تسعة مجهول
قطع الأصابع
الرئيسية » غرائب » قطع الأصابع : ما هو تفسير تلك الظاهرة في ثقافات الشعوب المختلفة؟

قطع الأصابع : ما هو تفسير تلك الظاهرة في ثقافات الشعوب المختلفة؟

قطع الأصابع أمر مؤلم جدًا بلا شك، بل إنه يُعتبر من ضمن أساسيات التعذيب المُستخدمة بشدة، لكن لماذا يا تُرى قد يقوم البعض بقطع أصابعهم بمحض إرادتهم؟

لأننا نعيش في عالم غريب نجد أننا مجبرون في كل فترة على تلقي بعض الصدمات والأمور المدهشة التي لا يُصدقها العقل في البداية، وأحد هذه الأمور المدهشة التي ربما لا يعرفها الكثيرون أن قطع الأصابع قد لا يُعتبر سببًا للألم أو طريقة من طرق التعذيب، بل على العكس تمامًا نجده يُعتبر أحد أهم الطقوس وطرق العلاج المستخدمة في بعض الأماكن، وبالطبع جميعنا يعرف قدسية تلك الأصابع وأهميتها، حتى وإن كان البعض لا يشعر بتلك الأهمية إلا أنها في النهاية تبقى جزء أساسي من الجسم، وإذا أردنا تعذيب شخص ما عذابًا شديدًا فكل ما علينا أن نتعرض لأحد أصابعه، لكننا في السطور القليلة المُقبلة سوف نقوم بإدهاشكم عن طريق التعرض لبعض الأسباب التي يعتقد البعض أنها تُبرر قطع الأصابع دون أي ندم أو خوف، وعلى رأس تلك الأسباب الغريبة نجد شيء أغرب مثل الحداد والحزن!

بتر الأصابع حزنًا، السبب الأغرب

عندما تحدث حالة وفاة ونكون في وضعية الحزن فإن التصرف الأمثل في هذه الظروف هو البكاء على الشخص المتوفي وتذكر ذكرياتنا معه، لكن، في أحد قبائل غينيا الجديدة، يكون الطقس الأول لهم عند موت أحد أقاربهم أن يقوموا بقطع أصابع النساء، أجل، كما سمعتم بالضبط، يعتقد هؤلاء المجانين أن الحزن الشديد لا يكون حاضرًا إلا بهذه الطريقة، وذلك بحجة أن الشخص المتوفي إذا لم يشعر بأن الأصابع قد قُطعت من قِبل أقاربه من النساء فسوف يُرسل لعناته من المكان الذي دُفن به، هذا إذا لم يظهر شبحه ويُثير الذعر والهلع، لذلك فإنه، وعلى سبيل تفادي تلك الشرور، يتم قطع الأصابع.

بالنسبة للذين يخوضون تجربة قطع الأصابع فإنهم النساء ذوات درجة القرابة الأولى من الشخص المتوفي، أما إذا مات زعيم القبيلة مثلًا فإن الجميع بلا استثناء يكون مُطالبًا بإجراء هذا الطقس، والحقيقة أنه عند إجراء ذلك الطقس المُريب فإن كثير من الأمور تحدث كيلا يتوجع الشخص الذي يُبتر إصبعه، فأولًا يتم وضع خيط من القطن حول مكان القطع لعزله عن جسم ثم تُسخن السخين ويُقطع الإصبع في غمضة عين على يد مُتخصصين، لكن في الآونة الأخيرة أصدرت الحكومة تجريمًا لتلك العادة لأنها قد تسببت في فقدان أكثر من تسعين بالمئة من نساء القبيلة لأصابعهن.

عقاب للعقم وعدم الإنجاب، سبب مُقزز

السبب المقزز في عادة قطع الأصابع هو ما يحدث بالضبط في بعض دول أفريقيا الوسطى والدول المتخلفة عمومًا، تلك التي يحكمها الفقر والجهل والفساد، ففي هذه الأماكن يكون الرجل مُطالبًا بالزواج والإنجاب الغزير كي يتم حفظ نسله من بعده وفي نفس الوقت ضمان استمرار القبيلة وكثرة عددها حتى تتمكن من السيطرة على القبائل الأخرى، لكن إذا كنت عقيمًا وغير قادر على الإنجاب، أو أنك قد مُت قبل أن تتزوج من الأساس، ففي هذه الحال سوف تكون مؤخرتك ليست آمنة بالمرة بعد موتك مما سيفعلها هؤلاء المجانين بها!

