تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » كريستوفر كولومبوس : تعرف على معلومات مهمة عن المكتشف الأشهر

كريستوفر كولومبوس : تعرف على معلومات مهمة عن المكتشف الأشهر

كريستوفر كولومبوس

يعد كريستوفر كولومبوس واحدًا من أشهر المستكشفين عبر التاريخ، بل إن البعض يعده المستكشف الأشهر، نقدم مجموعة من المعلومات المبسطة عن هذا الرحالة الشهير.

الرحالة كريستوفر كولومبوس هو من أشهر الشخصيات في التاريخ، وبالرغم من أنه حتى مماته لم يكن معروفًا بهذا القدر، وبالرغم من أنه مات دون أن يعلم أنه اكتشف أراضي جديدة تمامًا، إلا أن إرثه ومجده عادا إليه فيما بعد، وأصبح العالم يحتفل بيوم خاص به في العديد من دول العالم، ولكن شخصية كولومبوس مليئة بالتناقضات وهناك مصادر تاريخية تخبرنا بأشياء مختلفة تمامًا عما عرفناها في السابق، لذا فإننا قمنا في هذا الموضوع بتجميع كل المعلومات الموثوقة تاريخيًا وأفردناها لك بأسلوب بسيط ومنظم حتى تقدر على معرفة كل ما يخص حياته، وبعد قراءتك للموضوع قد تتعجب من شخصيته وتحتار في الحكم عليه، ففي نفس الوقت الذي كان فيه بحارة ماهر واستطاع شق طريقه وسط مخاطر المحيط الأطلنطي فقد تسبب في مقتل الملايين في العالم الجديد عبر الإبادة والاستعباد وعندما عاد إلى موطنه تسبب في مقتل ملايين أيضًا بسبب الأوبئة التي حملها طاقمه، لكن لا يوجد أي شيء بلا ثمن، واكتشافاته المدهشة أدت إلى تغيير شامل في اقتصادات الدول العظمى كما سنوضح لك بالتفصيل في الفقرات التالية.

قصة حياة الرحالة الأشهر كريستوفر كولومبوس

طفولة ونشأة كولومبوس

ولد كريستوفر كولومبوس في سنة 1450 في جنوا التي كان يطلق عليها جمهورية جنوا وقتذاك في إيطاليا، ومع ذلك فإن هناك خلاف تاريخي حول محل ميلاده، وقد توفى في العشرين من مايو 1506، كان والده يعمل في تجارة الصوف ويملك ورشة خاصة به، وكانت أمه تدعى سوزانا فونتاناروسا، وهي ابنة تاجر صوف صديق لوالده، كان لديه ثلاثة إخوة هم بارتولوميو وجيوفاني باليجرينو وجياكومو، وأخت واحدة هي بيانشينيتا، وكان كريستوفر كولومبوس هو أكبرهم. ومن حسن حظه فإن عائلته كانت ضمن الطبقة المتوسطة، لأنه في ذلك الوقت كان الشعب منقسم إلى طبقة تضم النبلاء والأغنياء فقط وطبقة أخرى هي طبقة الفلاحين التي تضم غالبية الشعب، أما الطبقة المتوسطة فكانت تضم عدد قليل من الأسر التي تملك محال تجارية كبيرة، وعندما أتم كولومبوس التاسعة عشر من عمره وذلك في سنة 1470، بدأ رحلته الطويلة الأولى على متن سفينة كان يعمل فيها باتجاه جزيرة تشايوس في بحر إيجه، وأتم رحلة مماثلة لها بعدها بخمس سنين.

تعلم الملاحة البحرية

من هذه الرحلات الطويلة نسبيًا بدأ يتعلم الملاحة البحرية حتى أصبح من أبرز المستكشفين الغربيين وربما أهمهم على الإطلاق، مع العلم بأنه عندما كان في الرابعة عشر ترك المدرسة وترك ورشة والده ليعمل في السفن، وقد تحدث كثيرًا عن رغبته في نشر المسيحية في الحضارات الأخرى التي لم تعرفها، وأخذ على عاتقه مهمة التبشير طوال حياته، وإذا نظرنا إلى البنيان الجسدي له فإنه فارع الطول بالمقارنة مع المتوسط العام في ذلك الوقت، وكان وجهه شاحبًا إلى حد كبير ومن السهل أن تؤثر عليه الشمس، وعيناه كانت زرقاء وشعره أشقر وأحمر، وقد تحول إلى اللون الأبيض تمامًا عندما وصل إلى الثلاثينيات من عمره، وفي شبابه افتتح كريستوفر كولومبوس محل صغير لصنع الخرائط وبيع الكتب خاصةً المتعلقة بالرحلات والملاحة البحرية، وهذا عبر المشاركة مع أخيه بارتولوميو أثناء إقامتهما في البرتغال.

