ثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه هي أحد الفنون الراقية التي لا يتقنها غير القليل ممن يتصفون بالكثير من الخلق والشجاعة والثقة بالنفس. لطالما كان ذلك التصرف من شيم الكبار ولكن يعتمد بشكل كبير علي علاقتك بمن تقدم له الاعتذار وكذلك مدي قربك أو بعدك منه، فهذا يحدد مقدار اعتذارك له وكذلك اختيارك لنوعية الكلمات والأسلوب الذي ستتبعه عند تقديمك للاعتذار.
أساليب الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه
قاعدة النسبة والتناسب
النسبة والتناسب قاعدة مهمة يجب اتباعها في مثل هذه المواقف، فأن تخطئ في حق زوجتك وتريد الاعتذار لها يختلف بلا شك عن الأسلوب الذي ستتخذه عند تقديمك اعتذار لأخيك أو صديقك أو حتي رئيسك في العمل، فكل له طريقة في التعامل وكل له الكلمات التي تناسبه وتتوافق مع معطيات العلاقة التي تجمعكما.
تجنب الوقوع في الخطأ مرة أخرى
يصاحب الاعتراف بالخطأ بعض الأمور التي يجب أن تلتفت إليها. من أهم تلك الأمور أن تتجنب الوقوع في نفس الخطأ لعدة مرات حتي لا يصير الاعتذار شيئا روتينيا معتادا يمل منه المستمع أو من أخطأت في حقه ويصل إلي أن يستقبل اعتذارك ببرود، يمكن أن يراه مجرد كلمات لا محل لها من الإعراب في قاموس تقبل الاعتذار الخاص به.
لا تختلق الأعذار
أيضا من ضمن تلك الأمور أن تحذر من الوقوع في فخ اختلاق الأعذار حتي لا يشعر المستمع بعدم الجدية في الاعتذار ويكون من السهل عليه تقبل اعتذارك عند اعترافك بالخطأ.
اعتبارات أخرى عند الاعتراف بالخطأ
هناك بعض الاعتبارات التي يجب عليك مراعاتها حتي تكون طريقة الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذارات ملائمة:
- اعترافك بينك وبين نفسك بارتكابك للخطأ قبل الاعتذار ومعرفة الدوافع وراء فعل ذلك الخطأ، حتي يكون هناك اتساق بينك وبين ضميرك. فأنت تعرف أنك أخطأت ومن شيم الكبار الاعتذار عن الخطأ.
- تحديد علاقتك مع الشخص الذي تود الاعتذار إليه، تحديد مستوي القرب أو الرسمية بينكما حتي يكون الكلام مناسبًا.
- من آداب الاعتذار أن تحرص علي أن تُرضي من تعتذر إليه، وتحاول -قدر الإمكان- أن تتركه راضيا ومتقبلا اعتذارك.
تقدير مستوي الخطأ حتي يكون الاعتذار في محله ويأتي بثماره المرجوة، فبالتأكيد أن تعتذر لصديقك علي عدم لقائكما بالأمس من أجل الجلوس علي القهوة سيختلف كثيرا عن اعتذارك له إذا نسيت دعوته لحفل زفاف ابنك، فالاعتذار الأول سيكون أقل وأبسط بكثير من الثاني. - بعد الاعتراف بالخطأ يجب اختيار الكلمات والأسلوب المتناسب مع مدي قرب الشخص منك وطبيعة العلاقة بينك وبينه سواء كان زوجتك، أخاك، رئيسك.
- عليك أن تعتذر أولا عن الخطأ، ثم تقوم بتبرير الخطأ وكشف الأسباب وراء ارتكاب ذلك الخطأ.
- تعد ألا تعود -بقدر الإمكان- لارتكاب ذلك الخطأ مجدداً، وتعمل علي ذلك حتي يكون هنالك تصديق للاعتذار من الطرف الآخر.
- السماح بترك الفرصة للطرف الآخر، فقد لا يتقبل الاعتذار بسهولة -وله أسبابه الخاصة- فربما كان حجم الخطأ أكبر من أن يتم الاعتذار عنه وتقبله بتلك البساطة.
- يستحسن إن كنت قادرًا علي تصليح ما أخطأت به أن تفعل، فهذا يزيد من فرصك في جدية اعتذارك وتقبله بصدر رحب.
- من المحبذ أيضًا -إن أمكن- أن تقدم هدية ولو بسيطة لمن تقدم له الاعتذار، فهذا يساعد كثيرًا علي إذابة الخلاف وتقبُّل اعتذارك، كما تعد تعبيرًا جميلًا عن صدق نيتك.
الاعتراف بالخطأ وتحمل النتائج أيًا كانت تدل علي مدي شهامة الشخص، كما يقول القائل “ليس عيبًا أن نخطئ، ولكن العيب أن نري الخطأ ونتغاضى عنه”. جدير بالذكر أنه يمكنك وضع نفسك مكان الشخص الذي تنوي الاعتذار إليه، وحينها ستري الأسلوب المناسب في الاعتذار هو ما تتمني أنت أن يحدث منه لو كنت في مكانه. ونذكر في الختام بالقول الشهير “جل من لا يخطئ”.