اعتادت بعض القبائل على أن يتم التقصي عن كل رجل ميت في القبيلة، فإن كان قد مات في سن كبير ولم يُنجب له أي أولاد فإنهم يذهبون إلى جثته بمباركة زعيم القبيلة ويقومون بقطع أحد أصابعه ووضعها في مؤخرته على سبيل العقاب له، وأيضًا هم يعتقدون أن الميت الذي قد يحدث به ذلك الأمر سوف يبذل قصارى جهده حتى يعود في حياته التالية على شكل فتاة تُنجب الكثير من الأولاد، أرأيتم إلى أي حد يُمكن أن يصل جنون الناس؟

طعم للسمك، عادة مجنونة جدًا

هذه أغرب عادات قطع الأصابع التي ستسمعون بها على الإطلاق، وأيضًا بطلها قارة أفريقيا المُتأخرة، وخاصةً المناطق الساحلية منها، ففي هذه المناطق يشيع جدًا أن تعمل النساء بمجال الصيد، وهذا أمر ممكن وطبيعي، لكن ما ليس طبيعي بالمرة أن تقوم النساء في هذه المهنة بقطع أصابعهن ورميها في البحر، بحجة أن الأسماك سوف ترى ذلك الإصبع وتأكله، وبعد ذلك سوف تُصبح فريسة سهلة للصيد من قِبل صاحبة الإصبع، لكن كيف سيحدث ذلك!

ببساطة شديدة، تقول الخرافات هناك أن الإصبع عندما يدخل في بطن السمك فإنه يكون بمثابة مغناطيس شديد الجاذبية لليد التي قُطع منه الإصبع، وعليه فإنه يقود السمكة رغمًا عنها إلى يد الصيادة، وبالتالي فإن المحصلة النهائية تكون صيد وفير للغاية، الجنون كله بالطبع في التضحية بجزء من الجسم لمجرد الحصول على صيد أكثر من الأسماك، لكن الغريب أن المجتمع هناك ينظر إلى النساء التي قطعت أصابعهن لهذا السبب على أنهن أبطال حقيقيين، بل ويتم تكريمهم في بعض المحافل من أجل هذه التضحية!

علاج العمى، سبب ينم عن جهل

من الطبيعي تمامًا أن تذهب إلى طبيب العيون في حالة إذا ما شعرت بأي شيء غريب في نظرك، فهو سوف يُعطيك دواء مُعين وقد يقوم بجراحة خاصة، إجمالًا، سوف يفعل كل شيء مُتاح من أجل إنقاذ عينك، لكنه لن يضمن لك أبدًا أن تعود عينك إلى سابق عهدها، وذلك لسبب بسيط، وهو أن الشفاء بيد الله وحده، لكن للغرابة نجد أحد القبائل في تنزانيا، الواقعة في أفريقيا كذلك، لا تقتنع بذلك الأمر وتظن أنه بالإمكان شفاء العيون بطريقة بسيطة جدًا، وهي قطع الأصابع.

يعتقد سكان أحد القبائل التنزانية أنه عندما يولد طفل أعمى فإن شفاءه الوحيد يكون متوفرًا من خلال قطع إصبع يده وتقطير الدم الذي يهطل منه في داخل العين، أما الإصبع فيتم دفنه، حيث أنهم يظنون أن المسألة مسألة مبادلة بحتة، فأنت تستعيد بصرك مُقابل أحد أصابعك، وطبعًا الكثيرون يفكرون في عدم جدوى وجود كل هذا الكم من الأصابع مع عدم وجود العين، لذلك فإنهم يوافقون على التضحية، وبالتأكيد لا يحدث أي جديد لأن الأمر في النهاية مجرد خرافة.

القطع من أجل الولاء والاعتذار، سبب مجنون للتضحية

الياكوزا اليابانية اسم لأحد العصابات التي تُعتبر بلا شك أحد أكبر العصابات في العالم وليس اليابان فقط، والحقيقة أن تلك العصابة قد حظيت وحدها بسببين من أكثر الأسباب جنونًا وقيادةً إلى قطع الأصابع، وهما الاعتذار والولاء، أما الاعتذار فهو يحدث ببساطة عندما يُخطئ فرد من هذه العصابة ويقوم بأي فعل صبياني مجنون، ففي هذه الظروف ليس عليه قول كلمة آسف، فهي في قانون العصابات كلمة ليس لها وجود، وإنما ما يحدث من ذلك الشخص المُخطئ أنه يذهب بمنديل أبيض وقطعة معدنية حادة ثم يقوم بقطع إصبعه ويُقدمه لزعيم العصابة كبرهان على الاعتذار.

السبب الثاني الذي يجعل من القطع أمرًا واردًا بشدة هو الولاء، فعندما يُريد فرد الياكوزا التعبير عن ولاءه فليس عليه ارتكاب فعل نبيل أو تنفيذ مهامه بإخلاص وتفانٍ، فهذا لن يُغير من الأمور في شيء، لكن عندما يقوم بقطع جزء من إصبعه ويُقدمه لزعيم العصابة فإن هذا سيُعتبر أكبر دليل على الولاء، بل إن مكانته تكبُر في العصابة ويبدأ الجميع في النظر له على أنه شخص متفانٍ لا يُمكن تعويضه، وهذا كله بالطبع جنون، لأننا نتحدث عن عصابات وإجرام.

