تسعة مجهول
قصر هيمورو
الرئيسية » اسطورة » قصر هيمورو : القصر الياباني الذي يمتلأ بالأساطير والخرافات

قصر هيمورو : القصر الياباني الذي يمتلأ بالأساطير والخرافات

قصر هيمورو يقع بالقرب من مدينة طوكيو، وكان هذا القصر مسكونًا بعائلة تعتقد بالخرافات والأساطير، لذلك كانت تتصيد فتاة في كل عام وتقوم بقتلها لتستمر في النجاة.

تُعتبر أسطورة قصر هيمورو واحدة من أقدم الأساطير اليابانية وأكثر شهرة على الاطلاق، والحقيقة أنه بالرغم من عدم معرفة زمن الأسطورة بالضبط إلا أنها ترجع على الأقل إلى مئات السنين، وذلك في عصر كان تسود به الأسر الحاكمة المتحكمة في كل شيء بالبلاد، ومن ضمنها تلك الأسرة التي كانت تعيش في قصر هيمورو وتمارس فيه أفظع الطقوس والتخاريف سنويًا، وذلك من أجل اعتقادهم بوجود عالم آخر سوف يفترسهم ما لم يُقدموا القرابين له، عمومًا، مرت السنين وأصبح القصر مسكونًا بسبب تلك الأفعال التي مُارست به، لكن دعونا قبل أن نتجاوز هذه السنين نسترجع قصة ذلك القصر من البداية، ونعرف حقيقة ما كان يحدث به من سكانه المجانين وكيف انتهى به الأمر.

عائلة هيمورو

سُمي قصر هيمورو بهذا الاسم نسبةً إلى العائلة التي كانت تعيش به، وهي عائلة هيمورو، تلك العائلة التقليدية التي لم تكن تعرف في حياتها سوى التقاليد والعادات الغريبة، والحقيقة أن اليابان، ودول شرق أسيا عمومًا، اشتهروا منذ زمن بعيد بتلك العادات التي لا وجود لأغرب منها على الأرض، لكن عائلة هيمورو فاقتهم بكل تأكيد.

امتد تاريخ عائلة هيمورو لعدة أجيال متلاحقة، وقد كانوا يشتهرون بحبهم الشديد لبعضهم البعض، حتى أنه لم يكن مسموحًا لأي فرد من العائلة مغادرة القصر سوى للعلم أو العمل، حتى الأحفاد والأطفال الصغار في العائلة كانوا يجدون كل سبل الترفيه داخل ذلك القصر كيلا يُضطروا إلى مغادرته لأي ظرف، أما فيما يتعلق بالخرافات والأساطير الغريبة فهذا هو الشيء الأهم بالتأكيد إذا ما تحدثنا عن عائلة غريبة مثل عائلة هيمورو.

خرافات عائلة هيمورو

كانت عائلة هيمورو تتجمع بأكملها في قصر هيمورو لأسباب أكبر من الحب المتبادل بينهم، فقد كانوا يعتقدون أنهم يعيشون في عالم موحش، يفصله القليل عن عالم أكثر وحشية، هذا العالم محجوز بباب صغير سوف يُفتح في يوم من الأيام إذ لم تُمارس بعض الطقوس التي تنص عليها عقيدة الشنتو، والتي كانوا يتشدقون بها إلى أبعد حد.

تنفيذ الطقوس والخرافات التي تنص عليها عقيدة الشنتو كان يستوجب تقديم قربان سنويًا، والحقيقة أنه بالرغم من عدم التعرف على الجهة التي تقدم إليها ذلك القربان إلا أنهم قد استمروا فيه عقود طويلة، وبالتأكيد لم يكن قربانًا من الحيوانات والبهائم، وإنما كان يتم اختياره من الشيء الأنقى والأسمى على هذه الأرض، وهو الإنسان، والسؤال الأهم الآن، كيف كان يتم اختيار ذلك القربان؟

كيفية اختيار القربان

اختيار القربان في قصر هيمورو كان يمر بعدة مراحل مُختلفة، ففي المرحلة الأولى كان يتم الذهاب إلى قرية الفقراء وهناك يتم البحث عن فتاة صغيرة لا تتجاوز الخمس سنوات، هذه الفتاة يتم إقناع ذويها أنها ذاهبة للعمل، ويتم منحهم مبلغ كبير جدًا من المال نظير تركها لعائلة هيمورو للأبد، والحقيقة أن تلك العائلات كانت تعلم يقينًا أنها تبيع أطفالها، لكنها لم تكن تستطيع الاعتراض بسبب سطوة العائلة، وأيضًا كِبر المقابل المادي، والذي كان يكفيهم لتربية باقي أبنائهم.

