تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » المشاعر الجسدية : كيف تؤثر مشاعرك على جسدك بدون أن تدري ؟

المشاعر الجسدية : كيف تؤثر مشاعرك على جسدك بدون أن تدري ؟

هل تؤثر مشاعرنا على أجسادنا؟ وكيف يحدث ذلك بالضبط؟ هنا نستعرض الطرق المختلفة التي تؤثر بها أنواع من المشاعر أطلقنا عليها اسم المشاعر الجسدية على أجسادنا.

المشاعر الجسدية

ربما يبدو لفظ المشاعر الجسدية غريبا بعض الشيء على أذهاننا. فنحن قد نشأنا على أن المشاعر هي أمور نفسية غير ملموسة ماديا ولا يمكن رؤيتها أو لمس تأثيرها إلا عن طريق التفاعلات المحسوسة. فالسعادة مثلا هو إحساس غير ملموس أو معروف مكان محدد ينشأ منه، لكننا نشعر به بالرغم من ذلك. الحزن والاكتئاب أيضا هي مشاعر لا نعرف لها مكانا في الجسد لكن كل ما نعرفه هو أنها موجودة وأننا نشعر بها. كيف إذا يجتمع لفظي المشاعر الجسدية سويا ليكونان لفظا مفيدا ومستساغا للأذن والذهن دون تعارض أو تنافر أو تضاد؟! هذا هو ما سنخبرك إياه في تلك المقالة. سنخبرك كيف تنشأ المشاعر من جسدك وكيف يمكن أن نطلق عليها المشاعر الجسدية بكل أريحية. وسنخبرك كيف تؤثر المشاعر على جسدك أيضا وكيف تستغل ذلك التأثير في الحصول على حياة صحية أكثر. أجل يا صديقي، مشاعرك ستكون طريقك لحياة جسدية أكثر صحة!

ما هي أنواع المشاعر الجسدية التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على جسدك ؟

كيف تتصرف المشاعر في جسدك؟

في هذه النقطة سنجيب على ذلك السؤال العميق حول إمكانية جمع لفظي المشاعر الجسدية سويا دون تناقض. وفي هذه القطعة أيضا سنخبرك كيف تعبر عن مشاعرك المحسوسة بطريقة مادية ملموسة. الآن، دعونا نتخيل المشاعر الملموسة الاعتيادية الخاصة بنا. فنحن مثلا عند الشعور ببعض الصداع يكون المكان المتأثر هو رأسنا. وإذا شعرنا باحتقان فإن المكان المتأثر هو حلقنا. وإذا شعرنا بألم أثناء الوقوف أو الجلوس أو غير ذلك من الأفعال الجسدية المختلفة فإن مكان الألم سيكون إما بعض العضلات أو العمود الفقري. ماذا إذا إذا كان الشعور الذي نشعر به هو السعادة أو الحزن أو الغضب أو حتى العار؟ أين تصب تلك المشاعر أحاسيسها على أجسادنا، وما هي المنطقة التي يمكن أن نقول أنها متأثرة نتيجة تلك المشاعر؟ كانت الإجابة على ذلك السؤال في غاية الصعوبة حتى قام عدة باحثون في فنلندا بتجربة تهدف فقط إلى الإجابة على هذا السؤال. تهدف إلى معرفة المشاعر الجسدية !

التجربة

شارك في تلك التجربة حوالي 700 شخص من جنسيات مختلفة (فنلنديون، سويديون وتايلانديون). تم حث هؤلاء الأشخاص على التفكير في مشاعر معينة من أجل غرض التجربة، وكانت تلك المشاعر حوالي 14 إحساسا. كان يتم عرض بعض الفيديوهات أو قراءة بعض القصص القصيرة أمام المشاركين لتحفيز تلك المشاعر الجسدية على الحضور في أذهان المشاركين. كانت الخطوة اللاحقة لخطوة إثارة المشاعر هي أن الباحثين سألوا المشاركين عن الأماكن التي يشعرون فيها بنشاطات جسدية إزاء كل شعور من تلك المشاعر. وكانوا يطلبون منهم تحديد نوع النشاط باستخدام الألوان حيث يرمز الأزرق إلى أقل درجات النشاط ويتدرج اللون إلى الأحمر معتدل النشاط ثم إلى الأصفر شديد النشاط. وكانت نتائج تلك التجربة شيقة وتحمل بعض الأدلة على وجود تلك المشاعر الجسدية .

