تسعة بيئة
الكوارث الطبيعية
بيئة » الطبيعة » الكوارث الطبيعية : هل يشهد عصرنا ارتفاعًا في وتيرة الكوارث ؟

الكوارث الطبيعية : هل يشهد عصرنا ارتفاعًا في وتيرة الكوارث ؟

لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن واحدة أو أكثر من الكوارث الطبيعية ، فعل عصرنا يشهد ارتفاعًا غير طبيعي في معدل هذه الكوارث أم في الأمر سر آخر؟

براكين، زلازل، فيضانات، حرائق، والكثير من الكوارث الطبيعية التي عصفت بالإنسان منذ فجر الآلاف السنين وأفقدت الأرض ما يقرب من نصف مواردها البشرية والطبيعية، حتى أصبحت تلك الكوارث لعنة على مر العصور، قد تنتهي بها حضارة وتبدأ بها حضارة أخرى، لذلك يُقال إن كل كارثة من الكوارث الطبيعية تأتي ككارثة، وترحل ككارثة، وتُخلف خلفها كارثة أكبر، لكن المُلفت في الأمر هو تفاوت وقوع هذه الكوارث عبر العصور، وهو تفاوت لا يصب في مصلحة الأجيال القادمة على الإطلاق، وربما تُثير تلك المقدمة سؤالًا في ذهنك وهو “هل يشهد هصرًا ارتفاعًا في وتيرة الكوارث الطبيعية؟”، ولكي تعرف الإجابة فكل ما عليك هو أن تُكمل قراءة هذا المقال.

سر زيادة عدد الكوارث الطبيعية في العصر الحالي

ما هي الكارثة؟

قبل أن نبدأ بالحديث عن تفاوت حدوث الكوارث الطبيعية بين عصرٍ وآخر علينا أولًا أن نعرف ما هي الكارثة، وهي ببساطة، وبلا تحذلق، تعني الخطر، فكل خطر يُمثل تهديدًا يُعد كارثة، وهي المأساة أيضًا، لأن الخطر لن يُتبع إلا بمأساة، ثم يتشابكان معًا ليصنعا الكارثة، إذًا الكارثة هي المأساة والخطر، أو كل الأمور السيئة عمومًا.

أما الكارثة الطبيعية فهي أمرٌ آخر، لكنه لا يختلف كثيرًا عن معنى الكارثة المجردة، فالفارق بينهما أن الكوارث الطبيعية تُصبح أشد مأساةً وخطورة، ليس على شخص فقط، بل بلد كاملة، أو ربما قارة، أو ربما العالم، وقد جرّب البشر على مدار آلاف السنين المعني الحقيقي للكوارث الطبيعية التي كادت تتسبب في هلاكهم ومحوهم من على وجه الأرض، ولنا في الزلال والبراكين والفيضانات خير مثال.

أبرز الكوارث الطبيعية السابقة

للكوارث الطبيعية عدة أشكال، يتميز كل شكل منهم بنوعٍ معين من الخطر والدمار الذي يُخلّفه، لكنهم يتفقون جميعًا في كونهم يأتون بغتة ودون سابق إنذار، وربما هذا الأمر هو يُعطيهم صبغة الكارثة، وأبرز الكوارث الطبيعية ما يلي:

الماء، سلاح ذو حدين

قد يندهش البعض عندما يعرف أن كثرة الماء أو وفرته أمر كارثي، فعند كثرة المياه وزيادتها عن المُعدل الطبيعي يحدث ما يُسمى بالفيضان، وهذا الفيضان يقتلع في طريقه الأخضر واليابس، ولا يُخلف وراءه سوى الدمار، وتُعد الفيضانات هي أخطر وأقدم الكوارث، حيث عرفها الإنسان منذ القدم وسعى كثيرًا في الحصول على حل لها.

في نفس الوقت، إذا قل الماء عن المُعدل الطبيعي المطلوب تتعرض الأرض لخطر الجفاف، وهو أشد بأسًا من الفيضان لأنه لا يُمكن مواجهته بأي شكل، فالفيضان عندما يحدث يكون الشغل الشاغل هو التخلص من الماء الزائد، وقد يحدث هذا مع الجهد والتصرف الصحيح المصحوب بتخطيط هندسي مُتقن، أما الجفاف فيعني أنه لا ماء، ولا ماء تعني أنه لا حياة، فلا يوجد جُهد بشري قادر على إجبار السماء كي تُمطر أو الأرض كي تتفجر أنهارها.

الزلازل، أبرز الكوارث الغير متوقعة

عندما تُداعب الصخور بعضها تحت الأرض يدفع البشر ثمن ذلك غاليًا، هذه هي الزلازل باختصار، حيث أن الكوارث التي تأتي على شكل زلازل تكون أصعب الكوارث التي يُمكن مواجهتها، هذا إذا كان هُناك أحد يُمكنه مواجهتها من الأساس، فمن هذا الخارق الذي يُمكنه منع الأرض من الاهتزاز وهدم البيوت واقتلاع الأشجار وقتل الحيوانات وإشعال الحرائق؟، من المؤكد لا أحد، كما أنه من المؤكد أنك لن تعرف متى يأتي الزلزال، لأنه ببساطة كارثة، والكارثة كما عهدها الإنسان منذ القدم تأتي فجأة دون سابق إنذار، ولا يشعر به إلا بعد أن تكون قد دمرت كل شيء.

