تسعة شخصيات

صالح سليم .. مايسترو لحن النادي الأهلي الخالد

صالح سليم .. مايسترو لحن النادي الأهلي الخالد

صالح سليم أو المايسترو هو أحد ألمع النجوم في تاريخ الكرة المصرية والعربية، وفي نظر الكثيرين من جماهير الأهلي فإن صالح سليم هو اللاعب الأهم في تاريخ النادي، ولا ينافسه على هذا اللقب سوى الأسطورة محمود الخطيب، فكيف كانت مسيرته ولِمَ يحظى بتلك المكانة في قلوب الجماهير.

صالح سليم .. من هذا :

صالح سليم هو عاشق الأهلي الذي أفنى عمره في خدمته، سواء كلاعب أو كمدير للكرة أو كرئيس للنادي، وهو الذي صنع إنجازاته وأنقذه من كبواته.

الميلاد والأسرة :

وُلِد صالح سليم في الحادي عشر من سبتمبر لعام 1930م، وكان ذلك في حي الدقي بمحافظة الجيزة المصرية، نشأ صالح في كنف أسرة مصرية أصيلة ميسورة الحال من الناحية المادية، والده هو الدكتور محمد سليم أحد أشهر أطباء التخدير في مصر في ذلك الوقت، أما والدته فهي السيدة زين الشرف، التي تنتدرج من العائلة الهاشمية ويرجع نسبها إلى أشراف مكة المكرمة، وكان لـ صالح سليم شقيقين هما طارق سليم وعبدالوهاب سليم.

الموهبة المبكرة والدراسة :

عشق صالح سليم كرة القدم منذ طفولته، وبرزت موهبته ومهارته في وقت مبكر جداً من حياته، ورغم إن والده كان معجباً بمهارة ابنه واهتماماته الرياضية، إلا إنه كان يأمل أن يبقى الأمر في إطار الهواية فقط، بينما صالح كان يحلم باليوم الذي يحترف فيه لعبة كرة القدم، وكان حلمه الأكبر يتمثل في الانضمام إلى صفوف ناديه المفضل واللعب لصالحه وهو النادي الأهلي المصري، وأمام إصرار صالح على حلمه وسعيه الدائم لتحقيقه، رضخ الأب لرغبته ووافقه عليه، لكنه اشترط عليه ألا ينقطع عنها أو يهملها، وقد أوفى كلاهما بالوعد، وانتظم صالح سليم في دراسته وأتمها إلى أن تخرج في نهاية المطاف من كلية التجارة جامعة القاهرة.

البداية :

بدأ صالح سليم مسيرته الرياضية والكروية من خلال المدرسة، فقد اعتاد طوال سنوات دراسته منذ المرحلة الابتدائية على الالتحاق بفريق المدرسة والمشاركة في بطولات الإدارات التعليمية، وفي مرحلة الدراسة الثانوية بمدرسة السعيدية كانت موهبته قد برزت وفرضت نفسها، فتم اختياره للانضمام إلى إلى منتخب المدارس، وقد أكسبت هذه التجارب صالح سليم الثقة وصقلت موهبته وطورت مهاراته، وجعلته مؤهلاً لإجراء اختبارات القبول بالأندية واقتحام عالم المحترفين.

مسيرته مع الأهلي :

كان صالح سليم واحد من القلة ممن لديهم ولاء كبير لأنديتهم في عالم كرة القدم، فقد بدأ حياته الكروية مع النادي الأهلي واختتمها أيضاً معه، وطوال مشواره الكروي المديد لم يرتد بمصر سوى القميص الأحمر، وقد بدأ سليم رحلته الاحترافية في عام 1944م بانضمامه إلى فريق الناشئين بالنادي الأهلي، والذي كان يشرف عليه في ذلك الوقت الأستاذ حسن كامل، والذي يعد هو المكتشف الحقيقي لموهبة صالح الكروية.

فرضت موهبة صالح سليم نفسها حتى إنه في ذات العام الذي التحق به بالنادي تم تصعيده إلى الفريق الأول، ومنذ العام الأول سطع نجمه على الساحة الرياضية، وانضم إلى قائمة أفضل اللاعبين في الدوري المصري الممتاز، وحقق مع النادي الأهلي العديد من البطولات، كانت أهدافه ولمساته من الأسباب المباشرة في تحقيق هذه البطولات، وكان عضو أساسي بالتشكيل الرئيسي للنادي الأهلي والمنتخب المصري طوال سنوات نشاطه الكروي.

الاحتراف والاعتزال :

احترف صالح سليم مرة واحدة طوال مشواره الكروي، حيث انضم في عام 1963م إلى صفوف نادي جراتس النمساوي، وجذب أنظار الجماهير النمساوية وكان حديث الجرائد والمجلات الرياضية هناك آنذاك، ودام تألقه في الدوري النمساوي حوالي ثلاثة سنوات، عاد بعدها مجدداً إلى مصر ليواصل مسيرته الكروية ببيته الأول النادي الأهلي، وبعد موسم واحد أعلن صالح سليم اعتزاله، وكان ذلك في عام 1967م.

