تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » التعليم والاهل » الطالب الخجول : كيف يمكن التعامل مع الطالب الذي يعاني من الخجل ؟

الطالب الخجول : كيف يمكن التعامل مع الطالب الذي يعاني من الخجل ؟

مشكلة الخجل مع الطلاب موجودة في أي مدرسة أو جامعة، التعامل مع الطالب الخجول يحتاج إلى مهارات خاصة لفهم نفسية هذا الطالب ومساعدته على التعافي.

الطالب الخجول

الطالب الخجول من الطلاب الذين يحتاجون إلى معاملة محددة خاصة بهم من المعلمين. والأمر لا يقتصر على المعلم فقط، بل إن المنزل كذلك يكون له دور أساسي في هذه الحالة. الطالب الخجول قد يكون لديه قدرات عبقرية جدًا وعلى قدر عالي من الذكاء والتفوق، لكن مشكلته الأساسية تتمثل في الخجل، وطبقًا لأسلوب المعلم والأهل يمكن لهذه المشكلة أن تختفي تمامًا، ويمكن لها أن تتفاقم وتسبب مشاكل أكبر في المستقبل. لهذا نتناول في مقالنا اليوم مشكلة الطالب الخجول وكيف يمكن التعامل معه بأفضل شكل ممكن.

دليل المدرس والوالدين للتعامل مع الطالب الخجول

الأسباب وراء حالة الخجل

توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حالة الخجل، بعض هذه الأسباب يتعلق بالمنزل بشكل أساسي، والآخر يرتبط بالحياة بشكل عام وما يحدث فيها. لعل من الأسباب الرئيسية في مشكلة الطالب الخجول هي وجود حالة من الانغلاق يعاني منها. فالأهل يقومون بوضع بعض القيود لعلاقاته بالآخرين مثلًا، وهذا يحدث بفعل الخوف، لكن يترتب عليه عدم تعامل الطفل مع من حوله من الأساس. ويظل غير راغب في الانخراط مع غيره فيما بعد.

كذلك قد تحدث المشكلة بسبب أن الأهل دائمًا ما يختارون لأبنائهم ما يرونه مناسبًا، وهذا يجعل الطفل يفقد الثقة في نفسه وقدرته في التعبير عن ذاته، فهو يستجيب دائمًا لاختيارات الأهل لحياته، فتتولد لديه حالة من الخجل.

ولا ننسى أن نلفت الانتباه أن حالة الخجل قد تكون حالة فطرية في الطفل، فنجد أن الطالب الخجول هو كذلك بطبعه، لم يساهم أحد في وصوله إلى حالة الخجل، وإنما هي صفته من الصغر. وهناك سبب آخر لا يرتبط بالمنزل فقط، بل يرتبط بالحياة بشكل عام، وهو الخوف من الإحراج والحديث أمام الناس، وهي حالة يعاني منها العديد من الأشخاص. ونتيجةً لها قد تتولد حالة الخجل، وتظل حالة مصاحبة لهم لوقت طويل في حياتهم. وقد يكون السبب في ذلك هو ذكرى سابقة عن موقف تكلم فيه الطفل وشعر بالإحراج، أو هو التفكير الذي يسيطر عليه ويمنعه من أخذ خطوة لكسر الخجل.

التعامل مع الطالب الخجول في المنزل

يبدأ التعامل مع الطالب الخجول من المنزل، فهو البيئة الأساسية التي يتواجد بها الطفل بشكل دائم، وهي التي تساهم في تشكيل سلوكه منذ الصغر. وبالتالي يجب أن يضع الأهل ذلك الأمر في أذهانهم، فالمشكلة قد تبدأ منهم في العديد من الأحيان. لذلك يجب التأكد من منح الطفل الفرصة الدائمة للتعبير عن ذاته في المواقف المختلفة، في الحديث الأسري، في الأمور المختلفة التي تخص الحياة. كما يجب أن يحصل على المساحة الكافية ليقرر اختياراته في الحياة، ويكون دور الأهل في هذه الحالة معتمد على التوجيه بدلًا من الفرض. هذه الأشياء سوف تجعل الطالب الخجول يشعر أنه يملك القدرة على فعل أشياء عديدة.

كذلك يجب أن يظهر الأهل تشجيعهم الدائم له في أي موقف يمر به، وفي المواقف الإيجابية يقدمون له التهنئة والتكريم المناسب، وأيضًا في المواقف السلبية يقدمون له الدعم الذي يحتاج إليه. وهذه الأشياء يجب أن تحدث دون مبالغات بحيث لا يشعر الطفل أن الأهل يفعلون ذلك شفقةً منهم على حالته، بل يفعلون ذلك لمساعدته حقًا بالشكل الذي يحتاج إليه.

