تسعة مجهول
كونستانزو
الرئيسية » غرائب » كونستانزو : شيطان انجرف إلى عالم السحر الأسود وطقوسه

كونستانزو : شيطان انجرف إلى عالم السحر الأسود وطقوسه

ربما لم تسمع من قبل باسم كونستانزو أو قاتل الحيوانات الشيطان الذي كان يتفنن في قتل وتعذيب الحيوانات، إليك القصة الكاملة لهذا الوحش كونستانزو .

يُعتبر كونستانزو ، أو شيطان الأرض كما يُلقب، أحد أهم الأشخاص الذين مارسوا الإجرام في التاريخ بأكمله، وذلك لما كان يقوم به من قتل لمجرد القتل فقط، إضافةً إلى الطرق التي كان يفعل بها ذلك، والتي لا يتخيلها أي شخص ذو عقلٍ سوي، ولا يُمكن مشاهدتها إلا في أشد أفلام الرعب رعبًا، لكن الأمر الآخر، والذي جعل من جرائم كونستانزو البشعة ليست عادية بالمرة، هي المبررات الدينية التي استند عليها في تنفيذ جرائمه، وإيمانه الكامل أن كل ما يفعله كان من الطقوس السحرية التي يُمكن التقرب به إلى الإله، فمن هو كونستانزو، وما هي تلك الطقوس السحرية التي جعلتها يقتل ويُعذب، ولماذا لُقب بالشيطان الذي يمشي على الأرض، هذا بالضبط ما سنعرفه في السطور الآتية.

تعرف على قصة كونستانزو قاتل الحيوانات المثير للجدل

من هو كونستانزو؟

وُلد كونستانزو في إحدى مُدن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مدينة ميامي، وذلك في عام 1962، حيث كانت والدته فتاة كوبية، هاجرت من كوبا وهي في سنٍ صغير، ويُقال إنها كانت في قافلة من الفتيات اللاتي ذهبن للعمل كداعرات بالملاهي الليلية في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها تعرفت على شاب أمريكي، ووقعت في حبه وتزوجته، ولم تلبث إلا أن أنجبت منه كونستانزو.

طفولة كونستانزو

بعد ولادة كوْنستانزو بسنواتٍ قليلة توفي والده، وتزوجت والدته الكوبية من شخصٍ آخر، حيث كانت لا تزال في ريعان شبابها وتحتفظ بجمالها، كما أنها قد وجدت في هذا الشخص كل ما تحتاجه المرأة من الرجل، فقد كان وسيمًا، غنيًا، يمتلك سكن كبير يسعها هي وطفلة، لكنه لم يلبث إلا أن توفي هو الأخر، لتعود هي أرملة من جديد، لكن مع الفارق أنها باتت تملك المال والسكن.

رغم الأموال التي تركها زوج والدة كونستانزو إلا أنه لم يدخل أبدًا مدرسة، ولم يتلق أي علم من العلوم، حتى اللغة الكوبية، لغة والدته، لم يتعلمها، بل اكتفى بالذهاب الدائم إلى الكنيسة بصحبة والدته، والتي كانت مسيحية للغاية، أو هكذا كان يظن البعض.

كونستانزو والسحر

لم يتعلم كونَستانزو أي شيء طوال طفولته، لكن والدته تكفلت بذلك، فقد كانت والدته تؤمن بعقيدة السانتيريا، وهذا ما اكتشفه الجيران بعد العثور يوميًا على رأس حيوان مذبوح أمام شقتها وصدور أصوات غريبة غير مفهومة، وكل ذلك كان بهدف إرضاء الأرواح كما تنص هذه العقيدة.

تعلم كونستانزو السحر وهو في سن الخامسة عشر، وبدأ بممارسته وهو في الخامسة عشر، حيث كان وقتها مُلمًا بأغلب الطرق الأفريقية العتيقةـ، وآمن فيما بعد بعقيدة تُدعى البالو، وهي التي تقول بأن يترك المؤمنين بهذه العقيدة البشر غير المؤمنين به ليقتلوا أنفسهم، وأن يُساعدوهم على ذلك إذا لزم الأمر، وبالطبع أثرت تلك العقيدة على كونستانزو الذي تغير تغيرًا تامًا بعدها.

انطلاقة كونستانزو

إضافةً إلى السحر كان كونستانزو مُنحرفًا، والمقصود هنا ليس الانحراف الديني فقط، بل الأخلاقي أيضًا، فقد كان لص وقاطع طرق، وشاذ، وربما كان كل ذلك نتيجة للسحر الأسود الذي تلقاه على يد والدته في صغره، إلا أنه لم يؤثر عليه وحده، فقط سافر كونستانزو إلى أمريكا الشمالية، وتحديدًا المكسيك، وهناك استطاع أن يجمع حوله مجموعة من الساذجين ويُقنعهم بأفكاره، حتى استطاع تكوين شعبية هائلة من المزارعين البسطاء، والذين انخدعوا فيه وصدقوا أنه قادر على قراءة الغيب ويمتلك قدراتٍ خارقة، حتى وصل الأمر إلى أن رجال العصابات كانوا يهرعون إليه لعمل تعاويذ وخدع سحري قادرة على إيقاف مفعول الرصاص وإغشاء الشرطة.

