تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » الشخصية القوية : كيف تمتلك شخصية قوية وحازمة في حياتك ؟

الشخصية القوية : كيف تمتلك شخصية قوية وحازمة في حياتك ؟

الشخصية القوية سمة من سمات الأشخاص الناجحين في الحياة، وهي مهمة على وجه الأخص للذين يتولون مناصب قيادية، فكيف تنمي الشخصية القوية فيك؟

الشخصية القوية

من أين تأتي الشخصية القوية ؟ وما مكانها في الجسم؟ هل هي كالقلب موجودةٌ في الصدر؟ أم أنها كالعقل نعرف أنه في الرأس وموجود لكننا لا نستطيع رؤيته ولمسه؟ هل نولد بشخصياتنا؟ بالطبع لا نولد بها ولا نتوارثها عبر الجينات لكن هل يعني ذلك أننا لا نرث الشخصيات نهائيًا؟ في الواقع نرثها ونحصل على جزءٍ غير هينٍ منها من أبوينا وبيئتنا التي تعايشنا فيها في صغرنا، لكن اختلاف توريث الشخصية عن توريث لون العينين هو أن أبويك يعطيانك جيناتٍ محددة ستؤدي للون عينين محدد، ليس بإمكانهما أن يتحكما في ذلك فيزيدان درجته أو يضفيان عليه لونًا آخر، أما الشخصية فيبدأ توريثك إياها يوم ولادتك وتظل تعدل فيها وتتغير معها كل يومٍ من أيام حياتك وحتى موتك، الإنسان ليس ثابتًا ولا يبقى على نفس الحال للأبد، لكن بعض الأشياء تكون جوهريةً ومميزةً له مهما تواجدت إمكانية تغير تلك الأشياء فيما بعد، شخصية الإنسان بشكلٍ عامٍ واحدةٌ من تلك الأشياء ما بين الشخصية القوية والشخصية الضعيفة والشخصية الاجتماعية والشخصية الانطوائية وغيرها، يظن البعض أننا طالما توارثنا جزءًا كبيرًا من شخصياتنا وحصلنا على أساسها في صغرنا إذًا لا يد لنا فيها ولا نستطيع التحكم فيها أو تغييرها، لكن الواقع أننا نستطيع ذلك بالبحث عن سلبياتنا ومشاكل شخصياتنا والاستفادة من أخطائنا ودفع أنفسنا للتغير نحو الأفضل، تريد أن تصبح من أصحاب الشخصية القوية؟ اسعَ لذلك فلن تتغير شخصيتك من تلقاء ذاتها.

الشخصية القوية ودليلك إلى تنميتها في نفسك

من هو صاحب الشخصية القوية؟

لماذا يشعر البعض بالإعجاب بأصحاب الشخصية القوية ويتمنون لو أنهم يكونون مثلهم؟ لا يخفى على الآخرين أن صاحب الشخصية القوية يحمل كاريزما وجاذبية لا تخفى عن الأعين حتى قبل أن يتعرفوا عليه فإعجابهم به يظهر في نفوسهم من اللحظة الأولى، صاحب الشخصية القوية قادرٌ على خطف الأنظار والأضواء أينما حل غالبًا ما يكون صاحب شخصيةٍ متمردةٍ وقيادية، لا يستطيع الخضوع للقوانين ولا يستطيع أن يُؤمر فينفذ دون استشارته والأخذ برأيه وموافقته على تنفيذ ذلك الشيء، ليس شخصًا صامتًا على الإطلاق وإنما ستجده أكثر الحاضرين كلامًا وتناقشًا في كل شيء، لا يسمح للأمور بأن تمر من أمام عينيه أو تحت أنفه دون فحصٍ وتمحيصٍ وتدقيق، ولذلك كثيرًا ما ستجد صاحب الشخصية القوية من أكثر الناس سيطرةً على حياته وإمساكًا بزمام الأمور سواءً في حياته الشخصية أو في عمله، وهو ما يؤدي إلى كونه شخصًا مسئولًا وحاملًا لمسئولية نفسه ومن حوله، العقل المفكر والمدبر وصاحب الكلمة الأولى، حزمه وقوة شخصيته وفرضه لوجوده على الآخرين ومن هم أقل قوةً منه يجعله في موقع المسئولية دائمًا حتى لو لم يكن الأمر رسميًا، فإن كنت في جماعةٍ من الناس بلا قائد للعمل أو لأي شيءٍ آخر ستجد أن صاحب الشخصية القوية يفرض نفسه وقوته وحضوره على الآخرين بدون وعيٍ منه ومنهم، الصدام يكون قويًا بين صاحبي الشخصية القوية عندما يتواجهان ويفتقران للحكمة والعقل فالقوة بدون عقلٍ مؤذية، وعلى صعيدٍ آخر إن كان صاحب الشخصية القوية يفتقد الأخلاق والخصال الحسنة فستكون نهايته رئيس عصابةٍ أو شبكةٍ إجرامية فحاجته الداخلية لفرض القوة والسيطرة وفقدانه الأخلاق سيصلان به لأقل درجات الانحطاط حتى لو تجمل من الخارج.