الأفكار الجغرافية السائدة

قبل أن نتحدث عن الرحلات الاسكتشافية له فإنه لابد أن نفهم ما كان يدركه العالم في ذلك الوقت عن تكوين الأرض، فكانت الفكرة السائدة هي أن الأرض عبارة عن قارة واحدة ضخمة تضم أوروبا وآسيا وأفريقيا، وهم القارات المذكورة في الإنجيل، ويحيط بهم مسطح مائي هائل سمي ببحر المحيط، ويقول بعض الباحثين أن كريستوفر كولومبوس استطاع الوصول إلى معلومات سرية عن وجود أرض بعيدة في الجانب الغربي للمحيط، وهذا عن طريق صديق مجهول، ولم يتعرف الباحثون على أية معلومات تخصه باستثناء أنه كان بحارًا، وأصبح يسمى بالجندي المجهول، وكل الكتابات التي تذكره هي سير ذاتية قديمة كتبت عن كولومبوس.

الرحلة الاسكتشافية الأولى

في رحلته الأولى قام كريستوفر كولومبوس بحيلة بارعة كي يضمن عدم حدوث عصيان من جانب الطاقم بسبب طول الرحلة وصعوبتها، حيث حمل معه سجلين، السجل الأول فيه الأرقام التي تمثل المسافات الحقيقية التي قطعتها السفينة، وسجل آخر فيه أرقام مزيفة لتقليل المسافات بأميال عديدة حتى لا يتذمر الطاقم. مع العلم أنه في البداية كان ملك إسبانيا مترددًا في تمويل الرحلة الأولى لكولومبوس، فهو لا يملك تاريخ سابق في الاستكشاف، والسبب الذي دعاه إلى تثبيت رأيه هو قس يدعى الأب بيريز، وقال أنه في حالة نجاح كريستوفر كولومبوس فإنه سيقدر على تبشير عدد كبير من الناس بالمسيحية، وعليك أن تعلم أيضًا أن هناك ثلاثة دول رفضت تمويل رحلته وهي البرتغال وإنجلترا وفرنسا، وذلك بسبب خلافات في التخطيط بينهم، حيث ادعى كولومبوس أن مساحة الأرض أكبر من المساحة التي أصر عليها علماء هذه الدول، وقد تبين لاحقًا أن كولومبوس صاحب الخطأ.

رحلاته الاسكتشافية

قام كريستوفر كولومبوس بأربع رحلات طوال حياته الاستكشافية عبر المحيط الأطلنطي انطلاقًا من إسبانيا، وذلك في سنوات 1492 و1493 و1498 و1502، وكان هدفه المكلف به إيجاد طريق مباشر يربط أوروبا بآسيا، ولكن ما وصل إليه هو جزر الكاريبي وأمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى بالتحديد.

المسلمون وكولومبوس

هناك العديد من الآثار التاريخية التي تثبت أن البحارة المسلمين عبروا المحيط الأطلنطي ووصلوا إلى الأمريكيتين في القرن السابع أو الثامن الميلادي وربما بعد ذلك، وهذا ما نجده في كتاب المؤرخ المسعودي، بل أن هناك آثار عربية تم اكتشافها هناك، وبالرغم من أن بعض المؤرخين يشككون في هذا، إلا أن كل المؤرخين يتفقون على أن بعض الخرائط الأساسية التي اعتمد عليها كولومبوس كانت مرسومة بواسطة مسكتشفين مسلمين، حيث أن فن رسم الخرائط كان منتعشًا في الحضارة الإسلامية وبالخصوص في الدولة العثمانية، ومع ذلك فإننا نجد عدائًا واضحًا في كتابات كريستوفر كولومبوس للإسلام والمسلمين.

