تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » تقنيات التعلم » كيف يمكن للدول تحسين مستوى التعليم ولماذا التعليم مهم؟

كيف يمكن للدول تحسين مستوى التعليم ولماذا التعليم مهم؟

تحسين مستوى التعليم الهدف الأسمى لكل دولة تسعى للتقدم في كافة المجالات، العلم يبني الأوطان ليس تعبيراً جمالياً، بل واقع ملموس تم إثبات صحته في عدد كبير من الدول التي عانت ويلات التخلف وبفضل تحسين مستوى التعليم أصبحت متقدمة.

تحسين مستوى التعليم

تحسين مستوى التعليم هو الهدف الذي تضعه المجتمعات نصب أعينها إذا أرادت التخلص من أية مشاكل اجتماعية أو اقتصادية تعاني منها، فلا تقدم حققته أي دولة إلا بعد الاهتمام بالتعليم، وكما كان يقول نيلسون مانديلا التعليم هو السلاح الأقوى لتغيير العالم، فإن أهمية التعليم في تطوير المجتمعات وطرق تحسين المستوى التعليمي، بالإضافة إلى مقترحات مدروسة تم تجربتها واثبات نجاحها في عدد من الدول كنماذج حقيقية عن أهمية تحسن مستوى التعليم قد تكون تلك الخطوات الأولى لتدرك مدى أهمية التعليم للفرد وبالتالي للمجتمع وللوطن ومستقبله ككل، وهناك عدد من المؤشرات المعروفة التي تصنف الدول سواء في المنطقة العربية أو في العالم بشكل عام، توضح تصنيف الدول من حيث مستويات التعليم من عدة نواحي، نتعرف معاً على كل شيء عن منظومة التعليم وتطويرها في المقال التالي.

أهمية التعليم في تطوير المجتمعات

تحسين مستوى التعليم أهمية التعليم في تطوير المجتمعات

بداية صنع أي حضارة كانت الخطوة الأولى فيه الاهتمام بمسألة تحسين مستوى التعليم ومن بعدها يبدأ العمل على سلسلة متتالية من الخطوات لتحقيق النمو اقتصاديا واجتماعيا مما يصنع نهضة الأمم، وأولى خطوات تحسين المستوى التعليمي العمل على بناء مدارس تكفي أعداد المواليد المتزايدة في الدولة، بالإضافة إلى التأكد من كفاءة المعلمين أنفسهم والحرص على متابعتهم سلوكيا ومهنيا ببرامج تطويرية وعدد آخر من الخطوات التي تؤول في النهاية إلى تحقيق نمو واضح في السلوك الاجتماعي العام، بالإضافة لإضافة مهارات وتوسع سوق العمل وتنشيط الاقتصاد، التعليم المصدر الرئيسي لزيادة مخزون أي دولة ثقافيا وحضاريا، والثقافة والذوق العام يخلقان بالتبعية قوة ناعمة قادرة على السيطرة على أي أفكار شاذة تخترق المجتمعات، مما يحافظ على السلم العام للمجتمع، فوق هذا يتخلص المجتمع في غضون عقد من الزمن حال تطبيق منظومة تحسين التعليم بشكل صحيح من الجهل والفقر وتنغرس مبادئ المواطنة المنضبطة والعمل الجماعي لنهضة الوطن.

أهمية التعليم وآثره على العالم كله

تحسين مستوى التعليم لا يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات بشكل مصغر، بل يمتد الأثر كالموج إلى العالم كله، ويساهم النمو في مستويات التعلم في القضاء على عدد ضخم من المشكلات العالمية الخاصة بالبشرية ككل، منها إنهاء مشكلة المجاعات وتحسين مستوى التغذية وتحقيق الأمن الغذائي، أيضاً يساعد التعليم في تحقيق نمو اقتصادي وازدهار يدعم مستقبل العالم ويؤمن البشرية من خطر الصراعات والحروب الدامية، فحسب تقرير الرصد العالمي المختص بمتابعة مستويات التنمية الاقتصادية والاستقرار وجد علاقة طردية واضحة بين تحسن مستويات التعليم، والنمو الاقتصادي، كما يساهم التعليم في تحسين السلوك المجمعي مما يدعم قيام أنظمة سياسية راشدة وحكيمة تتخذ قرارات تحفظ أمن وسلامة البشرية ككل، عن طريق انتخاب المجتمعات المتعلمة لها، وبالتالي فإن زيادة نسب المتعلمين في الدول تساهم في دعم الخير وطرقه وأفكاره بأشكاله المخلفة، في مقابل الحد من الأفكار الظلامية وتحجيم قوى الشر.

