تسعة مجهول
بروس باردو
الرئيسية » جريمة » بروس باردو : سانتا كلوز الذي قتل عائلته في احتفالية أعياد الميلاد

بروس باردو : سانتا كلوز الذي قتل عائلته في احتفالية أعياد الميلاد

بروس باردو سفاح مجنون قتل أكثر من عشرة أشخاص في ليلة واحدة وهي يرتدي ملابس سانتا كلوز ويتمثل في صورة بابا نويل، والأدهى من ذلك أن بروس قد نفذ تلك الجريمة مع عائلة زوجته وأطفال صغار، إنها بلا شك قصة تستحق الذكر والتأمل في تفاصيلها.

لا تزال الجريمة التي ارتكبها بروس باردو في أعياد الميلاد عام 2008 واحدة من أغرب الجرائم التي يُمكن أن تُسجلها كُتب التاريخ في يوم من الأيام، حيث أن بروس المجنون قد تنكر في زي الرجل المألوف في هذه المناسبة وهو بابا نويل أو سانتا كلوز، وإن كان هذا الأمر لن يجعلنا نغفل بالتأكيد مقدار هذه الجريمة الشنيعة وكونها واحدة من أغرب الجرائم على الإطلاق بكافة ملابستها، حتى نهاية بروس نفسها تجعلنا نتوقف مرة أخرى أمام هذه الجريمة ونبحث خلف أسبابها، فقد ترك ذلك السفاح خلفه الكثير من الأسئلة التي لا تزال حتى الآن في حاجة إلى إجابة واضحة لها، وربما هذا بالتحديد ما سنشرع في فعله بالسطور القليلة المُقبلة، حيث أننا سنتناول سويًا قصة بروس باردو كاملة وتلك الحادثة التي ماتت فيها عائلته باحتفالية من الاحتفالات الخاصة بأعياد الميلاد، فهل أنتم مستعدون لواحدة من أغرب القصص التي ستسمعونها في حياتكم.

من هو بروس باردو؟

بكل تأكيد الأمور لا تسير بالمنوال المباشر السريع، فلكي تستمتع بتلك الحكاية، أو تعيها بالشكل الكامل، فبالتأكيد سيكون عليك التعرف على ما هو أكبر بكثير من مجرد تفاصيل الحادثة، كأن تتعرف على تفاصيل مرتكب الحادثة نفسه، فهو بروس جيفردي باردو القاطن في كوفينا بالولايات المتحدة الأمريكية، مجرد شخص بسيط نشأ نشأة بسيطة وهادئة، حصل على فرصة تعليم في جو أُسري متوسط وحصل كذلك على فرصة زواج مبكر، وإلى هنا يُمكن القول بكل ثقة أن كل شيء كان يسير بخير في حياة باردو، هذا قبل أن تأخذ القصة مسار التحول التام مع طلاق بروس، أو طلب زوجته الطلاق، فما الذي حدث بالضبط؟ إجابة هذا السؤال تأخذنا إلى دهاليز عالمنا.

انهيار عالم بروس باردو

استمر زواج بروس لخمس سنوات، لم يُنجب خلالها ولم تكن هناك أية أسباب مُعلنة تتعلق بهذا الصدد، أيضًا بعد شهور من السنة الخامسة ظهرت كارثة جديدة تتمثل في طلب زوجة بروس الطلاق، كان طلبًا غريبًا ومفاجئًا بالنسبة لبروس نفسه، والذي ناضل من أجل إيقاف ذلك لكن المحكمة جاءت بحكم نقيض ذلك تمامًا وبدا جليًا أنه لا شيء سيمنع من إتمام الطلاق، وبالفعل تركت زوجة بروس بيتها زوجها وأصبح الرجل وحيدًا، ناهيك عن كون المحكمة قد ألزمته أساسًا بدفع مبلغ من المال يصل إلى عشرة آلاف دولار من أجل تسوية قضية الطلاق، كل هذا ونحن لم نصل بعد إلى النقطة المتعلقة بالانهيار الكامل، فقد تفاقم الوضع أكثر في الحياة الوظيفية.

