تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » كنز بوليفيا الأبيض : ما هو كنز بوليفيا الذي يشغل العالم؟

كنز بوليفيا الأبيض : ما هو كنز بوليفيا الذي يشغل العالم؟

في السنوات الأخيرة كثر الحديث عالمياً عما يطلق عليه كنز بوليفيا الأبيض ؛ فما هو؟ ولماذا يعرف بالكنز؟ والسؤال الأهم ما سر لونه الأبيض؟ كل هذا ستعرفه هنا.

كنز بوليفيا الأبيض

كثر الحديث مؤخرًا عن كنز بوليفيا الأبيض ، وعندما يتطرق الحديث إلى تناول موارد الدول الاقتصادية والتي توفر لها دخلاً اقتصادياً هائلاً فتجد هناك تنوعاً وتبايناً كبيراً في طبيعة الموارد التي تعتمد عليها أي دولة؛ فهناك دول تعتمد بشكل أساسي على التصدير مما يوفر لها رصيداً وفيراً من العملة الصعبة تمكنها من شراء ما تحتاجه من سلع أو حتى لتستغل فارق العملة في صالحها، وبشكل آخر يمكن تقسيم موارد أي دولة إلى موارد صناعية وأخرى طبيعية فأي ظاهرة طبيعية يمكن استغلالها من قبل دولة أو طرف معين لتحقيق ربح تعد من الموارد الطبيعية لها على عكس الزراعة أو الصناعة أو السياحة والتي تتطلب تدخلاً بشرياً خاصاً ليمكن استغلالها فتعتبر من الموارد الصناعية.

تعرف على قصة كنز بوليفيا الأبيض

ومن أشهر الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها الدول ما يعتبر عالمياً بالكنز الثمين ولذلك يعرف باسم كنز بوليفيا الأبيض، دولة بوليفيا هي إحدى دول قارة أمريكا الجنوبية بمساحة تقدر بأكثر من مليون كيلومتراً مربعاً مما يضعها في المرتبة الخامسة من حيث ترتيب دول القارة في المساحة وقديماً لم تتعدى بوليفيا سوى كونها إحدى المستعمرات الأسبانية مثلها مثل العديد من الدول الأخرى حتى قام الجنرال سيمون بوليفار بالنجاح في تحريرها من الاحتلال وبذلك استقلت بوليفيا وحصلت على لقب دولة كاملة فسميت باسمها هذا نسبة إلى محررها سيمون بوليفار والذي تم رسمياً في السادس من شهر أغسطس عام 1825.

وعلى مساحة تقدر بحوالي 10 آلاف كيلومتراً مربعاً تتواجد صحراء (سالار دي ليوني) في دولة بوليفيا والتي تعتبر أغنى مورد طبيعي للدولة والموقع الرئيسي لما يطلق عليه كنز بوليفيا الأبيض ؛ فمجرد حفرك في تلك الصحراء لبضع سنتيمترات معدودة تحت سطح الأرض ستعصر على ما لا يمكن حصره من أحجار معدن الليثيوم والذي يقدر علمياً بثلث احتياطي الليثيوم حول العالم، وإذا قمت ببحث بسيط عن مدى استخدامات ذلك المعدن في الصناعات الحديثة ستجد أنه لا غنى عنه في صناعات الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة وبعض أنواع السيارات كذلك، وبالتالي فكانت تمثل صحراء (سالار دي ليوني) فرصة سانحة للحكومة البوليفية لاستغلالها على مدى واسع في مجال التعدين.

تاريخ تكون كنز بوليفيا الأبيض

بعد عمليات بحث وتنقيب مستمرة توصل علماء الجيولوجيا إلى التاريخ القديم الذي سبب تكون ذلك الكم من معدن الليثيوم، فقديماً- قبل حوالي 40 ألف عام تقريباً- كانت تلك المنطقة كافة عبارة عن جزء من مجموعة بحيرات عملاقة تدعى ببحيرات ميتشين والتي تم التوصل إلى موقعها ومساحتها عبر تجميع عناصر الكربون المتواجدة هناك وتأريخها لمعرفة عمرها وبالتالي عمر البحيرة، فيقدر عمق تلك البحيرة بحوالي 140 متراً وقد صمدت أمام العديد من الظواهر الطبيعية العظيمة التي مرت على كوكب الأرض قبل الحضارة البشرية لمدة تقدر ب25 ألف سنة حتى تعرضت بفعل الزلازل والتشققات الأرضية إلى عدة بحيرات أصغر حجماً.

ثم تعرضت جميع تلك البحيرات للجفاف فيما بعد مما خلف وراءها اثنين من أكبر الصحاري في قارة أمريكا الجنوبية الأولى والأصغر مساحة هي صحراء (سالار دي كويبازا) والأخرى هي صحراء (سالار دي ليوني) التي نحن بصدد التحدث عنها.

