تسعة بيئة
المحاصيل العضوية
بيئة » الزراعة والغذاء » المحاصيل العضوية مقابل المحاصيل المزروعة بالكيماويات

المحاصيل العضوية مقابل المحاصيل المزروعة بالكيماويات

توضيحات وحقائق وشرح لكل ما يتعلق بخصوص المحاصيل العضوية واستخدام الأسمدة وفوائد المحصولات العضوية ومزايا وعيوب الزراعة العضوية والقوانين الخاصة بها.

هل المحاصيل العضوية مفيدة للصحة وهل هي أفضل من المحاصيل الأخرى؟ لن يسعنا الإجابة عن هذا السؤال بدقة لسبب وجيه وهو أن الدراسات العلمية حتى وقتنا الحالي لم تقدم لنا إجابات كاملة، ولذلك فإنك ستجد حرب ضروس تشتعل بين المؤيدين للفريقين ويتدخل فيها أصحاب المصالح الخاصة وستجد نفسك أمام وجهات نظر موجهة ومتحيزة، ولكن في النهاية هناك مجموعة من الحقائق التي توصل إليها العلماء والتي قد تعطينا فكرة عامة عن بعض المزايا والعيوب لأنواع الزراعة المختلفة، ولعل الأبحاث العلمية الكثيفة التي تتم الآن يمكنها أن تعطينا نتائج موثوقة في السنين التالية خاصةً مع التطورات الهائلة التي حدثت في العقد الثاني من الألفية الجديدة.

معلومات عن الزراعة العضوية

بدأت حركة الزراعة العضوية في الأربعينيات من القرن العشرين كاستجابة لما يعرف باسم الثورة الخضراء. وقبل أن نتطرق إلى الحديث عن المحاصيل العضوية فإننا يجب أن نتعرف إلى أكثر المحاصيل التي تحتاج إلى الكم الأكبر من المبيدات عند زراعتها مثل التفاح والخوخ والكرفس والفراولة والعنب والسبانخ والخس والخيار والتوت الأزرق والبطاطس والفاصوليا الخضراء والكرنب الأجعد وغيرهم، مع العلم بأن المحاصيل الأقل احتياجًا للمبيدات هي البصل والأفوكادو والذرة الحلوة والملفوف والمانجو والكيوي والبطيخ وغيرهم.

ما هي الفروق بين المحاصيل المزروعة بالكيماويات وبين العضوية؟

ظهرت العديد من الأبحاث العلمية التي تشير إلى أنه لا يوجد فرق مؤثر بين المحصولات العضوية والأغذية العادية في القيمة الغذائية أو احتمالية التعرض للحساسية أو التعرض لبكتيريا المنثنية (أو العطيفة) التي تعتبر من المسببات الرئيسية للأمراض المعدية في الكثير من دول العالم الأول وهي تصيب القولون والأمعاء الدقيقة وينتج عنها تكون التوكسين الذي يتيح للبكتيريا الهرب من صد جهاز المناعة لدى الإنسان وأيضًا وجدوا أن المحاصيل العضوية ليست ذات مذاق أفضل من المحصولات الأخرى بالرغم من أن البعض يجزمون بأنها أفضل بكثير.

لماذا لا يوجد إقبال كبير على المحاصيل العضوية ؟

هكتار واحد من الأرض المزروعة بالبطاطس عبر الطرق الشائعة ينتج ضعفي ونصف الأراضي المزروعة وفقًا لمعايير المحاصيل العضوية وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل المزارعين يلجئون إلى استخدام الطرق الشائعة – أي استخدام المبيدات – حتى يتسنى لهم الحصول على قدر أكبر من المحصول ليزيد ربحهم، ولكن في نفس الوقت فإن سعر المحاصيل العضوية هو أعلى من المحصولات الأخرى ولكن لا يوجد عليه إقبال بنفس الدرجة، وهذه هي المعادلة الاقتصادية التي تشكل شيوع المحصولات العادية.

فوائد الزراعة العضوية

غسل الفواكه والخضروات يمكن أن يقلل من بقايا المبيدات الموجودة فيها لكن النباتات تمتص بعض الأنواع من المبيدات وتدخل فيها مما يمنعنا عن إخراجها حتى مع الغسل بالماء، وهناك أنواع أخرى تظل متشبثة بالنباتات وتحتاج إلى غسل متقن لإخراجها، ولذلك فإن البعض يعتبرون الزراعة العضوية هي الحل الوحيد للابتعاد عن أخطار المبيدات خاصةً الأغذية التي تحتاج إلى كمية أكبر من المبيدات عن غيرها. ومن مزايا تناول اللحم العضوي أنك ستقلل كمية التعرض إلى البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

