تسعة
الرئيسية » العلاقات » حب ورومانسية » يوم القديس فلانتين : كيف نشأ الاحتفال بعيد الحب ؟

يوم القديس فلانتين : كيف نشأ الاحتفال بعيد الحب ؟

يأتي عيد الحب هذه الأيام حاملاً معه النفحات الرومانسية بين المحبين، لكن هل سألت نفسك كيف نشأ عيد الحب أو يوم القديس فلانتين كما يُسمى؟ إليك الإجابة.

يوم القديس فلانتين

يوم القديس فلانتين أو يوم الفلانتين أو عيد الحب أو غيرها من المسميات، كلها تشير إلى يوم الرابع عشر من فبراير باعتباره يوم للاحتفاء بالحب بين المحبين بعضهم البعض، ولكن الكثيرون لا يعرفون قصة هذا العيد الغربي، فهو مرتبط بالثقافة المسيحية الغربية إلى حد كبير، بل أنه يوم عيد رسمي في الكنيسة الأنجليكانية واللوثرية وبعض الأجزاء في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تحتفل بيوم القديس فلانتين في السادس من يوليو والثلاثين من يوليو، إلا أنه أصبح فيما بعد عيدًا عالميًا، وفي الفقرات التالية سنتعرض بالتفصيل إلى نشأة العيد والظروف التاريخية التي جعلته بعد قرون عديدة من أهم المناسبات العالمية، كما أننا سنقوم بإفراد بعض الفقرات الخاصة بأمور متعلقة باليوم.

تعرف على بداية نشوء يوم القديس فلانتين

يوم القديس فلانتين : أسطورة رومانسية أم معترك ديني؟

قد تظن أن أصل عيد الحب يعود إلى أسطورة رومانسية جميلة، إلا أن الواقع عكس هذا تمامًا، فالمناسبة ذات أصل ديني وسياسي، لكن على مر السنين أصبح وعي الناس يربط المناسبة بالحب فقط دون وضع أية اعتبارات أخرى، ومع أن المناسبة تختص بالدين المسيحي إلا أنها توجد في العديد من الدول التي لا تمثل فيها المسيحية إلا أقلية محدودة مثل اليابان ودول أخرى في آسيا وأفريقيا، بل أننا نجد بعضًا من بوادر الاحتفال بعيد الحب في بعض الدول العربية والإسلامية.

من هو القديس فلانتين؟

كلمة “فلانتين” يقصد بها اسم القديس فلانتين، وهو من القديسين الأوائل، أي قديسو القرون الثلاثة الأولى بعد ميلاد المسيح، وما يميز هؤلاء القديسين أنهم كانوا في فترة الإمبراطورية الرومانية التي كانت تعتنق المذاهب الوثنية (إلى أن تحولت فيما بعد إلى المسيحية عن طريق الدمج الذي قام به الإمبراطور قسطنطين بعد زيادة عدد المسيحين بشكل كبير)، لذا فإنهم تعرضوا إلى اضطهاد بالغ بسبب أنهم كانوا أقلية ولم يكن لديهم من يدافع عنهم، ومثل غيره من القديسين تم إعدام فلانتين عبر قطع رقبته بعد سجنه لفترة طويلة في إحدى السراديب وذلك في فترة حكم الإمبراطور كلاوديوس، وتبدأ القصة عندما منع الإمبراطور مفهوم الزواج بين جنوده كي يبعدهم عن التشتيت الذي قد تأتي به الحياة الزوجية، حيث أراد أن يكرس الجنود حياتهم لخدمته فقط وللانخراط في العمل العسكري، لكن مع مرور الوقت لم يقدر كل الجنود على احتمال مثل تلك الأوامر، فكانوا يذهبون سرًا إلى القديس فلانتين كي يزوجهم بمن يحبونهن، ومن المعروف أن الزواج هو من أهم الطقوس الدينية في المسيحية، وعندما علم الإمبراطور بما يقوم به القديس أرسل إليه ليرغمه على اعتناق الوثنية، وعندما رفض مرارًا قام بإعدامه في سنة 269 ميلادية.

وقوع القديس في العشق

لكن ما علاقة القديس بعيد العشاق؟ دعونا نكمل الحكاية، فعندما كان القديس يقبع في السجن وقع في الحب مع ابنة سجّانه الخاص والتي كانت عمياء، لدرجة أنه استطاع أن يرد إليها بصرها، وكتب لها بضعة رسائل اشتهر منها الجزء الأخير من الرسالة وهو جزء التوقيع “من فلانتين الخاص بك”، وهي عبارة شهيرة في الثقافات الغربية ومرتبطة بالروايات الرومانسية، وما يجعل حكايتنا أكثر درامية أنه كتب إليها خطابًا قبل توجهه إلى المقصلة.

