تسعة بيئة
التدخين
بيئة » التلوث » التدخين : كيف يؤثر التدخين على اقتصاد الشعوب ؟

التدخين : كيف يؤثر التدخين على اقتصاد الشعوب ؟

تعتبر مشكلة التدخين واحدة من أكثر المشاكل تعقيدًا في العالم، فالتدخين يتسبب الدمار الاقتصادي، هذا عدا عن العديد من الأضرار الصحية له على المدى البعيد.

التدخين أحد المشكلات الكبرى في عالمنا اليوم، فلم تفلح يوماً كل المحاولات التي تقوم بها شركات إنتاج السجائر وغيرها من منتجات التدخين لتجميل منتجها في أن تنفي عن التدخين وجهه القبيح، ولم يستطع أيضاً التزايد المستمر في أعداد المدخنين أن يقنع المجتمع بتغيير فكرته السلبية عن التدخين، فإذا كان الفكر الإنساني على مر العصور ظل متأرجحاً، فيما يتعلق بوصف التدخين بين وصفه بأنه ترياق يسبب الشعور بالسعادة أم أنه نوع من أنواع السم القاتل بالتدريج، وأيضاً بين وصفه بأنه نوع من الممارسات ذات القدسية (نسبة لنشأة التدخين الأولى لدى بعض الشعوب القديمة مثل الصين وارتباطها بالطقوس الدينية)، أم أنه انحرافاً سلوكياً، إلى أن حسم العلم هذا الأمر بشكل واضح في عصرنا الحالي وذلك جزماً بضرره البالغ على الإنسان صحيا واجتماعياً ومادياً وحتى خلقياً، حيث يأتي العلم كل يوم بجديد من شأنه أن يضخم الشعور بالكراهية لهذه العادة السيئة.

التدخين : مشكلة اقتصادية وبيئية عظيمة

مفهوم التدخين

ويعني التدخين حرفياً (شرب الدخان)، لكنه على المستوى العلمي يعرف بشكل أكثر دقة بأنه استهداف نوع من أنواع النشوة من خلال تذوق أو استنشاق الدخان الناتج من احتراق مادة، غالباً ما تكون التبغ ذات تأثير مخدر مثل النيكوتين.

والتبغ Nicotiana tabacum، نبات عشبي غني بشكل عام بمادة النيكوتين المخدرة، والتي تتركز بشكل كبير في أوراقه التي تجفف وتطحن، وينتج منها منتجات التبغ المعروفة من قبل السجائر ودخان الشيشة وما شابه.

أضرار التدخين الصحية

ولا تتوقف أضرار التدخين على طبيعة نبات التبغ وأثره المخدر، لكن ما يزيد الأمر سوءاً ما يتفنن أصحاب شركات السجائر في إضافته إليها من مركبات سامة لزيادة أرباحهم، فأصبحت السيجارة تشتمل على 4000 مركب كيميائي سام منها 43 مركب مسرطن.

لذلك يتسبب التدخين في الكثير من الأمراض مثل سرطان الرئة والفم والحنجرة وعنق الرحم، والنوبات القلبية والعيوب الخلقية للأجنة، ارتفاع ضغط الدم، وانتفاخ الرئتين والسل، كما يسبب التدخين الوفاة المبكرة لأكثر من 600000 شخص سنوياً.

كما يوصف التدخين على المستوى الاجتماعي بأنه نشاط يمارسه 1.1 مليار نسمة أي ثلث السكان البالغين، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من مليار ونصف المليار بحلول عام 2025م.

أضرار التدخين الاقتصادية

عند الحديث عن الأضرار للتدخين سيكون من التفكير السطحي أن نركز في ذلك إلى ما يتبادر إلى الذهن عن أن الضرر الاقتصادي للتدخين هو مقدار ما ينفق بشكل مباشر على التدخين، والذي يصل إلى ثلاثمائة ألف مليون دولار كاستهلاك عالمي، وعلى سبيل المثال تنفق أمريكا وحدها ما قيمته 60 بليون دولار سنوياً على التدخين.

ذلك أن هناك أضرار اقتصادية أبعد من ذلك بكثير تتمثل في الآتي:

ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية لضحايا التدخين، حيث ينفق العالم ما يقرب من مائتي ألف مليون دولار على الرعاية الصحية لضحايا التدخين، تتكبد دول العالم الثالث حوالي نصفها، حيث يبلغ ما تنفقه المملكة العربية السعودية وحدها 5 مليار ريال سنوياً على الرعاية الصحية لضحايا التدخين وهو رقم مخيف.

إذا علمنا أن نسبة كبيرة من العاملين والموظفين هم من المدخنين، فإن هذا يضيف للخسائر أيضاً ساعات العمل المفقودة نتيجة تغيب العمال بسبب الأمراض الناتجة عن التدخين.

يعد التدخين سبباً أساسياً في الكثير من الحرائق في البيوت والمصانع وغيرها.

يقلل التدخين بلا شك من كفاءة المدخن صحياً مما يؤثر على أداء العمل.

ويبدو أن حملات التوعية والتي لا تصل في العادة إلا للطبقات المثقفة، لم تسجل نجاح في مجال الحد من الإقبال على التدخين، نجد أن ممارسة التدخين لها بالغ الأثر في الفقراء، حيث يستهلك من صحتهم ودخولهم ما يجب أن ينفق على العمل والتعليم والتغذية، ليكون الضرر في الدول النامية ضرر فوق الضرر، وسوقاً تهدف الدول المنتجة للتبغ ومنتجاته لتحسين اقتصادها من خلاله.

راندا عبد البديع

حاصلة على بكالوريوس في العلوم تخصص كيمياء ونبات، أهوى العمل الحر، أعمل كمدونة ومترجمة على الإنترنت لأكثر من أربع سنوات.

أضف تعليق

تسعة − أربعة =