تسعة اولاد
الرئيسية » ظواهر طبيعية » أسماء البحار : اعرف لماذا تم تسمية أشهر البحار والمحيطات

أسماء البحار : اعرف لماذا تم تسمية أشهر البحار والمحيطات

أسماء البحار

أسماء البحار ليست مقدسة كما يعتقد البعض، بمعنى أن البحار لم توجد بهذا الاسم، وإنما تم تسميتها من قبل البشر، فلماذا تم تسمية البحار بالأسماء الحالية؟

مما لا شك فيه أن أسماء البحار قد أفادت كثيرًا في حياتنا، فلو لم يكن بإمكاننا التفريق بين البحور لما كان بإمكاننا أيضًا استخدامها لأي غرض من الأغراض، فمهما كان الغرض الذي نُريده من البحار فسوف نحتاج في النهاية أن يكون لها أسماء مُعينة، والحقيقة أن الإنسان قد فطن إلى ذلك الأمر منذ اللحظة له في هذه الحياة، فالعلاقة بين الأسماء والبشر علاقة قوية جيدًا، بلا الأسماء يُمكن أن تنقلب حياة الكثيرين، بلا الأسماء ستُصبح الأشياء مُجردة وغير مُنتمية إلى واقعها، ولهذا فإنه لا يوجد أي شيء على هذه الأرض لا يمتلك اسمًا، حتى ولو كان ذلك الشيء لا شيء بالمرة، لابد أيضًا أن يحمل اسمًا يُميزه ويُفرق بينه وبين الأشياء الأخرى، عمومًا، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف سويًا على أبرز أسماء البحار والأسباب التي أدت إلى تسميتها بتلك الأسماء، فهل أنتم مستعدون لذلك الموضوع الشيق؟

الأشياء والأسماء

في البداية يجب أن نعرف بأن الأشياء كلها، بما فيها الأشياء النابضة كالإنسان والحيوان والكائنات كلها، نزلت على الأرض وهي لا تمتلك اسمًا، بالرغم من أن الشرائع الدينية تقول بأن الله عز وجل قد علم أدم الأسماء كلها بعد أن خلقه، لكن هذا لا يمنع بالتأكيد من أن بعض الأشياء كانت موجودة دون أن تمتلك اسمًا، بل الإنسان مع الوقت هو من وضع ذلك الاسم بعد أن فطن إلى أهمية وجود تلك التعريفات الهامة للأشياء، والتي ستُسهم بالتأكيد في عملية تعامل الإنسان معها، حتى الأشخاص، يُعاملون وكأنهم غير موجودين إذا لم يكونوا حاملين لاسم يُميزهم، أجل، فالأسماء تُميز الأشياء، وما دمنا نتحدث عن علاقة الأسماء بالأشياء فثمة ما يستحق فعلًا أن تُسلط الأضواء على الأسماء التي يمتلكها، ونحن هنا نعني البحار والمحيطات والأنهار الموجودة في عالمنا منذ آلاف وملايين السنين، فلماذا يا تُرى حظيت بذلك الاسم؟

أشهر أسماء البحار وأسماء تسميتها

كما ذكرنا، من الأشياء المُلفت تواجدها في عالمنا البحار والمحيطات والأنهار، فتلك التكتلات المائية تشترك جميعها في كونها مساحة من الماء تتواجد بداخل حفرة من اليابس، لكن على الرغم من ذلك التعريف البسيط فإنه ثمة اسم لكل بحر موجود على هذه الأرض، وطبعًا أمر هام جدًا أن نعرف أسباب تسمية تلك البحار بأسمائها، لذلك دعونا لا نُضيع الوقت ونبدأ بأحد أشهر البحر الموجودة على الأرض، البحر الأحمر.

البحر الأحمر، تاريخ طويل وتفسيرات عِدة

يُعتبر البحر الأحمر أحد أقدم البحار الموجودة في العالم، فقد ظهر ذلك البحر قبل ملايين السنين إثر الانفجار العظيم على الأرجح، والحقيقة أنه قديمًا كان يحمل اسم آخر يُدعى القلزم، وعلى الأرجح قام القدماء المصريين بإطلاقه عليه، لكن مع الوقت بدأ الناس يُلاحظون بعض التغيرات في البحر تدل على اسم الثاني، وهو اسم البحر الأحمر، وطبعًا كان لهذا الاسم العديد من التفسيرات التي تؤكد ذلك الاسم وتجعله الأكثر واقعية وسحرية عند سماعه.