حياة كريستوفر كولومبوس

كان كولومبوس متدينًا للغاية، واعتبر أن الله أرسله ليكون داعيًا ومبشرًا بالمسيحية، وهناك العديد من الأراضي التي اكتشفها أطلق عليها أسماء مرتبطة بالدين. وقد حظى كولومبوس بطفلين من زوجتين مختلفتين هما دييجو كولومبوس الذي ولد في 1840 وتوفى في 1526 وفيرناندو كولومبوس الذي ولد في 1488 وتوفى في 1539. وبعدما ماتت زوجته الثانية انخرط كولومبوس في علاقة غير شرعية مع سيدة تدعى بياتريس إنريكيز دو أرانا، ولم يتزوجها بسبب عدم كونها من الطبقة النبيلة حسبما يخبرنا أغلب المؤرخين، حيث أراد كريستوفر كولومبوس زوجة ذات دماء زرقاء أو من أسرة غنية ومعروفة، وذلك كي تشاركه في حكم المناطق التي سيكتشفها.

كولومبوس ليس أول المستكشفين للعالم الجديد

كولومبوس ليس الأوروبي الأول الذي يبحر عبر المحيط الأطلنطي، فقبله بحوالي خمس قرون قام بهذا الرحالة الأيسلندي ليف إريكسون وحط في جزيرة نيوفاوندلاند التي تعتبر الآن ضمن الأراضي الكندية، وذلك في حوالي سنة 1000 ميلادية، كما أن القديس بيرنارد الأيرلندي وبعض البحارة القلطيين (أو الكلتيين) وهم أبناء أوروبا الغربية قديمًا وصلوا إلى بعض الجزر القريبة منها وفقًا لبعض المؤرخين، مع أن هذا غير مؤكد تمامًا. وعندما وصل كريستوفر كولومبوس إلى العالم الجديد ظن أنه وصل إلى شبه القارة الهندية، والشعب الذي قابله للمرة الأولى ظن أنهم من الهنود، لذا وبالرغم من مرور أكثر من خمس قرون على تلك الرحلة، مازال الناس يطلقون على السكان الأصليين لأمريكا الهنود الحمر بالرغم من أن هذا خطأ تم استدراكه منذ وقت طويل. مع العلم بأن خلال رحلته الثالثة أصبح كولومبوس أول أوروبي يرى بعينه سواحل أمريكا الجنوبية. وفي العادة يتم الإشارة إلى كولومبوس بلقب “أب العالم الجديد” مع أن البعض سبقه في ذلك، ومع أنه لم يدرك أنه وصل إلى قارة جديدة خلال حياته كلها.

تأثيرات الاكتشافات والرحلات

يجب أن ندرك أولاً أن اكتشافات كولومبوس ليست اكتشافات لأرض جديدة وحسب، بل أثرت على العالم بأسره، وجعلت الأوربيون ينتقلون إلى هذا العالم الجديد ويكونون إمبراطوريتهم الخاصة حتى ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أقوى دول العالم، وتسابقت الدول العظمى وقتذاك مثل الإمبراطورية البريطانية والإسبانية والبرتغالية والفرنسية للوصول إلى العالم الجديد وإحكام السيطرة عليه، وقد نجح الإسبانيون في السيطرة على جزء كبير من أمريكا الجنوبية ونجح الإنجليز في تقلد مقاليد الحكم في أجزاء كبيرة من أمريكا الشمالية، ولقد زعزع كريستوفر كولومبوس اقتصاد القارات الثلاثة باكتشافه العالم الجديد، ونشر معه الأمراض الفتاكة التي عاد بها من القارة الجديدة، وبعد خمسين سنة فقط من اكتشافه فقد مات ما بين 3-5 مليون إنسان. وقد اكتشف العلماء مؤخرًا أن كولومبوس وطاقمه كانوا المتسببين في انتشار مرض الزهري إلى أوروبا وبقية قارات العالم، وقد اجتاح الدول وتسبب في مقتل الملايين.

التدمير الكامل للبيئة

بعد انهيار بناء لا نافيداد (La Navidad) وهي حامية عسكرية أنشأها كريستوفر كولومبوس من حطام سفينة سانتا ماريا الإسبانية بالقرب من ساحل هاييتي، قام بإنشاء مستعمرة جديدة أسماها إيزابيلا تيمنًا بملكة إسبانيا على بعد 75 ميل، وعلى مدار السنين الثلاثة التالية، فإن هذه المستعمرة ستكون مركزًا لعملية تدمير وسفك دماء لم تعرف لها البشرية مثيلاً، فقد بدأ كولومبوس ورجاله بتدمير كل المكونات البيئية للجزيرة والتي كان نظامها البيئي هشًا في الأساس، وأحضروا قصب السكر والقمح والثوم والبرتقال والليمون والخيار والخس والعنب لاستزراعهم، وهذه الأنواع جديدة على التربة، لذا فإنها أصبحت أنواع مجتاحة وطغت على النباتات الأخرى مما أخل بالنظام البيئي.

