تسعة اولاد
الرئيسية » دروس » كيف تستفيد من أوقات الانتظار للحافلة أو الطائرة؟

كيف تستفيد من أوقات الانتظار للحافلة أو الطائرة؟

أوقات الانتظار

أوقات الانتظار تتكرر باستمرار، فالإنسان يقضي نصف حياته في النوم والطعام، لكن يحدث أن يقضي الكثير كذلك في الانتظار، فكيف يُمكن الاستفادة من هذه الأوقات؟

مما لا شك فيه أن البحث حول إمكانية الاستفادة من أوقات الانتظار أمر يدل بشكلٍ أو بآخر على أن الإنسان ربما بدأ ينتبه إلى ما يُضيعه من أوقات في أشياء لا قيمة لها، فالشيء الذي تقضي الوقت في انتظاره هو الهام حقًا، لكن وقت الانتظار نفسه لا يجب أن يمر بهذه السهولة، وإلا فإننا نكون بهذه الطريقة نُهدر حياتنا بأنفسنا، والحقيقة أن طرق تقضية أوقات الانتظار في أشياء مُفيدة كثيرة، لكننا فقط لا ننتبه لها أو نضع حسبان لما يُمكن أن نحصل عليه من خلفها، ولذلك، دعونا في السطور القادمة نتحدث سويًا عن الشيء الذي يُمكن حقًا التحدث بشأنه وضمان الخروج بأكبر استفادة يُمكن تخيلها، وهو المُتعلق بطرق الاستفادة من وقت الانتظار، سواء كان ذلك الانتظار لحافلة أو طائرة أو أي شيء على هذه الأرض قابل فعلًا للانتظار، فهل أنتم مستعدون لأخذ تلك الجرعة المُكثفة من المعلومات حول الانتظار واستغلاله؟

الانتظار آفة أم مُقابل؟

معنى الانتظار لا يستحق أبدًا الشرح أو التفسير، فهو شيء شديد الوضوح، ببساطة، ستنتظر وصول شيء له على الأرجح موعد مُحدد للوصول، وغالبًا سيصل، أما المدة الذي تجلس فيها مُترقبًا إياه فهي تلك التي نُطلق عليها مدة الانتظار، ونحن هنا بالطبع نستبعد الانتظار الغير ملموس، أي المُتعلق بانتظار الحب مثلًا أو انتظار العدل، فكل هذه أشياء لا تُفرز لنا في النهاية أوقات انتظار قابلة لأن نتحدث عنها من الأساس.

البعض يعتقد أن الحياة تُصيبنا بالانتظار كمقابل منا على تقديمها الشيء الذي ننتظره، أي أننا ندفع الثمن، وكأن الحياة تقول لنا أنك إذا أردت شيئًا ما فيجب عليك أن تُعطي وقتًا من عمرك على سبيل المقايضة، وهذا بالطبع معنى مجازي، في حين أن البعض يقول إن الانتظار آفة من الآفات الكثيرة في هذه الحياة، عمومًا، مهما كانت الإجابة فإن المهم لدينا هو تحديد الطرق أو الأوجه التي يُمكن من خلالها تحقيق الاستفادة من ذلك الانتظار.

كيفية الاستفادة من أوقات الانتظار

في البداية يجب أن تعرفوا أن الأمر ليس قاعدة، بمعنى أنه لا يُمكن مثلًا أن تحصل الاستفادة بنفس الطرق التي سنذكرها لكل الناس، وإنما يُمكن في بعض الأحيان أن تُخول الظروف للبعض الاستفادة بهذه الطريقة ولا يحصل لهم نفس الشيء من طريقة أخرى، والحقيقة أن طرق الاستفادة كثيرة، وأهمها مثلًا قراءة كتاب أو رواية.

قراءة كتاب أو رواية

من طرق الاستفادة البديهية من أوقات الانتظار أن يتم استخدام كتاب أو رواية وبدء القراءة بهما، وطبعًا جميعنا يعرف أن الرواية تكون على شكل كتاب لكن المعنى المقصود بكلمة الرواية شيء والمعنى المقصود بكلمة الكتاب شيء آخر، لكن في النهاية النتيجة سوف تكون واحدة، وهي إجبار النفس على فعل ما لم تكن لتفعله في الأوقات العادية، ففي كل الأحيان سوف تخرج بانتظار حقيقي، وللتوضيح أكثر، إذا كنت تُحب القراءة وتقوم بها في المنزل فإنه من غير المعقول أن تقطع تلك العادة أثناء انتظارك لشيء ما، لذلك فإن وجود كتاب في حقيبتك سيُساعدك كثيرًا، ومن ناحيةٍ أخرى، إذ لم تكن تجد أي وقت للقراءة بسبب مشاغل الحياة فإن وقت الانتظار بالذات سوف يغدوا مناسبًا لك، لأنه في عُرف الوقت مجرد وقت ضائع، فما بالكم إذا استُخدم الوقت الضائع في قراءة كتاب جديد؟ هل سيبقى ضائعًا؟