هناك من يقول إن الشعب المرجانية الحمراء الموجودة في قاع ذلك البحر هي من تعكس اللون الأحمر عليه، وخاصةً في وقت غروب الشمس وشروقها، وبمناسبة الجبال، البعض يعتقد كذلك أن الجبال المُحيطة به هي من أعطته اللون الأحمر إثر انعكاسها مع الشمس، كما أن الطحالب والعوالق تُعتبر تفسيرًا منطقيًا للاسم، عمومًا، استقر الناس على هذا الاسم منذ ظهور وأصبح الاسم الرسمي للبحر الواقع على الحدود المصرية السعودية.

البحر الميت، البحر المهجور من الجميع

أيضًا من أشهر أسماء البحار التي تتردد باستمرار اسم البحر الميت، ذلك البحر الذي سُمي بذلك الاسم بسبب عدم وجود أي كائنات حية به، كما أنه كذلك غير معمور أو مطروق من البشر، بمعنى أنه لا توجد به أي أنشطة ملاحية، والحقيقة أن ذلك الأمر قد أدى إلى كون البحر أكثر شهرة من البقية، وربما تتعجبون لذلك لكان وجود البحر الميت مع عدم استخدامه تقريبًا كان سببًا في ذيعان صيته بكل الأرجاء وليس فقط المناطق التي تجاوره.

يقع البحر الميت بعمق يصل إلى أربعمائة متر تحت الأرض، وبالرغم من ذلك لم تُسجل حتى الآن حالة غرق واحدة به، وهذا ليس لشيء إلا أن البحر أصلًا مهجور، بمعنى أنه لم يُجرب أحد السباحة به، حتى الشواطئ والقرى السياحية التي من المفترض تواجدها في مثل هذه المناطق شبه مُعدمة، وهذا ما يؤكد أكثر مبررات تسمية ذلك البحر بهذا الاسم.

بحر العرب، البحر الذي تملّكه العرب

هناك بحر آخر يمتلك اسم من أشهر أسماء البحار أيضًا، وهو بحر العرب، والحقيقة أن ذلك الاسم هو أكثر الأسماء وضوحًا من حيث سبب التسمية، فهو معروف بكونه أكثر البحر التي استخدمها العرب، بتوضيحٍ أكثر، هو البحر الذي ظل العرب يملكه لقرون، ومعنى أنهم يملكونه أنهم يتحكمون في السفن الخارجة والداخلة فيه، والدليل على صحة ذلك الاسم ومناسبته أن ذلك البحر قبل أن يمتلكه العرب كان له أسماء كثيرة أخرى ليس لها علاقة بالعرب، فقد سُمي لفترة بالبحر الأخضر وأيضًا بحر الهند وبحر المحيط، لكن في النهاية أصبحت شهرته مقصورة على ذلك الاسم الذي لا يزال معروفًا به حتى الآن بالرغم من أنه لم يعد تابعًا للعرب، لكن من الصعب أن تُغير اسمًا ظل يُردد بين الناس لقرون.

البحر الأسود، بحر الضباب والخوف

البحر الأسود كذلك يملك اسمًا من أشهر أسماء البحار في العالم بأكمله، فذلك البحر معروف بوجود الضباب والرياح والظروف الملاحية السيئة بشكل عام، لذلك فإن البحارة لا يُفضلون أبدًا الإبحار به ويعترونه الخيار الأخير، ولا ينبع هذا من مجرد القلق وإنما كذلك من الحوادث السابقة التي وقعت به، فقد سجل البحر الأسود أكبر عدد من حالات الغرق في التاريخ، ولهذا فالبعض يقول مجازًا أنك إذا أردت الإبحار في البحر الأسود فيجب عليك أولًا أن تحتضن زوجتك وأطفالك فربما لم تراهم ثانيًا، لكن بالطبع تغير كل شيء مع الوقت والتقدم في صناعة السفن، ولم تعد الخطورة بنفس القدر القديم.

هناك من يقول كذلك أن تسمية البحر الأسود جاءت بسبب الضباب الأسود الذي يحوم حول السحب مما يُغلق الرؤية عن الشمس ويجعل انعكاسها في الماء شبه منعدم، وهذا ما يجعل من لون ماءه أقرب إلى السواد، وربما كذلك لأن المياه الموجودة في هذا البحر عميقة للغاية، لذلك عندما تترسب فيه الطحالب فإنها تمنح لونًا أسودًا له، عمومًا، كثرت الأسباب المُقنعة لأسم هذا البحر، ولا يزال كذلك يحتفظ بخوفه وغموضه.