أهمية التعليم في الأديان

كانت معنية دائما الديانات السماوية بالفرد كعضو فعال داخل المجتمع، لبناء أسرة سليمة وبالتالي قوامة المجتمع وسلامته من كافة الجهات، وكان الإسلام على قائمة الأديان التي عنت بشكل واضح بأهمية العلم، كفى أن أول ما أنزل من الدين كان أمر واضح بالقراءة، وعليه فإن التعليم يعتبر في الإسلام فرض لما فيه من تحقيق منافع للفرد وللمجتمع الذي يحيا فيه، مما يعود بالنفع على البشرية كلها، التعليم يعلي من شأن الأفراد ويزيدهم نوراً وتوسع مما يجعلهم خير مثال على الدين، كما أن انتشار التعليم في مجتمع والاهتمام بتحسين مستوى التعليم يرفع شأن الدولة ويزيدها رخاء واستقرار وهما من الأمور التي تساعد على تهيئة بيئة آمنة للإنسان وهو جزء لا يتجزأ من رسالات الأديان، كذلك يحض الإسلام على التعليم وتحصيل العلم لتقليل البطالة والمشاكلة الاجتماعية التي ينتج عنها خلل سلوكي يدفع الناس للمعاصي والآثام، لذلك فإن التعليم يعد بمثابة فرض ديني وكذلك تحسين مستوى التعليم في الدولة.

تحسين مستوى الأداء التعليمي

تحسين مستوى التعليم تحسين مستوى الأداء التعليمي

مفهوم تحسين الأداء التعليمي أصبح متداول عالميا بشكل واسع ربما من قرن من الزمن، لكن في العالم العربي تأخرا قليلاً عنهم في الاهتمام بالمسائل التعليمية، بالرغم من أن الصدارة كانت لنا في العلوم قديماً إلا أن فترات الاحتلال والمشاكل السياسية قضت على ريادتنا، وعاد حديثا الانتباه لضرورة التعليم ويعتمد مفهوم تحسين الأداء التعليمي على النقاط التالية:

  • قياسات ومراجعة علمية لمعدات ووسائل العملية التعليمية.
  • نظام مكافأة وعقاب متوازن مع المراحل، محفز وداعم للتطور.
  • الدقة في اختيار الموظفين وإعادة توزيعهم بما يتناسب مع مهاراتهم.
  • البحث عن جذور المشاكل وحلها، والعمل على منع تكرار المشاكل.
  • زرع مفاهيم جديدة في نفوس المتعلمين والمعلمين كلاهما، عن أهمية التعليم ورسالتهم.
  • غلق الفجوة بين الأجيال عن طريق ورش عمل مشتركة وندوات وأعمال جماعية.
  • استخدام مقاييس قياس تحسين الأداء العالمية وتعديلها بما يتناسب مع التعليم مثل مقياس SWOT أو غيره من مقاييس الأداء عامة.
  • العمل على خطط زمنية واضحة مرحلية للانتقال نحو تطوير المستوى التعليمي بشكل كامل.

مؤشرات تحسين مستوى التعليم

هناك عدد من المؤشرات العالمية التي تقيس جودة التعليم ومهارات التعلم بأشكال مختلفة وتخرج القوائم سنوياً من مراكز عالمية مختلفة، تحدد ترتيب الدول من حيث جودة التعليم ومؤشرات تحسن الأداء، منقسمة على حسب الفترات الدراسية، أو من حيث تطور المناهج وأساليب ومعدات التعليم، أو عدد المتعلمين ونسب التعليم العالي، وهكذا من المؤشرات التي تساعد الدول على قياس نقاط ضعفها وقوتها، وتعمل بعض الدول على نماذج تحاكي الاختبارات العالمية لتقيسي بنفسها مدى جودة التعليم لديها، ومن أشهر مؤشرات التعليم اختبار “TIMSS” العالمي الذي يصدر بشكل سنوي، وهو مخصص لقياس مستوى التعليم في فرعي العلوم والرياضيات لطلاب المرحلة الابتدائية، وهناك مؤشر جودة التعليم العالمي، وكذلك مؤشر قياس الأداء الخاص بالتعليم العالي، ويتم عن طريق تلك المقاييس تحديد مدى أهلية الجامعات وتقييمها عالمياً واعتماد شهادتها أو العكس في الدراسات العليا بالخارج، فبالإضافة للمؤشرات التي قد تضعها كل دولة لنفسها يمكنها الاعتماد على المقاييس العالمية للتأكد من كفاءة الخطة الموضوعة لتحسين الأداء التعليمي لديها.

