تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » أصدقاء » كيف تعالج مشكلة التعلق المرضي بشريك الحياة أو الصديق؟

كيف تعالج مشكلة التعلق المرضي بشريك الحياة أو الصديق؟

التعلق المرضي هو مشكلة تؤرق حياة الكثيرين، وهذا التعلق يؤذي الشخصين، سواء الشخص الاعتمادي، أو الشخص المسؤول عنه، وربما تصل هذه المشكلة بالعديد من الناس إلى حل أخير وهو الانفصال الدائم، وللأسف حينها سيرتاح الشخص المسؤول ولكن في المقابل سينهار الشخص الاعتمادي.

التعلق المرضي

هناك أنواع كثيرة من التعلق المرضي ، ولكن كل هذه الأنواع تشترك في خاصية واحدة، وهي عدم قدرة الشخص الاعتمادي على تحمل مسئولية نفسه بشكل دائم وكامل، وهذا لا يحتسب ضمن عملية النضج الطبيعي للشخصية البشرية، بل هو عطب نفسي، يُفضل علاجه بشكل عاجل، وذلك لعدة أسباب، أولها عدم ضمان استمرار الشخص المعتَمد عليه بشكل دائم، وذلك ببساطة لأنه شخص آخر، له ميول ورغبات وأحلام وخطط مختلفة تمامًا عن خطط الشخص الاعتمادي، ولذلك قد يُصاب الشخص الاعتمادي بصدمة فورية لو حدث انفصال مفاجئ، في هذا المقال سيتم ذكر أنواع التعلق المرضي، ولمحة بسيطة وعابرة عن طرق التخلص من هذه المشكلة بطريقة عملية صالحة لمجتمعنا وقريبة من الواقع.

التعلق المرضي بالأصدقاء

التعلق المرضي التعلق المرضي بالأصدقاء

هذه المشكلة تقابل العديد من البشر، وأعراض هذا التعلق هي عدم القدرة على فراق الأصدقاء ولو لحين، وهذا الأمر يكون غير طبيعي، وقد تكون أحد أسباب هذه المشكلة هي أن هذا الشخص لم يكن له أصدقاء من قبل، وحينما يجد صديق أو شخص يقبله في إطار اجتماعي معين، يصير هناك شراهة من قبل الشخص الوحيد في قضاء الوقت مع الأصدقاء الجدد، وهذا الأمر غالبًا ينتهي بفقدان الأصدقاء وعلاقة الصداقة بعد فترة قصيرة وبطريقة جارحة جدًا، لذلك سيعاني الشخص من مصيبتين: الأولى هي فقدان الأصدقاء، والثانية هي احتياجه المرضي لأصدقاء، خصوصًا بعدما جرب ولو لمدة قصيرة متعة الحصول عليهم.

التعامل مع التعلق المرضي بالأصدقاء

هناك نصفين لعملية التعامل مع الذين يعانون من مشكلة التعلق المرضي بأصدقائهم، النصف الأول على الشخص نفسه، ويفضل أن يفهم هذا الشخص مشكلته ومعاناته، وأن الأمر بالنسبة له يحتاج إلى علاج دون كبرياء أو مقاومة، ومن الممكن أن يتوجه الشخص إلى طبيب نفسي يساعده في التخلص من الشعور بالفقد والوحدة، ويستشير الطبيب في إمكانية مساعدته في عملية الاتزان في التعامل مع الأصدقاء وإعطاءهم مساحتهم الشخصية الحرة، أيضًا يمكن للشخص نفسه أن يجد أصدقاء جدد، ولكن يتعامل معهم بهدوء وليس بشراهة ورغبة عارمة في الاعتماد عليهم والتعلق بهم، أما النصف الثاني من عملية التعامل مع الذين يعانون من هذه المشكلة هو على عاتق الأصدقاء أنفسهم، فلو كان هناك صديق اعتمادي وملتصق بشكل زائد عن الحد، يجب توجيهه بطريقة متوازنة دون جرح كبرياءه، أو كرامته، ومن الممكن عن طريق الكلام مع الشخص مرارًا وتكرارًا سيتغير هذا الشخص تدريجيًا، ويسيطر على نفسه حفاظًا على أصدقاءه.

التعلق المرضي بالأم

هذا النوع من أنواع التعلق المرضي خطير جدًا على من يعانون منه، وذلك لأن الأم لا تستطيع في أحيان كثيرة أن ترفض هذا التعلق، ليصير الأمر عبارة عن عجز من الطرفين في عملية الانفصال، وهذا الأمر يؤثر على الكثير من الأشخاص في بعض الأحيان، حيث الحياة الزوجية للابن أو البنت تتأخر جدًا، بسبب رهبة وخوف الانفصال عن الأم، أيضًا حتى ولو حدث زواج ستكون الأم جزء أساسي من الحياة الزوجية لأبنائها، وهذا عادة يسبب الكثير من المشاكل الزوجية، خصوصًا في مجتمعنا العربي، وقد يصل الأمر إلى أن يحب الأبناء أمهم بشكل عاطفي وليس فقط بشكل بنوي، كل هذه الأعراض مشاكل حقيقية ويجب التعامل معها فورًا للحصول على حياة سوية.

