تسعة مجهول
القط أوسكار
الرئيسية » غرائب » القط أوسكار : القط الذي تنبأ بموت أكثر من خمسين شخص

القط أوسكار : القط الذي تنبأ بموت أكثر من خمسين شخص

القط أوسكار قط أمريكي وُلد عام 2005 وترعرع في أحد المستشفيات التي ترعى كبار السن، ولكنه لم يكن قطًا عاديًا، إذ ثبت أنه يمتلك القدرة على التنبؤ بموت الآخرين.

ظهر القط أوسكار في عام 2005 ليؤكد بالدليل القاطع على قدرة الكون الكبيرة في إدهاشنا يوم بعض آخر، فكل عشاق الحيوانات، وخاصةً القطط، يُدركون أنهم يمتلكون بعض الصفات والقدرات التي ربما لا تتوافر في البشر، لكنهم بالتأكيد لم يتوقعوا أبدًا أن يكون ثمة قط قادر على التنبؤ بالموت قبل حدوثه بساعتين على الأقل، ليس هذا وحسب، بل إنه أيضًا كان لا يتودد إلا إلى الذين يقتربون بطريقة أو بأخرى من الموت، والحقيقة أن أوسكار لم يتنبأ بوقوع حالة الوفاة مرة أو مرتين، بل إنه فعل ذلك الأمر أكثر من خمسين مرة، مما جعله بلا شك أحد أهم الظواهر التي أصابت العالم وأدهشته، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على القط أوسكار وقصته المدهشة كاملة.

من هو أوسكار؟

لأننا مُلزمون بالتعريف بأبطال قصتنا فنحن بالتأكيد لن نتوانى عن التعريف بذلك القط أوسكار، والذي للمفارقة يُعتبر البطل الأول والأوحد للقصة التي نحن بصدد التحدث عنها الآن، والحقيقة أنه لأمر غريب جدًا أن تتحدث عن بطل قصة ولا تكون مجبرًا على التمهيد لهذه القصة بذكر حالته الاجتماعية ومرحلة الطفولة التي تسببت في كل ما آل إليه، فهو في النهاية مجرد قط، لكن ما فعله من غرائب جعل له مرتبة خاصة بين القطط.

وُلد القط أوسكار في عام 2005، وذلك في ولاية صغيرة بالولايات المتحدة الأمريكية تُسمى رود آيلاند، وبالطبع لو قلنا سخريةً أن ذلك القط كان يملك الجنسية الأمريكية فسوف تكون السخرية مقبولة، وذلك لأن أوسكار كان أمريكي فعلًا ومولود على أرض أحد الولايات بالدولة، بل لن نبالغ إذ نقول إنه سوف يصبح مصدرًا لشهرة الولاية فيما بعد.

أوسكار ودار المُسنين

ما إن وُلد القط أوسكار حتى وجد أكثر من يد مفتوحة لاستقباله، فهو لم يكن أبدًا قط شارع عادي، وإنما كان من النوع المرفه، لكن في النهاية ظفرت به مؤسسة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية تُعرف باسم مؤسسة ستير للمُسنين، حيث بدأت قصتنا الغريبة بين جنباتها ومع المُسنين والأطباء الموجودين بها.

كان من عادة هذه المستشفيات أن تخلق جوًا مُثيرًا وهادئًا بنفس الوقت في المستشفى، لذلك كانوا يستجلبون بعض الحيوانات من أجل التهوين عن المُسنين ومرافقتهم، والحقيقة أن أغلب الحيوانات المُستخدمة في ذلك الغرض كانت من القطط أو السناجب، كذلك كان هناك تواجد كبير للطيور بكافة أنواعها، وخاصةً العصافير، كانت عادة في المستشفى، وكان يتم استجلاب حيوان أو اثنين في كل شهر، وفي الشهر الأخير من عام 2005، وعندما كان أوسكار لا يتجاوز الستة أشهر، دخل القط الغريب مستشفى مؤسسة دار ستير للمُسنين كأحد الحيوانات المُستخدمة في الترفيه.

نشأة القط أوسكار

نشأ القط أوسكار في دار المسنين، والحقيقة أنه كونه قط هادئ جعله مناسبًا أكثر للمكوث في الدور الثالث، وهو الدور الذي كان يُخصص للمرضى المصابين بالخرف، ولمن لا يعرف، المصابون بالخرف هم الذين يتوقع موتهم بأسرع وقط ممكن، فهدوء أوسكار كان يُناسب كثيرًا هدوء الموت، لكن، منذ اليوم الأول، لاحظ الجميع أن أوسكار ليس قطًا عاديًا، ونحن نعني هنا بالجميع كل من كانوا يعملون بالمستشفى وكذلك المرضى، حيث كان هناك مجموعة من الحيوانات وكان هناك أوسكار في منطقة منعزلة عنهم ولا تُقارن بهم، وبالطبع كان هناك تسليط وتركيز أكثر على بعض الأمور الغريبة التي كان يرتكبها القط ولا تجعله متشابهًا مع بني جنسه، والذين كان ثمة ستة منهم في الدور الثالث أيضًا.

