تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » العاطفة والشفقة : كيف تكون حساسًا نحو الآخرين دون جرح مشاعرهم ؟

العاطفة والشفقة : كيف تكون حساسًا نحو الآخرين دون جرح مشاعرهم ؟

يحب معظم الأشخاص أن يشعروا بالعاطفة والحنان عليهم من قبل الآخرين، لكن الشعور بالشفقة أمر مختلف تمامًا، فلا أحد يحب الشفقة كما سنرى في مقال العاطفة والشفقة .

العاطفة والشفقة

العاطفة والشفقة هما ليسا كما يعتقد البعض وجهين لعملة واحدة بل كل منهما شيء يختلف تماماً عن الآخر ولذلك لابد جيداً أن تفهم هذا الاختلاف حتى لا تخطئ في التعبير عن مشاعرك وهذا الذي يحدث كثيراً ويعاني منه الكثير من الناس في المطلق. التعبير عن المشاعر بالطريقة المناسبة دون تجريح أو آذى هو حكمة كبيرة يجب أن تمتلكها عزيزي القارئ دائماً حتى تجد قبول لدى المجتمع المحيط والناس والآخرين وحتى تصير كبيراً في عيون الجميع لأنه أحياناً تجد نفسك متعاطفاً مع أحدهم وجئت كي تعبر عن هذا التعاطف فتجده فهمك بطريقة خطأ جداً تستغرب أنت نفسك عن أنه كيف فكر في ذلك وأنت لم تقصد هذا إطلاقاً، وهكذا مواقف كثيرة نجدها في يومنا مع الآخرين، حتى إنه يصل الأمر أن العاطفة والشفقة يصيران نقطة سلبية في الحياة الأسرية بحيث يقدم أحد الزوجين الشفقة فيقول له الأخر أنا لا احتاج شفقة أنا أحتاج حب حقيقي في حين أن هذه الشفقة نوع من الحب ولكنه أسلوب لا يليق لكل الناس ولا يحبذه كل الناس لذلك العاطفة والشفقة أمر معقد وليس سهل وسلس على الدوام حيث أن مداواة جروح الآخرين تتطلب نوع من الحكمة وليس مجرد كلمات أو عزاء وسلام يقال في جلسة لتأدية واجب ليس إلا.

العاطفة والشفقة والعلاقة الوثيقة بينهما

الفرق بين العاطفة والشفقة

هناك فرق شاسع بين الاثنين فالعاطفة أو التعاطف هو نوع من المشاركة الوجدانية التي تشعر بها تجاه شخص معين يعاني من شيء محزن أو ألم معين أو ظروف صعبة فتجد نفسك تمتعض فعلاً تفاعلاً مع هذا الشخص وتشعر بجزء من شعوره بل وتحزن مثله بنفس الطريقة، ومن ثم التفاعل مع هذا الشخص وهو سيشعر بهذا التفاعل الكلامي والعاطفي وأحياناً تكون متعاطف مع أحد مختلف معك في شيء ما ولكن لمحبتك له تشعرك من داخلك أنه لا يستحق ما هو فيه من أزمة أو شيء سيء يحدث له. وهذا النوع هو أفضل كثيراً من الشفقة لأن الشفقة تكون خالية من المشاركة الوجدانية لدى الشخص ولكن هي فقط تكون شعور بالاستياء لأجل حال هذا الشخص الذي يعاني وبعض الأشخاص يرون الشفقة نوع من الكبرياء إذ إن الإنسان الذي يشفق على أخر يراه من منظور علوي يكون فيه هذا الأخر بالنسبة له مسكين وضعيف وغير قادر على مواجهة الأمور وهذا اتهام جارح لأي شخص حتى ولو كان غرضه التقليل من حزنه. ولذلك ليس كل الناس تحبذ الشفقة ولكن أغلبية الناس يميلون إلى التعاطف حيث يكون الشخص غير متعالي بل مشارك في الحزن مع الشريك الأخر له.

هناك من يقبلون الشفقة

العاطفة والشفقة ليس كل الناس تقبلهم وليس كل الناس ترفضهم وكما ذكرنا أن معظم الناس تميل إلى التعاطف ولكن هناك نوع أخر من البشر يحب أن تتوجه له بالشفقة ويرى في شفقة الآخرين عليه نوع من أنواع الأمان والحماية. الشفقة ستوفر له أن يكون في حماية أشخاص آخرين سيتحملون مسئوليته في سبيل إذعانه واستضعافه والاستهانة به وهذا ملائم لبعض الأشخاص، وقد تقول أنت من في العالم يقبل هذا الوضع! ولكني أقول لك أن هناك الكثير يقبل بهذا الوضع بل وأحياناً يجدونه وضع ممتع لحياتهم ألا يحملون هم حمل حماية أنفسهم من المشقات بعد الآن، ويكون أمانهم في أيدي آخرين يشفقون عليهم. ومن أمثلة هؤلاء ستجد الشحاذين وهم مصاصي الشفقة ويعتمدون تماماً في مهنتهم على فكرة الشفقة والضعف الذي يجعل الناس تشفق على حالهم وترسي له حتى يأخذون هم المال الذي يريدونه.