أسباب تجمع الليثيوم في بوليفيا

يرجح العلماء الدارسون لظاهرة كنز بوليفيا الأبيض سبب تجمع عنصر الليثيوم بكثافة في تلك المنطقة إلى عاملين هامين هما:

  • وجود البحيرات الكبرى في تلك المنطقة قديماً والتي كانت مياهها غنية بأملاح الليثيوم بالأخص وبالتالي بعد جفاف تلك البحيرات ترسبت الأملاح في الباطن ثم تراكم فوقها أتربة ورمال وصخور بفعل عوامل الترسيب المتراكمة مما أدى إلى دفن الأملاح في باطن الأرض لفترة كبيرة من الزمان حتى أثرت عوامل التعرية بدرجة كافية عليها أدت إلى ظهورها مرة أخرى بالقرب من السطح ليكتشفها الإنسان ويقوم باستغلالها.
  • الحمم البركانية الصادرة من اندلاع البراكين عبر آلاف السنين والتي تحمل في طريقها كل ما تقابله من معادن أو أتربة حتى تستقر في الأسفل وتتجمد بفعل الرياح وبالتالي فتكون قد أحضرت معادن عديدة لا تتواجد إلى في قمم الجبال وتقوم بترسيبها في الأسفل مما يزيد من نسبة المعادن الموجودة تحت سطح الأرض.

وقبل اكتشاف كنز بوليفيا كانت الدولة تعاني من نقص حاد في الموارد إلا من نشاط سياحي ضعيف الإقبال وفي مواسم محدودة في العام فقط، حتى جاء ذلك الكنز كمفتاح الجنة لإنقاذ اقتصاد الدولة وضخ العديد من الاستثمارات فيها الأمر الذي تنبهت إليه الحكومة البوليفية منذ البداية مما دفعها إلى إطلاق بعد الشائعات التي تزعم بأن احتياطي الليثيوم الموجود لديها يمثل 70% من احتياطي الليثيوم العالمي الأمر الذي اكتشف عدم صحته فيما بعد وأن نسبة الليثيوم في صحراء سالار دي ليوني- على كثرته ومدى حاجة العالم له- لا تزيد عن ثلث الاحتياطي العالمي من ذلك المعدن.

استخدام الليثيوم عالمياً

منذ سنوات عديدة ويعتبر الليثيوم من المعادن الأساسية التي تدخل في صناعة الألواح الكهربية والتي تستخدم في كافة الأجهزة المنزلية التي تعتمد على الكهرباء كمصدر لطاقتها، ولكن أتى كنز بوليفيا الأبيض كبادرة أمل كبيرة خاصة مع وجود اتجاه عالمي للاعتماد على السيارات التي تسير بالطاقة الكهربية بدلاً من السيارات التقليدية التي تسير بالوقود كالبنزين أو الغاز الطبيعي؛ ومثلها مثل أي أجهزة كهربية أخرى تحتاج إلى ألواح كهربية والتي تصنع من عنصر الليثيوم مما كان يمثل ضائقة كبيرة لعدم وجود بؤر لذلك العنصر إلا في أماكن متفرقة حول العالم وبكميات ليست بالوفيرة، أما بتواجد مكان شاسع المساحة كصحراء بوليفيا وبه نسبة كبيرة من الليثيوم تقدر بثلث المحتوى العالمي أصبح هناك فرصة لوجود شركات دولية تستثمر بشكل حصري في تلك الأماكن لاستخراج المعدن وتنقيته وبيعه لكبرى شركات صناعة السيارات.

مخاوف من كنز بوليفيا الأبيض

مع كم البشائر والوعود التي أطلقتها حكومة بوليفيا لشعبها عن توفير كل احتياجاته ورفع مستوى معيشة الفرد وتحقيق تنمية شاملة على كافة المستويات ووعود لدول العالم بتوفير كميات مناسبة من الليثيوم وبأسعار معقولة ظهرت مخاوف عديدة لدى أشخاص على المستوى المحلي في بوليفيا وعلى المستوى الدولي؛ فعلى المستوى المحلي أعرب كل من يعمل بالنشاط السياحي في الدولة عن قلقه من تأثير استثمارات كنز بوليفيا بشكل سلبي على حركة السياحة وخاصة أن هناك أفواجاً عديدة تزور مناطق سياحية قريبة من صحراء دي ليوني والتي قد تمنع فيما بعد من الاقتراب من تلك المنطقة بسبب أعمال الحفر والتنقيب بها.

أما المخاوف على الصعيد الدولي فتتمثل في القلق من قيام بوليفيا باحتكار الليثيوم ورفع سعره خاصة مع معرفتها جيداً بمدى حاجة كبرى الشركات الصناعية له وبمدى شح الموارد الموجودة له حول العالم والتي تتطلب إما أعمال حفر موسعة وعلى أعماق كبيرة تحت سطح الأرض مما يكلف الشركات مبالغ طائلة أو حتى تتطلب إرسال فرق بحث في مناطق متعددة ليتمكنوا من تحصيل الحد الأدنى المطلوب من الليثيوم لإمداد الصناعات الكهربية المختلفة به.

عمرو عطية

طالب بكلية الطب، يهوى كتابة المقالات و القصص القصيرة و الروايات.

أضف تعليق

أربعة + 19 =