غرائب القط أوسكار

كان القط أوسكار قطًا غريبًا، هذا ما كان يُقال عنه دائمًا من جميع الذين تعاموا معه، لكن الغرابة لم تكن بالصورة التي نتخيلها عن قط عادي، بل كانت غرابة غريبة بحق، وما يؤكد ذلك بالتأكيد بعض النقاط التي أُخذت على القط الغريب واتفق الجميع على أنها تتواجد به، والتي من أهمها على الاطلاق ابتعاده الغير مبرر عن البشر.

الابتعاد عن البشر

من المعروف عن القطط أنها حيوانات ودودة، لذلك تتقرب دائمًا إلى البشر ويتقرب البشر منها، حتى أننا عندما نعرف أن ثمة شخص يُربي حيوان في بيته فإن أول حيوان يتبادر إلى أذهاننا جميعًا هو حيوان القط، وذلك لم يمتلكه من ود وقدرة على الاندماج، لكن، في حالة القط أوسكار كان الأمر مختلف تمامًا، فقد كان يبتعد بصورة مبالغ فيها عن البشر، ولم يكن يتقرّب حتى من الممرضات أو الأطباء، والذين بالتأكيد كانوا يعكفون على رعايته طوال فترة مكوثه في المستشفى، كان ينسى كل ذلك ويتذكر أنهم بشر فيبتعد عنهم ابتعادًا فجًا غريبًا.

الاختفاء المفاجئ

بخلاف الابتعاد عن البشر كان القط أوسكار يمتلك عادة سيئة أخرى، وهي الابتعاد عن الأنظار، ففجأة تكون جالسًا أمام القط وتنشغل عنه لدقيقة فتعود ولا تراه مكانه، بل تبحث عنه في أكثر من مكان ولا تجد له أي أثر، وكأنه قد تبخر مثلًا، أو أن الأرض قد انشقت وبلعته، الأغرب من ذلك أنه، وبنفس الفجائية التي اختفى بها، يظهر من جديد وكأن شيئًا لم يكن، وبالتأكيد أنت لن تُحضر قطًا وتعنفه وتسأله أين كنت وماذا كنت تفعل، بل كان الجميع يكتفي بالتملق وإضافة ذلك الاختفاء المفاجئ إلى ألغاز أوسكار الكثيرة.

ملازمة المُحتضرين

إنه الأمر الأغرب على الإطلاق، والذي جعل الجميع يتوقفون حول ماهية القط أوسكار وحقيقته، وهل هو قط طبيعي مثل باقي القطط أم أنه كائن آخر لا ينتمي لعالمهم، فالموضوع باختصار يبدأ من أحد أيام فبراير عام 2006، حيث شوهد القط أوسكار لأول مرة يتودد إلى مريض، أو أحد البشر عمومًا، وقد كان مريضًا في لحظاته الأخيرة، لكن أحدًا ما لم يدرك ذلك إلا بعد أن غادره أوسكار بساعتين، ولم يكن غريبًا وقتها أن الرجل قد مات، الأمر الغريب فعلًا أن أوسكار قد تودد للمرة الأولى إلى أحد من البشر على غير عادته، وبالطبع إذا حكمتم العقل فستجدون أنفسكم تفكرون في أمور غير منطقية بالمرة، بل إنها لا تدل إلى على الجهل والخرافات، لذلك تم تمرير الحادث وكأنه لم يكن.

بعد أيام قليلة ابتعد فيها أوسكار عن البشر شاهده البعض وهو يتوجه إلى غرفة أحد المرضى، وخمنوا ماذا حدث، لقد صعد إلى فراشه وتودد إليه وساعده ثم بعد أقل من ساعتين كانت جثة الرجل الكهل موجودة في مكانها، إذًا، حدث أمر جدير بالمراقبة أكثر من مرة، أمر غير طبيعي على وجه التحديد.

مراقبة القط أوسكار

كان تكرار الأمر لمرتين مدعاةً للشك والقلق، فبالرغم من كون الفريق الطبي على درجة كبيرة من العلم إلا أنهم بدأوا يحدثون عن أنفسهم في طريقة معرفة أوسكار بوقت موت المرضى، بل وبدأوا يضعون عدة افتراضات ونظريات لا تتماشى أبدًا مع القدر الكبير من العلم الذي كانوا يتمتعون به، ولذلك قرروا مراقبة أوسكار، ومع كل مرة كان يذهب فيها القط إلى سرير مريض ويموت بعدها كان الجميع يُصاب بخليط من الصدمة والخوف.

