تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » فوائد الوحدة : كيف تستفيد من كونك وحيدًا في حياتك ؟

فوائد الوحدة : كيف تستفيد من كونك وحيدًا في حياتك ؟

الوحدة ليست أمرًا سيئًا على الدوام، فهناك الكثير من الفوائد لها، لكن بالطبع لا يجب أن تكون الوحدة هي الأساس، نستعرض هنا بعض فوائد الوحدة المثيرة.

فوائد الوحدة

هل يوجد فوائد للوحدة؟!، نعم يوجد فوائد كثيرة للوحدة وليست مجرد قطع من الكلمات ننثرها في مقال بالعكس فوائد الوحدة هي من أعمق المواضيع التي من الممكن أن يستفيد منها الناس وذلك لسبب بسيط لأن الإنسان كائن اجتماعي ويكره الوحدة ويعتبرها من أكثر العذابات النفسية التي يتعرض لها، ولكن الحقيقة أن الوحدة هي الحل وأحياناً العلاج الجذري لبعض المشاكل التي يوجها الإنسان على مر الزمن، وذلك نجده جلياً واختبرناه كلنا كبشر عادةً في الرغبة في أوقات العزلة التي فيها أحياناً تكون الراحة الحقيقية التي نبحث عنها وسط الأزمات والمشاكل وجميع الضغوط التي نتعرض لها، ومن ضمن هذه الضغوط الصخب والحياة المزدحمة لحد الفناء التي نعيشها الآن على الأرض وخصوصاً في بلادنا العربية. بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف والتلفاز وجميع هذه الأشياء التي تقف حائل بينك وبين أن تكون وحيداً أحياناً، فهذه الأشياء وخصوصاً الإنترنت أصبح وسيلة تسلية فعالة جداً وبدون أن تحتاج إلى أشخاص أو تفاعل مادي فقط أنت تتفاعل مع الذي تشاهده أو حتى الذي تتكلم معه وهذا على المدى الطويل قاتل لأشياء كثيرة سنعرفها في هذا المقال، وكمثال بسيط: ننظر لأيام الماضي ونحكم على الشِعر مثلاً ونقارن بينه وبين الحاضر ستجد شعر الحاضر سطحي جداً وشعر الماضي عميق جداً لدرجة أن الأجيال الحالية تتعامل معه باستخفاف واستهانة لأنهم لا يفهمون هذا ولكن الحقيقة أن الفترات الزمنية الذي كان يقضيها الناس في الماضي دون أن أياً من التكنولوجيا الحديثة هي الفترات التي شكلت الفكر الناضج لديهم.

تعرف على مجموعة من أفضل فوائد الوحدة

أول فوائد الوحدة هي الإبداع

أثبتت الدراسات أن الذين يفضلون الوحدة ويميلون إلى الرغبة في الجلوس وحيدين هم الأكثر إبداعاً في مواهبهم وذلك لسبب أنهم يكونوا شغوفين بالأشياء وليس بالأشخاص فيضعون كل عاطفتهم وفكرهم وإبداعهم في هذا الذي يعشقونه مما سيؤدي في الأخير إلى خروج شيء فريد من نوعه من خلال هؤلاء. أيضاً السبب الثاني هو أنهم لا يتعلقون بأشخاص أو بمهام أو بمسئوليات وغالباً هؤلاء الأشخاص يكونون أنانين على المستوى الشخصي ولا يهتمون لأجل الآخرين ولكن هذا في الأخير ينعكس عليهم بالفائدة حيث أن وحدتهم هذه توفر لهم الوقت والمجهود والمخزون العاطفي اللازم لجعلهم مبدعين على المستوى المهني.

ثاني فوائد الوحدة هو التصالح مع الذات

الذين يجلسون كثيراً وحيدين غالباً ذهنهم لا يكون مضجج بأفكار ومتاهات صعبة مثل أياً من هؤلاء الذين يستهلكون في الحياة والأحاديث والتكنولوجيا يومياً، ومن ضمن الأشياء الرهيبة التي يتمتعون بها هي فهمهم لأنفسهم حيث هذا النوع من الأشخاص يكون في الغالب صديق نفسه بالمعنى الحرفي وهذا جيد وسيء في نفس الوقت ولكننا هنا سنتكلم عن الناحية الإيجابية من فوائد الوحدة ولذلك ستكلم عن كونه صديق لذاته يفهم نفسه، يفهم ما يريد، ويعرف من يحب ومن يكره ويكون أكثر الأشخاص دراية بمن حوله من حيث طرق تفكيرهم وهذا ما يدعى التصالح مع الذات حيث يكون الشخص متقبل ذاته كما هي بالعيوب التي يعرفها والإيجابيات التي يعشقها وهذا يجعل من هؤلاء الذين يعشقون الوحدة مادة خصبة ليكونوا أنجح الأشخاص في أي مجال يدخلونه.

