ما رأيكم لو خرجنا من زحام المشاكل اليومية, وزحام الافكار والمتابعة اليومية التي لا تتوقف لحظة لكل مستجدات الامور السياسية والاقتصادية والرياضية واجواء الثورات التي امتلأت بها بلادنا وتبدو انها لا تنتهي ابدا بل تستمر وتتجدد ونحن منشغلون بها عن حياتنا الطبيعية
وننسى في غمرة انشغالنا هذه ان نسرق ولو لحظة من المتعة والراحة والاسترخاء. تعالوا بنا ننطلق خارج حتى حدود هذا الكوكب المسمى بكوكب الارض ونخرج للفضاء ونتجه بعيدا عن الشمس في اتجاه الكوكب الاقرب الينا بعد كوكب الزهرة وهو كوكب المريخ, ويسمونه في كتب القدماء من اليونانيين الكوكب الاحمر او مارس, ومارس هذا كان اله الحرب لدي اليونانيين, ولذلك كان يرمز للكوكب نفسه برمز الذكورة وهي عبارة عن دائرة صغيرة يخرج منها سهم ناحية اليمين. وأغلب الاقوال تؤكد ان اسم المريخ كان نسبة لاله الحرب لدي اليونانيين وتستند هذه الاقاويل الي ان اليونان القديمة كانت تعتز جدا بأسماء الهتها وتسمي بهم كل ما يرونه معجزا ويؤرخ لاسمهم ابد الدهر, وكانوا يفعلون ذلك حتى في مستعمراتهم الجديدة فقد بنوا تمثالا كبيرا للاله سيرابيس في بهو مكتبة الاسكندرية القديمة ليكون المعبود الرسمي للمدينة لفترة طويلة.
معلومات سريعة عن كوكب المريخ
وكوكب المريخ يبلغ في حجمه ربع حجم كوكب الارض تقريبا , ومداره حول الشمس اهليلجي شبيه بمدار كوكبنا ولذلك نقترب منه كل 27 عام في ظاهرة يسميها الفلكيون بالاقتران وينتظرها ويترقبها هواة الرصد وعلماء الفلك, ويستقرأها المنجمون ايضا فيستخرجون منها الاحكام والدلالات وتأثيرها علي الناس والمواليد. كوكب المريخ يدور حوله قمران وليس قمر واحد مثلنا, ولكن القمران الذان يدوران حوله وهما فابيوس وديموس حجمهما صغير لا يزيد كل منهما عن 21 كيلومتر وشكلهما غير محدد فهما جسم صغري اشبه بالنيازك ولكن اكبر في الحجم, ومن العجائب ان القمر فوبوس يدور بسرعة عالية جدا حول المريخ وهذه السرعة تتعدي سرعة دوران المريخ حول محوره نفسه ولذلك يتناقص قطر المحور الذي يشكل دوران القمر فوبوس حول المريخ مع الوقت وستصبح النتيجة الحتمية هي اصطدام هذا القمر في النهاية بكوكب المريخ نفسه ولا يعلم العلماء بالتحديد متي سيحدث ذلك ولا ما الذي يتوقع حدوثه في حالة الاصطدام وهل لذلك تأثير على كوكب الارض أم لا؟
لماذا نسمي المريخ بالكوكب الاحمر
أما الامر الذي يعنينا ان نبينه ونوضحه في هذا المقال هو لماذا نسمي هذا الكوكب الصغير اي كوكب المريخ بالكوكب الاحمر؟ والاجابة ببساطة هي ان العلماء عندما درسوا اجواء هذا الكوكب ودرسوا غلافه الجوي وتربته وسطحه وحتى اعماقه القريبة وجدوه غني جدا بمادة أكسيد الحديد الثلاثي ومن المعروف كيميائيا ان كل اكاسيد الحديد تتميز باللون الاحمر القاني او القاتم او المائل للبني, كما يتميز هذا الكوكب بغلاف جوي رقيق للغاية اقل كثيرا بشكل لا يقارن اصلا بالغلاف الجوي للارض, كما انه كوكب جاف تماما لدرجة ان 0.4% من بخار الماء في غلافه الغازي تكفي لملاءه وذلك نتيجة لبرودة جوه التي تصل في حدها الادني لحوالي -144 وفي حدها الاعلي 24 درجة مئوية, ومقياس الضغط الجوي علي سطح المريخ يقدر بنسبة 1% من قيمة الضغط الجوي على الارض, ويشكل غاز ثاني اكسيد الكربون نسبة 95% من الغلاف الجوي لكوكب المريخ.
قد يقول احد الافراد ان هذه الظروف لا تناسب وجود حياة نهائيا على كوكب المريخ. وهذا يبدو منطقيا ولكن لماذا نفترض ان ماضي هذا الكوكب كان لا يحمل حياة؟ او ظروفا تسمح بوجود الحياة؟ وقد اكتشف العلماء من خلال عدة رحلات مكوكية للكوكب وبعد دراسة سطحه وغلافه الجوي ان هناك في قطبي الكوكب جليد ومياه متجمدة واجواء الكوكب الحالية لا تسمح بوجود ماء سائل, ولكن هناك انهار جليدية قديمة تبدو اثارها على سطح الكوكب وهناك اثار لوجود مياه جوفية متجمدة تحت سطح الكوكب وهذا يدعو العلماء للشك في امكانية وجود مياه على هذا الكوكب منذ ملايين السنين وهذه قد تكون فرصة ذهبية لدراسة الاحوال والظروف التي ادت للتغيرات التي نراها الان في هذا الكوكب ونقارنها بما قد يحدث لكوكبنا اذا تماثلت هذه الظروف في المستقبل. وهذا يفسر لنا جانب من الاهتمام المتزايد من الدول الكبرى بضرورة السفر للمريخ بمركبات فضائية حديثة لدراسة الكوكب.
