تسعة مجهول
البراكين
الرئيسية » ظواهر » البراكين : تعرف على أسوأ كوارث رعب البراكين

البراكين : تعرف على أسوأ كوارث رعب البراكين

البراكين واحدة من أسوأ الكوارث رعبًا وخلعًا للقلوب، هذه الحمم الضخمة أثارت في نفوسنا الخوف والرعب منذ كنا صغارًا، نتعرف هنا على أكثر البراكين رعبًا.

البراكين واحدة من أسوء الكوارث الطبيعية وأكثرها رعبًا. الكوارث محدقةٌ بالبشرية منذ حداثتها لم تتوقف يومًا لحكمةٍ عليا لن نكون يومًا بعقولنا البشرية المحدودة قادرين على الإحاطة بها، بعضها جلبها الإنسان على نفسه وبعضها كان بلا حولٍ له ولا قوة، بل ربما كان بعضها تذكيرًا له بما قد ينساه أحيانًا في غمار تقدمه وتفوقه التكنولوجي والعلمي وبين أبراجه العالية وحصونه القوية أن هناك دومًا قوةً إلهية قادرةٌ على تحويل أبراجه وحصونه وعلمه وتكنولوجيته لترابٍ وعدم، البراكين كانت واحدةً من تلك الكوارث أو من تلك المصائب أو من تلك المعجزات التي تقدمها الطبيعة لكنها ليست بالمعجزة السارة أبدًا، غيرت معالم الأرض وحياة أشخاصٍ ومستقبل دول، محتهم من على الخريطة في بعض الأحيان لكنك ستعجب حين تعلم أنها أعادت تشكيل الخريطة ثانيةً لتعيد البعض منهم للوجود، صحيحٌ أن دورها ما بين الهدّام والبنّاء لا يكون ذا قيمةٍ أو معنى في لحظة الكارثة بين الدمار والفقدان والموت إلا أنها واحدةٌ من مسلمات عالمنا وجزءٌ من واقعه لا بد أن نقبله، فهاك قصصًا لبعض البراكين التي لم تتمكن البشرية يومًا من نسيانها مهما مضى عليها الزمن.

أشهر حالات رعب البراكين حول العالم

بركان فيزوف

من أشهر وأقدم البراكين على أرضنا له قصصٌ تاريخية ودورٌ في دفن حضاراتٍ تحت حممه ورماده وإخفائها في غياهب النسيان لسنين وربما لقرونٍ كذلك، يُقال أنه البركان الثائر الوحيد في قارة أوروبا يقع في إيطاليا شرق مدينة نابولي، كانت أولى ثوراته في العام 79 قبل الميلاد وهي من أكبر وأطول ثورات البراكين التي استمرت 16 عامًا متتالية ونتج عنها الزلازل والاهتزازات والتشققات الأرضية وتغيراتٌ في شكل الأرض سواءً فوق سطحها أو تحته، وكان انفجار الغازات التي كانت مضغوطةً بداخله رهيبًا غطى مدينتي بومبي وهيركولنيوم تمامًا بأهلها وهم أحياء رغم محاولتهم الهرب والنجاة بأرواحهم إلا أن الموت كان أسرع منهم فقضى عليهم، دفن ذلك البركان الثائر جزءًا من الحضارة الرومانية مع أهلها لسنين طويلة تحت رماده حتى تمكن الناس في القرن الثامن عشر من أحياء الماضي وإيجاد المفقود تحت الركام والرماد واستعادة جزءٌ مفقودٌ من التاريخ ليحكي عن نفسه ثانيةً، كانت تلك ثورته الأولى لكنها لم تكن الأخيرة ففي عام 1631 ثارت الثائرة ثانيةً ليقتل عشرات الآلاف بحممه البركانية الحارقة ويتسبب في كارثةٍ جديدة، بركان فيزوف لم يهدأ حتى اليوم صحيحٌ أن كل ما ينبعث منه هي الغازات الحارقة فحسب إلا أن الإيطاليين تعلموا درسهم وصاروا متحفزين للبركان يراقبونه عن كثب ويتحينون أدنى التغيرات منه ليصبحوا مستعدين للقادم وحتى لا يفاجئهم.

بركان مونت بيليه

وإلى الطرف الشمالي لجزر المارتينك في البحر الكاريبي حيث يقع بركان مونت بيليه الثائر المشتعل، كان أول نشاطٍ مسجلٍ له في عام 1630 ويبدو أن هذا البركان الغاضب لا يتوقف عن نفث الحمم والغازات الحارة من فوهته التي تكونت عبر السنين بسبب حممه الساخنة، يثور البركان ويرغي ويزبد فيلفظ ما بداخله لتسيل الحمم من جوانبه فتحفرها وتكونها وتشكل قمته التي ما لبثت أن بردت ليعيد تشكيلها مرةً أخرى، ثار ثلاثة مراتٍ كبرى بعد عام 1630 كان آخرها في عام 1902 ليتسبب في عشرات الآلاف من الضحايا هو أيضًا قيل أن عددهم وصل ثلاثين ألف ضحية مدمرًا مدنهم وبيوتهم وخاطفًا أرواحهم، بعدها كان له عدة نشاطاتٍ هدأ بعدها لكن لا يمكن التوقع بما يحمله لنا من مفاجآت.