ثالث فوائد الوحدة وهي سرعة الإنتاج

تجد معظم هؤلاء الذين يعشقون الوحدة هما إما كُتاب إما موسيقيين إما علماء إما صحفيين إما أحد هذه المهن التي فيها يكون التواصل الاجتماعي هو مضيعة للوقت والذي أقصده هنا ليس لأن هذه المهن سيئة ولكن لأن هذه المهن متطلباتها هكذا، تحتاج إلى شخص معتزل عن الناس كي يستمر إنتاجه، فمثلاً الكُتاب والباحثين هم أناس صميم عملهم يعتمد على القراءة والتفكير ثم كتابة هذا الفكر في ورق ومن ثم تنقيحه حتى يصل إلى الصورة النهائية ككتاب مفيد، فهل تعتقد عزيزي القارئ أن الاجتماعيات تفيد هذه المهنة بالطبع لا، وهنا أنا لا أقول أنها لا تفيد الشخص ولكن فوائد الوحدة هنا تأتي على إنتاج العمل حيث الهدوء والسكينة وترتيب الأفكار واختيار ألفاظ الكتابة كل هذا مهمة صعبة وأحياناً تأخذ سنين من بعض الكتاب، وهناك من ضمن الأمثلة الكاتب المشهور عالمياً “دان براون” وهو ينشر رواية كل ثلاث أو أربع سنوات ولكن في النهاية الرواية التي تنتج من تحت يده تباع منها ملايين النسخ في ظرف أيام معدودة وغير ذلك خلدت أعماله من خلال تجسيدها بأفلام سينمائية كان أشهرها “شفرة دافنشي” الذي قام ببطولته الممثل الشهير “توم هانكس”.

رابع فوائد الوحدة وهو الاستقلالية والثقة في النفس

غالباً الشخص الذي يعشق أن يجلس وحيداً هذا لا يأتي في ذهنه أبداً الاعتماد على الآخرين في أي شيء ببساطة لأنه يحب أن يكون لوحده ومعنى أنه يطلب من الآخرين خدمات فهذا يعني احتكاكه بالآخرين كثيراً وهذا يعد شيء مزعج له، لذلك يبدأ في إيجاد حلول يعتمد فيها دائماً على ذاته ومن هنا تجده شخص خلاق وواثق من نفسه ولا يحب الاعتماد على الآخرين ومثل هؤلاء لا يحبون أبداً العمل في مجموعات بل يعملون جيداً جداً في عمل فردي ويظهر تفوقهم في العمل الفردي بشكل لافت.

خامس فوائد الوحدة وهو عدم الخوف من المجتمع

عدم تجربة شيء جديد معين في هذه الحياة يكون السبب فيه هو المجتمع المحيط، لأن المجتمع يعد القوى المؤثرة الأولى في البشر. أما هؤلاء الذين لا يجدون المتعة في الاجتماعيات والتعامل مع الآخرين لا يتكون داخلهم خوف من الآخرين، لذلك تجدهم يفعلون ما يحلو لهم دون خوف ويكونون هم عرضة أكثر للنقد، ولكن في الحقيقة هم أكثر الناس اكتشافاً لأشياء تستحق الحياة لأجلها، وهذا بسبب بسيط أن المجتمع مغلق وفكرة بناء المجتمع مبنية على الاستقرار وعدم التجديد المفرط الذي من الممكن أن يؤثر على البشر سلباً وإنما الشخص الوحيد هذا فهو لا يهتم بشيء سوى نفسه بصورة مطلقة لذلك يجرب الجديد وأحياناً يصيب وأحياناً يخيب ولكن في كل الأحوال حتى الخيبة تعتبر خبرة.

سادس فوائد الوحدة وهو الحياة كما تحلو لك

الشخص المحب للوحدة فعلياً يحيا كما يحلو له ولا يفكر في أي شيء أخر وهذا ربما يكون على المستوى الاجتماعي سيء ولكن على المستوي الشخصي والحدود الشخصية هو ممتع جداً حيث تكون حياته بلا مسئوليات وبلا منغصات وبلا خطط مستقبلية تجعل الواقع والحاضر عبارة عن مخطط وفترة انتظار وهذا صحي حتى على مستوى الصحة، لأن المسئولية والاهتمام بالآخرين تأتي على حساب صحة الشخص المسئول ولكن هؤلاء الذين ليس لديهم من هو مسئول عنهم يكونون غالباً محط عين وحسد الآخرين المكبلين داخل زنزانة المسئوليات.

أخيراً عزيزي القارئ إن كنت في البداية ترى أن الوحدة شيء سيء وغير إيجابي ويجب على الفرد أن يجد مجتمع يحتويه ويتقبله حتى يصير طبيعي فكلامك به جزء من الصواب. ولكن الحقيقة أن الوحيدين دائماً أحرار ولا يوجد شيء على الإطلاق يستطيع أن يسجنهم ببساطة لأنهم وحيدين ولا يبكون على شيء وليس لديهم أحد يخسروه من الأساس ولا أحد يخافون أن وجهة نظره تسوء عنهم فهم لا يبالون أساساً بالناس لذلك أحياناً عزيزي القارئ يجب أن تجرب أن تجلس وحيداً لمدة من الزمن لأنك حينها ستكتشف أشياء عديدة فعلاً كانت أمامك ولم تراها.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.