القطع من أجل الزواج، تقليد مجنون لقبيلة خوزان

ذكرنا من قبل أن إفريقيا بالذات تُعتبر أكثر أماكن العالم احتضانا للعادات والتقاليد المجنونة، والحقيقة أنه فيما يتعلق بعملية قطع الأصابع فإن قبيلة خوزان المتواجدة ضمن دول غرب أفريقيا تقوم بطقس غريب جدًا يتعلق بالزواج، وهو طقس الربط، وهذا الطقس لا يُنفذ بالطريقة المعهودة التي نعرفها، وهو وضع الخواتم في الأصابع، وإنما يقتضي قطع الأصابع من الأساس، وبهذه الطريقة يُصبح الزواج كاملًا بالنسبة لهم، الغريب، أنه بالرغم من ذلك الطقس المجنون إلا أن حالات الزواج ترتفع جدًا في هذه المنطقة.

تقوم عملية قطع الأصابع في خوزان بأن يتقدم الشاب إلى الفتاة، فإذا تم الموافقة عليه فإن كل طرف من الزوجين يقوم بقطع أحد أصابعه، ويظل هذا الأمر سائرًا حتى ينتهي الزواج بأي طريقة من الطرق، سواء كانت طلاق أو موت، حيث يُصبح بعدها متاحًا لأحد الزوجين الزواج مجددًا، لكن بعد أن يقوموا أولًا بقطع إصبع آخر، وهكذا فإنه إذا تزوج عشر مرات فسيقوم بقطع الأصابع العشرة، ولهذا فإن الطلاق يكون شبه معدوم في هذه القبيلة.

قطع الأصابع من أجل الحفاظ على الحياة، طريقة أشنتي

ثمة قبيلة شهيرة في غانا تُدعى أشنتي، في الواقع هذه القبيلة تتخذ من قطع الإصبع عادة غريبة يهدف بها المحافظة على الأطفال الذين يتم إنجابهم، فقد كان العرف هناك أن الطفل عندما يولد يظل مُهددًا بالموت حتى يُكمل عامين، وربما لهذا السبب لا يبدؤون في تسجيله بسجل المواليد إلا بعد ذلك السن، عمومًا، قبيلة أشنتي هذه تدعي أنها قد أوجدت طريقة يُمكن من خلالها القضاء على هذه اللعنة، وتتمثل هذه الطريقة في قطع إصبع الطفل بعدما يتجاوز يومه الثامن، وبهذا يضمنون أنه سيبقى على قيد الحياة، وفي الواقع الكثير من الناس يتخذون التدابير التي يرونها صالحة من أجل الحفاظ على حياة أطفالهم، فهناك بعض القبائل مثلًا تدعي أن طفلها لن يعيش إلا إذا حمل اسمًا سيئًا مُخيفًا، وحتى في بعض الثقافات العربية لا يعتبرون الطفل قابلًا للعيش إلا بعدما يذبحون فداء له في صورة نعجة أو أي بهيمة أخرى.

القطع من أجل الاحتجاج، طريقة المجانين

طبعًا الاحتجاج السياسي أمر لا خلاف عليه من ناحية كونه مكفول للجميع، حيث يُمكن الاحتجاج بأي كيفية يُتوقع أن الحقوق سوف تأتي من خلالها، لكن هناك بعض المجانين الذين يتخيرون طريقة مجنونة أيضًا ويحتجون من خلالها، وذلك مثل الطريقة التي حدثت في كوريا عام 2001، عندما قام المحتجين بالتجمع ثم قطع أصابعهم الصغيرة اعتراضًا على زيارة رئيس الوزراء الياباني، حيث اعتبروا ذلك إهانة لهم، والواقع أن الإهانة الحقيقية لم تكن سوى طريقتهم المجنونة تلك عند الاعتراض، فبأي صورة يا تُرى يُمكن أن توصل عملية قطع الأصابع الحقوق إلى هؤلاء؟

القطع من أجل الأكل، المتلازمة المُخيفة

أخيرًا فإنه ثمة طريقة مُخيفة من طُرق قطع الأصابع، وهذه الطريقة تتوافر عند فئة قليلة جدًا من المرضى بمتلازمة الأصابع، فهؤلاء يُصابون فجأة بعجز عن التفكير ثم يشرعون في أكل أصابعهم، لا نقول عضها فقط وإنما أكلها بصورة تامة، لكن في النهاية هذا مرض لا يُلام أصحابه عليه.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

11 + خمسة =