لأسباب مجهولة أيضًا تعرض بروس باردو للإقصاء من وظيفته، لم يكن هناك سبب معلن وبدا جليًا أن مسألة ترك الوظيفة هذه تؤثر تمامًا على حالته النفسية، فقد جلس لمدة شهر كامل في بيته بمفرده، لم يتحدث إلى أي شخص ولم يخرج حتى لتناول طعامه، كان جليًا تمامًا أن عالم هذا الرجل المسكين قد انهار، لكنه حتى هذه اللحظة فقط كان مجرد مسكين ضعيف مظلوم، بعد ذلك تحول إلى وحش كاسر مخيف، وبالطبع ليس هناك أي شيء قد يشفع له ما فعله في كريسماس 2008.

ما الذي حدث؟

كان الناس في بيوتهم يحتفلون بأعياد الميلاد والكريسماس في الليلة الأخيرة من عام 2007، كان من المفترض أن يبدأ عدد كبير من الأشخاص في مكانٍ ما يومهم التالي وهم مفعمين بالأمل والسعادة، لكن الصباح لم يطلع عليهم من الأساس لأن بروس باردو زارهم، فقد سمعت فتاة صغيرة صوت الأبواب في الحادية عشر مساءً، نظرت من العين السحرية فوجدت بابا نويل الذي اعتاد على زيارتهم في هذا اليوم، فتحت الباب في سعادة، كان ثمة شخص يرتدي ملابس بابا نويل ويحمل خلفه كيس أبيض كبير من المفترض طبعًا أنه كيس هدايا، لكن بابا نويل، والذي هو في الأساس بروس باردو متنكرًا، أخرج من حقيبته مسدسًا ولم يتردد في إطلاق رصاصتين على رأس الفتاة، لتبدأ بعد ذلك رحلة الجحيم.

رحلة في الجحيم

كان منزل الطفلة، والذي هو منزل عائلة زوجة بروس باردو القديمة، أشبه بالجحيم بسبب ما فعله بروس به، وكما هو واضح للجميع فإن ما كان يفعله بروس باردو ببساطة هو أخذ رحلة في ذلك الجحيم، أو ارتكاب مجزرة كوفينا كما أطلق عليها الإعلام لاحقًا، على العموم، بدأ الأمر بقتل الطفلة، ثم بعد ذلك أخرج بروس مسدسه وبدأ في إطلاق النار بطريقة عشوائية على كل من يراه أمامه، وبعد انتهاء الرصاص أخرج المجنون ألسنة من اللهب وبخها في وجه الجميع، كان الوضع أشبه بالجحيم دون أدنى مبالغة، والمشكلة أن المنزل كان به عشرين شخصًا حضروا من أجل احتفالات أعياد الميلاد وأغلبهم من عائلة زوجة بروس السابقة، والتي لقيت حتفها ضمن تسعة أشخاص ماتوا في نفس اللحظة التي بدأ فيها إطلاق النار، إذ أنه قد رحل معها والدها وأطفال شقيقتها وعدة أطفال لم يتمكنوا من الاختباء أثناء الإطلاق الهستيري للنيران.

أثناء إطلاق النيران تمكنت شقيقة زوجة بروس السابقة بأعجوبة من الوصول للهاتف وطلب الشرطة وإخبارهم أيضًا بهوية القاتل، لمحها بروس فأسقطها قتيلةً ثم تابع الجحيم الذي بدأ قبل أربعة دقائق بالضبط، بعد أن انتهت الذخيرة من بروس واقترب وصول النجدة، وبعد أن السقط الجميع حوله بين قتيل وجريح، لم يجد بروس بدًا من المغادرة، لكن قبل ذلك قام بإشعال المنزل ليتحول لاحقًا إلى هيكل عظمي فاقد لكل الملامح الخاصة به، وعندما كان المخبول خارج هذا الجحيم لم يتوقف عن فعل الأشياء المجنونة، فتابع متجهًا ناحية المكان الذي سينهي فيه كل شيء.