نتائج التجربة

كان المبهر في نتائج هذه التجربة هي أن المشاعر الجسدية تلك كانت تميل للظهور بنشاطات مختلفة في أماكن معينة، وكانت تلك الأماكن ثابتة باختلاف الأشخاص. أي أنه كالمشاعر العادية التي تصيب أجسادنا من صداع وغيره، المشاعر الجسدية تصيب أعضاء معينة في الجسم وهذه الإصابة لن تتغير بتغير الشخص. كان هذا أول دليل استقاه العلماء من تلك التجربة وهي إثبات أن الأمر ليس متغيرا تبعا للأشخاص المشاركين بل ثابتا ويمكن تطبيقه على أية عينة عشوائية. كانت المشاعر الأربعة عشر التي اختبرتها تلك التجربة هي (الغضب، الخوف، التقزز، السعادة، الحزن، المفاجأة، الضيق، الحب، الاكتئاب، الازدراء، الفخر، العار، الحسد وبالطبع التعادل). كانت مشاعر التعادل هي المرجع الذي يعود إليه الباحثون في المشاعر الباقية. فقد كان الجسد في ذلك الشعور من المشاعر الجسدية هو في حالة استرخاء تام ويعم اللون الأزرق الخافت معظم أجزاءه مما يدل على انخفاض معدلات النشاط.

الغضب، السعادة والحب

كانت تلك المشاعر مشتركة في اشتعال نشاط الدماغ والأطراف باختلافات بسيطة بين كل نوع. فالغضب مثلا كان يشتعل في منطقة الرأس والصدر والذراعين على وجه الخصوص. السعادة كانت تشتعل نشاطا في كل أجزاء الجسد تقريبا. أما الحب فكان نشاطه مشتعلا في الرأس والأذرع والصدر ووصولا إلى بداية أطراف القدم. رجح الباحثون سبب نشاط الأذرع في هذه المشاعر الجسدية الثلاث هي بسبب تموضع الجسد في حالة تأهب لاستخدام أطرافه كالتلويح كما في حالة السعادة أو العناق كما في حالة الحب أو اللكم كما في حالة الغصب! وسبب نشاط الرأس هو أيضا بسبب تموضع الرأس لإبداء التعبيرات الوجهية كالابتسام أو الامتعاض أو غيرها من تلك التعبيرات المختلفة.

الحزن والاكتئاب

هذان النوعان من المشاعر الجسدية كانوا على عكس الأنواع السابق ذكرها. فإذا كانت أجزاء الجسد المختلفة تشتعل نشاطا جراء المشاعر الجسدية كالحب والغضب والسعادة، فإن العكس تماما هو ما يحدث في حالة المشاعر الجسدية كالحزن والاكتئاب. ما يحدث في ذلك الشعورين هو أن الجسد يصاب بفتور في النشاط ويغمره اللون الأزرق كبحر عميق لا تكاد تصل إلى قرار له فطبع هذا العمق ازرقاق شديد على سطحه! في مشاعر الحزن تمتلأ الأطراف باللون الأزرق بينما تتخلل منطقة الرأس ومنطقة الصدر بعض درجات الأحمر التي تحاول الهروب من طبقات الأزرق المحيطة بها من كل جانب. أما مشاعر الاكتئاب فهي -كما قد يتوقع معظمنا- عبارة عن بحر أزرق عميق في كل أطرافه لا تكاد تتبين منه سوى ظلمة وعمق أكثر. كافة أجزاء الجسد يكون مطليا بالأزرق دون ذرة لون آخر! ويرجح الباحثون أن انعدام النشاط هذا يكون طبيعيا لأن الشخص الحزين أو المكتئب يشعر بفقدان رغبة في التفاعل والتواصل، ولا يرغب سوى في الاسترخاء والابتعاد عن أية حركة أو مؤثر خارجي قد يدفعه إلى مجرد الحركة.

