تسعة بيئة
استعمال زعانف القرش
بيئة » الطبيعة » استعمال زعانف القرش : عندما تصطاد سمكة لأجل زعانفها فقط!

استعمال زعانف القرش : عندما تصطاد سمكة لأجل زعانفها فقط!

استعمال زعانف القرش واحدة من أسوأ الممارسات التي يتم ارتكابها ضد البيئة وغير معروف حتى وقتنا الحالي كيفية إيقافها بصورة تضمن عدم الإخلال بالفوائد التي يتم الحصول عليها أساسًا من الزعانف، فهل تريدون معرفة الأمر برمته من البداية؟

تُعتبر عملية استعمال زعانف القرش واحدة من أبرز أنواع الصيد الخاطئ التي يتم ممارستها مؤخرًا، بل دعونا لا نكون مبالغين إذا قلنا أن هذا الصيد صيد مُجرم غير مشروع وليس خاطئ فقط، فما يحدث في سمكة القرش عند إزالة الزعانف منها يؤدي إلى تدمير حياتها بشكل نهائي وبطريقة وحشية للغاية، خصوصًا وأن الجنون يصل إلى إعادة القرش مجددًا إلى البحر ليُتبع حياته بلا زعانف، ولكي يكون الأمر أكثر قربًا بالنسبة لأذهانكم فدعونا نفترض أن شخص ما قد أخذ الرئتين منك وتركك تتابع حياتك، ما الطلب الذي ستطلبه في هذا التوقيت أكثر من أي شيء آخر؟ بالضبط، سوف تطلب الموت لتُرحم من العذاب الذي ستُعانيه بسبب تلك الفعلة، وهذا ما يحدث بالضبط بعد استعمال زعانف القرش ، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتناول سويًا مُجريات هذه العملية الغير آدمية ولماذا تحدث وأسباب تجريمها، فهل أنتم مستعدون للاقتراب أكثر من عالم البحار المُخيف وما يحدث فيه من انتهاكات؟ حسنًا لنبدأ سريعًا.

استخراج زعانف القرش

لكي نضعكم في الصورة دعونا نخبركم بشكل القيام بعملية استخراج زعانف القرش كي تُدركوا حجم الكارثة التي نتحدث عنها، فالأمر ببساطة أنه ثمة شركات خاصة بسفن خاص تضع مجموعة أشخاص كذلك يتم تجنيدهم للقيام بمهمة واحدة، وهي استخراج سمك القرش من البحر واقتصاص الزعانف الموجودة عليه، زعانف عادية مثل التي تتواجد في الأسماك وفي أي شكل آخر من أشكل البحار، لكن الأمر هنا ببساطة أن تلك الزعانف تكون أثمن، وهذه في الحقيقة ليست مشكلة بالمرة، إذ أن كل شيء حولنا موجود أساسًا من أجل الاستفادة منه بشكل أو بآخر، لكن الكارثة التي نتحدث عنها تتمثل فيما يقوم به الصيادون بعد أخذ الزعانف التي تلزمهم، حيث أنهم يُرجعون أسماك القرش إلى البحر مرة أخرى!

قد تعتقد عزيزي القارئ أن هذا الأمر من ناحية البيئة والرغبة في الحفاظ عليها أمر جيد للغاية، فهو يعني منح فرصة حياة جديدة لهذا الحيوان، لكن الأمر الذي ربما لا تعرفونه أن استعمال زعانف القرش يعني ببساطة سلب الحياة من هذا المخلوق، سلبها بصورة لا خلاف على وحشيتها بلا شك، إذ أنه عندما يتم وضع القرش مجددًا في البحر يُصبح لقمة سائغة لأي حيوان آخر، تخيلوا أن القرش من الممكن جدًا أن تتغذى عليه الأسماك الصغيرة؟ القرش بهيبته ورونقه وقوته يُصبح حرفيًا بلا طاقة، وطبعًا النتيجة المنطقية التي تحدث لاحقًا هي موت القرش، إنها كما يتضح من الشرح عملية غير آدمية بالمرة، ولهذا تُصبح مُجرمة وتدخل ضمن الصيد غير المشروع التي تحاول الدول منعه بشتى الطرق.

لماذا تُحَارب عملية استعمال زعانف القرش ؟

بالتأكيد هناك سؤال يدور في أذهانكم الآن وربما لم تجدوا إجابة كافية عليه بعد، وهو يتعلق بالسبب خلف محاربة استعمال زعانف القرش وقبل ذلك محاربة فكرة صيد زعانف القرش من الأساس، وطبعًا السبب الأهم والبديهي هو كون ذلك الأمر سوف يؤدي إلى انقراض حيوان القرش نهائيًا، وإذا كنتم تعتقدون أننا نبالغ في ذلك فعليكم أن تعرفوا الكارثة، وهو كون الصيد العالمي من صيد القرش وأخذ زعانفه يصل إلى ثلاثين مليون قرش سنويًا! تخيلوا، هناك حيوان يُقتل منه كل هذه الأعداد في عام واحد فقط من أجل زعانفه، بل ثمة عام وصل فيه الأمر إلى ذروته وتم قتل ما يقترب من المئة مليون سمكة قرش بسبب أخذ الزعانف منها، والكارثة أن هذه الإحصائيات تأتيكم بعد أن تم تطبيق نظام الحماية من المنظمات العالمية طمعًا في الحفاظ على هذا المخلوق وعدم الركض به نحو الانقراض، لكن لا حياة بالتأكيد لمن تُنادي!