قوانين و أهداف الزراعة العضوية

في سنة 1990 مرر مجلس الشيوخ الأمريكي قانون إنتاج المحصولات العضوية والذي يرمز إليه اختصارًا باسم OFPA والذي ينص بند من بنوده على أن تلتزم وزارة الزراعة الأمريكية بتطوير المعايير الخاصة بإنتاج الأغذية العضوية بمختلف أنواعها. وفي الولايات المتحدة هناك غرامة تفرض على أي احتيال يتعلق ببيع المحصولات العضوية المخالفة للتعليمات والقوانين التي تنص عليها برامج الأغذية العضوية المشار إليها بالاختصار NOP ويتم فرض الغرامة على كل عملية احتيال. وفي الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان معايير خاص تلزم المزارعين الذين ينتجون المحصولات العضوية على الالتزام بها طالما أنهم يسوقون المنتج على أنه عضوي في السوق، وهناك عقوبات مختلفة الحدة على من يخالفون القوانين. وهناك العديد من المؤسسات التي ناشدت منتجي المحاصيل العضوية بألا يستخدموا تقنية النانو والتي يمكن أن تؤثر على صحة الإنسان.

هل المحاصيل الزراعية العضوية أكثر أمانًا للبيئة؟

المحاصيل العضوية هي أكثر أمانًا للصحة لكن في ناحية البيئة فإن هناك العديد من الأبحاث التي أثبتت أنها قد تخلف آثار سلبية بدرجة أكبر من المحاصيل الاعتيادية، فمثلاً نجد أن لتر واحد من الحليب العضوي يتطلب مساحة من الأرض تزيد بنسبة 80% عن المساحة اللازمة للحصول عليه عبر الطرق الشائعة، كما أنه يتسبب في زيادة التأثير على الاحتباس الحراري بنسبة 20% عن الطرق الشائعة وينتج عنه 60% من المغذيات إلى مصادر المياه ويساهم في نسبة زائدة بقدر 70% في تكوين الأمطار الحمضية. مع العلم بأن الأبحاث أظهرت أن الحليب العضوي والمنتج بالطرق الشائعة يحملان نفس المستويات من الملوثات ومنها هرمونات النمو.

ماذا يعني المنتج المصنوع بمواد عضوية؟

عندما تجد منتج مكتوب عليه “100% عضوي” فهذا يعني أن منتجه يلتزم بكافة التعليمات الخاصة بإنتاج المحاصيل العضوية والتي تختلف باختلاف الدول، وعندما تجد كلمة “عضوي” فهذا يعني أنه يحتوي على الأقل على نسبة 95% من المكونات العضوية، وعندما تجد جملة “مصنوع بمنتجات عضوية” يعني أنه على الأقل يحتوي على نسبة 70% من المكونات العضوية.

الزراعة العضوية في البيوت المحمية

الأرض التي تكون مكشوفة تتعرض إلى مؤثرات مختلفة ولذا يلجأ البعض إلى بناء أرض محمية عبر غطاء خارجي مثل الزجاج وهو أكثر الأغطية تكلفة ومن ثم الحرث واستخدام أسمدة سائلة وأسمدة ذات درجة بطيئة في الانحلال (مثل الأزموكوت).

الزراعة العضوية في السعودية

شهدت زراعة المحاصيل العضوية قفزة كبيرة في المملكة العربية السعودية في مطلع الألفية الجديدة وهي الدولة العربية الثانية التي تصدر قوانين خاصة بها، وتم تأسيس جمعية خاصة حصدت تبرعت كبيرة من جانب مجموعة من رجال الأعمال والأسرة الحاكمة، وهناك تعاون كبير مع المؤسسات الألمانية الحكومية والخاصة لتحسين الإنتاج العضوي الخاص بالمملكة وإنشاء برامج تدريب متنوعة. وتشير التقارير الرسمية إلى أن عدد المزارع العضوية في المملكة تخطى مئة وأربعين مزرعة في سنة 2017 بالمقارنة مع إثنين وستين مزرعة فقط في سنة 2010 وذلك بفضل الحملات التوعوية المستمرة والبرامج الدولية المشتركة والأنشطة الداعمة التي تقدمها الهيئات التابعة لمجلس الوزراء السعودي.

الزراعة العضوية في مصر

في مطلع عقد السبعينيات كانت مساحة الأراضي التي تستخدم الطرق العضوية في الزراعة تساوي حوالي مليون ومئة وخمسين ألف هكتار وتضاعف الرقم حوالي 9 مرات في أواخر القرن ليصل إلى حوالي ثلاثة وأربعين مليون وسبعمائة ألف هكتار في سنة 2014 مما يجعلها الدولة الأفريقية الثالثة في مساحة أراضي المحاصيل العضوية. وفي سنة 2017 وافقت الحكومة المصرية على قانون خاص بتطوير إنتاجية الزراعة العضوية وذلك لتحسين جودة المحاصيل بصفة عامة بالإضافة إلى طرح أنواع جديدة من المنتجات في السوق ولكن السبب الأهم هو تقليل الاستيراد من الدول الأوروبية والاعتماد على الإنتاج المحلي وتوفير فرص عمل للشباب وتقليل الأضرار الواقعة على التربة والمياه بسبب غزارة استخدام المبيدات والأفعال غير الواعية بأوضاع النظم البيئية التي يقوم بها عدد كبير من المزارعين.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

14 − 5 =