نشأة يوم القديس فلانتين

لكن حتى تلك اللحظة لم يكن القديس معروفًا إلا بشفاعاته، وانتقلت القصة من هذا المفهوم المجرد إلى عيد شهير في أماكن عديدة على يد البابا جيلاسيوس، فقد أراد البابا التخلص من عيد وثني كان يتم الاحتفال به في الرابع عشر من فبراير، حيث كان يحتفل الرومان بعيد الربيع والخصوبة عن طريق كتابة اسم المرأة التي يحبونها في مكان ما، وهي المرأة التي يودون الارتباط بها عاطفيًا والبقاء معها في السنة التالية على الأكثر. وكان هناك إله وثني مرتبط بهذا اليوم وهو الإله لوبريكوس، لذا فقد استبدله البابا بقديس مسيحي وهو القديس فلانتين، وهذه اللعبة الذكية جعلت المناسبة تصبح أكثر شعبية بين الشباب مع مرور الوقت، فالتغيير الذي تم هو مجرد تغيير بسيط، إلا أن القرون التالية أضافت الكثير لتلك المناسبة وجعلتها من أهم المناسبات الغربية.

محكمة الحب العليا

من التطورات الأخرى التي ساهمت في انتشار اليوم نذكر “محكمة الحب العليا”، وقد تم تأسيسها في سنة 1400 على يد إيزابيلا حاكمة بافاريا، وخصصت المحكمة لإصدار الأحكام المتعلقة بالشؤون الزوجية والمخاصمات وغيرها، وما قد يبدو لك شيئًا رسميًا قد يبدو هزليًا إلى حد كبير إذا نظرنا في الأساطير التي تحدثت عن المحكمة، والتي يحتمل أن جزء كبير منها صحيح، فمثلاً يُقال أن النساء كنّ يخترن قاضي المحكمة خلال مسابقات قراءة الشعر، وكان يوم القديس فلانتين هو المناسبة الأكثر أهمية في هذه المحكمة الفريدة من نوعها.

جيفري تشوسر

تشوسر هو من أشهر وأقدم الشعراء الذين كتبوا باللغة الإنجليزية في التاريخ، وقد عاش في أواخر القرن الرابع عشر، وبسبب قصيدة كتبها في سنة 1382 فقد ساعد على زيادة رواج يوم القديس فلانتين ، حيث كتب فيها العديد من مظاهر الاحتفال التي تتم في هذا اليوم ووصفها بشكل رقيق ومُرغب بالاحتفال، وبسببها ظهر التقليد الذي يعتبر الطيور رمزًا لليوم.

يوم القديس فلانتين حول العالم

هناك اختلاف كبير بين طرق الاحتفال باليوم في دول العالم المختلفة، فمثلاً في الثقافة الإنجليزية القديمة كانت هناك شخصية “جاك فلانتين” وهي شخصية تشبه شخصية “سانتا كلوز”، حيث أنه رجل طيب القلب يترك الهدايا أمام عتبات المنازل من أجل الأطفال خصيصًا، وفي سلوفينيا هناك ربط واضح بين الزراعة والربيع والحب، حيث يتناسب اليوم – كما هو الحال في دول عديدة – مع بداية الربيع وتفتح الأزهار، ويقول البعض أن الربط بين معاني خصوبة الأرض الزراعية والحب له أصول وثنية قديمة تعود إلى قرون طويلة، إلا أن هناك أيام أخرى غير الرابع عشر من فبراير تخصص كليةً للحب فقط هناك.

وفي أمريكا اللاتينية يُشار إلى اليوم بـ “ديا ديل أمو إي لا أميستاد”، أي: يوم الحب والصداقة، وفي العديد من دول القارة نجد تقاربًا واضحًا بين مفاهيم الصداقة والحب، والهدايا الأكثر شيوعًا هناك هي الأزهار والشوكولاتة، لكن بسبب وجود احتفالات أخرى في الرابع عشر من فبراير فإن العديد من الناس يقومون باحتفالات يوم القديس فلانتين في شهر يونيو، مع ملاحظة أن فنلندا تشير إلى اليوم بأنه يوم الأصدقاء، وفي الدول الإسكندنافية نجد أن أغلب مظاهر الاحتفال هي نفسها التي توجد في الثقافة الأمريكية الحديثة، بل أن الشركات تستوحي نفس الإعلانات الأمريكية لتروج للأزهار والحلوى، وهي تلقى رواجًا كبيرًا بين كل الفئات العمرية وخصيصًا الشباب، وفي الصين تكون الهدايا الحصرية هي الأزهار والشوكولاتة مع غلبة الأزهار، لكن بسبب تناسب اليوم مع السنة القمرية الجديدة فإنهم يحتفلون باليوم في وقت لاحق، أما في بعض الدول لا نجد يوم القديس فلانتين حاضرًا بالمرة، ومنها بعض الدول الإسلامية والعربية مثل أفغانستان وباكستان والسعودية، حيث يعتبر رجال الدين أن الاحتفال بتلك المناسبة هو تشبه بالغرب وأن العيد في أصله هو عيد مسيحي، ومع إيمان عدد كبير من الناس بهذه الأفكار إلا أن نسبة المحتفلين به تزيد في كل سنة بالرغم من كل شيء.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

واحد × اثنان =