لا تشفق على قريب

العاطفة والشفقة يجب أن تكون مميزة بمعنى ليس من حق أي شخص أن تشفق عليه وليس لأي شخص حق التعاطف معه أيضاً. خصوصاً إذا كان قريب منك فلا تحاول أبداً أن تشفق على قريب لأن هذا سيعتبر إهانة وكم من مواقف نجد فيها رد فعل عنيف بسبب أن أحدهم حاول أن يقدم مساعدة فوجد أن الأخر اعتبرها شفقة، وأحد الأمثلة المشهورة عندما يكون أحدهم في ضائقة مالية معينة ويأتي مثلاً أحدهم ويعطيه مبلغ من المال فتجد الذي يمر بالأزمة تضايق جداً لأنه شعر في نفسه أن الحالة التي هو فيها الآن هي أشبه بحالة الشحاذين الذين يتوسلون النقود من الناس فتجده رفض بشده هذا الموقف. وهناك مواقف أخرى كثيرة تجد فيها الشخص القريب هو أكثرهم ألماً إذا تمت معاملته بالشفقة لأن القريب هو الذي ينتظر منه التعاطف وليس مجرد مساعدة وكل واحد بعد ذلك يذهب إلى بيته، ثانياً كبرياء بعض الناس يجعلهم يرفضون فكرة المساعدات طوال الوقت مع أن هذا في الحقيقة غير صحي بالكامل، لأنك في حياتك يجب ألا تعتمد على المساعدات ولكن أيضاً لا يجب أن ترفضها بصورة مطلقة، ببساطة لأنك إنسان ووارد جداً أن تجد نفسك في ضائقة صعبة وكبيرة وحملها ثقيل. وهنا يجب عليك ألا تعتبر المساعدة شفقة بل إذا كان قريبك ويريد أن يساعدك فهذا عادي جداً وطبيعي جداً. ورد له المعروف في أقرب وقت حتى لا تشعر طويلاً أنك مديون.

كيفية التعاطف

العاطفة والشفقة كلاً منهما له طريقة خاصة والطريقة هي غالباً التي تحدد نوع هذا الفعل. مثلاً يجب عليك عندما تتعاطف مع أحدهم ألا تكون مبالغ في هذا الأمر سواء بالسلب أو الإيجاب وهناك أحياناً بعض الناس يحبون أن يتعاطفوا مع أحد فتجدهم يهزرون معه وفي عقلهم هذه هي الطريقة المناسبة هو سيتعافى عندما يضحك وينسى أزمته، وإنما الحقيقة هي أنه العكس تماماً لأن هذا الفعل سيجعل رد الفعل عكسي تماماً وستجد أن أسلوب التعاطف هذا ليس سوى أمر سيء ومن الممكن أن يفقدك علاقتك بهذا الشخص. عندما تريد أن تتعاطف مع أحدهم فقط حاول أن تشعر بما يشعر وقل له أنك تشعر به وتصدق أنه يمر بمرحلة صعبة وأنت تقدر هذا الأمر ثم أصمت، فالصمت والجلوس بجانب من نحبهم في هذا الوقت جيد جداً وليس كما يعتقد البعض أنه أمر ليس له أهمية بل بالعكس الصمت والمشاركة الوجدانية للأزمة هو شيء يطيب الجروح الداخلية فعلاً وليس مجرد كلمة نتناقلها، وإن قرر هو الكلام فتكلم إذاً برفق. لذلك كن ذكياً جداً عندما تريد أن تعلن عن تعاطفك مع أحدهم إذ إن أسلوبك هو ما سيحدد ما تفعله من العاطفة والشفقة.

التعاطف المستمر مُضر

أحياناً ضنينة جداً يكون التعاطف شيء سلبي وليس إيجابي حيث يكون الشخص الذي يعاني من أزمة وتكون هذه الأزمة نفسية، لا يحتاج إلى شخص يتعاطف معه ويشعره بجو الحزن والكآبة، ولكن هو هنا يحتاج إلى شخص يقول له انهض ولكن بصورة ذكية وليست غشيمة. لذلك أقول إن التعاطف ليس مفيداً في كل الأحوال ويجب عليك أن تعرف الأزمة التي ستساعد فيها ولو كانت تحتاج إلى العاطفة والشفقة فقدمهم بصورة تليق بالشخص والأزمة وإن لم يكن الموضوع يحتاج تعاطف بل يحتاج إلى صدق إذا قدم الصدق بصورة أيضاً ذكية.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

عشرين − 19 =