تسعة مجهول
لابلانشدا
الرئيسية » الغاز » لابلانشدا : شبح الممرضة المكسيكية الذي يساعد المرضى

لابلانشدا : شبح الممرضة المكسيكية الذي يساعد المرضى

لابلانشدا هي ممرضة من نوع غريب، بعد أن توفت تلك الممرضة، ظهر شبحها لكي يساعد المرضى المحتاجين إلى المساعدة في أيام الحرب العالمية الثانية، فمن هي؟

أخذت قصة لابلانشدا ، التي وقعت في المكسيك ثلاثينيات القرن الماضي، حيزًا كبيرًا من اهتمام عشاق الأساطير في مكسيكو سيتي والعالم بأكمله، فالممرضة الشبح، التي ظهرت أسطورتها تزامنًا مع بداية الحرب العالمية الثانية، كانت سببًا في إرباك وإرهاب الكثيرين ممن ترددوا على المستشفى الملعونة، وإن كان الأمر في النهاية قد اتضح أنه ليس كما فهم البعض منه، وأن هذه الممرضة ليست وسيلة تخويف بقدر ما هي فتاة مسكينة تبتغي مساعدة المرضى، ولأنكم بالطبع متشوقون لمعرفة قصتها الغريبة، دعونا نتعرف سريعًا في السطور الآتية على بطلة قصتنا لابلانشدا، وكيف تحولت من ممرضة عادية إلى الممرضة الشبح.

هل لابلانشدا شبح سيئ أم أنها لا تريد سوى مساعدة المرضى؟

من هي لابلانشدا؟

أول شيء يجب معرفته عن لغز الممرضة الشبح هو أن بطلة قصتنا ليس اسمها الحقيقي لابلانشدا، وإنما هو في الأصل أولاليا، وقد ولدت أولاليا في بداية القرن العشرين، وتحديدًا عام 1902، وذلك في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، وقد صارت الحياة معها ببداية الأمر في صورة طبيعية إلى حد كبير، فقد كان والدها قادرين على توفير كافة الاحتياجات اللازمة لها ولشقيقتها، وهو في الحقيقة أمر جيد جدًا ولم يكن مُستساغًا في هذا الوقت بالمكسيك، والتي كانت تُعاني من أزمات اقتصادية طاحنة نتجت عن خسائر حربها مع المكسيك، لكن عائلة أولاليا عبرت كل ذلك كما ذكرنا.

مُنعطف هام

مرّت حياة لابلانشدا على أفضل نحوٍ يُمكن أن تتمناه أي فتاة، فقد أكملت تعليمها وتطوعت للعمل بالتمريض، بل وتفوقت في هذا المجال حتى أصبحت من أمهر الممرضات في مكسيكو سيتي بأكملها، والواقع أن ذلك التميز كان نتاجًا لحب لابلانشدا الشديد لعملها، حيث كانت تعتبره شيء مُقدّس بالنسبة لها، لا يُمكن أن يأتي شيء ويتفوق عليه من حيث الأهمية، حتى الحب، تمكنت لابلانشدا أيضًا من مقاومته بالرغم من كثرة العروض التي كانت تأتيه من الجميع وأولهم أطباء المستشفى التي تعمل بها، إلا أن الرفض القاطع للأمر لم يستطع الاستمرار عند مجيء الطبيب الشاب، والذي في الحقيقة لم يكن سوى مفتاحًا لأبواب الجحيم التي فُتحت على لابلانشدا.

بداية السقوط

وقعت لابلانشدا في حب الطبيب الشاب، والذي أوهمها أنه يُبادلها ذلك الحب أيضًا، إلا أنه بعد أشهر قليلة ترك المستشفى فجأة بحجة العمل الاضطراري في مستشفى آخر لمدة شهر، ثم لم تستطع لابلانشدا الوصول إليه مرة ثانية، لتكتشف بعدها أنه قد تزوج بغيرها، وأنه طوال هذه الفترة كان يقوم بخداعها، لتبدأ حالتها النفسية في الانحطاط تزامنًا مع سيل كبير من الكوارث تعرضت له في نفس الوقت، وكأن المصائب لا تأتي فُرادى فعلًا.

سيل من الكوارث

لم تكن كارثة هرب الطبيب الشاب الذي أحبته لابلانشدا هي الكارثة الوحيدة التي تعرضت لها، بل كان هناك سيل من الكوارث الأخرى، والتي أهمها مثلًا وفاة والديها في عامٍ واحد بمرض مفاجئ، وسفر شقيقها إلى الخارج وتركها وحيدة في البيت، وهجرة صديقتها الوحيدة لها بسبب سوء فهم، إجمالًا، تعرضت الفتاة المسكينة لزلزال كبير في حياتها كان سببًا في دخولها بحالة من الانهيار النفسي الشديد، لكن، ومع كل ذلك، ستتمنى لابلانشدا فيما بعد أن سيل المصائب توقف عند ذلك الحد، وأن حياتها لم تأخذ ذلك المُنعطف الخطير الذي أخذته.

