناس في الرؤى المناسبة للظرف الراهن وبالتالي جاء تقبل الاختلاف من أجل صياغة واقع أفضل.

لولا تقبل الاختلاف لسحقت الأقليات

نلاحظ أنه لولا تقبل الاختلاف بين الأشخاص لسحقت الأقليات في الغالب يكون هناك وجهة نظر سائدة في المتجمعات سواء من ناحية المعتقد أو القناعة أو المذهب السياسي أو الطائفة أو غير ذلك ولو كل شخص تمسك برؤيته هو للحياة لاقتنع بأن الأشخاص المغايرين لوجهة نظره على خطأ وبالتالي من الممكن أن يسحقهم وهذا بالفعل ما يتم في بعض المجتمعات حيث امتلاك شخص للحقيقة المطلقة قد يخول له أن يسحق الآخرين لأنهم يمثلون العقبة الوحيدة في تناغم الكون الذي سيتم لو اتبع الناس وجهة نظره وبما إنهم مصرين على عدم اعتناق وجهة نظره فإن تطهير الكون منهم أفضل.

لولا تقبل الاختلاف لما عرفنا الديموقراطية

وعت الديمقراطية منذ البداية أن تقبل الاختلاف هو الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات بل هي الركيزة الأساسية خصوصًا أننا نرى بالفعل نجاح المجتمعات الديموقراطية وتحضرها بالنسبة للمجتمعات الأخرى الفاشية والديكتاتورية ومن هذا الدافع رأت الديموقراطية أنه يجب استشارة كافة الشعب واستعراض وجهات نظرهم بالكامل وتمثيل كل فرد فيهم بما يعني تمثيل كافة وجهات النظر في المجتمع بأكمله ولو استبد شخص واحد بوجهة نظر واحدة لرأينا فساد العالم وقيام الحروب وإبادة البشر مثلما حدث مع هتلر والحزب النازي وتبنيه للنازية والسعي لإقناع كل الناس بها ومن ثم قيام الحرب العالمية وقتل وتشويه وتشريد ملايين البشر من أجل هذا، لذلك تقبل الاختلاف رحمة بالبشر ورفعة لهم.

تكوين وجهات النظر يختلف باختلاف الشخصيات

قد يظن الإنسان أن كل الآراء مبنية على أسس موضوعية وأن اختلاف شخص مع الآخر لأنه فكر ووجد أن هذا هو الطريق السليم ولكن الصحيح والثابت أن كل إنسان يتبنى وجهة نظر معينة لا يفعل ذلك لرؤية موضوعية وعلمية ثابتة لأن الآراء ليست حقائق علمية أو نظريات مبنية على أدوات تجريبية بل يتداخل فيها نفسيات الإنسان المختلفة وشخصياتهم التي ظلت تتكون منذ الطفولة ومن ثمَّ فإن اختلاف وجهة نظري عن الآخر هذا بسبب أن شخصيتي مختلفة عنك تماما ومررت بمواقف كوّنت شخصيتي وبالتالي ساهمت في اعتناقي لوجهة نظر معينة، ومعنى أنني سأقتنع بوجهة نظرك بالكامل فهذا يعني أنني قد مررت بكل ما مررت به في حياتك وساهم في تكوين شخصيتك وهذا مستحيل عمليا إلا لو كنت أنا هو أنت.

مهارة تقبل الاختلاف

لمهارة تقبل الاختلاف أمور لا تتم إلا بها حيث يجد الأشخاص الذين خاضوا مواقف مختلفة واحتكوا بناس من مختلف الأصناف والألوان أكثر قدرة على تقبل الاختلاف وفهم التنوع في البشر ليس في أشكالهم فحسب بل في وجهات نظرهم أيضًا وبالتالي يستطيع الشخص الذي يحتك بالبشر على الدوام اكتساب مهارة تقبل الاختلاف بسهولة أما الشخص الذي لم يفعل فإنه يجد صعوبة في فهم أن الحياة بها ألوان أخرى وأوجه أخرى للحقيقة وكل شخص يرى وجه واحد ويعتقد أنها الحقيقة الكاملة المتكاملة في يده، لكن من الممكن أن تحرز هذه المهارة من خلال توسيع مداركك وفتح آفاقك.