بركان كراكاتوا

إن كنت تعتقد أن قنبلتي هيروشيما وناغازاكي هما الكارثة الأكبر والأقوى في تاريخ البشرية فعليك أن تعيد التفكير حين تسمع عن بركان كراكاتوا، الذي سبب انفجارًا هائلًا قوته تعادل قوة انفجار ثلاثة آلاف قوة انفجار قنبلة هيروشيما! جزيرة كراكاتوا كانت بين جزيرتي جاوا وسوماترا في إندونيسيا حيث اشتهرت تلك المناطق بانتشار البراكين لكنها كانت يومًا ما هامدة، بدأ الأمر بانفجاراتٍ هائلةٍ تحت الأرض تنفث رمادًا وسحبًا سوداء من الفوهات البركانية المنتشرة، بعد تلك الانفجارات جاءت انفجاراتٌ أكثر عنفًا منها ولكن هذه المرة كان ارتجاف الأرض عنيفًا شعر به سكان الجزر المحيطة جميعًا وانفجرت فوهة البركان الرئيسي ومع انفجارها انفجرت فوهات جميع البراكين المحيطة به وبدأت العاصفة البركانية، ظن الجميع أن تلك النهاية لكن الحقيقة أنها كانت بداية النهاية ففي أحد الأيام وصل الانفجار لذروته واختفت بسببه الجزيرة!

آثار وخسائر بركان كراكاتوا

حدثت خسائر هائلة في الأرواح والأموال لا أحد ينكر ذلك لكن الكارثة الأكبر كانت اختفاء جزيرة كراكاتوا من على سطح البحر تمامًا، كان الانفجار مدويًا لدرجة أن كل أنحاء آسيا سمعوا دويه واضحًا كما سجلت أجهزة قياس الضغط حول العالم قراءة موجات الضغط التي أنتجها الانفجار، بل إن تلك الموجات دارت حول الأرض عدة دوراتٍ حتى تهدأ لتصنف أعلى ضوضاء عرفها الإنسان منذ بداية الأرض، وكان الغبار واحدًا من تلك النتائج الذي تصاعد في الجو حاجبًا أشعة الشمس عن الأرض ليدخل العالم كله في موجة برودة حتى تلاشى الغبار ، وبعد وقتٍ ظهرت جزيرةٌ جديدة بسبب الرماد البركاني الذي تسببت فيه تلك الكارثة على سطحها بركانٌ جديدٌ ثائر تمت تسميته بابن بركان كراكاتوا زكان رماده البركاني صاحب الفضل في بناء جزيرة كراكاتوا وإعادتها لحجمها الأول

بركان إتنا

وإلى صقلية بإيطاليا حيث يكمن واحدٌ من أكبر وأكثر براكين العالم ثورانًا، إلى بركان إتنا الذي سجل منذ عام 475 قبل الميلاد ما يقارب 400 ثورةٍ بركانية، يوجد بركان إتنا على الساحل الشرقي لجزيرة صقلية وكان العرب قديمًا يسمونه جبل النار وهو اسمٌ استحقه عن جدارة بسبب كل تلك الثورات المتفجرة في داخله والتي تسيل من فوهاته، بالطبع فوهات فهذا البركان الضخم لم يكن ينثر الحمم الحارقة من فوهةٍ واحدةٍ يتيمةٍ في قمته وإنما تناثرت الفوهات على جوانب ارتفاعه الشاهق تشارك الفوهة الرئيسية في عملها كانت له في تاريخه عدة ثوراتٍ عنيفة ومدمرة إحداها كانت عام 1669 عندما تسبب البركان في إزهاق روح ما يقارب العشرين ألف شخص في إحدى ثوراته، اليوم لم يعد هذا البركان عنيفًا بتلك الدرجة ولم يعد يزهق الأرواح ويحرق الممتلكات والأموال لكنه ما زال في حالةٍ نشطةٍ تدفع الناس لمراقبته والتربص بأي تغيراتٍ فيه، كما تخرج الأبخرة والغازات الساخنة من فوهاته الجانبية المختلفة لكن الواقع أن الناس باتوا يتعايشون بسلامٍ مع هذا البركان الغاضب من تاريخ ما قبل الميلاد ويبنون البيوت ويفلحون الأراضي ويزرعون المزروعات المختلفة عند سفحه استفادةً من تربته الخصبة.