الخوف، القلق وباقي المشاعر الجسدية

ما تبقى من تلك المشاعر الجسدية كانت تنتشر بطرق شبيهة بعض الشيء بالأنماط السابقة. فالخوف مثلا كان يحتل نشاط الرأس وبعض المناطق الصدر ولكن بنشاطات قليلة نسبيا. القلق كان يملأ منطقة الصدر نشاطا ويمكننا أن نلاحظ هذا التأثير بانقباض وتقلص صدورنا عند الشعور بالقلق أو خطر محدق بنا. المفاجأة كانت تشبه القلق كثيرا لكن نشاط منطقة الصدر كان أقل حدة، ربما لانعدام معامل الخطر في ذلك الشعور. التقزز كان مركزا في منطقة الرأس وقليلا من منطقة الصدر ونشاطه الأكبر هو في القناة الهضمية –لذلك نشعر برغبة في التفيؤ عند الشعور بالتقزز-، كذلك يوجد ذلك التأثير الخاص بالقناة الهضمية في مشاعر الخوف، القلق والعار. بينما كان الازدراء مركزا في منطقة الرأس فقط دون سواها. الفخر كان يملأ منطقتي الرأس والصدر انفعالا ونشاطا. أما العار فكان يتركز في العينين فقط والحسد يتركز في نشاط قليل نسبيا في الرأس فقط.

مشكلة التجربة

رغم أن هذه التجربة كان ثرية بالمعلومات ويمكن الاعتماد على نتائجها نظرا لكبر حجم العينة التي قام الباحثون باختبارها، إلا أنه كانت هناك مشكلة واحدة وكبيرة في تلك التجربة. وهي أن المشاعر والنشاطات المختلفة لم يكن هناك سبيل لقياسها إلا بشهادة هؤلاء المشاركين الذين يملكون دليلا وحيدا وهو “أنهم شعروا بذلك”. ربما هم صادقون ونحن لا نملك أي مبرر أو سبب واحد لنشكك في ذلك، ولكن العلم لا يكتفي بذلك في كل الأوقات. سبب نشوء هذه المشكلة وعدم قدرة الباحثين على إقران المشاعر الجسدية للمشاركين بالأدلة العلمية المقبولة هي أن تلك المشاعر الجسدية ليست بالضرورة تغيرات في مسار الدم أو ارتفاع لدرجات الحرارة أو غير ذلك من المؤشرات الجسدية التي يمكن حسابها والتقاطها. وإنما المشاعر الجسدية هي مجرد تغيرات طفيفة في حركة العضلات والإحساس ببعض الوخزات الحادة البسيطة في تلك المناطق التي صرحوا بوجود تأثير فيها عند كل شعور من هذه المشاعر المختلفة. ربما ليست هذه الطريقة الأمثل للوصول إلى هذه النتائج، لكن هذه هي الطريقة المتاحة حاليا. وحتى يمكننا الوصول إلى طريقة لقياس تلك الوخزات والتغيرات الطفيفة في عضلاتنا وأوعيتنا الدمية والتفريق بين تلك الناتجة بسبب المشاعر الجسدية وبين تلك الناتجة بسبب تفاعل حيوي طبيعي، ستظل تلك التجربة هي دليلنا الأوحد على وجود المشاعر الجسدية حتى ذلك الحين.

علاقة العقل بالجسد

كما أوضحنا في النقطة السابقة هي أن تلك المشاعر الجسدية وتأثيراتها المختلفة على أجسادنا ما هي إلا تصريحات بعض الأشخاص دون وجود سبب علمي متين ليؤيدها. ولكن هذه هي المشكلة الحقيقية. فهناك الكثير جدا من العلاقات العقلية الجسدية التي لا يستطيع العلم فك شفرتها أو معرفة العلاقات بين تلك الروابط! أحد هذه الروابط مجهولة العلاقة هي ما يفعله التوتر والحزن والاكتئاب العميق بصاحبه. فكثيرا ما تصاحب مشاعر الاكتئاب الحادة مريضها بآلام صدرية رغم خلو قلب وصدر ذلك المريض تماما من أية مشاكل صحية. هو فقط يشعر بألم في صدره نتيجة تلك المشاعر التي من الواضح أنها مشاعر جسدية. ليس الاكتئاب فقط هو ما يأتي مصحوبا بآلام، فهناك أيضا التوتر والضغط النفسي أو التعرض لفقدان شخص عزيز يكون سببا في دخولنا مرحلة الأسى. هذه المشاعر تكون مصحوبا بآثار جسدية كآلام الظهر والصدر، فقدان للشهية، جفاف الفم، إجهاد عام للجسد، الأرق، ارتفاع ضغط الدم وحتى تكون حصوات المعدة نتيجة التعرض لضغط نفسي كبير! بل إن العلماء وجدوا علاقة بين ارتفاع معدلات الإصابة بأزمات قلبية عند هؤلاء الذين تعرضوا إلى أزمات نفسية متعلقة بفقدان أحدهم إلى 20 مرة من المعدل الطبيعي! لم يعد تعبير “قلبه مكسور” تعبير مجازي بعد الآن.

مشاعرك تؤثر على مناعتك!

ليس فقط التغيرات الجسدية أو الشعور بآلام دون أسباب هو الناتج الوحيد جراء المشاعر الجسدية السيئة. بل هناك أيضا علاقة وطيدة تمكن العلماء من ربطها بين الضغط النفسي وضعف المناعة البشرية. إحدى أعراض الضغط النفسي هي أنه يجعل الجسد أقل حساسية لهرمون الكورتيزول. ذلك الهرمون مهمته الأساسية هي المساعدة في حالات الالتهاب وتهدئتها. ولكن نظرا لأن الجسد يكون أقل حساسية لهذا الهرمون مسبقا، فإن عملية شفاء الالتهابات تستغرق وقتا أطول وأكثر مشقة. كذلك الصحة النفسية السيئة تجعلك أكثر عرضة للتعرض لنزلات البرد وأقل قدرة على مقاومتها، وغير هذه العدوى من الأنواع الكثيرة المختلفة. كذلك أحد أعراض الصحة النفسية السيئة هي أنها تجعلك عازف عن الطعام والشراب والحركة والتفاعل. مما يقضي على صحتك الجسدية وحياتك الاجتماعية ويقضي على ما تبقى لك من متطلبات الحياة!

إطلاق الشحنات

إذا كانت صحتك النفسية قادرة على تحويل صحتك الجسدية إلى جحيم، وإلى تحويل جسدك لخرقة بالية. فلا بد ومن الحتمي إذا أن نعرف الطرق التي تجعلنا ذوو صحة نفسية أكبر للتمكن من مواكبة الحياة وإمكانية الحفاظ على أكبر قدر من صحتنا الجسدية. إذا أخذنا التوتر والقلق كأحد أمثلة المشاعر الجسدية التي تؤثر سلبا على صحتنا، فيوجد لدى العلماء طريقة العلاج بالإبر. هذه الطريقة هي صينية المنشأ وتعتمد على غرز الإبر بطرق معينة في جسد الشخص، فتقوم تلك الإبر بإخراج الشحنات الزائدة والتي تسبب كثيرا من الضغوطات الجسدية وربما النفسية على الفرد. ويكون ذلك التأثير إيجابيا جدا على صحة المتعالج النفسية والجسدية. ولكن هناك طريقة أخرى من طريقة أفرغ الشحنات هذه التي لا تتضمن إبرا، ولكنها تقتصر على استخدام أطراف الأصابع من المختص والتخبيط بها بطريقة معينة في أماكن طولية محدد برأس المتعالج وصدره. وفي أثناء تلك الطريقة يكون المتعالج مركزا على مشكلته ويحاول إيجاد الجوانب الإيجابية فيها. فباجتماع محاولة إخراج الشحنات الزائدة مع التعليقات الإيجابية على المشكلة المعينة، كثيرا ما يكون الناتج هو حالة نفسية أفضل بكثير. وهذا بالتحديد هو ما نطمح إليه من مثل تلك الجلسات.

اهتم بصحة قناتك الهضمية!

