تسعة مجهول
كارثة سوبرجا
الرئيسية » الغاز » كارثة سوبرجا : كارثة طيران إيطالية من نوع خاص جدًا

كارثة سوبرجا : كارثة طيران إيطالية من نوع خاص جدًا

كارثة سوبرجا حدثت في عام 1949 وهي حادثة طيران من نوع خاص لأن نتيجتها كانت موت جميع أفراد فريق تورينو الإيطالي في حادثة التحطم، بجميع أفراد طاقمه.

رغم أن كارثة سوبرجا قد مر عليها أكثر من ستة عقود إلا أنها ستظل محفورة في أذهان العالم بأكمله، وخاصةً عشاق كرة القدم منهم، حيث كانت هذه الحادثة سببًا في محو فريق كرة قدم كامل وهو فريق تورينو كان على متن الطائرة متجهًا للعب مباراة مع نادي بنفيكا البرتغالي، قبل أن تسقط الطائرة ويموت جميع اللاعبين إضافةً إلى الجهاز الفني والطبي، لتتفرد هذه الحادثة بكونها أول حادثة طيران في تاريخ البرتغال إضافةً إلى كونها أول كارثة في تاريخ الرياضة، ولتظل كارثة سوبرجا كما أُطلق عليها، كارثة من نوع خاص.

كارثة سوبرج والقصة الكاملة وراء أسوأ حوادث الطيران المرتبطة بكرة القدم

ما قبل كارثة سوبرجا

كان نادي تورينو قبل كارثة سوبرجا واحد من أهم أندية إيطاليا وأوروبا، حيثُ كان يحتكر الدوري الإيطالي منذ تأسيسه عام 1903 وحتى بداية الحرب العالمية الثانية، وبعد توقف الدوري الإيطالي بسبب الحرب سرح مادي تورينو لاعبيه، قبل أن يعودوا مرة أخرى عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مُباشرة، ويبدؤون بعدها في حصد اللقب من جديد لمدة ثلاث سنوات، ثم يتوقفوا بعدها إلى الأبد بسبب الحادثة التي تعرض لها الفريق في الرابع من مايو 1949.

سبب الرحلة

في نسخة دوري الأبطال عام 1949 شارك نادي تورينو ممثلًا لإيطاليا، وكان من المفترض أن يتوجه إلى مدينة لشبونة بالبرتغال لمواجهة نادي بنفيكا في نفس المنافسة، وبالفعل أقيمت المباراة وتعادل الفريقين، وتم تأجيل الحسم إلى لقاء الإياب الذي كان سيُقام في العاصمة الإيطالية، لكن المباراة لم تُقام في وقتها المحدد بسبب موت الفريق الإيطالي فيما بعد، وكانت اللائحة تنص على صعود الفريق البرتغالي إلى الدور المُقبل، إلا أن نادي بنفيكا في لافتة طيبة قرر الانسحاب حدادًا على أرواح لاعبي الفريق الإيطالي، وانتهجت باقي فرق البطولة ذات النهج وانسحب الجميع ليتم إلغاء هذه النسخة من البطولة واعتبار فريق تورينو فائزًا بها.

كارثة سوبرجا

في الرابع من مايو عام 1949 انطلقت الطائرة من مطار لشبونة بالبرتغال متجهة إلى مطار تورينو بالبرتغال، وكانت الرحلة مكونة من 31 شخصًا، منهم قائمة الفريق التي شاركت في المباراة وهم ثمانية عشر لاعبًا إضافة إلى الجهاز الطبي والإداري وبعض الصحفيين والمراقبين والمرافقين لبعثة الفريق.

كانت الطائرة من نوع الفيت جي 212، وكان طاقم الطائرة الخاص بها مكون من أربعة أشخاص، أثناء اقترابهم من تورينو مرت بهم عاصفة رعدية وكتلة من الغيوم جعلت الرؤية شبه مُستحيلة، فأُجبر قائد الطائرة على الانخفاض بمستوى الطائرة حتى يبتعد عن منطقة الضباب والغيوم التي تُعيقه عن رؤية الطريق.

تحطم الطائرة

بعدما قرر قائد الطائرة الانخفاض بالطائرة والابتعاد عن مستوى الغيوم تفاجئ بحائط عالي جدًا تابع لكنيسة باسيلكا الواقعة في منطقة سوبرجا بالقرب من منطقة تورينو، ولم يستطع الطيار تفادي ذلك الحائط والاصطدام به، لتسقط الطائرة على الفور ويلقى جميع الركاب حتفهم بما فيهم من لاعبين وإداريين ومدربين وصحفيين ومرافقين، كان ذلك في صباح الرابع من مايو عام 1949، وكانت هذه هي أعظم كارثة في تاريخ الرياضة والرياضيين.

أسباب التحطم

على خلاف باقي حوادث الطائرات،تم العثور على الطائرة فور سقوطها، وبعد أيام من التحقيق قالت السلطات الإيطالية أن الحادث وقع لعدة أسبابٍ أهمها سوء الطقس وكثرة الغيوم، وضعف الإرسال، إضافة إلى العثور على خطأ ملاحي تسبب في انحراف الطائرة عن مسارها وسقوطها، كما قالت بعد التحقيقات أيضًا أن عدم خبرة الطيار وسوء تقديره للأمر كان من ضمن أسباب وقوع هذه الحادث المروع، الذي أنهى أسطورة تورينو للأبد.