تعلم لغة جديدة

لا تنبهروا أبدًا من تلك الفائدة التي تُعتبر من أكثر فوائد أوقات الانتظار شيوعًا، فعلى الرغم من أن الإنسان كسول بفطرته إلا أنه سوف يرفض بكل تأكيد أن ينتصر الانتظار عليه ويتمكن من الملل، لذلك فإنه سوف يقبل بأي تحدٍ مهما كانت درجته، ولهذا فإن تحدٍ مثلما تعلم لغة جديدة عادةً ما يُجدي نفعًا ويؤتي بثماره، وفي هذه النقطة يُمكنك الاستعانة بالكتب أو التسجيلات الصوتية التي يُمكن السماع لها من خلال سماعات الرأس وغيرها الكثير من الطرق، لكن في النهاية سوف تكون النتيجة واحدة، وهي أنك بعد فترة لن تكون طويلة سوف يكون لديك على الأقل خلفية كبيرة عن لغة جديدة، أو بمعنى أدق، سوف يكون بحوزتك المفتاح الرئيسي لها، وطبعًا جميعنا سمع بالقصص التي تتعلق بهذا الصدد والتي تقول بأن شخصًا ما قد استغل أربع ساعات، مُبددة يوميًا بالانتظار، في تعلم لغة جديدة لم يكن يحلم بتعلمها.

كتابة الخواطر والمذكرات

على عكس القراءة تمامًا فمن الوارد جدًا أن نُحقق فائدة أخرى للاستفادة من أوقات الانتظار، وتلك الفائدة تكمن في كتابة الخواطر أو المُذكرات الشخصية، فالجميع يمتلك بداخله موهبة الكتابة، لكن الصراع مع الحياة في كل وقت يمنعنا عن إظهار تلك الموهبة، والتي قد تصل على الأقل إلى حسن القدرة على التعبير، لكن أوقات الانتظار تأتي حاملة لنا الوقت الذي يُمكننا فيه أن نفعل أي شيء نُريده، سواء كانت تلك الكتابة نثرية رائعة يُمكن أن نُطلع الآخرين عليها أو حتى مُذكرات شخصية يُقصد من خلالها تدوين أحداث اليوم كيلا يُنسى فيما بعد، فالنهاية سوف تحصل الاستفادة وبصورة رائعة، وهذا ما نُريده بكل تأكيد من الوقت.

المذاكرة والحفظ

بعض الطلاب، وخاصةً المُغتربين، يقطعون أوقتًا كبيرة في انتظار الذهاب إلى الجامعة أو العودة منها، فقد يضيع على الأقل خمس ساعات على ذلك الطريق، وطبعًا عندما يعودون للبيت يكونون مُرهقين فيدخلون في النوم مباشرةً، وبالتالي فإن اليوم الدراسي مُعظمه يضيع هباءً، لكن إذا نجحنا حقًا في استغلال ذلك اليوم من خلال المذاكرة والحفظ وقت الانتظار فبالتأكيد سوف تكون الاستفادة عظيمة، فنحن من جانب نفصل أنفسنا عن العالم الآخر، وأيضًا نظل مُنغمسين في العملية الدراسية فلا يحصل التشتيت، وكم من طلاب حصدوا المراكز المُتقدمة فقط لأنهم استغلوا تلك الأوقات الضائعة، فأصلًا استغلال الوقت المُتاح أمر طبيعي، لكن استغلال الوقت الضائع المُبدد في الانتظار هو الذكاء بعينه.

ممارسة هوايتك المفضلة

لكل شخص هواية بالتأكيد، لا نقول موهبة، وإنما نقول هواية يُفضل القيام بها باستمرار، والحقيقة أنك إذا كنت مُلمًا بالوقت وتعرف قيمته فإنك غالبًا لن تجد الوقت المُناسب للقيام بتلك الهواية نظرًا لأن الوقت غالبًا ما يُفضل الأمور الجادة التي تحتاجها بحق، لكن إذا كنت لا تمتلك وقتًا سوى وقت الفراغ والانتظار فإن وقت الانتظار بالذات سوف يكون بالنسبة لك أشبه بالكنز، وذلك لأنه سوف يُتيح لك تأدية كل الهوايات التي لم تكن تمارسها من قبل، وذلك مثل ممارسة الرياضات الخفيفة أو مثلا الرسم والخط والعد، وكل شيء كنت تعتبره هواية شخصية لك، حتى ألعاب الهاتف قد تُعتبر هواية ويُصبح ذلك الوقت هو الوقت المناسب لممارستها.