بركان سانت هيلين

كان هذا البركان واحدًا من أقوى وأغرب وأفظع البراكين التي مرت على تاريخ البشرية، فهو لم يكن مجرد بركانٍ راح ضحيته ضحايا أبرياء فحسب وإنما راحت الأرواح والأراضي وشكل سطح الأرض وتكوينها والنظريات الجيولوجية ضحيتها، كانت نظرية التطور الجيولوجي في ذلك الوقت تجاهد لنبذ دور الكوارث والظواهر الطبيعية في إحداث التغيير في شكل الأرض وطبقاتها وجيولوجيتها، كان ذلك إلى أن جاء بركان سانت هيلين الجبار ليغير الأرض تغييرًا تامًا خلال عدة ساعاتٍ فحسب وهو ما كان بحسب العلماء تغييرٌ متدرج يحتاج لعقود! هذا هو بركان سانت هيلين يا سادة أحد أكبر وأشهر البراكين الواقعة في ولاية واشنطن وجاء اسمه تيمنًا بالسير الإنجليزي سانت هيلين، كان أجمل معالم واشنطن الطبيعية وأكثرها بهاءً وجاذبية بقمته المكللة بالجليد الأبيض اللامع تحت أشعة الشمس والأودية والغابات الكثيفة المحيطة به مع بحيرته الشمالية النقية الصافية، واستمر ذلك حتى عام 1980 تحديدًا شهر مايو عندما اندفعت الهزات الأرضية من تحت ذلك البركان الرهيب مسببةً تراكم الضغط بداخله لينفجر انفجارًا هائلًا تسبب في شطر الجبل لنصفين وتدمير الغابات المحيطة به خلال دقائق! كانت تلك الكارثة سببًا في حدوث أقوى وأعنف سلسلة انهيار صخري شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال تاريخها كلها، قيل أن انفجار ذلك البركان كان يعادل عشرين قنبلة نووية مثل تلك التي سقطت على هيروشيما في قوته وتسبب خلال الساعات الأولى في تدمير ربع قمة البركان واختفائها وطمر النهر الشمالي تمامًا ليتحول المشهد الجميل الجذاب قبل مرور عشر ساعاتٍ من بداية الكارثة إلى أرضٍ قفرٍ مرعبة بلا حياة، ذاب كل الجليد الجميل الذي كان محيطًا بالقمة ليمتزج مع الرماد والحمم البركانية ويسيل أسودًا كئيبًا على جوانبه في كتلٍ من الطين شقت طريقها إلى المحيط الأطلنطي، أما غيمة الدخان والضباب التي أطلقها ثوران البركان قيل أنها كانت من الكبر أن غطت ما يقارب 11 ولاية أمريكية.

بركان بيناتوبو

وإلى الفلبين حيث بركان بيناتوبو الذي تم تصنيفه كثاني أكبر وأسوأ بركان في القرن العشرين، كان ذلك الجبل قبل ثورانه الضخم العنيف عام 1991 ملجأً ومسكنًا لجماعةٍ من السكان الأصليين كانوا هاجروا من أراضيهم وفروا بأرواحهم من الاضطهاد الأسباني الذي أجهدهم وأذاقهم الويلات، سكنوا سفح البركان والمناطق المحيطة به وبنوا بيوتهم ومنازلهم وزرعوا الأراضي ورعوا الأغنام والماشية في سلام، رغم أن التوقعات والأرصاد تنبأت بحدوث الانفجار البركاني ما أدى إلى إجلاء الآلاف من الناس وإنقاذهم من خطر الموت إلا أنه لا يمكن الجزم بأن الضحايا لم تقع والأرواح لم تُزهق فقد وصل عددهم للمئات وقاربوا الألف ضحية، ناهيك عن الخسائر المادية في البيوت والأراضي الزراعية، لكن بركانًا ضخمًا كهذا لم يكن أثره محليًا وخسائره محدودةً في هذه الخسائر فحسب وإنما كانت آثاره ونتائجه عالمية، فأدت الغازات الهائلة المندفعة من فوهة البركان إلى طبقةٍ كثيفةٍ من الضباب العالمي وضعت بصمتها وتأثيرها على الأوزون وتسببت في هبوط درجة الحرارة العالمية في كل أنحاء العالم.

بركان إيافيالايوكل

كان هذا البركان في آيسلندا واحدًا من أحدث البراكين التي مرت على تاريخ البشرية فاندلاعه الكارثي كان في عام 2010، بدأت قصة ذلك البركان بزلازل وهزات أرضية في نهاية عام 2009 والتي تسببت في أول ثورة بركانية له بشهر مارس من عام 2010، تلتها بعد ذلك ثورةٌ أكبر وأخطر في الشهر التالي وحين التقت الحمم البركانية بالجليد تسببت في كارثةٍ جوية عطلت حركة النقل الجوي في شمال وغرب أوروبا مؤثرةً على ملايين المصالح والمسافرين معًا تاركةً ما لا يقل عن عشرين دولة أوروبية تجثم في الضباب والغيوم البركانية، كانت تلك العطلة الجوية الأولى من نوعها التي شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، فليست الحروب وحدها هي القادرة على إيقاف العالم فجأةً عن الحركة.

البراكين قصةٌ لا تنتهي وكارثةٌ من كوارث الطبيعة التي لن نملك يومًا أن نوقفها أو ندحضها فمهما بلغ الإنسان من قوةٍ وعتي سيبقى دومًا ما هو أكبر منه وأقوى، ما سيجعله بدلًا من أن يقف في وجه ظاهرةٍ ضخمةٍ كهذه ويقاومها ينسحب فحسب من طريقها محاولًا النجاة بأقل الخسائر.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

4 × 3 =