أيضًا يجب على الأهل التركيز على منح الطالب الخجول الفرصة للانخراط في الحياة مع الآخرين، بدلًا من جعله انعزاليًا عن الناس من حوله. وحتى مع خوف الأهل من التعاملات والبشر المختلفين، فلا يجب أن يكون ذلك دافعًا لمنعه عن التعامل، بل يجب أن يقدموا له النصائح التي تجعله يتعامل بالشكل الصحيح. فالانسحاب عن الشيء ليس حلًا أبدًا، بل يمكن أن يؤدي إلى زيادة المشكلة، وهو شيء غير مطلوب بأي حال من الأحوال. ويمكن منح الطفل فرصة الانخراط أول مرة داخل العائلة، أو مع الجيران الموثوق فيهم من حوله، بحيث يبدأ في التعامل مع البشر بشكل تدريجي.

هناك أيضًا فكرة الحديث مع الطفل، فغالبًا الطفل الخجول يعرف أن خجله يسبب له العديد من المشاكل في حياته، وبالتالي فالحديث معه حول الحلول المناسبة له لحل المشكلة هي فكرة جيدة، فقط سيتوقف الموضوع على طريقة عرض الأهل لذلك، فإن نجحوا في تقديم الموضوع بالشكل الصحيح، أظن أن الطفل سوف يتجاوب معهم، وسيبدأ في التفكير في حل عملي معهم للمشكلة التي يعاني منها.

التعامل مع الطالب الخجول في المدرسة

كما يقع على عاتق المنزل دورًا هامًا في التعامل مع الطالب الخجول ومساعدته، فإن المدرسة كذلك عليها أن تؤدي دورًا في ذلك، وإن كان دور المدرسة صعب قليلًا ويحتاج إلى مجهود كبير. في البداية فإن عدم المشاركة قد تكون صفة مشتركة للعديد من الطلاب داخل المدرسة، من بينهم الخجول والكسول والذي يفضل الاستماع على المشاركة.

الطالب الكسول يصمت لأنه لا يجد ما يقوله من الأساس، مستواه غير جيد دراسيًا، وبالتالي تصبح عدم مشاركته منطقية في هذه الحالة. والشخص الذي يفضل الاستماع على المشاركة فهي ليست مشكلة في وجهة نظري، بل هو اختيار من الشخص لأنه يؤمن بأن الاستماع سوف يقدم له فائدة أكبر، فقط يتبقى لنا الطالب الخجول هو الذي يصمت بسبب أن هذه مشكلة بالنسبة له.

ومن هنا يبدأ دور المعلم في محاولة التأكد من طبيعة هذا الطالب، يمكنه أن يفعل ذلك من خلال وضعه في مواقف متعددة للحديث دون أن يسبب له إحراجًا، كذلك يمكن الاعتماد على نتائج الاختبارات التي يمر بها الطلاب في المدرسة. فبناءً على نتائج هذه الاختبارات يمكن تحديد إن كان طالبًا كسولًا أو لا، وبناءً على مواقف الحديث يمكن تحديد إن كان يفضل الاستماع أو لا. والعامل المشترك بين الاثنين هو الطالب الخجول الذي يمكن أن يحقق درجات جيدة، وكذلك لا يفضل المشاركة بسبب خجله. وعندما يتأكد المعلم من ذلك، يمكنه أن يبدأ في محاولاته المتعددة لحل هذه المشكلة مع الطفل.

فرص الحديث المتكررة

من أبسط الحلول التي يمكن الاعتماد عليها في حل هذه المشكلة، هي منح الطالب الخجول فرص للحديث أمام المجموعة، حتى يحصل على ثقة في ذاته، وأنه قادر على أن يفعل ذلك الأمر دون أي مشكلة. ولكن يجب أن يحدث ذلك بشكل لا يجعله يشعر بأنه مغصوب على ذلك أو أن الأمر مقصود، بل هي صدفة أو مسألة عامة سوف يشارك بها الجميع. مثلًا كأن يحدد المعلم أن الحديث سوف يكون بترتيب الجلوس، وهنا فالأمر ليس شخصيًا أبدًا، بل إن الجميع سوف يحصلون على فرصة المشاركة، وهو واحد منهم.

ويجب على المعلم أن يكون مرنًا في هذه الحالة، لأنه في بعض الأحيان قد يرفض الطالب الخجول المشاركة في الحديث، وهنا عليه إقناعه بضرورة المشاركة كواحد من الطلاب، وأحيانًا أخرى عليه أن يقبل منه عدم المشاركة في الحديث، لأنه لو أجبره فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث مشكلة أكبر بالنسبة له فيما بعد. كذلك يجب أن يحافظ المعلم على النظام أثناء حديث الطالب الخجول لأنه قد لا يتمكن من الكلام بالشكل الجيد، وبالتالي قد يتعرض لمضايقات من بقية الطلاب، أو يسخر أحدهم منه، وهذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى مشكلة أخرى بالنسبة له، ويزداد خوفه من الإحراج والتعامل مع البشر.