الانهيار الأخير

آخر انهيارات لابلانشدا كان بعد سيل الكوارث مباشرةً، حيث تحولت لابلانشدا من ممرضة ماهرة ومُخلصة وملتزمة إلى شخص آخر غير مُلتزم ولا يشعر أبدًا بالمسئولية، والحقيقة أن ذلك الأمر أخذ يتصاعد حتى وصل إلى قتل لابلانشدا لمريض عن طريق إعطائه حقنة خاطئة، ليتم رفدها من العمل وتظل حبيسة لفترة طويلة حتى يُداهمها المرض من شدة الاكتئاب وتضطر للعلاج في المستشفى على نفس الفراش الذي قتلت فيه مريضها عن طريق الخطأ، وصدق أو لا تصدق، لقد ماتت لابلانشدا في الشهر التالي وفي نفس اليوم الذي قتلت فيه المريض بالخطأ، وقد تعتقد أن القصة قد انتهت بموتها، إلا أنها في الحقيقة قد بدأت في ذلك اليوم.

بداية الممرضة الشبح

بعيدًا عن قصة لابلانشدا، في إحدى الليالي، وفي نفس المستشفى التي كانت تعمل بها بطلتنا، كانت هناك ممرضة تنتظر في نوبتها إعطاء حقنة لأحد المرضى في موعد محدد، إلا أنها لم تستطع مقاومة النوم وسقطت في شباكه ولم تستطع الاستيقاظ إلا في وقت متأخر، وتحديدًا بعد موعد الحقنة بثلاث ساعات، وإن كان كلام الطبيب صحيح فيما يتعلق بضرورة أخذ المريض للحقنة في موعدها فهو في هذه الحالة يكون مفارقًا للحياة، وهي فكرة أرعبت الممرضة إلى الحد الذي جعلها تركض باتجاه عنبر المرضى لتقصي الأمر، وللغرابة، وجدت المريض بحالة جيدة، وكأنه قد أخذ الحقنة مثلًا!

عودة لابلانشدا

كان حدس الممرضة صدقًا، فقد أخبرها المريض فعلًا أن إحدى الممرضات قد جاءت في الموعد المُحدد وأعطته الحقنة، لكن، وفي لحظة تأمل عابرة من الممرضة، تذكرت أنها هي الممرضة الوحيدة الموجودة في المستشفى هذا المساء، إذًا، وببساطة جديدة، حدثت هذا المساء مُعجزة.

أخذت الممرضة تسأل جميع زملائها عن الأمر فوجدت أنهن جميعًا لم يُعطين الحقنة للمريض، إلا ممرضة واحدة مُخضرمة، سمعت القصة ثم قالت بهدوء “لا تقلقي، لقد كانت لابلانشدا هي الفاعلة”.

كشف الستار عن اللغز

كشفت الممرضة المخضرمة الستار عن لغز لابلانشدا، حيث قالت أنه منذ رحيل تلك الممرضة المسكينة لم تكف عن مساعدة المستشفى التي كانت تعمل بها، فأكثر من مرة كانت تقوم إحدى العاملات في المستشفى بنسيان موعد دواء مريض أو التأخر عنه ثم تذهب إليه فتجد أنه قد أخذ الدواء في الوقت المناسب من إحدى زميلاتها، وبالطبع لم تكن تلك الزميلة سوى لابلانشدا، وقد استمر هذا الأمر حتى أصبح شبه مُعتادًا عليه، لذلك لا يُثير الذعر في نفوس الممرضات القدامى، لأن شبح صديقتهم القديمة لا يُريد شيء سوى مُساعدتهم.

لماذا يحدث ذلك؟

قد يتعجب البعض من قيام لابلانشدا، أو شبح لابلانشدا تحديدًا، بمساعدة المرضى، وذلك على الرغم من الفكرة السائدة عن الأشباح، والتي تكون دائمًا مُرعبة إلى أبعد حد، إلا أن البعض فسرّ ذلك الأحمر برغبة لابلانشدا بالتكفير عن ذنبها وعن الخطأ الذي ارتكبته عندما أعطت أحد المرضى دواءً غير صحيحًا أدى إلى قتله، لذلك هي تظهر بعض موتها في صورة شبح وتقوم بمساعدة أي مريض تكفيرًا عن ذلك الذنب.

اختلافات حول لابلانشدا

أصبحت أسطورة الممرضة الشبح أمر شبه مُسلّم به في المكسيك، فهي تقريبًا تُمثل لدى الشعب جزء من الثقافة والتراث، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الخلافات حول زمن ظهور هذه الأسطورة، فالبعض يقول إنها لا علاقة لها بالقرن العشرين من قريب البعيد، وأنها قد حدثت في مطلع القرن التاسع عشر، ودليلهم على ذلك أنها كانت تظهر في المُستشفيات المكسيكية وقت الحرب وتقوم بمساعدة الجرحى والمُصابين، والبعض الأخر يُصرّ على أن الشواهد التاريخية تؤكد وجودها في القرن العشرين، لكن ذلك الخلاف بالطبع لا يمس اعتقادهم الشديد بوجود تلك الأسطورة وأهميتها كجزء من تاريخهم.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

1 تعليق

اثنان − واحد =