تسعة شخصيات

الملكة نازلي .. المرأة التي هزت عرش فاروق وزعزعت حكمه

الملكة نازلي، فاروق الأول، فؤاد الأول، ملك مصر والسودان، النحاس باشا، رجال الدولة، أحمد حسنين باشا، رياض غالي، عبد الرحيم باشا صبري، الأسرة العلوية، الحكم الملكي،

سيرة حياة الملكة نازلي وهي إحدى زوجات الملك فؤاد الأول ووالدة فاروق آخر ملوك الأسرة العلوية، وهي أكثر نساء هذه الأسرة تأثيرا حتى وإن كان ذلك التأثير مدمرا.

الملكة نازلي هي الأكثر جدلاً من بين كافة نساء الأسرة العلوية، ويحملها البعض مسئولية ما آلت إليه الأمور في آواخر عهد -ابنها- فاروق الأول، ويرون إنها كانت من العوامل المؤدية لزعزعة مُلكه، وكانت سبباً في ازدياد حِدة السخط الشعبي ضده؟ وكانت تصرفاتها خنجراً في يد معارضيه ورافضي الحكم الملكي؟.. فمن تكون الملكة نازلي ؟.. أين نشأت؟ وماذا فعلت ليُثار حولها كل ذلك اللغط، وتصبح من أسباب انهيار عائلة حكمت مصر لمئات السنين؟

الملكة نازلي .. من تكون ؟

الملكة نازلي هي إحدى زوجات الملك فؤاد الأول ووالدة فاروق آخر ملوك الأسرة العلوية، وهي أكثر نساء هذه الأسرة تأثيراً.. حتى وإن كان ذلك التأثير مدمراً!!.

ابنة الأشراف :

في محافظة الإسكندرية المصرية وتحديداً في منطقة سان ستيفانو وُلِدت الملكة نازلي ،والتي عرفت عند ولادتها باسم نازلي عبد الرحيم صبري، وكان ذلك في الخامس عشر من يونية 1894م. والدها هو عبد الرحيم باشا صبري والذي كان يشغل منصب وزير الزراعة في القطر المصري، أما والدتها فهي كريمة هانم ابنة محمد شريف باشا، والذي يعود نسبه إلى الأشراف، أما جد الملكة نازلي لأمها فهو الكولونيل جوزيف أنتيلمي، الضابط الفرنسي الذي استعان به محمد علي في تأسيس أول جيش في مصر، ثم استقر بها واعتنق الدين الإسلامي، وعُرف منذ ذلك الحين باسم سليمان باشا الفرنساوي.

حياتها في القاهرة :

عبد الرحيم باشا صبري –والد الملكة نازلي –كان يملك مقرين للإقامة، أولهما في الإسكندرية بضاحية سان ستيفانو، والثاني كان يقع في حي الدقي والذي هو أحد أرقى أحياء القاهرة، وفي طفولة نازلي انتقلت الأسرة إلى القاهرة واتخذ من قصر عابدين مقراً دائماً لإقامتهم، وهو القصر الذي نشأت فيه الملكة نازلي ،ومثلها مثل كافة بنات الطبقة الأرستقراطية في ذلك الزمان، نالت قسط وفير من التعليم ولكن دون التوجه إلى المدارس، بل كانت هذه الأسر تأتي لبناتها بمدرسين في مختلف التخصصات ليلقنوهن العلم بالمنازل، فتعلمت مبادئ الحساب والقراءة والكتابة، كما تلقت دروساً في اللغات الأجنبية والفنون.

الزواج من الملك فؤاد :

نقطة التحول الأهم في حياة الملكة نازلي تتمثل في تلك اللحظة التي وقع فيها بصر الملك فؤاد عليها، والذي كان قد انفصل منذ وقت قريب عن زوجته الأميرة شويكار، وأعجب فؤاد بنازلي فتقدم إلى والدها طالباً منه أن يزوجه ابنته، وكان ذلك طلباً في ظاهره أمراً ملكياً في باطنه، فلم تكن نازلي أو عائلتها -رغم مكانتهم- يملكون حق الرفض، فقبلت عائلة نازلي بعرض فؤاد الأول ملك مصر والسودان، على الرغم من إنه كان يكبر ابنتهم بعشرين عاماً تقريباً، وتم الزواج في الرابع والعشرين من مايو لعام 1919م.

سلطة العائلة :

قوة الملكة نازلي لم تكن تنبع فقط من حملها للقب (ملكة) كونها زوجة ملك مصر والسودان، إنما عائلتها أيضاً ازدادت قوة ونفوذاً، فعدد كبير من أقاربها شغلوا المناصب العليا في البلاد، كما صاروا -بحكم المصاهرة- العائلة الأكثر قرباً إلى السرايا، وصاحبة الاتصال الدائم بمراكز صنع القرار، وكان والدها نفسه عبد الرحيم باشا صبري من أوائل المنتفعين من تلك الزيجة، إذ عهد الملك فؤاد إليه بمنصب وزير الزراعة في عهده، كما استطاعت أفراد العائلة بما حظوا به من سلطة ونفوذ من حماية مصالحهم التجارية، كما ربطتهم علاقات قوية بعدد كبير من الأجانب وكبار رجال الدولة، مما مكنهم من الحصول على العديد من الامتيازات والاستثناءات، وهذا كله يشير إلى أن زواج الملكة نازلي من فؤاد لم يكن زواجاً تقليدياً، بل هو كان يمثل فرصة بالنسبة لعائلتها وحرصوا على ألا يهدروها.