الاستماع إلى الموسيقى

أوقات الانتظار ليست أبدًا أوراق فراغ، هذا أمر يجب عليك أن تعرفه جيدًا، لكن من الممكن جدًا أن تفعل فيها شيء ممتع لم تكن تجد الوقت من قبل لتفعله، وذلك مثل الاستماع إلى الموسيقى، فالموسيقى أحد أهم أنواع الغذاء التي تُقدم للروح، إياك أن تستهن بها في يوم من الأيام لكونها شيء ترفيهي، فالترفيه والترويح عن النفس أحد أهم الأشياء التي تدفعنا للاستمرار في هذه الحياة، لكن هذا لا يمنع أبدًا من وجوب اختيار النوع المناسب من الموسيقى، أو النوع الهادئ الممتع على وجه التحديد، وليس تلك المُوسيقى الصاخبة التي تستدعي الرقص والطبل، فذلك النوع الثاني يصلح أكثر في الأفراح، وبالمناسبة، أوقات الانتظار لا تكون ملكًا لك وحدك، بمعنى أنك لا تجلس فيها بمفردك، لذلك يجب عليك أن تُحضر ما يُعرف بسماعات الأذن من أجل تخصيص الاستماع لك وحدك وليس لكل الحاضرين في المكان معك.

التفكير في الحياة الشخصية

نلاحظ غالبًا أن الوقت الذي يجلس فيه الإنسان مع نفسه ويُفكر فيما حدث لها هو الوقت الذي يسبق النوم مباشرةً، وذلك لأن هذا الوقت هو الوحيد الذي يجد فيه الإنسان الفراغ الذي يحتاجه، والآن أصبح بإمكاننا الحصول على وقت آخر مُفيد لذلك الأمر، وهو وقت الانتظار، حيث أنه عادةً ما يكون وقت فارغ ليس عليك أن تفعل أي شيء به، لذلك لا مانع من أن تفتح عقلك لنفسك ثم تبدأ في التفكير بحياتك الشخصية وخاصةً المشاكل التي تحدث بها، وكيف يُمكن أن تقوم بإيجاد حلول لها، والحقيقة أن هذا الأمر قد ينجح فعلًا، وقد تعثر غالبًا على حل للمشكلة التي تواجهك، وهو ما يُمكن اعتباره نصر كبير تم تحقيقه في وقت الانتظار الذي ظننه جميعًا غير مُجدي.

مطالعة الجرائد والمجلات

من ضمن عادة الطائرات أو الحافلات الراقية أنها توزع على الركاب الجرائد والمجلات، وذلك لأنها ببساطة تجد في هذا الفعل طريقة مثالية للتعامل مع أوقات الانتظار، فأنت في ذلك الوقت لا تكون في حاجة للتعرف على أي شيء سوى أخبار ما يحدث خارج نطاق المكان الذي تنتظر به، ولذلك لن تُمانع بالطبع في قراءة جريدة أو مجلة، وهو ما سيعمل على عدم إشعارك بالوقت الذي مر أو سيمر منك، عمومًا، لا تعتمد على المكان الذي ستنتظر به واصطحب معك ما تحتاج إليه من جرائد أو مجلات كي تقتل وقتك الضائع بنفسك في شيء مُفيد، أو تتوسم على الأقل أنه سيفيد.

مكالمة شخص تحبه

عندما تفتقد شخص سوف تنسى أنك تفتقد ذلك الشخص بسبب مشاغل الحياة الكثيرة، لكن مع وقت الانتظار لا تكون هناك فرصة لذلك النسيان، حيث سيكون ذهلك صافيًا وليس منشغلًا بأي شيء، وبالتالي سوف تجد الوقت للتفكير في كل من تحبهم ثم تتصل بهم وتطمئنن على صحتهم وأحوالهم، وهذا الأمر بالطبع سوف يمنحك حالة نفسية أفضل، ومن هنا يُمكن القول إنك قد حققت أعظم استفادة حقيقية من الانتظار بعد الاستغفار والدعاء.

الاستغفار والدعاء

لا يجب علينا أبدًا أن نحذف من قائمتنا استفادة مهمة جدًا مثل الاستغفار والدعاء، فالإنسان طبعًا يُخطئ ويُذنب في أحيانٍ كثيرة، لكنه لا يجد فرصة للاستغفار أو الدعاء سوى في أوقات معينة، أو تحديدًا الوقت الذي لا يكون الشيطان مُحكمٌ قبضته عليه، ومن ضمن هذه الأوقات وقت الانتظار، ذلك الوقت الذي يُمكننا فيه حصد ملايين الحسنات والاستغفار من مئات الذنوب التي ارتكبناها، ففي وقتٍ مثل هذه سوف يكون الذهن رائق وصافٍ إلى الدرجة التي تجعله يتذكر كل هذه الذنوب التي ننساها غالبًا بعد ارتكابها بوقتٍ قصير.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثلاثة × 1 =