التأثيرات الاجتماعية والدينية

من الجدير بالذكر أنه لولا كريستوفر كولومبوس لما ازدهرت تجارة العبيد بهذا الشكل، كما أنه في السابق وقبل رحلاته كان يعمل في تجارة العبيد بشكل مكثف، وعمل أيضًا كقرصان هاجم السفن الإنجليزية والفرنسية بصورة خاصة، وتأثيره الديني هو بالغ، لأن الاحتلال الأوروبي لتلك الأراضي كان يعني التبشير بالمسيحية، وفي وقت ما قالت ملكة إسبانيا أن أي شخص سيتحول إلى المسيحية سيتم إعفاءه من أن يصبح عبدًا، وبعد انخراطهم في مجتمعات السكان الأصليين استطاع الإسبانيون تدمير حضارة الآزتيك واستبدال قناعات السكان الأصلية بالمسيحية التي لم يسمعوا عنها من قبل، وفي كل سفينة كانت تحمل جنودًا للاسكتشاف أو الحرب، كان يوجد على متنها قساوسة لتعليم الناس أصول المسيحية وتعميدهم وفق المذهب الكاثوليكي.

أولى الرحلات

في أولى رحلات كريستوفر كولومبوس وصل أولاً إلى ما يعرف حاليًا بجزيرة واتلينج وجزر الباهاما بالرغم من اعتقاده بوصوله إلى مناطق قريبة من الصين واليابان والهند، ثم وصل إلى الجزر الكاريبية وحط عليها كلها ثم هاييتي وجمهورية الدومينيكان وكوبا التي كان يسكنها شعب مسالم في ذلك الوقت لم ينخرط مع العالم الخارجي.

الكتب التي ألفها كريستوفر كولومبوس

في آخر حياته، كتب كولومبوس كتابًا بعنوان “كتاب المزايا” وضع فيه قائمة بكل الوعود التي وعد بها التاج الملكي الإسباني في حالة نجاح كولومبوس في رحلاته الاستكشافية، وقال أن الملك لم يحقق الكثير من تلك الوعود، وبعد ذلك كتب كتابًا آخر يدعى “كتاب النبوءات”، وفيه أصرّ على أن كل الرحلات التي قام بها هي مهمات إلهية وجهها به الله، واعتقد أن العالم كان على شفا الانهيار وأنه هو الرسول الذي منع ذلك.

إبادة شعب التاينو

من أسوأ الأفعال التي قام بها كريستوفر كولومبوس هي إبادته لأغلب السكان الأصليين لكوبا وبورتو ريكو وهيسبانيولا (هاييتي وجمهورية الدومنيكيان) وجامايكا ودول أخرى والذين كانوا يعرفون بهنود التاينو، وكانت تلك الإبادة على مراحل متعددة لم يقم بها كولومبوس نفسه، بل قامت بها الإمبراطورية الإسبانية، منها القتل المتعمد وانتشار وباء الجدري والإنفلونزا والسل وأوبئة أخرى لم تطور أجسام السكان مناعة ضدها، فهم كانوا ضمن القبائل المنعزلة تمامًا عن العالم الخارجي، وكانت هناك بعض المبادلات التجارية في البداية بين الأوربيين والتاينو وربما تنحصر في التبغ والخيل، وعاد الأوربيون بكميات وفيرة من التبغ، وبعد سنين قليلة بدأ إدمان النيكوتين بالانتشار في القارة، وقد قام مسكتشفنا بنقل أعداد كبيرة من العبيد إلى البلد، ولهذا الفعل تأثير بالغ يمكننا أن نلاحظه حتى يومنا هذا، أي بعد مرور أكثر من خمس قرون.