المايسترو بعد الاعتزال :

رغم اعتزال صالح سليم للملاعب إلا إنه لم يغب عن الساحة الكروية لفترة طويلة، فبعد أربع سنوات فقط من اعتزاله شغل منصب مدير الكرة بالنادي الأهلي، ثم تم انتخابه عضواً ضمن مجلس إدارة النادي، ثم خاض انتخابات رئاسة مجلس الإدارة مرتين، وفاز بها في عام 1980م ليكون بذلك أول لاعب كرة يتولى منصب الرئاسة بالنادي.

المنقذ :

دامت رئاسة صالح سليم للنادي الأهلي حوالي ثمان سنوات، وفي عام 1988م أعلن نيته في عدم الترشح مرة أخرى لذلك المنصب، رغبة منه في الابتعاد عن الساحة وإتاحة الفرصة أمام الآخرين، ولكن بعد تخليه عن المنصب تدهورت أوضاع الأهلي، وتلقى عِدة خسائر من أندية لا ترتقي لمستواه، فكان اسم صالح سليم أول اسم تبادل للأذهان، وصارت عودته لمنصب الرئاسة مطلباً جماهيرياً، لم يتردد صالح في تلبيته وعاد لشغل منصب مرة أخرى ابتداءً من 1990م، وخلال أشهر قليلة استطاع بحكمته وحسمه أن يحل كافة المشكلات التي تعيق مسيرة النادي الأهلي، وتمكن من إعادته مرة أخرى إلى الصدارة، واستمر في منصبه حتى وفاته في عام 2002م.

التكريم :

نال صالح سليم خلال مشواره الرياضي العديد من الجوائز وأحرز العديد من البطولات المحلية والدولية، سواء مع النادي الأهلي أو من خلال مشاركاته الدولية مع المنتخب الوطني، ومن أمثلة ذلك :

  • أحرز لقب الدوري المصري 11 مرة.
  • حصل على كأس مصر 8 مرات.
  • كأس الجمهورية العربية المتحدة مرة واحدة عام 1961م.
  • كأس بطولة الأمم الإفريقية مرة واحدة عام 1959م.
  • وبعد اعتزال صالح سليم في عام 1967م كرمه الرئيس المصري جمال عبد الناصر بمنحه وسام الرياضة، باعتباره أحد أهم وأبرز اللاعبين في تاريخ الكرة المصرية.

أثره :

صالح سليم بالنسبة للأهلي ومشجيعه ليس لاعب مميز، بل هو الابن البار لهذا النادي، الذي أفنى عمره في خدمته بمواقع مختلفة، ولم يدخر وقتاً أو جهداً في سبيل الارتقاء به، وإنه صاحب الفضل الأول في بناء أسطورة الأهلي نادي القرن، والنادي الأبرز على الساحة الرياضية المصرية حالياً، وحتى اليوم كلما واجه النادي أزمة عاد صالح سليم للأذهان، فقد كان وسيبقى دائماً في نظر جماهير الأهلي الفارس والمنقذ.

الزواج والابناء :

التقى خالد سليم بزوجته السيدة زينب لطفي بمحض الصدفة، حيث كان كلاهما يستقلان باخرة نيلية متجهة إلى الحوامدية، ومنذ اللقاء الأول شعر كل منهما بميل اتجاه الآخر، ولم يتردد صالح في اتخاذ قراره بالارتباط، إلا إن ذلك القرار تمت مقابلته بالرفض من قبل والده ووالد العروس، وذلك لإنه كان لا يزال آنذاك طالباً بكلية التجارة، فقبل سليم أن يرجأ الأمر لحين تخرجه من الجامعة، وهو ما تم بالفعل وفور تخرجه من الجامعة تقدم لخطبة زينب لطفي، وتم الزواج وعاش المايسترو حياة هادئة مستقرة مع رفيقة رحلته، ودام زواجهما حتى وفاة صالح سليم ،ورزق الزوجين بولدين هما خالد سليم وهشام سليم، والأخير اقتحم مجال الفن ويعد اليوم من أشهر النجوم المصريين.

الوفاة :

في أوائل عام 2002م أصيب صالح سليم بسرطان الكبد، واستمرت معاناته ومعركته مع المرض لعدة أشهر، وحين اشتد عليه سافر إلى لندن ليحصل على الرعاية الصحية، ولكن حالته الصحية كانت قد تدهورت بصورة كبيرة، وفي السادس من مايو 2002م أعلن خبر وفاته داخل مستشفيات لندن، وتم تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بالقاهرة في جنازة حاشدة، حضرها عدد كبير من رموز الكرة المصرية، كما حرص محبيه على الحضور لوداعه على اختلاف انتمائتهم الكروية، فقد جمعت جنازة المايسترو مشجعي الأهلي والزمالك، فقد كان الراحل رمزاً مصرياً، كما عرف عنه طيلة حياته تحليه بالأخلاق الكريمة والروح الرياضية ونبذه للتعصب، فحظي بتقدير واحترام وحب الجميع.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق