تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » القلق الاجتماعي : كيف يكون القلق الاجتماعي نقمة كبيرة في حياة البعض؟

القلق الاجتماعي : كيف يكون القلق الاجتماعي نقمة كبيرة في حياة البعض؟

يخجل بعض الأشخاص من إقامة العلاقات الاجتماعية، لكن البعض يصلون إلى مرحلة شديدة تدعى القلق الاجتماعي ، وهي عدم القدرة على إنشاء العلاقات الاجتماعية.

القلق الاجتماعي

القلق الاجتماعي هو حالة سيئة جداً تصيب القليل من الناس. وهو عبارة عن الشعور بالخجل الشديد يصل إلى مرحلة الاضطراب والخوف والارتباك الزائد عن الحد عند مواجهة بعض الناس، أو الكلام في وسط مجموعات أو تقديم شيء وسط آخرين. ومشكلة القلق الاجتماعي أنه يؤثر بشكل مباشر على حياة هؤلاء الناس، لأنه في الأخير يجعلهم يأخذون الوحدة ملاذاً لهم، ليس لشيء سوى أنهم وسط الناس يشعرون بمشاعر مختلطة وارتباك زائد عن الحد ونبضات قلب سريعة جداً وأدرينالين عالي جداً. وبعد أن ينتهي الموقف يشعرون بإرهاق شديد، يوازي مجهود رياضي في منافسة أولمبية. نعم هذا حقيقي، المجهود النفسي يجعل القلب والأدرينالين يعملان ويفرزان بنفس الكيفية، وزيادة على ذلك، الضغط العصبي. وفي الأخير يشعر الشخص بأن ارتباطه بالآخرين مفقود وأنهم يركزون مع سلبياته جدًا بشكل زائد عن الحد، في حين أن الحقيقة مخالفة لذلك تماماً. ولكن الأمر يكون نفسي بطريقة صرف.

أسباب القلق الاجتماعي وطرق علاجه المختلفة

التنشئة والتربية

القلق الاجتماعي ليس مرض وراثي ولكنه مرض نفسي، ينمو داخل النفس البشرية لأسباب معينة. وأهم هذه الأسباب هو أخطاء التنشئة والتربية، حيث أن الآباء والأمهات أحياناً يفعلون بعض الأخطاء في حق أطفالهم دون أن يعلموا أن هذه الأخطاء ستحدد مصير وشكل شخصيتهم بقية حياتهم. وربما هذه الأخطاء تؤثر سلباً وفي الأخير من سيتحمل العبء كله هو الطفل أو الابن أو البنت أنفسهم عندما يكبرون.

التعنيف

القلق الاجتماعي ينتج بصفة أساسية من فكرة التعنيف المستمر وخصوصًا التعنيف الجسدي. لأنه عندما يضرب الأب أو الأم الطفل باستمرار سيتولد داخل الطفل رهاب فظيع، عندما يفعل أي شيء. لأنه في كل مرة سيتذكر الضرب والألم، وفي الأخير ربما ينتكس الطفل ليصل لمرحلة الانطواء ولا يفعل أي شيء من الأساس ويبتعد عن الجميع، وينتكس دراسياً. وعندما يكبر سيصير معاق نفسياً لا يستطيع العمل في أي وظيفة لأنه في الأساس يخاف من الناس. وهذا الخوف ناتج من التربية والتنشئة التي زرعت فيه هذا الخوف. وهناك مثال على هذه النقطة، اسمه “مثل الفيل”، حيث أنهم قديماً ربطوا فيل صغير في جزع شجرة عادية وكان الفيل صغير لا يقدر على مقاومة الشجر. وكبر الفيل وصار ضخماً ولكنه لم يحاول من الأساس أن يزيل الشجرة، لأن ترسخ داخله من وهو صغير أنه لن يستطيع التخلص من الشجرة. مع أنه بزيادة حجمه كان يستطيع أن يقتلع الشجرة بكل سهولة.

العنف اللفظي

العنف اللفظي هو أيضًا مؤثر أساسي في القلق الاجتماعي، حيث أنه كثيراً ما يقول أحدهم للفتى أو الفتاة، “أنت قبيح”، أنت سيء”، “أنت لا تستحق العناء”. أو الشتم والتحقير مباشرة للشخص. هذا العنف اللفظي يترسخ أيضاً داخل ذهن هؤلاء الأشخاص، ويأخذون هذه الكلمات على أنها حقيقة مطلقة ولا سيما لو كانت موجهة من الآباء. حيث إن الآباء في هذا العمر للأطفال يكون كلامهم شبه حقيقة مؤكدة للأطفال، لأن الطفل ليس له علاقة بأي شخص بالعالم الخارجي سوى أبوه وأمه. ولذلك كلامهم له يعتبر هو الكلام الحقيقي الوحيد في هذا العالم لأنه لا يعرف سواهم. ولذلك يكبر الطفل أو الطفلة يشعرون بالنقص النفسي الرهيب، وعدم القدرة على السيطرة على النفس وكل هذه الأشياء.