كيف تكتسب مهارة تقبل الاختلاف؟

تقبل الاختلاف كيف تكتسب مهارة تقبل الاختلاف؟

كيف إذا تستطيع تقبل الاختلاف بشكل أفضل وتدرب نفسك على هذا؟ بالطبع يمكنك قمع مصادرتك على الرأي الآخر ولكن كيف يمكنك تدريب نفسك على تقبل الاختلاف بنفس راضية وتسلب أفكارك فاشيتها؟

ضع نفسك مكانه

من أجل اكتساب مهارة تقبل الاختلاف ضع نفسك مكان هذا الآخر كي تفهم دوافعه ومبرراته لاعتناق شيء بعينه وربما تجد دوافعه هذه منطقية حتى إن لم تجد ما يجعلك تعتنقها ولكن كل شخص يعتنق الأكثر راحة له بالتالي عندما تضع نفسك مكان الشخص ستفهم تماما أن وجهات النظر ممكن أن تختلف لأن الدوافع المؤدية لها مختلفة ومنطقية.

المحبة أهم من القناعة

إلى جانب الشق الموضوعي فهناك الشق الشعوري وهو أن تقتنع بان المحبة أهم من توحيد وجهات النظر وأنك ستظل تحب المختلف معك سواء ظل على اختلافه معك أم اقتنع بوجهة نظرك وبالتالي لا تسمح بأي وجهة نظر تعتنقها أن تخسر المختلف معك أو تشعر حتى شعور بالتفوق عليه.

اقرأ عن وجهات النظر المختلفة

هناك كتب كثيرة كانت ردا على كتب أخرى ومقالات كتبت لمعارضة مقالات أخرى وكل شخص يفند حججه وركائزه ولو قرأت كتاب ووجدته منطقي لوجدت الرد عليه منطقي أيضا وهكذا مع المقالات بالتالي عند قراءة وجهات النظر المختلفة ستجد نفسك متفهما للأمر وتعرف أن دوافع تبني القناعات قد تبدو منطقية.

شاهد مناظرات

إلى جانب القراءة كن على اطلاع بالمناظرات وستجد على الإنترنت الكثير من المناظرات المصورة وهي عبارة عن نموذجين كل شخص منهما يمثل عقيدة ويدافع عنها، وستجد أن حجة كل منهما مقنعة رغم ذلك حتى لو كنت تميل إلى إحداها لذلك تفهم التنوع في اختيارات البشر.

تقبل الآخر للأطفال

تقبل الآخر للطفل لا يكون إلى من خلال قدوته الحسنة وتتمثل القدوة الحسنة في الوالدين والمدرسين، على الآباء والمدرسين تعليم الأبناء عن طريق تقبلهم هم للآخر وفي نفس الوقت إفهام الأطفال أن ربنا خلقنا جميعا ويحبنا جميعا بنفس القناعات المختلفة وسوف يجعلنا نعرف يوم القيامة نتيجة اختلافنا وهو الذي قال هذا في كتابه العزيز، تربية الأبناء من البداية ليست صعبة المهم أن يجد أمامه القدوة الحسنة.

الديكتاتورية سهلة والمصادرة على رأي الآخرين سهلة جدا بل وممتعة حينما تشعر أنك وحدك الصحيح المطلق ولكن نتائج هذه السلوكيات سيئة عموما على الفرد وعلى المجتمع ولكن الأفضل دائما اتباع السلوكيات التي تقبل الاختلاف بين الناس وتحترم الآخر حتى يعود ذلك بالنفع على الفرد والمجتمع.

الكاتب: تقى علي

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

ستة عشر − 5 =