مع العلم بأنه بعد مرور 50 سنة من وصول الأوروبيين إلى المنطقة تعرض الشعب إلى الانقراض التام، وهناك مؤرخون أثبتوا حالات انتحار كثيرة حدثت بين أبناء الشعب بسبب الاقتحام المفاجئ والإجبار على تغيير نمط حياتهم ومعتقداتهم وكذلك تقليل معدلات الولادة القسري، وبسبب جشع كريستوفر كولومبوس وحبه للذهب، فقد أمر كل مواطن بالغ من التاينو بأن يجلب له كمية محددة من الذهب في كل فترة بصفة دورية، وإذا فعل هذا يتم مكافئته بقلادة توضع حول الرقبة، أما إذا فشل فإن يده تقطع.

معلومات هامة عن الرحلات

في رحلته الرابعة، بدأ كولومبوس بالشعور بألم حاد، ونزفت عيناه باستمرار مما أصابه بالعمى لفترة طويلة، ولم يكن يستطيع الجلوس أو الوقوف بسبب الألم الحاد في مفاصله، وقال العديد من المؤرخين بأن المرض الذي عانى منه هو التهاب المفاصل الارتكاسي (الذي يعرف أيضًا بمتلازمة ريتر) وسبب له هذا الإسهال الحاد والتضخم في المفاصل والعينين والخصية. عندما رأى كريستوفر كولومبوس نهر أورينوكو في جنوب الشمال في أمريكا أثناء رحلته الثالثة فقد اعتقد أنه اكتشف جنة عدن التي يوجد ذكرها في الديانة المسيحية بشكل مفصل وذكرت في الإسلام أيضًا. ومن أهم التأثيرات التي جعلت كولومبوس يبحر نحو غرب المحيط هو رسالة للعالم الإيطالي باولو توسكانيلي الذي أخبره بأن هناك طريق جديد لآسيا عبر الاتجاه غربًا، وكتب له بأن هذا الطريق أقصر وأسرع بمرات عديدة من الطريق التقليدي للوصول إلى الهند، وبعض المؤرخين يقولون أن هذا العالم هو الجندي المجهول الذي سبقت الإشارة إليه.

شخصية كريستوفر كولومبوس

في نفس الوقت الذي كان فيه كولومبوس رحالة فإنه كان تاجر ماهر، وكان يقيس مدى أهمية الأرض بوفرة المعادن النفيسة فيها، أما الأرض المليئة بالسكان فكانت غنيمة أيضًا بالنسبة له حيث أنه كان يأخذهم ضمن العبيد، ومما يذكر عن شخصيته أنه كان حاد الطباع خاصةً عند معاملته للسكان الأصليين، وكان عنيفًا للغاية ويحب سفك الدماء، وفي نفس الوقت الذين كان يمجد فيه ملك وملكة إسبانيا فإنه كان يسبهما بأفظع الشتائم أثناء وجوده على متن السفن، وكان منافقًا بشكل عام، ومع ذلك فهو متدين حتى النخاع، إلا أنه اعتاد على شرب الخمر بصورة كبيرة وبالتحديد زجاجات الرام التي كانت المشروب الرسمي للبحارة. ومن بين هواياته المفضلة أيضًا ألعاب القمار، ويقول البعض أنه كان يمتلك حدس خارق للأحوال الجوية، ومن خلال هذا الحدس استطاع الهرب من كوارث محتمة، لذا فإن البحارة كانوا يتسابقون للانضمام إلى طاقمه خاصةً أنهم كانوا يحصلون على غنائم ثمينة أغلبها من الذهب، ولكن حتى موته لم يعرف كولومبوس أنه اكتشف قارة جديدة، وظن أن كل ما اكتشفه هو طريق جديد إلى الهند، وفي اعتقاده أن الأرض كانت تشبه الكمثرى، وهذا ما جعله أضحوكة الناس في أوروبا بعد ذلك.

الاحتفال بيوم كولومبوس

هناك العديد من البلاد في أوروبا وأمريكا تحتفل بوصول كريستوفر كولومبوس إلى العالم الجديد في الثاني عشر من أكتوبر 1492، وفي الولايات المتحدة هذا اليوم يدعى بيوم كولومبوس، وفي أمريكا اللاتينية يوم العِرق الشعبي، وفي جزر الباهاما يوم الاكتشاف، وفي الأرجنتين يوم احترام التنوع الثقافي، وفي بليز والأوروغواي يوم الأمريكتين، ويتم الاحتفال باليوم بصورة غير رسمية منذ أيام الاستعمار إلى أن أصبح عطلة رسمية في ولاية كولورادو في سنة 1906، ثم أصبحت العطلة تشمل جميع الولايات في 1937، ولكن في 1970 تم إزاحة العطلة لتصبح يوم الإثنين الثاني من شهر أكتوبر، ومنذ القرن التاسع عشر ظهر بعض النشطاء من البروتستانت والعلمانيين الداعين لإلغاء يوم كولومبوس بسبب ارتباط الاحتفالية بالمهاجرين ومنظمة فرسان كولومبوس خوفًا من زيادة انتشار سطوة الكاثوليكية على أمريكا كما هو الحال في أوروبا.