تطور كونستانزو

من السرقة والسحر إلى القتل، هكذا شق كونستانزو طريقه بعد عام 1986 تحديدًا، حيث أنشأ ما يُسمى بوعاء النكانكا، والذي مُخصصًا للأعضاء البشرية التي تم بترها من الأشخاص الذين تمت التضحية بهم، وقد كان أفراد عائلة كلاذادا هم المزود الرئيسي لهذا الوعاء، حيث قتل كونستانزو منهم ما يزيد عن ستة أشخاص، وذلك لأنهم رفضوا أن يُشاركوه في أعمالهم الإجرامية كما طلب منهم، لأنه كان يظن بأنه المتسبب الرئيسي والوحيد فيها بسبب تعاويذه وسحره، هكذا أوهموه وهكذا صدقهم هو، ليدخل بعدها عالم القتل من أوسع أبوابه، ويمتلئ وعاء النكانكا بكل أنواع الأعضاء البشرية.

سارا الدريت كانت العضو الجديد في جماعة كونستانزو الأمريكية، وقد كانت في البداية مجرد عشيقة، ثم تشبعت فيما بعد بكل أفكار الجماعة وأصبحت الزراع الأيمن لكونستانزو، لتتوسع بعدها عمليات القتل العشوائية ويتشبع وعاء النكانكا بأعضاء الضحايا الأبرياء، والذين التفت لهم أتباع كونستانزو بعد أن انتهوا من كل لصوص المدينة، فقد كان هذا الشيطان دمويًا لدرجة أنه لا ينام إلا على صرخات وآهات الضحايا، وكان إذا لزم الأمر يُضحي بأحد أعضاء جماعته ليُرضي جنونه، وسارا الدريت كان أيضًا مثله في كل شيء، فقد قامت هي الأخرى بإلقاء عشيقها الأسبق في هذا الحوض لحظة جنون مرت بها، لقد كان الأمر فعلًا كارثي ومُخيف، ولم يكن هناك أي وجود لما تُسمى بالشرطة المكسيكية، وكان من الممكن جدًا أن يستمر الشيطان كونستانزو لأكثر من ذلك، لولا خطأ كارثي قام به وقلب الأمور رأسًا على عقِب.

سقوط كونستانزو

مارك كلوري، هذا هو اسم الشخص الذي تسبب في سقوط كونستانزو، فقد كان آخر ضحاياه، إلا أنه يختلف عنهم في كونه يحمل الجنسية الأمريكية، وربما يكون هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الشرطة المكسيكية تنتفض وتُحقق في الواقعة، حتى تم العثور بالفعل على طرف خيط في عام 1989 وتمت مُهاجمة المزرعة.

كانت الشرطة عند وصولها تتوقع أن تعثر على جثة مارك وتقبض على كونستانزو وينتهي الأمر، لكن ما وجدته كان أقسى من ذلك بكثير، حيث وجدت وعاء النكانكا عن طريق رائحته، وكم كان الأمر مُرعبًا وغريبًا في ذات الوقت.

نهاية كونستانزو

كان كونَستانزو يعرف بأمر المداهمة، لذلك تمكن من الهرب هو وعشيقته وأحد مُساعديه قبل وصول الشرطة، لكن الشرطة تمكنت من الاستدلال عليه أيضًا وداهمت مخبأه الجديد، فلم يُسلم كونستانزو بسهولة، بل قام بتبادل إطلاق النار مع الحملة المكلفة بالقبض عليه حتى نفذت ذخيرته وتأكد من نهايته.

لم يقبل كونَستانزو بأمر القبض عليه، فقد كان يعلم جيدًا ما سيُفعل به جراء ما اقترفه كل هذه السنون، لذلك أمر أحد اتباعه بإطلاق النار عليه، ورغم أن مساعده في البداية رفض إلا أنه قام بذلك بعدما أقنعه كونستانزو أن هذا أفضل له بكثير، وأنه سيذهب إلى الجنة مباشرةً، أما عشيقته سارا، فقبل أن يُفعل بها ما فُعل بكونستانزو تم إلقاء القبض عليها وزُج بها في السجن وتم الحكم عليها بالسجن لمدة ستين عامًا، لم تقضي منهم سوى عشر سنوات فقط ثم انتحرت في السجن، وفي الحقيقة يُمكن تمرير كل هذه الأحداث واعتبارها ظروف استثنائية مر بها شخص استثنائي، لكن ما يتعلق بعشيقته سارا، والتي كانت مُتعلمة تعليمًا عاليًا وينتظرها مُستقبلٌ واعد، فهو أمر غير مفهوم بالمرة، أو يُمكن تفسيره تفسير واحد أقرب إلى العبث، وهو أن كونستانزو تمكن من إقناعها بمعتقداته الباطلة عن طريق السحر، أو لأنه كان شيطان كبير يمشي على الأرض.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة × 2 =