أسباب محاربة عملية استعمال زعانف القرش لا تتوقف فقط عند مسألة الانقراض والخوف منها، فهي أمر مُحتم الحدوث وله أكثر من طريقة، لكننا في نفس التوقيت نتحدث عن خلال محتمل الحدوث في النظام البيئي لكوكب الأرض، كما أنك الآن تُعطي البشر أملًا في خامة مُعينة أو مُنتج يحظى بإقبال كثيف مثل طبق زعانف القرش، والآن، عندما ينتهي حيوان القرش من البحر ولا تكون هناك زعانف له، ما الذي سيحدث تاليًا وكيف سيتم التصرف؟ الأمر بالطبع ليس سهلًا ويستحق شكل المُحاربة الذي يأخذه الآن، فنحن نتحدث عن عملية صيد غير مشروع بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ.

أسباب استعمال زعانف القرش

تلك الظاهرة التي نتحدث عنها الآن لا تحدث عبثًا، وإنما تكون هناك بعض الأسباب التي تؤدي إليها، وهي أسباب مقنعة وقوية لكنها لا تُبرر بالتأكيد القضاء على ثروة بحرية هامة مثل القرش، فحتى قتل الإنسان يُمكننا أن نُبرره تبريرًا منطقيًا يقتنع به البعض، لكن هل هذا يعني الاستمرار فيه؟ على العموم أول وأهم هذه الأسباب ارتفاع أسعار زعانف القرش.

ارتفاع أسعار زعانف القرش

إذا ما تواجدت المادة والأموال فاعلم عزيزي القارئ أن الإنسان من الممكن أن يفعل أي شيء ممكن من أجلها، وهذا ما يحدث في مسألة استعمال زعانف القرش ، فهي سلعة مرتفعة الثمن لأبعد مدى يُمكن تخيله، فمثلًا زعانف قرش واحد تصل إلى خمسين يورو، كما أنه ثمة بعض الأنواع التي تصل إلى مبالغ خيالية غير معقولة بالمرة، وهي عشرة آلاف دولار مثلًا، وهي تتعلق بأنواع محددة من الزعانف مثل زعانف القرش البطيء، وبشكل بديهي فإن ارتفاع الأسعار يعقبه ارتفاع في القيمة، وبالتالي من المنطقي أن يزيد الصيد من أجل الحصول على القيمة، وهو ما يحدث من خلال شركات كبرى متخصصة وليس مجرد أشخاص عاديين، ببساطة، إنها جريمة مُنظمة جدًا.

استخدام الزعانف في أطباق مُكلفة

لا نزال مع الأسباب التي تؤدي إلى استعمال زعانف القرش والتوسع في صيد حيوان في غاية الأهمية مثل القرش، هذه المرة الأمر ينتقل إلى ما يُستخدم فيه زعانف القرش ويجعله بهذه القيمة والأهمية، ألا وهي الأطباق البحرية التي يتم تقديمها في أفخم المطاعم الموجودة في العالم، إذ أنه ثمة مطاعم تُقدم الزعانف بأسعار خيالية لا يقدر على ثمنها سوى الأثرياء ورجال الأعمال، هذا بخلاف دخولها في العلاج وبعض الأمور الخاصة بالشعوذة، لكن تبقى أطباق الزعانف الطازجة هي الشيء الجاذب الرئيسي والأهم، ولأجل هذا يتم استعمال زعانف القرش بهذا الشكل وهذه الكيفية الكبيرة المُكثفة.

الاستخدام في العلاج

بعض الناس قد يستخدمون زعانف القرش التي نتحدث عنها في أمر مختلف تمامًا ويستحق أن يتم الخروج للصيد من وجهة نظرهم، والحديث هنا مثلًا عن الاستخدام في العلاج، أجل، بعض الناس يفضلون استعمال زعانف القرش من أجل الحصول على الأدوية التقليدية، وهي التي تكون موجودة غالبًا في الأدوية الصينية، ولكي نكون دقيقين فإن مثل هذه الأمور تتبع أكثر الأدوية الغير علمية والغير مُصرح أساسًا بتواجد تلك المواد بها، لكنه في النهاية أمر يعتمد على الخرافات والأشياء الغير حقيقية، هذا يعني أن استعمالها من هذه الزاوية غير سليم لكنه موجود وقائم ويبقى سبب رئيسي من أسباب استعمالها.

تطور أساليب الصيد ومطالب السوق

كذلك ضمن الأسباب التي تقود في النهاية إلى استعمال زعانف القرش بذلك الشكل المُكثف هو كون أساليب الصيد المُستخدمة في الوقت الحالي أصبحت تشهد تطورًا كبيرًا للغاية، تطور يفوق حتى حدود المعقول أو المتاح، لذلك لم تعد عملية الصيد مُتعبة إلى الحد الذي يجعل بعض الصيادين لا يُفكرون في مثل هذه الطريقة من أجل الصيد، أيضًا هم يدلفون إلى أنواع الصيد الغريبة مثل صيد الزعانف الخاصة بحيوان القرش، كذلك في نفس الوقت دعونا لا ننسى أن السوق البحري الآن قد أصبح مختلفًا كل الاختلاف عن السابق، وأصبح بيع الأشياء الغريبة والفريدة في نفس الوقت مثل زعانف القرش ضرورة لا بد منها.

ختامًا عزيزي القارئ، ليس هناك شك بالتأكيد في كون استعمال زعانف القرش أمرًا جيدًا ويُمكن السماح به، لكن فقط عندما يكون ذلك في حدود المعقول والضروري، أما ما يحدث الآن من صيد عشوائي من أجل استعمال زعانف القرش بكل الطرق الممكنة فهو تهور حقيقي سوف يجلب الخطر، وبالتالي يستحق المحاربة والاستنكار من العالم الواعي على أقل تقدير.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

3 × 3 =