الحبس الملكي :

العديد من المؤرخين يشيرون إلى إن الملكة نازلي عاشت حياة تعيسة في كنف فؤاد الأول ملك مصر، ويرجعون ذلك إلى غيرته الشديدة عليها، والبعض الآخر يقول إن مغالاته في الغيرة كانت نابعة من الفارق العمري الكبير بينهما، والعديد من الكتب التي تناولت سيرة أيا منهما، أشارت إلى إن نازلي عاشت حبيسة داخل سجن ملكي، إذ إن فؤاد كان يُحرِّج عليها مغادرة القصر، وحجبها خلف أسواره عن الناس ومنعها من مخالطتهم.. وبعض كتاب سيرة نازلي وفؤاد وبعض المحللين النفسيين، رأوا إن سلوكها الذي عرف عنه عدم الانضباط بعد وفاة فؤاد، كان نتاج الكبت الذي عانت منه خلال سنوات زواجها منه، وبعد رحيله شعرت بإن حريتها التي سُلبت منها قد عادت إليها، واستردت حقها في الحياة من جديد، وكانت قد سأمت كل أنواع وأشكال القيود، فتمردت وخرجت على كل القواعد والضوابط، سواء الأخلاقية أو تلك التي كانت تُفرض عليها بصفتها والدة الحاكم.

الابناء :

تزوجت الملكة نازلي أكثر من مرة لكنها لم تنجب إلا من زوجها الأول الملك فؤاد، والذي رُزقت منه بخمسة بنات هن الأميرات فوزية وفايزة وفائقة وفتحية، وابن واحد هو فارق الذي تولى العرش خلفاً لوالده، وعُرف باسم الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان.

أحمد حسنين باشا :

بعد وفاة الملك فؤاد ارتبطت الملكة نازلي عاطفياً بشخص يدعى أحمد حسنين باشا، كان أحد أفراد حاشية ابنها فاروق الأول، ويعتبر أحمد حسنين باشا هو قصة الحب الأولى في حياة نازلي، إذ إن زواجها الأول من فؤاد تم بشكل تقليدي، ومعاملته الجافة لها والقيود التي فرضها عليها جعلتها تنفر منه وتكره عشرته، ودامت علاقة نازلي بأحمد حسنين قرابة التسع سنوات قبل أن يتزوجا عرفياً، ولكن أمرهما لم يبق طي الكتمان لفترة طويلة، وسرعان ما بدأت الأقاويل تتردد في أروقة السرايا إلى أن بلغت فاروق، والذي كانت ثورته عارمة حين اكتشفت زواج أمه السري، وفي عام 1946م توفي أحمد حسنين باشا في حادث سيارة، ويشير البعض إلى أن الحادث كان مدبراً، وأصابع الاتهام تشير إلى فاروق ولكن ليس هناك أي دليل يؤكد ذلك.

علاقتها بفاروق :

من المؤسف أن يكون الأثر الأكبر الذي يحدثه الإنسان في حياته أثراً سلبياً، ولكن تلك هي الحقيقة في حالة الملكة نازلي ،فقد اتفق المؤرخون على إنها كانت مصدر معاناة نجلها فاروق، وسببت له الكثير من الحرج بسبب تصرفاتها غير المسؤولة والمشينة أحياناً، وقد نشرت العديد من الصحف الأجنبية آنذاك قصصاً عن نزوات الملكة الأم، ويرى بعض المؤرخون إن سلوك نازلي كان من أسباب زعزعة حكم نجلها، ومن العوامل التي قادت إلى انهياره بشكل كامل في النهاية.

ديانتها :

الضربة القاضية التي تلقاها الملك فاروق بيد أمه الملكة نازلي ،كانت تتمثل في تبديل هويتها الدينية، ففي عام 1946م وبعد وفاة أحمد حسنين باشا، خرجت نازلي من مصر متخذة قرارها بعدم العودة إليها، وتنقلت بين عدة عواصم أوروبية، إلى أن استقرت في النهاية في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال رحلتها تعرفت على رياض غالي أمين المحفوظات بقنصلية مصر في مارسيليا، والذي تقرب من نازلي وابنتيها فائقة وفتحية ولم يكن يفارقهما ليلاً أو نهاراً، وفي النهاية تزوج من الأميرة فتحية بعد أن تخلت هي وأمها عن إسلامهن، واعتنقوا المذهب الكاثوليكي للديانة المسيحية.

لا ملكة ولا أميرة :

انتشر خبر زواج فتحية من غالي بمباركة أمها الملكة نازلي في مصر انتشار النار في الهشيم، وصاحبه موجة سخط شعبي هائلة، فاجتمع فاروق الأول بمجلس البلاط المصري، واتخذوا قراراً بتجريد فتحية ونازلي من كافة امتيازاتهم الملكية، والتحفظ على أملاكهم وأرصدتهم النقدية في البنوك المصرية، ولم تعد نازلي بعد ذلك اليوم إلي مصر، واستمرت إقامتها بالولايات المتحدة حتى وفاتها في 1965م، ودُفِنت في مقابر كلفر سيتي في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق