تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » كيف يستمر الدماغ في الإدراك أثناء النوم رغم فقدان الإحساس؟

كيف يستمر الدماغ في الإدراك أثناء النوم رغم فقدان الإحساس؟

يعتقد البعض أن الدماغ تتوقف عن الإدراك أثناء النوم لفقدان الإحساس لكن على العكس تمامًا، لا تتوقف، بل عليها تأدية مهام وإجراءاتٍ مُعينة للجسم أثناء النوم كالتخلص من السموم وإعادة بناء وتكوين الخلايا التالفة، فكيف يحدث ذلك؟

الإدراك أثناء النوم

قد يصعُب تصديق أن الدماغ يكون في حالة كاملة من الإدراك أثناء النوم إلا أن هذه هي الحقيقة الواقعية الفعلية الطبية التي لا مراء فيها، حيث إن الجسم البشري يظل باقيًا على قدرٍ من الحركة والعمل الدائم أثناء النوم مُحافظةً على حياة الأعضاء كالقلب والرئتين والكبد والدماغ.. إلخ، فكيف يستمر الدماغ في الإدراك أثناء النوم رغم فقدان الإحساس هذا ما سنتعرف عليه خلال المقال.

هل العقل يعمل أثناء النوم؟

منوط بالعقل تنظيم العمليات الحيوية الحاصلة بالجسم بوتيرة مُستمرة ودون توقف، ومن ثَم لا يتأثر عمله حال اليقظة أو حال النوم، فالمُثبت علميًا أن المراحل الأولى من النوم ينخفض فيها نشاط القشرة الخارجية للمخ بمُعدل لا يتجاوز الـ 40% فقط، على أن تعود مُعدلات النشاط إلى طبيعتها الكاملة والطبيعية في المراحل الأخيرة من الليل ليبقى معها المخ بحالة كاملة وكبيرة من النشاط، ومن ثَم تعزز الإدراك أثناء النوم.

وفق هذه الآلية الطبيعية اللاإرادية يتأكد لنا أن الدماغ يكون بحالة كاملة من الإدراك أثناء النوم، فأثناءه تُنقل كافة محتويات الذاكرة المؤقتة قصيرة المدى إلى الذاكرة الدائمة طويلة المدى، بمعنى أن الخلود إلى النوم هو العملية الحيوية البشرية التي بسببها نتمكن من تذكر كل الأحداث والوقائع والمعلومات التي عُرضت على القلب والعقل في وقتٍ سابق.

لا يتوقف الإدراك أثناء النوم على ما يخص الذاكرة فقط، بل إن مُعالجة كافة المشاعر السلبية والمؤلمة يتم خلال النوم، وهو السبب في استيقاظ الفرد بعدها ممتلكًا طريقة مُثلى ورؤية واضحة للتعامل معها، وبالتالي تقل حدتها وتوابع انعكاساتها على الحالة المزاجية والنفسية.

مما سبق لا يُستغرب ما أكدته الدراسة الهولندية من أن عدم الحصول على القدر الكافي من النوم يذهب بقدرة الدماغ على أداء المهام اليومية البسيطة تبعًا للتأثير على القدرة الإدراكية، لأن الأرق يُقلل وجود المادة الرمادية بعدة أجزاء بالدماغ، ومن المعروف أن هذه المادة هي المكون الأساسي للجهاز العصبي بما يتضمنه من خلايا وشعيرات دموية.

ماذا يحدث للجسم أثناء النوم؟

الإدراك أثناء النوم ماذا يحدث للجسم أثناء النوم؟

على غرار قيام الدماغ بمهام وإجراءات عقلية بفعل الإدراك أثناء النوم للجسم أيضًا مهامه وإجراءاته التي ينفذها كاملة مُكملة أثناء النوم، ومنها التخلص الكامل من السموم، إعادة بناء وتكوين الخلايا التالفة.

ولفهم جوهر الأحداث؛ نوضح أن نوم الليل يمر بخمس مراحل أساسية، تستغرق كل مرحلة 90 دقيقة على الأكثر، وتتميز المراحل من الأولى إلى الرابعة بالنوم الهادئ وقلة وبطء حركات العين، بينما المرحلة الخامسة والأخيرة فهي التي تُسرع فيها حركات العين، وفيها أيضًا يزداد مُعدل الموجات المُخية، وهو ما يجعل لكل عضوٍ بالجسم وظيفة مُؤداه أثناء النوم، وذلك على النحو التالي:

الإدراك أثناء النوم

في المراحل النهائية من النوم يُنشط الدماغ بإدراكٍ كامل، في حين أن عضلات الجسم تدخل في حالة من الاسترخاء -أو قُل الشلل الطبيعي-، وهذا هو السر الكامن وراء المُعادلة الغريبة الجامعة بين الإدراك أثناء النوم مع فقدان الإحساس في نفس الوقت.

التعديلات الهرمونية

إبان اليقظة يقوم الجسم بحرق كمياتٍ كبيرة من الأكسجين والغذاء للحصول على الطاقة، وهو ما يُعرف علميًا باسم الأيض الهدمي، وتلك العملية يزيد معها إفراز هرمونات الأدرينالين والكورتيسترويد، ولكن مع النوم تتعدل مُستويات تلك الهرمونات من خلال الدخول في حالة التمثيل الغذائي، والتي من نواتجها المُحافظة على الطاقة وإصلاح عمليات النمو من خلال تعزيز إفراز هرمون البروتين المسئول عن إعادة بناء التالف بالخلايا العضلية والعظمية، بالإضافة إلى تعزيز إنتاج هرمون الميلاتونين المسئول عن ضبط إيقاع الجسم، كل تلك التعديلات إلى جانب تعديل الهرمونات مثل التستيرون وهرمونات الخصوبة.

الجهاز المناعي

أكدت الدراسات على دور النوم في الشفاء من الأمراض كنتيجة مُباشرةً لزيادة إنتاج الجهاز المناعي أثناء النوم لأنواعٍ من البروتينات المُضادة للأمراض، علاوةً على إطلاق الجهاز المناعي لمُضادات الأورام السرطانية في الأوردة والمعروفة باسم “عامل نخر الورم”.

الجلد

الطبقة العلوية من الجلد عادةً ما تتكون من الخلايا الميتة والسميكة، وأثناء النوم يُتخلص من تلك الخلايا، كما يتضاعف مُعدل بناء الجلد لتعويض أي خسائر حدثت نهارًا بفعل التعرض للأشعة فوق البنفسجية.

الجهاز التنفسي

لا تسترخي عضلات الحنجرة واللسان إلا أثناء النوم.

العضلات

أشرنا إلى أنه بالرغم من الحركة والتقلب أثناء النوم إلا أن عضلات الجسم كلها تبقى في استرخاءٍ تام، وهو ما يُعزز إعادة تجديد الخلايا.

وأخيرًا علينا ألا نتعجب لقدرة الله تعالى في خلقة البديع وأن لكل عضوٍ في الجسم وظيفته التي لا تتوقف عن العمل حتى أثناء النوم، فعدم توقف الدماغ عن الإدراك أثناء النوم بمثابة الحارس والحماية له من الضرر.

ياسمين أنور

حاصلة على ليسانس لغة عربية جامعة الإسكندرية، شغوفة بالقراءة والاطلاع وأحب عملي ككاتبة جدًا وما يدفعني للأمام هو تشجيكم لي.

أضف تعليق

16 − 5 =