تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أمور الاسرة » الطفل الفضولي : كيف تتعامل مع فضول الأطفال الزائد ؟

الطفل الفضولي : كيف تتعامل مع فضول الأطفال الزائد ؟

ينشأ الأطفال وهو يريدون استكشاف كل ما حولهم، لهذا قد نحكم عليهم بأنهم فضوليون في بعض الأحيان، الطفل الفضولي يحتاج إلى أسلوب خاص للتعامل معه كما سنرى.

الطفل الفضولي

الطفل الفضولي قد يكون التعامل معه أصعب مما تتصور لدى الكثير من الآباء والأمهات، فإن الأسئلة الكثيرة التي لا يمل الطفل من البحث عن إجابتها ربما تصيب البعض بالملل، لأن كثرة الأسئلة ربما قد تكون بالنسبة إليهم ليست أكثر من ثرثرات طفلٍ صغير، أو قد تصيبهم بالعجز لأن الكثير من الأسئلة لا يُدرك الأهل كيفية الإجابة عنها، فمن العظيم تخيل أن هذا الطفل قد تطرق هذا السؤال إلى عقله الصغير، حقًا لا أراه شيئًا يدعو إلى الملل! فليس من الإنصاف التعامل مع الطفل على أنه لا يدرك فعلًا، أو لأنه طفل فهو ليس له الحق في أن يرى جوابًا لأسئلته، أو أن يكون له الحق أصلًا في السؤال! سبحان الله! فالطفل الفضولي ليس فقط عقلًا يمتلئ بالأسئلة التي تحتاج إلى إجاباتٍ واضحة، بل هو يمتلك ذكاءً فطريًا، وعقلًا له القدرة على طرح الأسئلة باحتراف دون خوف.. ربما علينا أن نتعامل مع الأمر بجديةٍ أكثر!

دليل التعامل الصحيح مع الطفل الفضولي

كيف يكون الطفل فضوليًا؟

الفضول هو حب المعرفة، أو الرغبة في معرفة الأشياء معرفة دقيقة، قد تأتي بالعبث في الأشياء التي قد تصل إليها يد الطفل بسهولة، مثل فتح الخزانات، أو إمساك الأدوات الحادة، أو قد يكون عبارة عن تساؤلات كثيرة تدور في عقل الطفل، فلا تقع عينه على شيءٍ إلا ووجد له في عقله سؤالًا يصرح به على الفور دون تفكير.. فتساؤلات الطفل هي كل ما يستخبرون عنه من الشخص الكبير أمامهم، ويكون بصيغة استفهام.. والتساؤل عند الطفل الفضولي، لا ينتهي بمجرد الإجابة على السؤال بل يكون بالتفاعل، والدخول في التفاصيل، فهو قد يتناقش معك في إجابتك، كما أن تلك الأسئلة تكون متنوعة، فمنها الأسئلة البسيطة والتافهة، ومنها الأسئلة المحرجة، وقد يقع منه تساؤلات غير منطقية، أو غريبة، وقد يظهر الطفل إلحاحًا شديدًا في الرغبة على إجابة بعض الأسئلة، فيطرحها باستمرار.

ما السبب وراء فضول الطفل؟ وما أهمية فضوله؟

يرجع فضول الطفل وكثرة تساؤلاته، إلى الحاجة الملحة لعقلهم الصغير في النمو، أو تعطش عقلهم لمعرفة كل شيء يدور حولهم، فتلك الحاجة الملحة من الطفل تكون بسبب رغبته في الاستكشاف، فتخيل أنك في مكانٍ غريب، له معالم مختلفة تمامًا عن المعالم التي تألفها، فليس من الذكاء أن تظل في مكانك لا تتحرك، وأنت بانتظارك الكثير لتعرفه، لذا فإن ما يقوم به الطفل صحي تمامًا، بل هو دليل على ذكاء الطفل في هذه السن، كما أن حاجة الطفل إلى الفهم ليس فقط إلى الاستطلاع تجعل عقله دائم التساؤل يحتاج إلى الإجابات التي يتبعها بالنقاش، فتبدأ الأسئلة التي تتبعها المزيد من الأسئلة، أو التي تفتح أبوابًا عديدة لتساؤلات أكثر، وقد يكون تساؤل الطفل نابعًا من مخاوفه، فيسأل عن بعض الحيوانات، أو عن الظواهر الغريبة مثل البرق، أو الحشرات أو غيرها، ويكون هذا النوع من الأسئلة حتى يُشعر نفسه بالاطمئنان من هذا الشيء المجهول، أو قد يرغب الطفل في المشاركة، أو فتح حوار للفت الانتباه، فقد تكون الأسئلة تافهة لهذا السبب، وقد يكثر الطفل الأسئلة لأنه أصبح جيدًا في النطق، وأصبح أكثر قدرة على التحدث، فترى الأطفال في هذا السن لديهم رغبة شديدة في التحدث كثيرًا، فيأتي هذا على هيئة أسئلة فضولية. وهذا الفضول مهم في تحقيق التوازن النفسي لدى الأطفال، كما أنه يساعد الطفل على ممارسة التفكير بطريقة صحيحة، فإنك ترى الطفل يسأل دائمًا بآليات التفكير الصحيح.. وهي التي تبدأ بـ”ماهو..؟” كما أن الفضول يساعد الأطفال على التعرف على البيئة المحيطة واستكشافها، كما أنه يساعد التعرف على القيم التي توجد داخل إطار المجتمع.