بداية صاحب الشخصية القوية

توجد أسبابٌ تجعل حتى الأطفال في صغرهم يتباينون ويختلفون في الشخصية وكثيرًا ما يرجع ذلك للأبوين وأهل البيت الذي يعيش فيه الطفل وطبيعة المعاملة التي يتلقاها، لو نظرت قليلًا غالبًا ما ستجد أحد أبوي الطفل صاحب الشخصية القوية أو كلاهما أصحاب شخصياتٍ قوية ومؤثرة سيتأثر بها الطفل كثيرًا وسيرى ويسمع إعجاب من حوله بهما وباستقلاليتهما وقوتهما فيبدأ لا إراديًا يتطبع بطبعهما، ولا أتحدث هنا عن الأبوين صاحبي الشخصية القوية التي تطغى وتتسلط على شخصية ابنهما حتى أنها تسحقها تمامًا ويتحول الطفل لضعيفٍ انهزاميٍ متواكلٍ على الغير، الشخص القوي السليم لا يأخذ قوته على حساب ضعف الآخرين وإنما ثقته بنفسه وقوته تجعله يأخذ بأيديهم ويكون سندًا لهم حتى يصبحوا أقوياء مثله، الأب القوي السليم سيساعد ابنه على الحصول على القوة والاستقلال وسيوجهه إلى الطريق الصحيح الذي يجد نفسه وقوته فيه، يحصل الطفل القوي على فرصةٍ للتعبير عن نفسه والتصرف في بعض قراراته والإحساس بالمسئولية وأنه مسئولٌ عن حياته، أحيانًا يخرج طفلٌ قويٌ من ظروفٍ غريبة وغير محسوبة كعائلةٍ مفككة حصل الطفل فيها على مسئولية إخوته الصغار في سنٍ صغيرة، أو كتعاملٍ خاطئٍ من الأبوين جعلاه يتخذ العناد سبيلًا حتى تمرد فحصل على مقدارٍ من القوة رغم أنها قوةٌ غير مشذبةٍ بعد، ثم تأتي مواقف وظروف الحياة بعد ذلك وتتابع على الإنسان فتصقل شخصيته وكلما حصل على فرصةٍ أكبر على تحمل المسئولية ورفع صوته برأيه وإرادته كلما كبرت شخصيته وزادت سلطتها عليه ودفعته لانتزاع حقه في المسئولية والسيطرة وإعلاء الرأي بعد ذلك.

تقوية الشخص لنفسه

قد ينظر البعض إلى أصحاب الشخصية القوية فيغبطونهم وربما يحسدونهم على شخصياتهم تلك وقدرتهم على الإدارة والتنسيق والتنظيم والحصول على الكلمة العليا بدون مجهودٍ يذكر عند ظهورهم في أي مكان، أولًا علينا أن ندرك أن أصحاب الشخصية القوية قد يبدو أنهم لا يبذلون أي مجهودٍ إلا أن ذلك خاطئٌ تمامًا فمثلهم مثل غيرهم تراودهم المخاوف والشكوك والقلق والخجل والتوتر لكنهم أصحاب السيطرة والكلمة عليا عليهم، إن أردت أن تصبح صاحب شخصيةٍ قويةٍ فروض نفسك وهذبها وسيطر عليها ولا تدعها تسطير عليك، اختر طريقك بنفسك ولا تترك للحياة أن تختار هي لك، ثق بنفسك ولا تغبنها ولا تنتقص من قدرها فذلك هو طريقك الأول نحو الفشل، كلنا نخاف ونرهب ونتوتر وأحيانًا نفضل الجلوس في الظل على الخروج للنور والإقدام على مغامرةٍ غير محسوبة، لا تفعل ذلك بل غامر وتشجع وكن صاحب جرأةٍ وقوة، إن فقدت القوة في نفسك فأجبر نفسك على البحث عنها والتمسك بها حتى تصبح جزءًا منك، سيطر على حياتك الخاصة كحياتك الاجتماعية وحياتك في البيت ومكتبك في العمل، لا تجعل شيئًا لا تريده موجودًا في حياتك ليجبرك على الإقدام على أشياء لا تريدها أو استقبالها، كن صاحب كلمةٍ عليا في حياتك وحسب وجد في نفسك القوة والجرأة لقول كلمة لا عندما تشعر بها، الشخصية القوية ليست تسلطًا على الآخرين بقدر أنها سيطرةٌ على نفسك وحياتك تظهر في أخلاقك وأفعالك وتصرفاتك فترسل للآخرين رسائل تخبرهم أنك شخصٌ مسئولٌ يستطيعون الثقة بك.

القوة أخلاق

قبل أن تتطلع إلى أصحاب الشخصية القوية وتتمنى أن تكون منهم وحتى لو كنت منهم عليك أن تدرك أن الشخصية القوية ليست مميزةً كما تعتقد فإن فكرت في ذلك فعليك أن تعيد التفكير ثانيةً، القوة مسئولية وتحملٌ لأشياء تضعها على عاتقك ومصائر أشخاص تتعلق بك، القوة ستدفع بك كثيرًا لدرب العظمة والغرور والبطش والتجبر، خاصةً أنك ستجد أصحاب الشخصيات الضعيفة وفاقدي الثقة يهتزون أمامك ولا يملكون قدرةً على التمرد عليك، إن لم تكن ذو شخصيةٍ قويةٍ وحكمةٍ وعقلٍ ورحمة فستصبح من أسوأ شخصيات هذا العالم.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

10 − تسعة =