في المرحلة الثانية وعندما يتم اصطحاب الفتاة الفقيرة إلى القصر يتم معاملتها كالملكة حتى سن الخامسة عشر، حيثُ تُمنح كل الأشياء التي تمنح لأطفالهم العاديين من طعام وشراب ومسكن، عدا أنها تُعاني من أمر واحد فقط، وهي أنها لا تتمكن من رؤية أي شخص بخلاف الخادمة التي تقدم لها الطعام، والحقيقة أن ذلك التقليد ليست تعنتًا بقدر ما هو شرط أساسي تنص عليه معتقدات العائلة، وهو شرط الطاهرة الروحية للقربان.

الطهارة الروحية للقربان

من ضمن الأشياء الهامة لدى سكان قصر هيمورو أن تتوافر الطهارة الروحية للقربان الذي سوف يُقدمونه فيما بعد، لذلك يأخذون الفتاة وهي بعمر الخمس سنوات ثم يقومون بتربيتها منعزلة في غرفة بالقصر ولا يسمحون لها برؤية أي شخص بخلاف الخادمة التي تقدم لها الطعام، وبذلك يضمنون أنها لن تلتقي بأحد كي تقع في الحب وتتدنس روحها، والحقيقة أنه خلال مدة تنفيذ القربان لم تحاول عائلة هيمورو التفكير في الأمر ولو قليلًا ومحاولة الربط بين الحب والتدنيس الروحي، عمومًا، مع سن البلوغ الذي يُقدر بخمسة عشر عام تكون الفتاة صالحة للقربان، وتحديدًا الموت بالخنق.

طريقة الموت بالخنق

طريقة الموت بالخنق تحدث ببساطة من خلال اصطحاب الضحية أو القربان إلى باحة القصر، ثم بعد ذلك ربط أطرافها بعدة حِبال، يقوم بعدها عدة رجال شداد بسحب الحبال بأقوى ما لديهم، وبالطبع أن تعرفون ما يحدث خلال دقائق، فالحبال لا تترك الأطراف حتى تقتلعها من مكانها، ونعني بالأطراف الأقدام والأيدي، وهو ما يُسبب الموت ما تدفق هائل للدم، وهو الأمر المطلوب من هذه التجربة برمتها.

عندما تغرق الحبال بدم الفتاة فإن القربان في هذه الحالة يكون جاهزًا للتقديم، وهنا يُكلف شخصين من العائلة بأخذ الحبال والذهاب بها إلى جبل بالقرب من طوكيو يتوقع أن الباب الموجود أعلاه هو الذي يمنع كوارث العالم الآخر عنا، ثم يقذف الشخصين الحبال الغارقة بالدماء داخل ذلك الباب الذي لم يُكلفوا أنفسهم يومًا بالبحث عما يتواجد خلفه، عمومًا، تنتهي التجربة عند هذا الحد، لكن من وجهة نظر العائلة المجنونة يظل ذلك الطقس سائرًا في كل عام حتى موت الفرد الأخير من العائلة، وهو ما ظلوا محافظين مدة طويلة على عدم حدوثه.

نهاية الطقوس الغريبة

ظل الحال كما هو لا يتغير في قصر هيمورو، ففي كل عام في نفس الوقت يتم جرّ فتاة نقية لتلقى حتفها عند الجبل، لكن في العام الأخير لهذا التقليد تغير كل شيء بتلويث الفتاة المُقدمة للخنق، والتي ذكرنا من قبل أن الطهارة الروحية شرط رئيسي من أجل قبول القربان من العائلة، لكن هذا ما لم يحدث في هذا العام اللعين بالنسبة للعائلة.

بطريقةٍ ما رأت الفتاة التي كان يتم تجهيزها للقربان أحد الشباب في القصر وأُعجبت به ووقعت في حبه، وهو الآخر قد شعر بنفس الشعور تجاهها، بل وحاول تهريبها من القصر وإنقاذها من القتل، لكن العائلة عرفت بالأمر وسارعت بتنفيذ القربان، لكن الأوان كان قد فات بالفعل، فقد أدى ذلك الحب إلى تدنيس الفتاة وفقدانها للشرط الأهم الذي يجعلها مؤهلة للقربان، وهو الطهارة الروحية، والتي ضاعت مع دخول الحب في القلب، إذًا، سينفتح باب العالم الآخر كما تقول الأسطورة وتُصبح الأرض مكانًا للسيئ والأسوأ.

نهاية عائلة هيمورو

الجزء الأغرب على الإطلاق في قصتنا هو ذلك الذي يتعلق بنهاية عائلة هيمورو، فعندما عرف كبير العائلة أن القربان الذي قدموه هذا العام كان ملوثًا ولن يُحدث أي تأثير، وأن اللعنة والخراب سوف يحلان على العائلة وجميع أفرادها، قرر النجاة بنفسه وعائلته والهرب إلى أبعد مكان يُمكن أن يصل إليه العالم الآخر، إنه العالم المنتهي.

