تسعة
الرئيسية » معتقدات وظواهر » التحريك بالتخاطر : كيف يُمكن تحريك الأجسام عن بعد؟

التحريك بالتخاطر : كيف يُمكن تحريك الأجسام عن بعد؟

التحريك بالتخاطر تقنية اكتسبت بعض الزخم في الآونة الأخيرة، لكن هل من الممكن تحرك أجسام مادية حقًا عن طريق القدرات الداخلية؟ هذا ما نجيب عليه هنا.

التحريك بالتخاطر

التحريك بالتخاطر نظرياً هو عبارة عن انتقال للمادة أو الطاقة من نقطة إلى أخرى بدون اجتياز المسافة الفيزيائية بينهم، وهو مصطلح شهير في أدب وأفلام الخيال العلمي وألعاب الفيديو.

التحريك بالتخاطر بين الحقيقة والخيال

التحريك بالتخاطر من وجهة نظر الخيال العلمي

أول قصة أدبية مسجلة تحتوي على فكرة التحريك عن طريق التخاطر كانت للكاتب إدوارد ميتشيل في كتاب ” الرجل الذي بلا جسد “، وبعد ذلك ذكرت الفكرة مراراً وتكراراً في كثير من الروايات والأفلام مثل فيلم ” الذبابة 1957″ والذي يحكي قصة عالم ينجح في تحريك نفسه عبر التخاطر خلال مسافة قصيرة.

أما مؤخراً فقد انتشرت الفكرة بكثافة بعد استخدامها في مسلسل الخيال العلمي الشهير ” ستار تريك ” والذي أعاد إحياء الفكرة من جديد ولكن بشكل أكبر حيث انقسم التحريك بالتخاطر إلى مرحلتين متعاقبتين وهما تشتيت جزيئات المادة في جهاز معد لذلك ثم تجميعها مرة أخرى بعد انتقالها. وفي روايات وأفلام “هاري بوتر” الشهيرة كان هناك العديد من أنواع التحريك بالتخاطر وجميعها كان يعتمد بشكل أساسي على السحر فكان الساحر يختفي من مكان ما ويظهر في موقع آخر اعتماداً فيها على مهارة الساحر حيث يستطيع نقل نفسه كاملاً، أو إن كان أكثر مهارة فعندها يستطيع نقل أحدهم معه أيضاً.

و مؤخراً ظهر التحريك بالتخاطر في فيلم “القافز” وكان اعتماد القصة بالكامل على البطل الذي له قوة خارقة حيث يستطيع من خلال التركيز في خياله على مكان معين بتفاصيله إن انتقل إليه فوراً. ولعل أشهر من تناول الفكرة على الإطلاق هو رائعة كريستوفر نولان “ذا بريستيج” الذي يستخدم فيه الساحر- ويلعب دوره “هيو جاكمان”- ناقل تخاطري لتنفيذ خدعة سحرية قام ببنائها “نيكولا تيسلا”.

و هكذا كانت فكرة التحريك بالتخاطر مادة خصبة جداً لخيال المؤلفين نظراً لما يخدم غايات قصصهم ويثير فضول القراء ولعل هذا من أسباب بزوغ الفكرة في أذهان الكثير من الناس؛ فكما أن العلم وليد الخيال ومعظم التقنيات الحديثة كانت سابقاً مجرد خيال علمي داعب عقول المؤلفين فأثار غيرة العلماء ليكتشفوا حقيقته وكيف يمكن أن يستفيدوا منه من أجل هذا كان البحث العلمي في تلك الفكرة المثيرة.

تجارب فردية للتحريك بالتخاطر

ولا ننسى بالذكر بعض القدرات الفردية التي لا تفسير علمي لها وهم بعض الأشخاص الذين قاموا بتجارب فردية خارقة للمعتاد عن طريق التحريك بالتخاطر العقلي لبعض المواد و الأشياء الثابتة كالملاعق وغيرها سواء كانت أكبر أم أصغر. ولعل من أبرز الأشخاص الذين قاموا بتلك التجارب و قد راقبها العلماء عن كثب وقامت المراجع العلمية المختلفة بتسجيل تلك التجارب كظواهر غير مفسرة هم الروسية “نينا كولاجينا” ورجل الدين الهندي “ساثيا ساي بابا”.

فالشخص الذي لديه تلك القدرة باستطاعته- كما يدعي- من خلال التركيز العقلي على بعض الأجسام الموجودة تحريكها بظاهرة تدخل في عداد الأساطير يطلق عليها لفظ “العقل فوق المادة” ولكن في نفس الوقت هذا لا يثبت قطعاً أن المسئول عن هذه الظواهر هو العقل فقط.

تجارب التحريك بالتخاطر وتعارضها مع قوانين الفيزياء

والغريب في تلك الظواهر الفردية أنه قد وجد أنها لا تتأثر بالمسافة بين الرجل والمادة المراد تحريكها فهناك أشخاص قد قاموا بتحريك مواد بالرغم من تواجد حواجز حائلة بينهم؛ مما أثار دهشة العلماء لما تحتويه هذه التجارب من مخالفات لقوانين أساسية من قوانين الفيزياء مثل قانون التربيع العكسي مع مربع المسافة بين الأجسام المتفاعلة ولكن ليست هذه هي الظاهرة الوحيدة التي تعارض قانون فيزيائي مثبت.

يوري جيلر.. ظاهرة خارقة

ومن الظواهر الفردية التي تستحق الذكر ببعض الإسهاب “يورى جيلر” الذي حقق شهرة عالمية من خلال قدرته على الكثير من الأفعال الخارقة مثل التخاطر وتحريك الأشياء بقوة العقل أمام الجمهور في كافة أنحاء أوروبا مما أكسبه شهرة واسعة، يدعي يورى جيلر بأنه قد اكتسب تلك القدرة في الرابعة من عمره عندما اكتشف قدرته على ثني بعض السكاكين وظل يعمل على تلك الموهبة حتى حلول عام 1972 عندما سافر إلى أوروبا وذاع صيته هناك مما ساعده في سفره إلى الولايات المتحدة لعرض مواهبه فيها.

وجذبت سيرته الكثير من كبار العلماء منهم دكتور فيرنر فون براون وهو من أكبر علماء الفيزياء بوكالة ناسا والذي راقب عن كثب تجربة يورى جيلر لثني خاتم زواج فيرنر براون بدون لمسه تماماً، وكان أكثر عرض قدمه إثارة عندما تمكن من استخدام مواهبه العقلية في السيطرة ليقوم بفضلها بتغيير جذري لهيكل معدني تم إنشاؤه حديثاً في قاعدة الأسلحة الأمريكية ذات المستوى العالي بل وادعى أنه السبب في تعطل ساعة “بيج بن” لثلاثة مرات في عام 1990 على حسب قوله.

ويعتبر الكندي “جيمس راندي ” وهو من الممارسين القدامى لخفة اليد من المشككين علمياً في قدرة يورى جيلر الخارقة، حيث اختص راندي دون غيره في تحدي أشخاصاً يزعمون امتلاكهم تلك القدرات مما دفعه إلى أنشاء مؤسسة جيمس راندي التعليمية ورصد جائزة مقدارها مليون دولار لأول دليل على وجود تلك القدرات غير الحسية بشرط ألا يحصل على تلك الجائزة سوى من ينجح في تجاوز ظروف الاختبار التي يحددها هو بنفسه ولم ينجح في الاختبار أحد إلى الآن. وقد وصل جيمس راندي بنفسه إلى ثني شوكة مدحضاً بذلك قدرة يورى جيلر الخارقة.

التحريك بالتخاطر من وجهة نظر العلم

بعد البحث المستمر لم يستطع العلماء إثبات إمكانية نقل أجسام كبيرة مثل البشر عن طريق التحريك بالتخاطر، ولكن ربما يكون هناك تحريك بالتخاطر موجود بالفعل في عالم الكائنات المجهرية.

وهناك ثلاثة أنواع من الانتقال بالتخاطر في ميكانيكا الكم وديناميكا الكم قد تم طرحهم وهم:

  • الانتقال بالتخاطر للحالة: في عام 1993 قام العالم “بينيت آل” بتوضيح أنه من الممكن جداً نقل حالة جزيء إلى جزء آخر بدون نقل الجزيء ذاته على الإطلاق، و أطلق عليها الانتقال التخاطري للحالة.
  • الانتقال بالتخاطر للطاقة: وفي عام 2008 قام العالم “م. هوتا” بتوضيح أنه من الممكن نقل كمية من الطاقة تخاطرياً عن طريق استغلال تقلبات الطاقة الكمية في صنع حالة فراغ متشابكة لنقل تلك الطاقة ولكن لا يوجد دليل علمي عملي لثبوت تلك النظرية حتى الآن.
  • الانتقال بالتخاطر للجزيئات: أما في عام 2016 فقد وضح العلماء أن انتقال الجزيئات نفسها تخاطرياً ممكن من مكان لآخر ومن إثباتاتها حالات التوصيل فائق السرعة للمادة والميوعة “السيولة” الفائقة لبعض المواد مثل تحرك بعض الذرات في الأنابيب الخلوية ومازال العلماء حالياً يسعون لإثبات وجهات نظر أكثر لتلك النظرية.
  • وإذا أطلقنا العنان للخيال وثبتت قدرة العلم على التحريك بالتخاطر فسوف يكون لها الكثير من التطبيقات التي تخدم الحياة اليومية وبالتأكيد سوف تنقلب تكنولوجيا الاتصالات رأساً على عقب كما ستحدث ثورة هائلة جداً في عالم المواصلات والسفر وغيرها مما لا نستطع حصرها.

وجدير بالذكر أن الكثير من المؤسسات البحثية شغلها الشاغل تلك الفترة هو البحث في تلك النظرية فما فعله مجموعة من الفيزيائيين الألمان قد تضمن ما يسمى بالتورط الكمي وبكثير من التبسيط ما قد فعلوه هو أنهم استطاعوا عزل جزيئات داخل جزيئات ألماس فائق البرودة تبعد عن بعضها عشرة أمتار واستطاعوا من خلال تغيير سرعة دوران إحداهما تغيير سرعة دوران الأخرى التي تبعد عنها تلك المسافة بدون وجود أي اتصال معروف بينهما، وعلى الرغم من بساطة ما حدث فهو معقد جداً فيزيائياً و قد يفتح الباب لكثير من التجارب في نفس المجال.
حقاً لا نهاية لمدى ما يمكن أن يتوصل إليه العلم و مالا نعرفه عن قدرات العقل البشري. فماذا تخبئ الأيام القادمة؟

عمرو عطية

طالب بكلية الطب، يهوى كتابة المقالات و القصص القصيرة و الروايات.

أضف تعليق

2 × 4 =