التعامل مع التعلق المرضي بالأم

في هذه الأمر مسئولية كبيرة على الأم، وذلك بسبب أنها هي التي تربي من البداية حتى النهاية، ولذلك لو رأت الأم في بداية حياة الأبناء أي أعراض من التعلق المرضي بها، يجب أن تفهم أن هذا الأمر ليس في صالح الأولاد، بل هو ضد مصلحتهم، كما يجب أن تفرق الأم بين حب الأبناء لها، واعتماد الأبناء عليها بشكل كلي، الأمر يحتاج إلى حنكة، ويحتاج إلى أم متعلمة، وتفهم قيمة زرع الشخصية المستقلة في أبنائها، وعدم الاعتماد عليها، حتى لو كان على حساب شعورهم بالألم في بعض الأحيان، ولكن شعورهم بالألم البسيط في الصغر سيجنبهم في الكبر مشكلة كبيرة.

التعلق المرضي بالحبيب

بالنسبة للمجتمع العربي، فهذه المشكلة في غاية الخطورة، لأن الحب (فقط) لا يُمثل علاقة رسمية في المجتمعات العربية، ولذلك التعلق المرضي بشخص آخر غير مرتبط به بصورة رسمية هو أمر في غاية الخطورة، خصوصًا أن هناك العديد من الشباب يستغلون هذا الضعف ويتاجرون به في صورة استغلال الطرف الآخر بطرق في غاية الدناءة، كما أن التعلق بشخص آخر بصورة مرضية على نحو غير رسمي يجعل الشخص الاعتمادي دائمًا في خطر وخوف من الهجران المفاجئ، فمهما كان الشخص موثوق به، ولكن العلاقة الغير رسمية غير ملزمة لأحد، ولا تحمي الشخص الاعتمادي أبدًا، بل سيكون ضحية حبه وسذاجته المستمرة، ولو الشخص الآخر كان شخص سيء، ستكون عاقبة الهجران كبيرة جدًا في نفسية هذا الشخص.

التعامل مع التعلق المرضي للحبيب

التصرف هنا يجب أن يأتي من الشخص نفسه لو كان الأمر لم يُعلن بعد، ولكن لأن مرآة الحب عمياء، فإن هذا الأمر صعب جدًا، لأن التعلق المرضي والاعتمادية على الآخر في العلاقات العاطفية تكون حساسة ومبهجة وبها نوع من المتعة والشعور بالحب، وهذا الأمر خطير، ولذلك من أفضل الحلول، هو حث الطرف الآخر على فكرة الزواج بسرعة، حتى تظهر نية الطرف الآخر بسرعة، فلو كان مستغل سيظهر على حقيقته، وربما حقيقته تكون كافية للعلاج من التعلق المرضي به، ولو كان مستجيب فلا ضرر أن يتحول الحب لزواج.

التعلق المرضي بالزوج

مشكلة التعلق المرضي من الزوجة بزوجها، تكمن في استجابة الرجل، فلو كان الرجل لا يحب أن تعتمد عليه زوجته، أو كان هو اعتمادي بطبعه، حينها سيشعر أن زوجته تستغله باستمرار، وأنها كثيرة الطلبات، وأنها لا تقدم المساعدة له، على الرغم من شدة تعلقها به، أما لو كان رجل ليس لديه مشكلة في تعلق زوجته به، فالأمر سيصير طبيعي ولا يعتبر تعلق مرضي، إلا في حالات المنع، فلو منعت الزوجة زوجها من الخروج خارج البيت، أو عدم تركها حتى ليذهب إلى عمله، فالأمر في هذه الحالة يعد مشكلة، لأن الرجل هو المسئول عن متطلبات المنزل والحياة عمومًا في بيته، حينها يمكن علاج الأمر تدريجيًا وبهدوء، عن طريق تركها لمدة قليلة في البداية، حتى تعتاد الأمر، ثم يتم زيادة هذه المدة تدريجيًا، مع التواصل من خلال الرسائل والمكالمات التليفونية، حتى لا تشعر بالوحدة فجأة، أو يمكن أن تنجب طفل وتحل الأمور ببساطة بسبب انشغالها بتربية الطفل.

التعلق المرضي بشخص وهمي

التعلق المرضي التعلق المرضي بشخص وهمي

هذا الأمر يعد نوعًا من أنواع الأمراض النفسية التي تحتاج إلى طبيب نفسي، ولكن أيضًا يجب أن تؤخذ الأمور بصبر، ولا يفضل أن يُعامل مثل هذا الشخص على أنه مجنون، بل محاولة حسه على إثبات حقيقة الشخص الوهمي بصورة مادية، وللأسف الأمر يحدث أحيانًا من الصغر حينما يتعلق الأولاد بالشخصيات الكارتونية، أو الشخصيات الدرامية في الأفلام والمسلسلات، حينها، يجب التعامل مع الأطفال من البداية وتوضيح أن هؤلاء الشخصيات ليسوا حقيقين ولا يمكن التعامل معه، ولكن أهم شيء على الإطلاق هو (أسلوب توضيح المعلومة)، الأسلوب العنيف والعدواني سيجعل الأطفال يقتنعون أكثر، أما الأسلوب الواقعي فهو الأفضل.

يجب على المجتمعات أن لا تتهاون مع الاعتماديين، أو الأشخاص المصابين بمشكلة التعلق المرضي، وهذا لأجل مصلحتهم الشخصية، ولكن في المقابل يجب التعامل معهم بصورة متزنة، ليس فيها أي نوع من التحقير أو السخرية، أو الصراحة المفرطة التي من الممكن أن تسبب لهم جروح نفسية مستديمة.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

5 + 16 =