جماعة فرسان كولومبوس الدينية

فرسان كولومبوس هي منظمة كاثوليكية تسعى لإحلال التعليم الديني ونشره في المدارس والجامعات، وعدد المنضمين إليها يقترب من 2 مليون ويكونون 15.000 مجموعة، ومنهم 302 مجموعة موجودة في الجامعات، وهذه المنظمة هي من التأثيرات اللاحقة لكولومبوس، حيث استكملت طريق التبشير الذي اتبعه، ولكن البعض يهاجمونها باعتبارها منظمة متطرفة، إلا أنها من أكثر المنظمات الدينية المؤثرة في أمريكا والعالم، وهي أكبر تجمع كاثوليكي منظم يسعى إلى التغيير في النظم، وقد تم تأسيسها بواسطة الأب مايكل جي. ماكجيفني في مدينة نيو هيفين في ولاية كونيكتيكت في شهر مارس 1882، وعبر نظامها التبشيري والتعليمي يوجد الغطاء الخيري الذي يقدر بملايين الدولارات كل سنة وتنفق الأموال في أمريكا وخارجها مثل بورتو ريكو وكندا والفلبين والمكسيك وبولندا وجمهورية الدومينيكان وبنما وجزر الباهاما وغيرهم، وفي سنة 2015 قامت المنظمة بإنفاق 175 مليون دولار في الأعمال الخيرية فقط.

هجوم القراصنة وكوارث أخرى

أثناء رحلته الأولى عبر المحيط الأطلنطي (رحلة عادية وليست استكشافية) تعرض كولومبوس إلى كارثة كانت ستودي بحياته، وذلك عندما هاجمته سفينة قرصنة فرنسية بالقرب من ساحل البرتغال وهاجمت الأسطول التجاري الذي كان على متنه وقتل عدد كبير من طاقم السفينة وتم إحراق السفينة في النهاية، لكن كولومبوس نجا بحياته وأبحر نحو شاطئ البرتغال معتمدًا على قطعة من الخشب، مع العلم أن كريستوفر كولومبوس نفسه كان قرصانًا في فترة ما! وفي سنة 1504 تعرض كولومبوس إلى كارثة كانت ستقضي على حياته، وذلك عندما أصبح معلقًا في جامايكا، وهناك رفض السكان الأصليون إمداده بالغذاء، فاضطر إلى القيام بحيلة ذكية، فهو كان يعلم بحدوث خسوف للقمر في وقت قريب، لذا أخبرهم أن السماء ستغضب على الشعب في حالة أنهم لم يعطوه الغذاء والمؤن، وعندما حدث الخسوف ظنوا أن هذا هو عقاب السماء فأعطوه كل ما يريده وتوسلوا له طالبين الرحمة والمغفرة. وفي سنة 1500 تم إصدار مرسوم ملكي للقبض على كولومبوس وإخوته بسبب سوء إدارتهم للمستعمرات، وتم تجريد كولومبوس من حكمه للمناطق وأعادوه إلى إسبانيا وهناك تمت محاكمته، إلا أن الملك فريديناند منحه العفو وأصبح حرًا، بل أنه جعله يقوم برحلته الرابعة والأخيرة.

معلومات هامة عن الرحلات

خلال رحلته الاستكشافية الأولى، تعرض كريستوفر كولومبوس وطاقمه إلى هجوم شرس من الحشرات، لدرجة أن السفينة كانت مليئة بالذباب والفئران وقمل الرأس، ونال كل فرد من الطاقم نصيبه من الحشرات حتى كولومبوس نفسه، مع العلم بأن الرحلة استغرقت حوالي 43 يوم. وكان طاقم السفينة يتكون من 24 رجل في السفينة التي كانت تدعى “نينا”، و26 في سفينة “بينتا” و40 في سفينة “سانتا ماريا”، وأغلب العاملين كانوا بحارة معروفين إلى حد ما، ولم يسمح كريستوفر كولومبوس بوجود امرأة واحدة على ظهر السفينة، وكان هناك أيضًا شخص يتقن اللغة العربية ليعمل كمترجم في حالة وصولهم إلى الشرق كما ظن كولومبوس، وهذا بالإضافة إلى بعض العاملين مثل صناع البراميل والنجارين مع وجود طبيب ماهر في الجراحة.