المحيط الهندي، محيط الهند الأول

مثلما هو الحال مع تسمية بحر العرب بهذا الاسم فإن المحيط الهندي كذلك يُعتبر أحد أبرز البحور التي يدل اسمها على استخدامها، فقديمًا لم يكن بإمكان أي شخص الوصول إلى الهند إلا من خلال العبور من المحيط الهندي، هذا على الرغم من أن البحر لم يكن مملوكًا في الأصل للهنود، لكن تلك الطريقة في جعله توصيلة سريعة لبلاد الهند الكبيرة جعلته يأخذ تلك التسمية ويرضخ به، فإذا ذُكرت المحيطات في أي مكان فإن أول مُحيط سوف يتبادر إلى ذهنك هو المحيط الهندي بكل تأكيد، وفي هذا دلالة على كونه حقًا أحد أشهر البحار الموجودة في العالم بالرغم من تسميته التي تقتصر على الهند.

البحر الأبيض المتوسط، بحر العالم القديم

يتواجد البحر الأبيض المتوسط منذ زمن في هذا العالم، وذلك عندما لم تكن به أي قارات بخلاف أسيا وأفريقيا وأوروبا، وقد كان البحر الأبيض يتوسط تلك القارات، وكما هو واضح فإن لقب المتوسط قد أُطلق على ذلك البحر لهذا السبب، وهو كونه يتوسط العالم القديم، حيث كان يربط بين مضيق جبل طارق الشهير وأوروبا، أما وصف الأبيض فقد جاء لعدة أسباب منها أن البحارة الأوروبيين قديمًا كانوا يُطلقون عليه ذلك الاسم نظرًا لحالة الصفاء والهدوء التي يتواجد عليها، ومنها أنه كان ينعم بمساحة شاسعة تتمكن من إظهار البيض بصورة كبيرة، أو لأن السحب الموجودة فوقه عادةً ما تكون صافية، مما يتسبب في كون البحر صافيًا وأبيضًا كذلك، عمومًا، يمتلك البحر الأبيض المتوسط واحدة من أشهر أسماء البحار القديمة والحديثة، وهو أمر يمكن القول أنه يضعه في الصدارة بلا مُنازع.

المحيط الأطلنطي أو الأطلسي، بحر الخرافات

يحظى ثاني أكبر مُحيط في العالم، وهو كما اختلفوا عليه في الاسم الأطلنطي أو الأطلسي، بشهرة واسعة في كل مكانٍ في العالم، فقد عرفه الغرب الأوروبي والعرب والإفريقيين والأسيويين كذلك، وربما يرجع هذا في المقام الأول إلى كونه بحر عتيق موجود على الأرض منذ ملايين السنين، تلك الملايين سمحت مع الوقت بظهور بعض الخرافات بالتدريج، والحقيقة أن أغلب تلك الخرافات قد طال اسم المُحيط نفسه.

فبالنسبة لأسم أطلنطي فإن العالم قديمًا كان يعتقد أنه ثمة قارة كبيرة جدًا تُدعى أطلنطا، وأن معظم تلك القارة يتواجد في ذلك البحر، ولهذا أطلقوا عليه ذلك الاسم، لكن طبعًا لا وجود لقارة بهذه المواصفات، وإنما هي مُجرد خرافة ابتدعها البعض وصدقها، وبمناسبة الخرافة، هناك اسم يُطلق كذلك على هذا البحر يُعرف بالأطلسي، وهذا الاسم يرجع أيضًا إلى خرافة تم إطلاقها من قبل اليونانيين تقول بأن ذلك البحر يطوق العالم بأكمله، وربما يرجع ذلك الاعتقاد إلى كبر المُحيط الذي يصل إلى خُمس مساحة الكرة الأرضية تقريبًا.

المُحيط الهادئ، بحر الخمسة وعشرين جزيرة

في الحقيقة لا تُعتبر تسمية المحيط الهادئ تسمية قديمة، فقد حدث ذلك قبل خمسة قرون فقط، وتحديدًا عام 1521 على يد البرتغالي ماجلان، ذلك المُستكشف الشهير الذي تمكن من اكتشاف المُحيط وتسميته، كما تمكن كذلك من ملاحظة كونه أكبر مُحيط في العالم بلا مُنازع، فهو يُمثل ثلث سطح الأرض، وتلك بالطبع مساحة كبيرة تتجاوز مساحة قارات كاملة، ما يعنينا أن ماجلان قد أطلق على ذلك المحيط هذا الاسم بسبب الهدوء الملحوظ للأمواج المتواجدة به، ذلك الهدوء الذي من النادر تواجده في مساحة بحرية هائلة مثل تلك، عمومًا، عُرف المحيط الهادئ بهذا الاسم منذ وقت اكتشافه ولم تغييره حتى الآن,

ختامًا، مسألة الأسماء هذه مسألة وجودية فعلًا، لا يُمكنك أن تتعامل مع أي شيء مهما كان دون أن تكون مُلمًا باسمه، حتى أنك عندما تُقابل شخصًا جديدًا فإن أول شيء سوف تطلبه منه هو معرفة اسمه.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة عشر − 1 =