استقبال الجماهير للخبر

تركت كارثة سوبرجا أثرًا عميقًا في نفوس جماهير العالم وإيطاليا وتورينو على وجه الخصوص، حيث اُعلن الحداد في إيطاليا وتم اعتبار هذا اليوم يومًا اسود في التاريخ كرة القدم، كما قامت الجماهير بعمل نصب تذكري للفريق في ميدان تورينو واصبح هذا النصب مزارًا لعشاق كرة القدم من جميع أنحاء العالم، حيث يأتي الناس في الرابع من مايو من كل عام ويحتشدون في هذا الميدان لإحياء ذكرى ضحايا حادث تورينو، هذا الحادث الذي لم يكن ذا أثرٍ على جماهير الفريق فقط بل وباقي لاعبي الفرق الإيطالية الأخرى، حيث لم تخرج الرحلات الرياضية بعدها لمدة تتجاوز الخمس سنوات.

تأثير الكارثة على الفريق

غيرت كارثة سوبرجا خريطة كرة القدم، ففي الوقت الذي كان فيه تورينو أفضل الفرق الإيطالية والأوربية جاء هذا الحادث ليقضي على الفريق ومستقبله، حيث لم يتبقى في تورينو بعد الحادث سوى عشرة لاعبين، كانوا من الاحتياطيين الذي لم يُسافروا إلى لشبونة ضمن قائمة الفريق، وربما يكون من المضحك أن نعرف أن اللاعبين الذين تمردوا وغضبوا بعد استبعادهم من قائمة المباراة كانوا اكثر الناس سعادة بعد وقوع هذه الكارثة ونجاتهم منها، فلو كانوا على متن الطائرة للقوا حتفهم بالطبع مثل بقية الموجودين، لكن القدر كتب لهم النجاة بعدم السفر.

لم يستطع هؤلاء اللاعبين استكمال مسيرة أسطورة تورينو، فبالطبع لم يكونوا على مستوى باقي زملائهم، والذين كانوا في هذا الوقت عصب المنتخب الإيطالي ونجوم العالم، ومع تعاقب الأجيال لم تقم قائمة لتورينو مرة أخرى، حتى الدوري الإيطالي لم يحصل عليه بعدها سوى مرة واحد سنة 1976، لتكون كارثة سوبرجا سببًا في إنهاء أعظم أساطير كرة القدم في القرن العشرين، وتبدأ أندية أخرى في الظهور مستغلة ذلك مثل يوفينتوس وروما وميلان في إيطاليا، وبرشلونة وتشيلسي وريال مدريد في أوروبا، ويبدأ يلوح في الأفق شبهة تدبير هذا الحادث الذي بدا المُستفيدون منه كُثر، وكان أول هذه الأصابع موجه نحو نادي يوفينتوس الإيطالي.

شُبهة إسقاط

كان نادي يوفينتوس الإيطالي قبل حدوث كارثة سوبرجا هو المنافس الوحيد لنادي تورينو، حيثُ كان الدوري المكون من عشرة فرق وقتها يتناوب عليه هاذين الناديين فقط، بل ويتقاسمان عرش أوروبا، وبعد سقوط الطائرة بدأ يوفينتوس في التفرد لمدة بالبطولتين، لذلك كان أول من رُفع في وجهه اصبع الاتهام.

كما أُشيع أيضًا في هذا الوقت أن الحادث كان من بعض المتطرفين التابعين للزعيم الأسبق ماسوليني الذي تم رجمه بالأحذية حتى الموت في ميدانٍ عام، لذلك يعتقد البعض أن هذه الحادثة جاءت للثأر من الشعب الإيطالي الذي أُصيب بخيبة مل كبيرة بعد الكارثة، حيث استطاع المدبرون الولوج إلى أعظم ما كان يمس الجميع في هذا الوقت وهي كرة القدم التي كانت على الأقل تجلب انتصارًا ولو معنويًا لإيطاليا وشعبها بعد الخسائر الفادحة التي تلقتها في الحرب العالمية الثانية التي أقحهما فيها ماسوليني، ورغم منطقية السببين خلف الحادث إلا انهما يظلا مجرد تكهناتٍ خاصة وأن الطائرة كانت قادمة من مطار البرتغال لا إيطاليا، حيث لا يمكن تدبير حادث هناك وتنفيذه بهذه السهولة.

وبالطبع لم تغفل شاشة السينما العالمية والإيطالية على وجه الخصوص عن التعرض لهذا الحادث وتجسيده في بعض الأفلام، فحادث فريد كهذا يُعد مجالًا خصبًا للإبداع، بالإضافة إلى أن الحادثة لم تتكرر بنفس الطريقة في أي مكانٍ آخر، فلا تزال كارثة سوبرج حتى الآن كارثة من نوعٍ خاص.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

17 − سبعة =