التشجيع المستمر

يمكن للمعلم كذلك استخدام تقنية التشجيع المستمر في التعامل مع الطالب الخجول في المواقف المختلفة، وذلك حتى يتمكن من إزالة الحواجز الموجودة لديه، والتي تمنعه من المشاركة مع المجموعة. هناك طريقة سهلة جدًا يمكن أن يبدأ بها المعلم، وهي أن يسأل الطالب الخجول سؤالًا يعرف أنه سوف يكون قادرًا على الإجابة عليه، بناءً على خبرات سابقة يعرفها عنه، أو اختبار معين قام بتنفيذه. وعندما يجيب الطالب على هذا السؤال بالنجاح يقوم المعلم بتشجيعه، مما سوف يمنحه بعض الثقة بالنفس.

هذا بجانب التركيز على تقديم الدعم له عندما يقوم بإنجاز مهام معينة في المدرسة، وبالتالي سوف يتحسن الأداء ويبدأ الطالب الخجول في الدخول أكثر في الجو العام للبيئة التعليمية، وسوف يجد أن المشاكل التي كانت موجودة لديه تقل تدريجيًا.

غالبًا تساهم عملية التشجيع في تعزيز الثقة بالنفس بشكل كبير جدًا، ولهذا يجب الاهتمام بتطبيقها، ليس فقط مع الطالب الخجول وإنما في التعليم بشكل عام.

الفرص القيادية والأنشطة المدرسية

كذلك يمكن للمعلم أن يتّبع طريقة تُستخدم في التعامل مع العديد من الطلاب، وهي أن يمنح الطالب الخجول الفرصة لأن يصبح قائدًا في أحد المهام، وكذلك مساعدته للمشاركة في الأنشطة المدرسية.

يُفضل أن تكون المهام التي تُمنح له هي مهام محددة جدًا، وليست القيادة في المطلق، حتى يبدأ الطالب الخجول بالشعور أنه قادر على التعامل معها وتنفيذها، وفي نفس الوقت يبدأ في كسر حواجز الخجل الموجودة بداخله، ولا مانع من أن يحصل مستقبلًا على الفرصة للقيادة الكاملة.

كذلك يمكن منحه المهام التي تعتمد على المشاركة مع المجموعة بالحديث، مثلًا أن يكون مطلوبًا منه تسجيل الأحداث ومن ثم عرضها على البقية بعد الانتهاء من فعل ذلك، فهذا سوف يجعله منتبهًا ومندمجًا مع المجموعة أثناء التسجيل، وبعد ذلك سوف يكون مسئولًا عن العرض. ويحتاج المعلم أن يقترح عليه الأنشطة المناسبة له، والتي يعرف أنها تلائم قدراته، وفي نفس الوقت ستعالج مشكلته.

الحوار مع الطالب الخجول

النقاط الماضية تركز على التعامل مع الطالب الخجول كفرد ضمن المجموعة. لكن هناك طريقة أخرى يمكن الاعتماد عليها، وهي أن يلجأ المعلم إلى الحديث المباشر معه، ويبدأ في النقاش معه في الحلول التي تناسبه، وكيف يمكن أن يحقق تقدمًا في حياته بشكل عام.

هذا الأمر يعتمد على درجة القرب بين المعلم والطالب، فدرجة القرب سوف تؤثر على قبول الطالب الخجول للكلام من معلمه، وإن كان سيشعر بالراحة بالحديث معه أو لا. كذلك يعتمد الأمر على المصطلحات والتعبيرات التي يستخدمها المعلم، والتي معها لا يشعر الطالب أن ما يفعله المعلم هو تدخل في حياته بشكل يضايقه كأن يتحدث المعلم بالنبرة الهجومية، بل هو يريد مساعدته دون تطفل، وبالتالي يتحاور معه للوصول إلى أفضل حل ممكن لمشكلته دون أن يضايقه.

الطالب الخجول قد تكون مرحلة في حياة أغلبنا، فالعديد منّا عندما يُسأل عما كان عليه في الماضي، يجيب بأنه كان يعاني من الخجل بصورة كبيرة جدًا، وهذا يعني أن المشكلة قابلة للحل. وبالتالي فإن كنت في موقف يحتاج إلى التعامل مع هذا الطالب الخجول وكنت ترغب في مساعدته، كل ما عليك فعله هو أن تعتمد على ما ذكرناه في هذا المقال، وتأكد من أنك تتمتع بالمرونة الكافية أثناء فعل ذلك، لأنها سوف تساعدك في الوصول إلى ما تريد في النهاية.

معاذ يوسف

مؤسس ورئيس حالي لفريق ثقافي محلي، قمت بكتابة رواية لكنها لم تنشر بعد.