تسعة مجهول
كهوف تاسيلي
الرئيسية » معــالـم قــديـمــة » كهوف تاسيلي أم مقبرة توت عنخ أمون المصرية ؟

كهوف تاسيلي أم مقبرة توت عنخ أمون المصرية ؟

كهوف تاسيلي هي إحدى الاكتشافات الأثرية الأكثر إثارة في القرن العشرين، فقد وجدت رسومات أثرية فيها أثارت تساؤلات حول نوعية الحضارة التي عاشت في ذلك المكان.

ثمانية عقود مضت على اكتشاف الرحالة اليوناني برينان كهوف تاسيلي التي توجد في منطقة الحدود الفاصلة بين دولتي لبيا والجزائر، بينما قاربت مقبرة الطفل الملك توت عنخ آمون عقدها التاسع على اكتشافها الذي جاء على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر بوادي الملوك، تقريبًا تم الأمرين خلال خمسة عشر عام فقط، وكانا حديث العالم طوال القرن العشرين وما تلاه، وما بين الاكتشافين وقعت الكثير من الأشياء التي ربما تكون معجزة، لكنها حدثت، وجاءت لتُبرهن على أن هذا الكون ما زال قادرًا على إدهاشنا حتى الرمق الأخير، خاصة فيما يتعلق بتلك المعجزة المُسماة بكهوف تاسيلي.

كهوف تاسيلي والمعجزة الغامضة

اكتشاف كهوف تاسيلي

قبل عام 1938 كانت كهوف تاسيلي مُجرد كهوف عادية ومهجورة، يمر عليها الجميع من كل حدبٍ وصوب دون الالتفات إليها، فقد كانت هذه المنطقة – الحدود الفاصلة بين لبيا والجزائر- تعج بالكثير من الكهوف، لذلك كان من غير المنطقي التنقيب في واحده من الكهوف بعينها للعثور على شيء ما، لكن الرحالة برينان فعل.

على النقيض تمامًا،ومنذ عام 1938 لم تنقطع الأقدام من هذه الكهوف والتي أصبحت مزارًا ومعلمًا سياحيًا هامًا، كما تنوعت هذه الأقدام ما بين قدم سائح وقدم عالم وقدم صحفي، الكثير من الأقدام جاءت لترى ما اكتشفه الرحالة برينان داخل هذه الكهوف وجعله أهم اكتشافات القرن العشرين بعد مقبرة الملك الطفل توت عنخ آمون، وفي الحقيقة جاء الاحتفاء باكتشاف المقبرة أضخم من اكتشاف الكهوف بسبب التسليط الإعلامي الكبير الذي صاحب هذا الحدث وتأخر قليلًا عن الحدث الثاني، وربما يرجع ذلك إلى صاحب الاكتشاف الأول هوارد كارتر، والذي كان يفوق شهرةً بكثير صاحب الاكتشاف الثاني الرحالة برينان، لكن ما الذي وجده برينان في كهوف تاسيلي وأحدث كل هذه الضجة؟

كهوف تاسيلي من الداخل

بداخل كهوف تاسيلي وجد الرحالة برينان حياة كاملة، حياة مُغايرة تمامًا عن الحياة التي نعيشها الآن، ببساطة، لقد كانت هناك بعض النقوش ترجع لأكثر من عشرين ألف سنة، لكنها كانت تُصورّ الحاضر بتفاصيله إلى الحد الذي جعل العالم بأكمله يسأل، من جاء أولًا إلى هذه الأرض، نحن أم هم؟

كانت النقوشات والرسومات مُدهشة بحق، فقد صورت تلك النقوشات – التي تمتد لأكثر من عشرين ألف عام – أناس يرتدون ملابس كالتي نرتديها الآن!، اجل لقد تنبأ الإنسان البدائي -الذي قيل أنه كان يمشى عاريًا- بهيئة ملابسنا الحالية، بل ورسمها على جدران الكهوف، ليكتشفها برينان ولتكون بمثابة صفعة كبيرة على وجوه المشككين في الإنسان القديم وقدراته على الإبداع.

الدهشة لا تتوقف عند هذا الحد بل تبدأ، لقد تنبؤوا أيضًا بالمركبات الفضائية!، أجل، ثمة نقوشات لمركبات فضائية داخل كهوف تاسيلي ، مركبات عرف بها الإنسان القديم قبل عشرين ألف سنة، وعرف بها الإنسان الحديث قبل خمسة عقود فقط، مما يؤكد أن الإنسان البدائي- رغم بدائيته- كان يقف بعيدًا عن الإنسان الحديث بمسافة كبيرة، ويتضح ذلك في الكثير من الأشياء بخلاف كهوف تاسيلي ، كمقابر الفراعنة وأهراماتهم، واللذان يُعدان منفردين دروسًا في التحنيط والمعمار.