ربما يبدو هذا الاقتراح للحد من مشاعرك السيئة هو اقتراح في غاية الغرابة. فما علاقة قناتك الهضمية بمشاعرك السلبية يا ترى؟ لكن الحقيقة هي أن هناك علاقة وطيدة بين جهازك الهضمي وبين صحتك النفسية. أتذكر في خريطة المشاعر الجسدية وتأثيرها على جسدك عندما كانت القناة الهضمية عاملا مشتركا بين مشاعر التقزز، الخوف، القلق والعار؟ وتتشارك أيضا مع مشاعر الاكتئاب –بعدم النشاط إطلاقا- ومشاعر الحزن؟ إذا لا بد أن هناك علاقة بين جهازك الهضمي وبين صحتك النفسية إذا كانت مشاعرك تخبرك بأن خطبها يقطن في ذلك المكان! في الواقع، لقد أصبح العلماء على قناعة تامة بترابط جهازك الهضمي وصحتك النفسية في السنوات الأخيرة. بل وأصبحوا يلجؤون إلى استعمال البكتريا المفيدة الموجودة في الجهاز الهضمي كمضادات اكتئاب. وتم استعمال أحد هذه البكتريا بالفعل في معالجة أحد الفئران الذين تم إصابتهم بالتوتر والقلق، وأثبتت هذه البكتيريا كثيرا من الجدارة. وفي بحث آخر نشر عام 2011 أثبت أن البكتريا الضارة الموجودة بالجهاز الهضمي لديها تأثيرات على أنشطة الدماغ وكيميائيته، وبالتالي تكون محفزا على التسبب في القلق ومشاعر الاكتئاب. لذلك لا تستغرب عندما يخبرك أحدهم أن صحتك الجسدية تبدأ من قناتك الهضمية.

نصائح متنوعة

بجانب الحديث عن الطرق العلاجية بالإبر أو بالأصابع، وبجانب اهتمامك بما تدخله إلى جهازك الهضمي وطريقة تعاملك مع بكتريا قناتك الهضمية. يوجد هناك وسائل أخرى بإمكانك جعلها روتينا في حياتك وستسبب في إطلاق التوتر والضغط الموجودين في حياتك والحصول على بعض الهدوء والسلام النفسي. أول هذه العادات هي التمرين. من الضروري أن تقوم ببعض التمرينات الجسدية لأن الدراسات أثبتت أن التمرين الرياضي يقوم بإفراز هرمون الإندروفين الذي يجلب السعادة والهدوء إلى جسدك. بجانب التمرين أيضا سيتوجب عليك أن تهتم بمواعيد نومك وعدد الساعات التي تنامها والحرص على أن تنال قسطك الكافي من النوم، وهذه العادة لا تقل أهمية عن التمرينات الرياضية أو ما تدخله في جوفك. هناك أيضا الاهتمام بالتمارين التي تساعد على الاسترخاء كاليوجا أو التأمل أو سواهما من الأشياء التي تساعدك على إخراج طاقتك السلبية بالتوحد مع محيطك ورؤية الجمال الكامن فيه.

كيف تتحلى بالمشاعر الإيجابية؟

لعل الأمر أصبح جليا الآن بخطورة المشاعر السلبية وضرورة التخلص منها ومحاولة إدخال الروتين والعلاج اللازم لدرأ خطر هذه المشاعر. ولكن هل حقيقة أن المشاعر السلبية لديها تلك التأثيرات الضارة على أجسادنا، يحتم أن المشاعر الإيجابية لديها تأثير جيد على حياتنا؟ إجابة هذا السؤال هي ببساطة شديدة، أجل. بالطبع تساهم المشاعر الإيجابية في تحسين حياتنا الجسدية وجعلنا أفضل وأكثر صحة. الأهم من هذا أن هذا القول ليس من عندي أنا وإنما هو قول العالمة “باربرا فريدريكسون”. تقول بابرا بأن المشاعر الإيجابية لديها تأثيرين أساسيين على حياتنا، أولهما هو توسيع مداركنا وجعلنا أكثر انفتاحا على الحياة وبالتالي أكثر قدرة على الإبداع والبحث والحصول على المزيد من الاختيارات في الحياه. التأثير الثاني والأكثر أهمية هو أن هذه المشاعر الإيجابية تبني بعضها فوق بعض بمرور الوقت فتكون ما يشبه حصنا منيعا من المشاعر الإيجابية التي تكون خير عون للفرد في تخطي الأزمات والعقبات التي تواجهه فيما بعد. لقد أمضت العالمة باربرا سنينا متعددة في دراسة تأثير المشاعر الإيجابية على مختلف الأشخاص وتوصلت إلى أنها تساهم في تسارع شفاء مرضى الأوعية الدموية القلبية، وتساعد في الحصول على نوم أفضل، وتقلل الإصابة بنزلات البرد. بل وتعطيك إحساسا عاما بالسعادة والاستمتاع. فإذا كانت المشاعر الإيجابية لديها تلك القدرة الهائلة على تحسين صحتنا وحالتنا المزاجية عموما، كيف يمكننا أن نتحلى بمثل تلك المشاعر إذا؟