استل كبير العائلة سيفه وأخذ يعمل القتل في جميع أفراد العائلة، الغريب أنهم كانوا لا يبدون أي اعتراض يُذكر، وكأنهم سيهربون فعلًا من الخراب والدمار ويذهبون إلى الراحة الأبدية، وبالطبع لم يترك كبير العائلة صغير أو كبير حتى قتله، بل إنه قد أحرق جثثهم ثم صعد إلى قمة الجبل وألقى بنفسه من الأعلى مُنهيًا حياته هو الآخر وكاتبًا الفصل الأخير في قصة عائلة هيمورو، لكن ما الذي حدث لبطل القصة ومنبع الغرائب قصر هيمورو؟ هذا ما دارت حوله بقية الأحداث.

لعنة قصر هيمورو

عندما تحدث حوادث غريبة من النوعية التي ذكرناها قبل قليل فإنه لا يكون مُستبعدًا أبدًا أن يُصبح المكان الذي دارت فيه القصة مسكونًا بالأشباح والقصص الأسطورية بشكل عام، وهذا ما حدث بالضبط في حالة قصر هيمورو، فبعد مرور فترة من الزمن بدأت الأقدام تعرف طريقها إلى ذلك القصر الذي أصبح مهجورًا، لتبدأ معها الكثير من الأحداث الغريبة التي لا تُصدق، والتي يكون أغلبها مصدره الخرافات والإشاعات.

من ضمن الأشياء التي قيلت عن قصر هيمورو مثلًا أنه كان منبعًا للأشباح والأرواح، تلك الأرواح التي لم تكن في الأساس سوى أرواح أفراد العائلة الأصليين، والذين قيل إنهم قد عادوا بهيئات مختلفة من أجل استكمال مع بدأوا به قبل أن يتم ذبحهم على يد كبيرهم، حيث أصبحوا أيضًا مُكلفين بالبحث عن قربان، الأغرب أن الأشخاص الذين كانوا يدخلون ذلك القصر كانوا يختفون فعلًا ولا يتم العثور على أي أثر لهم، فهل حقًا تم خطفهم وقُدموا قرابين أم أنه لا وجود لذلك!

اختفاء قصر هيمورو

بالطبع نحن نسمع عن اختفاء أشخاص، جماعات، لكن لم يثبت من قبل أن قصر كبير قد اختفى، لكن ذلك الأمر قد حدث بالفعل مع قصر هيمورو، والذي كان موجودًا كما ذكرنا بالقرب من طوكيو، وقد تناقلته الكثير من الأساطير اليابانية وقالت بوجوده، لكن، بالرغم من كل ذلك، لم يتم العثور على القصر بعد الكثير من البحث.

البحث عن قصر هيمورو لم يحدث مرة واحد جُزافًا، وإنما في الحقيقة لم يتوقف البحث منذ أكثر من قرن، الجميع يُريد أن يعرف أين ذهب ذلك القصر الذي ملئ اليابان بالأساطير والخرافات والقصص المرعبة، وهل حقًا ثمة عائلة عاشت منذ زمن بعيد كانت تُسمى بعائلة هيمورو أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد خرافات!

وجود عائلة هيمورو

في الحقيقة، قبل أن يكون الاختلاف كبيرًا حول وجود قصر هيمورو فإنه ثمة خلاف أكبر حول وجود عائلة تُسمى عائلة هيمورو من الأساس، والواقع أن بعض اليابانيين قالوا ذلك بأنفسهم ونفوا تلك الأسطورة الهائلة، لكن بعض العقلاء منهم الذين لم يتحمسوا للأمر سلبًا أو إيجابًا قالوا إن وجود العائلة والقصر يمكن أن يكون له جذور من الحقيقة، لكنه أصل غير مُبالغ فيه كما يتناقل الناس حاليًا، عمومًا، مهما اختُلف حول وجود القصر والعائلة، فلا أحد يختلف بالتأكيد حول وجود لعبة الإطار القاتل، والتي تعتبر أشهر ألعاب اليابان.

ظهرت لعبة الإطار القاتل في عالم 2001، وهي لعبة شهيرة تقوم حول فتاة تدخل إلى قصر مهجور، يُقصد به قصر هيمورو، هذا القصر يعج بالأشباح والعفاريت والأرواح، لكنها كانت تمتلك كاميرا صغيرة قادرة على طرد الأرواح أو على الأقل إبعادها عنها حتى تنتهي من مهمتها في البحث عن أخيها الذي فُقد هو وأصدقائه داخل القصر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

تسعة عشر + 11 =