البراكين، ألسنة اللهب المُفترسة

من الكوارث الطبيعية التي واجهها الإنسان قديما وحديثًا البراكين، فالنار التي تندلع من قلب الصخور والجبال بلا أي مُبرر هي أسوأ كارثة يُمكن مواجهتها، لأنك أولا لا تعرف سبب النيران، ولا تعرف حتى كيفية إخمادها، ولا هي نيران عادية يُمكن التعامل معها بالماء كما الحرائق، ببساطة، تكمن قوة البراكين في عدم قدرة أي شخص على مواجهتها.

الأمراض، الكارثة الأبدية

هناك بعض الأمراض لا يُمكن اعتبارها إلا كارثة طبيعية، ولسنا في حاجة لذكر آلاف الأمراض المُميتة التي داهمت البشر منذ فجر التاريخ وأعملت القتل بين صفوفهم، حيث كان المرض-قديمًا على وجه التحديد-يمتلك من القدرة ما يجعله يفتك ببلد بأكملها، والطاعون خير دليل على ذلك الأمر، لكن ربما مع تقدم الزمن وانتشار العلم أصبحت تلك الأمراض ليست بالأمر العصيب، حيث لا تأخذ سوى شهور قليلة حتى يتم ابتكار دواء قادر على إيقافها تمامًا.

أبرز الكوارث الطبيعية المُتوقعة

من أبرز إنجازات العلم أنه بات قادرًا على التنبؤ بالكوارث قبل وقوعها، وذلك عن طريق أجهزة الرصد والإحصاء والتوقع، وهو أمر مُجدي في أغلب الأحيان، حيث يُمكن التفكير في حل الأزمات وابتكار طريقة للقضاء على الكارثة حتى قبل حدوثها، ومن أبرز الكوارث المتوقع حدوثها في المستقبل ما يلي:

اصطدام الأرض، الكارثة الأكثر توقعًا

تقريبًا اتفق الجميع على أن اصطدامًا للأرض سيحدث، لكن متى، وأين، وفي أي شيء؟، لا أحد يعرف حتى الآن، ما يعرفونه فقط أن هذا الاصطدام سيكتب شهادة الوفاة للأرض.

نفاذ الطاقة

من الكوارث الطبيعية المتوقع حدوثها عاجلًا أو آجلًا نفاذ الطاقة التي تُستخدم في تسيير حياة البشر، كالفحم والبترول والغاز الطبيعي، وهو أمر كارثي موقع إذا وضعنا في الحُسبان حجم الإقبال على تلك الموارد مع الكميات الموجودة منها حاليًا، ونفاذ الطاقة يُشبه كثيرًا اصطدام الأرض، فكلاهما يعنيان انتهاء الحياة البشرية.

العاصفة الشمسية

ربما لا يعرفُ الجميع أن عاصفةً شمسية قد حدثت قبل قرنٍ ونصف وسببت الكثير من الدمار بالأرض، لكن الأسوأ من ذلك أن كل المؤشرات توحي باقتراب موعد حدوث عاصمة جديدة، وهو أمر إن صح سيعنى الكثير والكثير.

ظهور مرض نادر

يقول الأطباء أن التلوث المستمر للأرض سيُخلف عما قريب مرض نادر لا علاج له، وسيؤدي إلى موت الكثير من البشر إن لم يكن الجميع، وهذه الكارثة يُحذر منها كل من يعرف خطورة ملوثات الهواء من عوادم سيارات ومصانع وغيرها، لكن لا أحد يسمع لهم، والأجيال القادمة هي من ستدفع الثمن غاليًا.

مُعدل الكوارث الطبيعية

الكوارث الطبيعية لا تأخذ معدلًا معينًا، لكن الأمر المفروغ منه أنه كلمه تقدم الزمن زادت حدة الكوارث، فقديمًا مثلًا كانت الفيضانات هي أكثر الكوارث حدوثًا، بالإضافة إلى أنه لم يكن ثمة حلول لموجهتها مثل السدود الآن على سبيل المثالي، ومع تقدم الزمن أكثر ظهرت الزلازل والبراكين والعواصف الشمسية، ثم بعد ذلك ظهرت الكارثة الأكبر وهي الحروب، ورغم أن البعض قد لا يعتبرها كارثة طبيعية إلا أنه في الحقيقة تظل الكارثة الأشد بين الكوارث، لأنه مهما كانت نتيجة تلك الحروب فالبشرية هي الخاسر الأول فيها، لذلك كان السعي نحو إيقاف الحروب الشغل الشاغل للعالم عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقد نجح بالفعل في تحقيق ذلك، لكن بقي الشيء الأهم في الأمر، الكوارث الطبيعية، والتي يعرف الجميع أنها ستزداد وترجع بصورة أقوى مما كانت عليها في السابق، والعالم المسكين ليس بيده شيء سوى الترقب.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثلاثة عشر + ثمانية =