تسعة مجهول
خريطة كوشنو
الرئيسية » فضاء » خريطة كوشنو : خريطة كونية لا يعرف العلماء من رسمها

خريطة كوشنو : خريطة كونية لا يعرف العلماء من رسمها

خريطة كوشنو هي خريطة منحوتة في صخرة كبيرة في إسكتلندا، ومنذ لحظة اكتشافها يهتم لأمرها العديد من العلماء، لأنها تعتبر تحدي كبير وتمثل خريطة للكون بأكمله.

خريطة كوشنو هي خريطة مثيرة للجدل ومحيرة لعدد كبير من عقول العلماء المهتمين بهذا النوع من الآثار. وهي خريطة منحوتة على حجر صخري كبيرة في إسكتلندا. وترجع إلى الآلاف السنين. مكونة من دوائر ذات أشكال مميزة، وأشكال مثل باطن القدم الصغيرة، وأخرى تشبه الأكواب في مظهرها. ومع محاولة فهمها وفك شفراتها وصل العلماء إلى طريق مسدود. إذ إنها لا تدل على أي خريطة من هذا العالم. فاتجهوا العلماء بعقولهم لمحاولة تفسيرها على إنها خريطة كونية، مرسومة برموز تدل على فهم خريطة شاملة للفضاء الخارجي لمسافات بعيدة جدًا عن الأرض. تعرف على تفاصيل خريطة كوشنو، وكيفية قراءتها.

ما هي خريطة كوشنو الكونية؟

يوجد حجر كوشنو في غرب مدينة دمبارتون الإسكوتلندية. بالقرب من مزرعة تسمى “كوشنو”، ومن هنا جاءت التسمية. اكتشف الحجر لأول مرة عام 1887 على يد كاهن يدعى “جيمس هارفي”. ويصل طول الحجر إلى 13 متر، والعرض 7.9 متر. يحتوي الحجر على سطحه مجموعة من الأشكال اللولبية المنحوتة، حاولي التسعين رسمًا، وبعض الأشكال الأخرى المعقدة. وللوهلة الأولى قد تعتقد أن طفلًا قام برسمها كنوع من التسلية، ولكن حرفية النحت ودقة الأشكال والمسافات بينهم تؤكد أنها نُحتت لغرض مهم جدًا. كما إن عمرها يزيد عن خمسة آلاف عام، ويقدر العلماء أنها من العصر البرونزي.

تعتبر خريطة كوشنو أحد أهم الاكتشافات الأثرية الروعة وسحرًا بالعالم. وذلك لشدة الغموض المتعلق بها. وتعتبرها الحكومة الإسكتلندية صخرة مهمة وموقع آثري في غاية الأهمية، بين مجموعة الآثار المنقوشة في إسكتلندا. وبعد اكتشاف الصخرة، تم إعادة دفنها حتى لا تتلف عان 1965 على يد العالم “لودوفيتش ماكليلان مان”، على مسافة عدة أقدام تحت الأرض باستخدام الطين والتراب. وذلك منعًا للزوار من إضافة نقوشهم الخاصة عليها. إذ لم تتوفر حينها المعدات اللازمة لفهم هذه الخريطة المعقدة، فقاموا بوضع دهان أبيض لتحديد النقوش مما خرب الصخرة. والأمر الوحيد الذي توصلوا إليه آنذاك، أنها خريطة لشرح الكواكب والنجوم والمجرات الكونية.

إعادة اكتشاف خريطة كوشنو بالتقنيات الحديثة

في عام 2015 قام فريق من علماء الآثار الشغوفين من جامعة غلاسكو القريبة من موقع الخريطة، بإعادة التنقيب واكتشاف خريطة كوشنو لدراستها. واستمرت أولى المحاولات لمدة ثلاثة أيام، يقومون بالحفر بحرص شديد حتى لا يتلفوا سطح الخريطة الحجرية. ولكن تم الكشف عنها بالكامل بعد عام من بداية التنقيب في 2016. وتم استخدام تقنيات الليزر الحديثة، لأخذ صور من الحجر من عدة زوايا مختلفة. وإعادة رسم الخريطة على شاشة الحاسب بتقنية ثلاثية الأبعاد، لفهم أعمق للخريطة ومحاولة شرحها وقراءها، وفك شفراتها.

النظريات المتعددة حول خريطة كوشنو

لدى علماء الآثار مجموعة من النظريات التي قد تفسر سبب وجود هذه الخريطة بهذا الشكل على الجحر منذ العصر البرونزي. نعرض لكم أهم تلك النظريات، التي تبدو جميعها معقولة إلى حد ما.