ماليزيا وخطة تحسين مستوى التعليم

التجربة في دولة ماليزيا تستحق الدراسة الممعنة، لأنها كانت تعاني من سوء الأوضاع نفسه الذي تعاني منه الدول العربية اليوم، إلا أن رئيس الوزراء بدء خطته لنهضة الأمة بداية من التعليم، بدء من سن رياض الأطفال بمناهج معدة بدقة ونظام تعليمي حازم يعزز قيم المواطنة، بجانب العلوم المختلفة الحديثة والآداب بأنواعها، دراسة شاملة معتمدة على تنمية مهارات الفرد العقلية ومنطقة الفكر وتعزيز المهارات بدراسات فنية ومهنية، بالإضافة إلى إنشاء عدد كبير من المعاهد الخاصة بالتدريب المهني لطلاب الثانوي وتؤهلهم لأعلى درجات العلم والمهنية للمشاركة في سوق العمل من هندسة ميكانيكية وكهربائية، ثم وضع خطة شاملة لإدخال احدث معدات التكنولوجية ودمجها بالنظام التعليمي وربط العلوم والآداب بالتكنولوجيا والحداثة.

كذلك تم بناء عدد ضخم من المدارس الذكية التي تعتمد على أحدث التقنيات وتنمي مهارات الطالب المهنية، وتم إسناد مهام إدارة المدارس لكفاءات تربوية متميزة، كذلك حرصت الحكومة على تخصيص أكبر ميزانية للتعليم وحده، وتم فرض غرامات على الآباء الذين لا يدفعون أبنائهم للمدارس، كما تم متابعة سير العمل عن طريق متخصصون في التعليم بشكل مستمر، ونظام متكامل لدفع عجلة التعليم، وبالفعل تحولت ماليزيا من دولة فقيرة عام 1981 يعيش أكثر من ربع سكانها تحت خط الفقر، إلى بلد متقدمة تنافس أكبر دول العالم وقضى بالكامل على الفقر في حواليي عشرون عام.

مقترحات من أجل تحسين مستوى التعليم

تحسين مستوى التعليم مقترحات من أجل تحسين مستوى التعليم

غالباً ما يتم وضع عشرات الخطط والمقترحات لزيادة مستوى التعليم وتحسين الأداء التعليمي، لكنها على كل كلها تبدأ من عند الميزانية الخاصة بالتعليم وخطة النظام لزيادة الإنفاق على التعليم، ويتم وضع الخطة بعدها معتمدة على الكفاءات وذوي الخبرات وحدهم لإدارة لجان تحدد بشكل واضح نقاط الضعف، ثم تحديد معايير واضحة وخطة عمل زمنية، مع مراعاة كل الظروف التي تؤثر على سير العملية التعليمية، ومحاولة التكييف مع العلم الحديث، ومواكبة التطوير العالمي مع الحفاظ على الهوية الوطنية، ويجب ربط أهداف التعليم بأساسيات الحياة، فيصبح في عقيدة المواطن تقديس للعلم مثلما يقدس حاجاته الأساسية من ماء وطعام، ودعم كل الأفكار المرتبطة بتحسين الأداء التعليمي والعمل على وضعها في خطة تراعي الموهوبين وتدعمهم سواء من المعلمين أو المتعلمين، وتفعيل التعليم المهني وزيادة الاهتمام به لفرز أيدي عاملة ماهرة متكيفة مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة للاهتمام بالأنشطة الثقافية والأدبية المختلفة التي تعزز ثقة الطفل وتعطي العملية التعليمية طابع مميز يزيد من قوتها.

تحسين مستوى التعليم هدف أساسي في حياة أي دولة تبحث عن التمييز وحل مشاكلها كافة، بدءا من الاقتصاد وانتهاء بالأمن العام والسلم الاجتماعي، لذلك كما ذكرنا في التجربة الماليزية فإن أي دولة نهضت من توابع حروب أو مشاكل سياسية أو تقلبات عامة، لم تتمكن من الخروج من الأزمة إلا فقط عن طريق الاهتمام بالتعليم، وهو بدوره يفرز قوة اقتصادية وثقافية وعقول راقية تقود الوطن من عنق الزجاجة نحو شط الأمان في كفة المجالات، لذلك فكما ذكرنا في المقال السابق، فإن خطط تحسين المستوى التعليمي يجب أن ترتكز على خطط حقيقية مربوطة بميزانية مرتفعة تدفع بالتعليم لأول الأولويات، فالتعليم يفعل كل شيء بدوره حال تحسن لصالح الدولة والوطن.

شيماء سامي

أضف تعليق

ثلاثة × 2 =