خارج الجحيم

خرج بروس باردو من الجحيم الذي تسبب فيه بالمقام الأول، لكنه على الرغم من ذلك لم يخرج منه سالمًا، إذ أن ألسنة اللهب قد تكفلت بحرق أجزاء كبيرة منه، ولم يمنع ذلك بروس من الوصول إلى منزل يبعد عن الجحيم بحوالي ثلاثين ميل، كان منزل أخيه، لكن أخيه لم يكن حاضرًا، وهناك جسد بروس الجحيم مرة أخرى عندما أخرى المسدس من حقيبته مجددًا راغبًا في القتل، وكان قتيله هذه المرة نفسه، فقد أطلق الرصاص على رأسه وأنهى حياته بثلاث رصاصات قاتلات، لم ينتظر الشرطة ولم ينتظر أي شخص من أجل توضيح ما حدث، فقط ترك الأمور تحدث على هذا المنوال الذي ذكرناه ضاربًا برأس الحائط المنطق والعقل، ضاربًا كل شيء من شأنه تفسير تلك الواقعة العجيبة التي جعلت الناس ينظرون نظرة مختلفة إلى شخصية بابا نويل ويغيرون تلك الصورة النمطية له على أساس كونه رجل الحب والسلام، صحيح أن حادثة بروس حادثة فردية لكنها ارتُكبت أثناء استخدامه ملابس بابا نويل، والعقول لا تُفكر كثيرًا في فكرة الربط بين هذا وذاك.

نظريات وتحليلات

بعد حدوث تلك الواقعة الغريبة بدأ الناس في البحث خلفها بكل ما يملكون من العقل، بحثوا في كل شيء تركه بروس أملًا في العثور على تفسير مناسب أو أي شيء يُشبه المخططات الخاصة بهذه الحادثة، لكن في النهاية لم يتم العثور على أي شيء وبقي الأمر لغزًا، ومن هنا بدأت النظريات والتحليلات في الخروج، فهناك من يقول مثلًا أن زوجة بروس باردو قد طلبت الطلاق للزواج من شخص آخر وعندما عرف بذلك جن جنونه وذهب ليقتلها قاتلًا في طريقه كل من يمت لها بصلة، وهناك من رجح كون بروس قد علم بأن مديره في العمل قد طرده بتوصية من زوجته ولذلك انتقم منها هذا الانتقام الكبير، وهناك أيضًا من قال بكون بروس قد جن جنونه بسبب الجلوس وحيدًا لفترة طويلة، وقد أخرج هذا الجنون بالكامل على زوجته.

بعض الناس ذهبوا إلى أن تلك الحادثة لم تكن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها بروس باردو، فقد ارتكب قبل ذلك عدة جرائم لكن لم يستدل أحد عليه ولم يتمكن أي شخص من إثباتها الآن لأن بروس قد رحل بالفعل وهو لم يترك أي دليل خلفه، ثم كانت أكثر الأمور جنونًا تلك التي تزعم بأن بروس قد تعاون مع شيطان تمكن منه خلال فترة انعزاله، وهو ما جعله ينصاع لأوامر هذا الشيطان وينصاع له في أي شيء حتى ولو كان يأمره بقتل ما يزيد عن عشرين شخص وفتح النار على عائلة زوجته.

التحليل أو النظرية الثالثة تُشير إلى أن بروس باردو لم يكن بوعيه أساسًا في هذه الليلة، إذ أنه قد تناول ما أفقده وعيه ثم بدأ في القتل، وعندما استفاق من ذلك الشيء وأدرك أنه قد ارتكب جريمة كبيرة مثل هذه لم يتمالك نفسه وفضل إنهاء كل شيء بنفسه، ولذلك قام بعمليات القتل المجنونة تلك، لكن دعونا نعترف أن تلك الأقاويل ما هي إلا حجج ضعيفة جدًا، فهذا الرجل كان يعرف ما الذي يفعله ويُدرك يقينًا أنه مُقدم على قتل عائلة زوجته بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأطفال، فقط ربما يكون الاختلاف الوحيد أو الشيء الذي نبحث عنه الأسباب الحقيقية التي قادت أساسًا إلى تلك الجريمة، وهو السر الذي قُتل مع بروس باردو فاتحًا الباب أمام شغف شديد لمعرفة الحقيقة التي يبدو أنه لن يصل أحد إليها على الإطلاق.

ختامًا عزيزي القارئ، فكما هو واضح مما سبق ذكره فيما يتعلق بقصة بروس باردو فإننا بتنا الآن نُدرك قيمة الدمار النفسي وما هو قادر على فعله بحق الإنسان، بتنا ببساطة نعرف أن تدمير نفسيات الآخرين أشبه تمامًا بقتلهم.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

5 + ثمانية =