أولًا

يعتقد بعض العلماء أن النقوش الموجودة على الصخرة، ما هي إلا نوع من التعبير البدائي للبشر. ويعتمدون في تلك النظرية على وجود العديد من نفس تلك النقوش متفرقة حول العالم، مثل إسبانيا، اليونان، المكسيك، الهند، وخاصة بمحيط إسكتلندا. إنها تعتبر لغة بدائية يحول فيه إنسان العصر البرونزي التعبير عن حاله، واستوحاها من وحي ما يراه في السماء والأرض. تمامًا كما فعل الفراعنة بطريقة أكثر تقدمًا وعلمًا. ولكنهم يتناسون في تلك النقطة دقة النحت الذي لابد أن يأخذ وقت ومجهود كبير. مما يجعل خريطة كوشنو مختلفة عن أي نقوش أخرى تعبيرية.

ثانيًا

يرى بعض العلماء أنه نوع من الرسم التجريدي على الصخر. ويشبه تمامًا الفت التجريدي الحديث. واشتهر به إنسان ذلك العصر لأنه يقلد ما يراه ليس إلا. وقد يكون ذلك ارتباط عقلية الإنسان البدائي بالإنسان الحديث. إذ يبقى الفن عامل مشترك بنفس الكيفية والطريقة في تزيين محيطه.

ثالثًا

اعتقدت مجموعة أخرى من العلماء، أن خريطة كوشنو هي خريطة بالفعل، ولأنها ليست خريطة كونية. بل هي خريطة للمنطقة المحيطة بالصخرة في العصر التي تم نحتها فيه. أو لمستوطنات تعيش بالوادي القريب لها. فمثلًا استعان النحات برمز الدائرة اللولبية، للدلالة على مجموعة من المحاصيل بالمكان الذي يصفه على الخريطة، وهكذا. تلك النظرية ينقصها أمر هام، وهو عدم اتفاق أيًا من العلماء على دلالة تلك الرموز. قد يعود الأمر لأن صاحبها لم يرغب في فك رموز خريطته لأي شخص، وهو وحده يعرف معناها. أو لأنها ببساطة خريطة لشيء أكبر وأهم.

رابعًا

هذه النظرية تعتمد على فكرة أن تلك الصخرة نُحتت لأغراض دينية آنذاك. وكل رمز يعبر عن فكرة دينية أو طقس ديني معين يقومون به. وهذه النقوش كانت بهدف صنع شقوق في الصخرة لتمرير السوائل من خلالها، كنوع من الاحتفالات. ولكن تنقص النظرية الكثير من التفسيرات التي يجب أن تتوفر في مثل تلك الأماكن، لنقول عنها لأغراض دينية.

خامسًا

يميل بعض المفكرين إلى الاعتقاد بأنها ترمز إلى بوابة الحياة والموت. وأنها مدخل لتجديد الشباب والخلود. وهذا النوع من الاعتقادات كان موجود عند كل الحضارات القديمة.

سادسًا

في محاولة لدمج كل تلك النظريات قال بعضهم أنها استخدمت لكل تلك الأغراض في عصور مختلفة من التاريخ. كما كانت تمثل حدود بين القبائل والمستوطنات في أوقات من التاريخ. وفي كل مرحلة كان يُضاف لها بعض الرموز لأداء الغرض المطلوب. خاصة وإن المنطقة كانت في الأصل منطقة تصلح للزراعة والاستيطان.

سابعًا

أخر نظرية توصل لها العلماء والتي يفترض الكثيرين بصحتها رغم صعوبة تصديقها. أن خريطة كوشنو هي خريطة كونية. رسمها الآباء بطرق لا نعرفها نحن اليوم. خاصة وأن جميع الحضارات القديمة تبهرنا بمدى معرفتها الدقيقة عن الفلك. أو قد تكون خريطة وضعتها لنا المخلوقات الفضائية التي زارت الأرض قبل الآلاف من السنين. لتحاول أن تعلمنا قراءة الكون والسفر بين الكواكب والنجوم. والدوائر اللولبية، هي عبارة عن رمز للمجاراة. وإذا طبق الإنسان هذه الرسمة على جهاز حاسوب ثلاثي الأبعاد، سيتمكن بسهولة من فهم خريطة الفضاء الخارجي الذي يبعد عنا مليارات السنين الضوئية.

أحد أهم الباحثين الشغوفين بدراسة خريطة كوشنو، هو الدكتور وعالم الآثار “كيني بروفي” من جامعة غلاسكو. إذ يقول إنه يجد في خريطة كوشنو فرصة فريدة من نوعها لتعلم أسرار الكون. ورغم دراسته للخريطة لعدة سنوات، كان منبهرًا جدًا بعد أن نقب عنها ورآها في الحقيقة. وهو حزين لأن عليه إعادة دفنها، لأن هذا هو الشرط التي تمت عليه الاتفاقية بينه وبين المسؤولين ليتمكن من كشف الغطاء عن الصخرة ودراستها.

ختام

خريطة كوشنو الصخرية واحدة من أجمل المعالم الأثرية في العالم، التي تثير الفضول لدى العلماء طيلة الوقت. ومازال الجميع يبحث عن الإجابة عن أسرار هذه الصخرة، وما يود صاحبها قوله لنا بعد أكثر من خمسة ألاف عام.

الكاتب: أيمن سليمان

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

10 − 7 =