التسامح

تدعي العالمة باربرا فريدريكسون بأن هناك ثلاث مشاعر إيجابية بإمكانها هزم جميع المشاعر السلبية التي تقتنص أرواحنا والذين يمكن أيضا تعلمهم ومحاولة إدخالهم إلى حياتنا. أول هذه المشاعر الثلاثة هي التسامح. شعور التسامح كما تصفه باربرا هو “التقبل التام لحقيقة حدوث ظروف سيئة وسلبية ومحاولة التفاعل مع هذه السلبية بطريقة مناسبة تساهم في إبعادها عن الجو المحيط واستعادة هدوء المكان”. والمقصود بالمكان هنا هو الظروف أو الأشخاص أو أي شيء تسبب في إحزاننا أو تعكير صفو حياتنا. فكلما زادت قدرتنا على التحلي بروح التسامح تجاه الأشخاص والظروف، كلما أصبحنا أكثر قدرة على مواجهة الصعاب وتعزيز قوتنا الجسدية والنفسية. واستندت باربرا في حديثها هذا على تجربة جامعة ستانفورد للتسامح التي أجريت على 260 شخصا تعرضوا لدورة تدريب على المسامحة مدتها ستة أسابيع. فكانت نتيجة تلك الدورة هي أن 70% من هؤلاء الأشخاص أصبحوا أقل إحساسا بالأذي من هؤلاء الأشخاص أو المواقف التي تسببت في وجودهم في ذلك الموقف.

الشكر والتقدير

الشعور الثاني الذي يجب علينا محاولة اكتسابه لاكتساب قوة إيجابية في حياتنا هي الاعتراف بفضل كل ذي فضل علينا وتقديم الشكر والتقدير اللازمين لهؤلاء الأشخاص. فكلما عرفنا أن هناك أشخاص ذوو فضل علينا كلما قل غرورنا وكلما قل ضغط اعتمادنا على أنفسنا والسعي وراء كمال لا يتحقق وآمال لا تُرى.

المرونة

يصف دكتور “أندرو ويل” المرونة في هذا المجال بأنها التحلي بقدرة مطاطية تجعل ذلك الشخص المتحلي بتلك الصفة قادرا على العودة إلى حالته الإيجابية الأصلية مهما حاولت المشاعر السلبية مطه أو إبعاده عن دائرة إيجابيته تلك. فصفة المرونة المقصودة هنا هي القدرة على تقبل الآلام والمعاناة والسلبيات التي لا بد من مواجهتها في حياة كل فرد، ولكن في نفس الوقت لا تتركها تؤثر فيك لدرجة تخليك عن إيجابيتك وتسويد الحياة في وجهك. فالشخص المرن هو الشخص الذي لن ينكر الألم أو المعاناة في التجربة التي يمر بها، لكنه عوضا عن ذلك سيتقبلهما ويحاول إيجاد طريقة تجعله يخرج منها بحال أفضل. تلك هي الصفة الثالثة في مشاعر الإيجابية الثلاثة لباربرا.

في نهاية الأمر عليك إدراك أن مشاعرك وجسدك لا ينفصلان، وأن عقلك وجسدك لا ينفصلان، وإذا كنت غير قادر على ربط مشاعرك بجسدك فهذا ليس دليلا على عدم وجود علاقة. بل كل ما عليك فعله هو إرهاف السمع والإنصات لما يخبرك به جسدك وتحديد الأماكن التي تؤثر بها مشاعرك على جسدك كما حدث في التجربة المذكورة في أول المقال. وعندما تدرك ذلك الترابط ستكون أكثر قدرة على فهم جسدك وتقديم ما يحتاج إليه من صحة نفسية وجسدية أكثر من ذي قبل.

أفنان سلطان

طالبة جامعية، أهوى القراءة واعتدت الكتابة كثيرا منذ صغري. على أعتاب التخرج ولا أدري بعد ماذا سأفعل.

أضف تعليق

خمسة عشر − اثنان =