معلومات شيقة عن كولومبوس

كل المؤرخين يخبرونا بأن ملابس طاقم سفن كريستوفر كولومبوس كانت رديئة ومتسخة طوال الوقت، بل أنها كانت عبارة عن وباء بنفسها، فكل الطاقم ارتدى نفس الملابس عندما خرجوا من أوروبا وعادوا إليها، ولعل ذلك كان السبب في انتشار عدد كبير من الأوبئة كما أشرنا، وبعض المصادر تخبرنا أنهم لم يمتلكوا أية أحذية وهي عادة يفضلها بعض البحارة. والاسم الحقيقي لكولومبوس هو كريستوفورو كولومبو، كما أن اسمه يتغير في ثقافات أخرى، ففي إسبانيا يعرف بكريسوبال كولون، وفي السويد يوجد هجاء مختلف تمامًا للاسم. ومن الجدير بالذكر أيضًا أنه استقدم الخيل في العالم الجديد، ولعل هذه من أهم الأفعال التي قام بها في حياته، وعلى مدار السنين بدأ الحيوان بالاستيطان في البلاد وأصبح من أهم الحيوانات هناك بالنسبة لرعاة البقر الأمريكيين وحتى السكان الأصليين واستخدم في المعارك بصورة رئيسية.

كولومبوس والكفاح

ليست كل الرحلات التي قام بها كريستوفر كولومبوس كانت ناجحة، بل أن نصفها انتهت بكوارث، ففي رحلته الأولى تعرضت سفينة تابعة له إلى الغرق، وفي رحلته الرابعة قضى سنة كاملة مع طاقمه وهم معزولون في جامايكا وغير قادرين على إمداد نفسهم بأبسط ضروريات الحياة. والبحارة الأول من طاقم كولومبوس الذي شاهد أراضي العالم الجديد هو رودريجو دو تريانا، وكانت جزيرة تابعة للباهاما وتدعى سان سلفادور. وواجه ورثة كولومبوس نزاعات طويلة الأمد مع الملكية الإسبانية حتى سنة 1790، أي لمدة ثلاثة قرون من بعد موت كولومبوس)، وادعوا أن الملك لم يعطيهم حقهم الشرعي من المال والفوائد وحكم المناطق في العالم الجديد. وأخيرًا فإن رفات كولومبوس هي متناثرة بين العالم القديم والعالم الجديد، لدرجة أن بعض المؤرخين يخبرونا بأن رفاته متناثرة في مناطق عديدة بين العالمين.

خاتمة

مات كريستوفر كولومبوس وهو في الخامسة والخمسين من عمره في محكمة فالادوليد في إسبانيا، والطريف أن خبر موته لم يؤثر في البلاد ولم يتم الإعلان عنه في الصحف، بل أن سجل المحكمة نفسه لم يسجل موته إلا بعد مرور عشرة أيام، ولعل هذا بسبب الخلاف بينه وبين ملك إسبانيا في أواخر حياته، وحتى بعد مرور سنين طويلة فإن اكتشافاته لم تكن معروفة خارج البلاد إلا على نطاق ضيق، ولكن بعد ذلك أصبح اسمه لامعًا في كل مكان في العالم، وأصبح يعرفه الصغير والكبير، ويتم الاحتفال به في العديد من الأماكن كل عام، وهذا يذكرنا بالكثير من العظماء الذين لم يقدرهم العالم في حياتهم، إلا أن إرثهم ومجدهم لابد أن يعود بعد ذلك، ولكن البعض لا ينظر إليه باعتباره من العظماء، فبالفعل يمكننا أن ننظر إليه كوحش أو قرصان أو تاجر عبيد أو دخيل أو فاتح أو إنسان نشر الرعب في قلوب السكان الأصليين أو صاحب مجازر، ولكن في النهاية لا نستطيع إنكار حقيقة أنه بحار ماهر وبالغ الشجاعة والطموح.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

واحد × 2 =