كانت كهوف تاسيلي أيضًا منقوشة برسومات لأناس يُمارسون رياضة الغطس، ويرتدون بدل الغطس التي يرتديها الإنسان الحديث حاليًا، وهنا يلوح في الأفق سؤالٌ منطقيٌ أخر، كيف عرف الإنسان قبل عشرين ألف سنة الغطس؟، بل كيف عرف بالبحر من الأساس؟

الإجابة تكمن في الدهشة، أجل، لقد أراد هذا الإنسان ذو المخيلة العالية إدهاشنا، وبدا جليًا من عجز العلماء على تفسير تلك النقوش أنه قد نجح في فعل ذلك.

ردة فعل العالم

رغم الزخم والتهويل الإعلامي الذي حدث حول مقبرة الملك الطفل توت عنخ آمون إلا أن كهوف تاسيلي استطاعت إثبات نفسها بقوة وتمكنت من سحب بساط الدهشة من تحت أقدام مقبرة الملك الطفل، وأصبحت أنظار العالم مُوجهة نحو ما اعتبروه الاكتشاف الأهم في القرن العشرين، بل وفي التاريخ بأكمله، كهوف تاسيلي .

لم يمر هذا الاكتشاف الخطير على العالم مرور الكرام، حيث تسارع الجميع لرؤية هذه المعجزة، وقاموا بإقامة معرض فني في باريس عام 1957، وتم فيه عرض اللوحات التي قام برسمها أمهر رساميّ العالم الذين ذهبوا إلى كهوف تاسيلي ، وذلك لتقريب الأمر على الذين لم يتمكنوا من السفر إلى حيث تُوجد الكهوف، ببساطة، تم نقل صورة من داخل كهوف تاسيلي إلى عاصمة النور باريس.

قبلها بعام، سنة 1956، وفي خِضم الرحلات الكثيرة التي قصدت كهوف تاسيلي ، كانت رحلة الرحالة الشهير هنري لوت الذي اصطحب معه عدد كبير جدًا من العلماء والمتخصصين وبدؤوا في معاينة الرسومات والنقوشات معينة دقيقة، وتم استخدام أجهزة تصوير حديثة تم إثبات قِدم هذه الرسومات ونسبها إلى الإنسان الذي عاش قبل مائتي قرن، لدرأ تلك الشُبهات التي خرجت عقب الاكتشاف وكان مفادها أن هذه الرسومات عمرها قرن واحد.

المعجزة الحقيقية كانت بعد هذا الاكتشاف بثلاثة عقود، حيثُ انطلقت أول رحلة فضائية في تاريخ الكون، والمدهش أن الآلات والملابس والمركبات التي استخدمت في هذه الرحلة كانت مُشابهة تمامًا لتلك التي نُقشت على كهوف تاسيلي ، ليتجدد السؤال مرة أخرى، من عاش أولا نحن أم هم؟

كيف فعلها؟

سؤال منطقي لا يكف عن طرح نفسها، كيف استطاع هذا الإنسان البدائي بهذه البساطة تخيل كل ذلك؟ كيف استطاع التقاط صور لأشياء حدثت بعد آلاف آلاف السنين؟

يُحاول العلماء تفسير ما وجدوه في كهوف تاسيلي بشتى الطرق، يقولون مثلًا أن الإنسان لم ولن يفعل ذلك، وأن ما حدث كان بفعل كائنات غريبة من عالم أخر، جاءت في زيارةٍ سريعة إلى الأرض،حطت في كهوف تاسيلي وقامت برسم هذه الرسومات إثباتًا لحضورها، بل ويؤكدون ذلك بالطفلين ذوي اللون الأخضر اللذان تم العثور عليهما في القرن التاسع عشر وتم التأكد من أنهما ليسا من سُكان كوكب الأرض، وهذا بالطبع احتمال ضعيف ومردود، لأن الزيارات بطبيعة الحال تتكرر، وهؤلاء-إن كان لهم وجود- لم يُحاولوا تكرارها مرة أخرى.

أطلانطيس، احتمالٌ أخر يطفو على السطح، حيث يقول العلماء أن هذه الرسومات من فعل سُكان أطلانطيس، والتي اندثرت عن بكرة أبيها، أو من فعل أي حضارة أخرى، اندثرت أيضًا، أو من فعل إحدى الحضارات المتقدمة التي لم يذكرها التاريخ، والدليل على ذلك وجود حضارة مثل الفراعنة وتقدمها المُذهل في مجالي الطب والمعمار، أي أنه من الوارد أن تكون ثمة حضارة مُتقدمة في المجالات التي نُقشت رسوماتها داخل كهوف تاسيلي، بيد أنها قد اندثرت دون أن يسمع عنها أحد، وهذا احتمالٌ وارد، لكنه ليس بالمؤكد، إذ أن كل الاحتمالات جاءت لتنقص من قدر الإنسان القديم، ولم يتطرق أبدًا إلى كون هذا الأمر حاله من الجلاء البصري لدى بعض الأشخاص، جعلت منهم أشخاص قادرين على التنبؤ بما سيحدث، بل ورسمه، وهذا هو الأمر الراجح في تلك المسألة الشائكة التي حيرت العلماء تمامًا مثلما فعلت مقبرة الملك توت عنخ أمون، لكن الواضح للجميع أن كهوف تاسيلي كانت أكثر وقعًا في هذا الأمر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

سبعة عشر + 13 =