لم يتغير أوسكار كثيرًا مع مرور سنتين في المستشفى، ففي كل مرة عليك أن تنتظر قدومه وتنتظر اختفاءه كذلك، فهو يظهر وقتما شاء وكيفما شاء، لكنه عندما يظهر كان يُصاحب الموت معه، فقد كان المريض الذي يتودد إليه أوسكار يموت بعد أقل من ساعتين، عدا المريض فلم يكن أوسكار يختلط بأي كائن آخر في المستشفى، حتى القطط، بنو جنسه، فلم يكن يشعر بهم، وكأنه مخلوق فريد عنهم، عمومًا، مع كثرة الشك وتصاعده كان لابد من التجربة.

اختبار قدرات أوسكار

لم يمتلك أحد القدرة على اختبار قدرات أوسكار، لكنه فعل ذلك بنفسه وبرهن للجميع على ما يملكه من مميزات، ففي أحد الأيام كان ثمة مريض يصارع الموت بكل ما تعنيه الكلمة من معان، وكان انتظار الموت مسألة وقت لن يدوم لأكثر من ساعة أو اثنين، لذلك أراد الأطباء استغلال هذه الحالة وتجريب قدرات أوسكار، فأدخلوه الغرفة عنوة لينظروا هل سيجلس بجوار المريض ويُمسد عليه بزيله فيموت بعد ساعتين كما يحدث دائمًا أم أن الأمر سيختلف؟

أُدخل أوسكار غرفة المريض الذي يُصارع الموت، وما هي إلا دقائق قليلة حتى قاتل وخرج منها مهرولًا دون حتى أن ينظر للمريض المُلقى أمامه أو يشعر بوجوده، إذًا، وببساطة شديدة، عندما يموت الرجل بعد دقائق كما يتوقع الأطباء فلن يُقال على ما كان يفعله أوسكار من قبل سوى أنه ضربة حظ، وذلك لأنه لم يفعل مع الرجل الذي سيموت خلال دقائق ما كان يفعله مع من سبقوه، لكن، مرت أكثر من اثني عشر ساعة ولم يحدث شيء!

أوسكار ينتصر

كاد الجنون أن يُطير ما تبقى من عقلٍ لدى الأطباء، فالرجل الذي كان يُصارع الموت ظل على حاله لأكثر من نصف يوم ولم يمت، إذًا، لم يكن أوسكار مُخطئًا، ولم يكن مُقدرًا للرجل أن يموت خلال ساعتين كي يجلس بجواره القط كما كان يفعل في كل مرة، لكن، وللغرابة الشديدة، اقتحم أوسكار الغرفة بعد حوالي أربعة عشر ساعة وصعد إلى سرير المريض وجلس بجواره ثم داعبه بزيله وانصرف، وخمنوا ما حدث بعدها، أجل، لقد مات المريض خلال ساعتين!

لم يكن هناك مجال بعد ذلك اليوم للتشكيك في قدرات القط المعجزة أوسكار، حتى أن أهالي المرضى باتوا يعتبرون أن جلوس أوسكار بجوار ذويهم قبل موتهم بساعات لطف منه، لأنه يسمح لهم بالمكوث معهم في لحظات الأخيرة، عمومًا، تنبأ أوسكار بهذه الطريقة بأكثر من مئة حالة وفاة، قبل أن يموت القط الغريب في عام 2010.

تفسيرات ونظريات

بعد موت القط أوسكار كان من الطبيعي جدًا أن يبحث العلماء والخبراء حول ما كان يحدث داخل هذه المستشفى وما كان يجعل أوسكار قادرًا على فعل ذلك، التفسير الأول كان يميل إلى المنطقية إلى حدٍ كبير، فقد قال أصحابه أن ما حدث كان عاديًا جدًا، فالإنسان قبل موته بساعات يُفرز جسده ادرنالين من نوعية معينة لا يقدر البشر على شمه، وإنما يمتلك الحيوانات القدرة على ذلك، لكن هذا الأمر تم استبعاده بكون أوسكار لم يكن القط الوحيد في المستشفى، لكنه الوحيد الذي كان يقوم بهذه الفعلة، أما التفسير الثاني فهو الذي يقول بوجود مَلكة خاصة ونادرة لدى أوسكار تجعله قادرًا على الشعور بالموت قبل وقوعه، عمومًا، مهما كان السبب، فإن ما كان يحدث مع أوسكار سيظل أحد الألغاز الكبيرة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

عشرين − 4 =