التعامل الخاطئ مع الطفل الفضولي

كثيرًا ما يضيق الأهل بكثرة التساؤلات التي يطرحها الطفل، أو يستخفون بها، وبهذا يستجيبون استجاباتٍ سلبية، فمثلًا قد يواجهون كثرة الأسئلة بالعنف، أو التعامل بقسوة، ولا أرى أن هذا الأسلوب سوى مبرر لعجزهم عن الرد على تساؤل الطفل العبقري، فلا أجد مبررًا لهذه الطريقة، التي ربما تمنع الطفل عن المشاركة، أو النقاش مرةً أخرى، وبهذا فإن هذه الموهبة قد قتلت، أو ربما يقومون بتجاهل الرد على السؤال، أو الرد بإجاباتٍ غير منطقية فقط للتخلص من إلحاح الطفل، وعندما يكتشف الطفل الإجابة الصحيحة بطريقةٍ ما سرعان ما يفقد الثقة في هذا الشخص الذي قدم تلك الإجابات، وسيلجأ حينها للبحث عن شخصٍ آخر، ربما يكون شخصًا سيئًا أو غير موثوقٍ فيه، وفي المقابل إذا اقتنع الطفل بتلك الإجابات الناقصة فسيؤدي ذلك إلى تكوين صورة خاطئة في ذهن الطفل نحو الكثير من الأشياء، ولهذا فإن التجاهل أو التعامل بسلبية أو قسوة تضر بالطفل من جميع الاتجاهات، لذا فمن الأفضل التعامل مع الطفل بإيجابيةٍ أكثر، واحترام عقله وتفكيره، قد يهمل البعض تلك التساؤلات لغرابتها، أو سذاجتها، أو لأنها صعبة ومحرجة، أو لأن الطفل يسأل أسئلة كثير جدًا ومتلاحقة مما يصيب الشخص بالانزعاج، والتصرف الخاطئ اتجاه الأمر.

كيف تتعامل مع الطفل الفضولي ؟

ليس على الوالد فقط الإجابة على الأسئلة، بل يجب عليه أيضًا تشجيع طفله على طرح الأسئلة، لأن كثرة الأسئلة ليست إلا دليلًا على الصحة العقلية للطفل، وذكائه، وبالتأكيد فإن كثرة أسئلته شيء إيجابي يجب التشجيع عليه، ومساعدته في ذلك.. كما أن الطفل إن لم يظهر فضوله، أو كان منطويًا فإنه يجب على الوالد تهيئة الوضع المناسب المثير لطفله والتي تحثه على التفكير وطرح الأسئلة، فتنويع بيئة الطفل والذهاب في أماكن مختلفة، تجعل الطفل يلاحظ أكثر الظواهر الغريبة حوله، كما أن تشجيع هواياته، تساعده في إشباع حاجته إلى البحث والمعرفة، ومن الأشياء التي يجب فعلها عندما يسأل الطفل سؤالًا أن يتم مقابلته بشيء من الاهتمام، فإن الاهتمام نفسه عامل مهم من عوامل إكساب الطفل ثقةً بنفسه، تجعله يستمر في البحث والاستكشاف، والرغبة في معرفة المزيد، كما تعزز ثقته في الشخص الذي جعله محط اهتمامه، وبالتالي لن يذهب إلى أحدهم خارج إطار المنزل كي يستقي منه المعرفة، كما أنه لا يكفي أن يظهر اهتمامًا بتلك الأسئلة بل يرد عليها بإيجاباتٍ منطقية تشبع فضول الطفل، وقد تكون تلك الإجابات صادقة دون تحريف، وقد تكون دقيقة علميًا والذي تنمي لدى الطفل التفكير العلمي في الأمور، أو تكون بسيطة يستطيع الطفل أن يفهمها بسهولة، أو أن تكون الإجابات مناسبة لتفكير الطفل وهي أن يقدم الشخص إجابات في صورة محسوسة، أو قد تكون الإجابات إجرائية فهي غير مقصورة على الرد بل استخدام الأنشطة والمواقف، أو تكون الإجابات مقنعة والتي تظهر في النقاش والحوار الذي يجريه الشخص مع الطفل، أو تكون الإجابات غير متناقضة، بحيث لا يكبر الطفل فيكتشف شيئًا آخر فهي ثابتة لا تتغير بتغير الوقت، لأن هذا الأمر قد يجعل الطفل يفقد ثقته في الوالد أو أيًا كان من عرض عليه الإجابات، فإن عرض عليه إجابة من البداية خاطئة فعليه أن يبادر في تغييرها، وربما تكون الإجابات مفتوحة بحيث تسمح للطفل بالتفكير، وطرح المزيد من التساؤلات، وحثه على التفكير، والبحث.

الطفل الفضولي ليس عبئًا، أو لديه مشكلة ما، بل هو طفل يمتلك الثقة والذكاء التي تجعل منه عبقريًا فيما بعد إن تم التعامل معه بطريقة صحيحة، كما أن التعامل الخاطئ قد يؤدي إلى نتائج سيئة، لذا فعليك قبل أن تتعامل مع طفلك بحدة أن تعلم أن مهمتك في هذه الحياة ما إن يرزقك الله بطفل أن تتحرى معه طريقة التعامل والتربية الصحيحة، حتى ينشأ الطفل سليمًا صحيًا.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

خمسة عشر − اثنا عشر =