أيضاً من ضمن أسباب العنف هو المدرسين، حيث أن المدرسين في المدارس أحيانًا يكونوا غير مؤهلين لأن يتعاملوا مع الأطفال الصغار ويتعاملون معهم برعونة كبيرة. ويستخدمون العقاب اللفظي والعقاب الجسدي، لأجل أن يجعل الطفل يذاكر جيداً. ويستمروا أن يقولوا للطفل “أنت غبي” ويجعلون الأطفال الآخرين يضحكون عليه. كل هذه التفاصيل والأحداث التي قد تكون بسيطة، لو كانت موجهة لطفل لديه الاستعداد للقلق الاجتماعي، فهو سيتأثر بالموضوع.

عدم وجود أصدقاء

القلق الاجتماعي ينتج وينمو بشكل أساسي مع الوحدة، كلما كان الطفل وحيد كلما كان الطفل معرض لفكرة القلق الاجتماعي. ولذلك يجب على الأب والأم أن لا يغلقوا على أطفالهم الباب ويمنعوهم من التواجد مع الأطفال الآخرين. لأن الذي لا يعلمه الكبار أن الصغار هم أقدر الناس على معالجة بعضهم البعض وليس أنتم. فالصغار يلعبون ويمرحون ويطلقون العنان ولا يفكرون، فقط يستمتعون سوياً. وحتى لو كان أحدهم تعرض لشيء يمكن أن يجعله قلق اجتماعياً، فأصدقائه الصغار سينتشلونه فوراً ببراءتهم ولعبهم اللطيف. ولذلك واجب على الآباء ألا يغلقوا على أطفالهم وأن يذهبوا بأطفالهم للحضانات التي تحتوي على أطفال في نفس عمرهم. ويدعون الطفل يتشاجر ويلعب ويقع ويقوم حتى يتعامل ويتعلم من الحياة. أما الخوف الزائد عن الحد من العوامل الخارجية فهو نفسه سيؤثر على نفسية الطفل بطريقة سلبية.

أعراض القلق الاجتماعي

كيف تعلم أن طفلك يعاني من القلق الاجتماعي، أو ليس بالضرورة طفلك فربما يكون شخص كبير وبالغ ويعاني من هذه المشكلة النفسية. ولذلك عليك تميزها حتى لا تكون سبب في جعل مشكلته تزداد سوءًا بل تحاول أن تتفادى إحراجه.

النظر بتوجس

يعتبرون هؤلاء الناس أن الآخرين يركزون معهم فقط. ولذلك تجدهم دون أن يعلموا هم أنفسهم ينظرون نظرات توجس وخوف. ثم ينظرون للأرض بإحراج كبير لأنهم يعتقدون أنهم عريانين.

معاملاتهم الاجتماعية قليلة

الذين يعانون من القلق الاجتماعي، تقريباً يكون احتكاكهم بالناس بنسبة 1%. وهذه النسبة ليست من ناحيتهم أيضاً. بل من ناحية الآخرين الذي يحاولون التعرف عليهم.

لا يعبر عن رأيه

المصاب بالقلق الاجتماعي لا يعبر عن رأيه في أي شيء، لأنه يعتقد أن رأيه غير مؤثر. وأحياناً أخرى يعتقد أن رأيه سيجلب له المشكلات. ولذلك يفضل أن يحتفظ بأفكاره داخل رأسه.

تصرفاته متناقضة

مثل هؤلاء الناس تجدهم يحبون ويكرهون في نفس الوقت، لديهم الرغبة في البكاء مع وجود رغبة في الفرح. معظم مشاعرهم مختلطة وغير مرتبة تمامًا.

الأعراض الجسدية

هناك مشكلة تواجه مريض القلق الاجتماعي لو تطور الأمر معه، فهو يبدأ في الانحلال حرفياً، وعدم الأكل، والانطواء حتى ضد نفسه، وينحل بشكل سريع. وضربات قلبه تزداد بشكل كبير عند سماع صوت الناس أو التعامل معهم.

علاج القلق الاجتماعي

غالباً علاج هذه المشكلة يفضل أن يكون مبكراً جداً، حتى تستطيع أن تغير نفسية الطفل ولا تجعل الأمر إعاقة نفسية بل تطور نفسيته الاجتماعية. من خلال التواجد في الأماكن العامة، دعمه بالأصدقاء في عمره، أخذه لماكن جديدة وناس جديدة حتى يرى أن ليس العالم كما يبدو له، بل العالم أوسع مما يظن.

أما لو كان الأمر تطور في كبر السن، فالمجموعات هي الحل. أن تقحمه في مجموعة واعية عاقلة تعرف حالة مثل هذا الشخص. وبالتدريج بين المجموعة سيشعرونه بالحب. ومن بعدها يتحول الأمر إلى صداقة وينكسر داخله حاجز أن هناك حاجز بينه وبين الناس. ومن ثم يبدأ التعامل السلس مع الآخرين خارج المجموعة، إنما الأساس هو أن تشعروه بالقبول.

أخيرا عزيزي القارئ القلق الاجتماعي ليس شيء تستهين به. ولذلك لو وجدت شخص يعاني من هذه المشكلة رجاء لا تضحك ولا تسخر، لأن هذا سيطور الأمر معه أكثر. بل كن حكيماً ورحيماً ولطفاً بالناس مهما كانت أحوالهم.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.