تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » لعنة الخجل : كيف نخسر أشياء مهمة بسبب الشعور بالخجل ؟

لعنة الخجل : كيف نخسر أشياء مهمة بسبب الشعور بالخجل ؟

رغم أن الخجل أمر طبيعي، إلا أنه يصبح في أوقاتٍ كثيرة أمرًا سيئًا جدًا للعديد من الأسباب، منها أنه يضيع على الإنسان الكثير من الفرص في حياته بسبب لعنة الخجل .

لعنة الخجل

هل يبدو لك مصطلح ” لعنة الخجل” مبالغًا فيه؟ بالتأكيد لن توافق على هذا بعد قراءتك المقال، الكثير من الأوقات يكون الخجل فعلاً لعنة حيث يوجد أشخاص يسبب لهم الخجل شلل بالمعنى الحرفي، بحيث لا يعرفون كيف يعطون رد فعل مناسب في وقت مناسب بل فقط يتسمرون في مكانهم دون ينبثون ببنت شفة ولا يعرفون كيفية التعامل مع الآخرين بصورة تلقائية. بل عادة يكونون مكسوفين ولا يختلطون مع الناس وهذا في الأخير سيؤدي إلى أن دائرة علاقتهم ستكون ضيقة جداً وهذا سيء جداً على المستوى الاجتماعي والمستقبل العام لهذا الشخص. إن الاختلاط بالناس ليس مجرد عادة أو شيء غير مهم بل في الحقيقة الاختلاط بالآخرين هو هدف إنساني طبيعي جداً لكون الإنسان كائن اجتماعي، فما بالك عندما يخجل شخص من الناس فالأمر طبعاً سيكون كارثي. وسأقول لك لماذا لعنة الخجل شيء سيء ويجعلنا نخسر أشياء كثيرة جداً في حياتنا دون أن ندري.

لعنة الخجل : كيف يصبح الخجل لعنة في بعض الأوقات ؟

الضغط الزائد

الأشخاص الذين يعانون من لعنة الخجل الزائد غالباً عندما يكونون في وضع يجمع الكثير من الناس أو تعارف أو اختلاط مباشر مع آخرين فهو يكون مضغوط نفسياً جداً. لأن الخجل أساساً يكون شعور أنه ليس في أفضل أحواله الآن ويفضل أن يكون في أفضل أحواله عند مقابلة الناس وأفضل أحواله لا تأتي أبداً. ولذلك الضغط النفسي عليهم يكون كبير ويعتقد دائماً أنه غير جذاب أو به عيب ما والناس تركز عليه جداً، في حين أنه لا يشغل بال الكثيرين والناس لا يفكرون فيه كما يفكر هو في نفسه بهذه الطريقة.

الردود الغير حكيمة

هؤلاء الذين يكونون خجولين جداً في العادة عندما يوجه أحد لهم سؤال أو كلام، فهم يتلعثمون ويرتبكون جداً كأن أحد ضربهم بشيء ثم يقولون أشياء غير مفهومة. والذي يحدث هنا هو أن الشخص الخجول عندما يُسأل فهو لا يفكر في إجابة بل يفكر فيمن سأل ولماذا سأل وماذا سيقول، وأشياء بعيدة جداً عن التفكير في الإجابة. ولذلك مثل هؤلاء يقولون كلمات غير حكيمة وأحياناً إذا أراد أحد أن يلاعبهم أو يمزح معهم يمشون ويتركونه لأنهم يشعرون بالخجل أكثر. وهناك نوع أكثر خجلاً فيتحول إلى عدوانية ومن ثم هروب. وهكذا لعنة الخجل تمسك بهؤلاء ولا تفلتهم حتى يصيرون أشخاص غير مفهومين.

الشعور بعدم الرضا

وهذا أسوأ ما في لعنة الخجل حيث أن الشخص الخجول غالباً يكون غير راضي عن ذاته أو عن تصرفاته، فيشعر دائماً بالحرج من نفسه وأن الناس ينظرون إليه باستمرار، وهذا ليس حقيقي وهو يعلم أنه ليس حقيقي ولكنه يشعر به وهذا في حد ذاته لا يريحه. ثم يبدأ الشعور بعدم الرضا عن الذات يتحول إلى اكتئاب نفسي ورفض للذات ورفض للناس بصورة أكثر ورغبة في الوحدة بقدر أكبر من السابق. لأنه في كل مرة يتعامل مع الناس يشعر بعجزه في التعامل معهم وأنه أقل منهم أو أن خجله يحرجه. ومن هنا تتأزم الحياة أكثر ويصير الخجل لعنة بالفعل حيث يذهب الشخص بعيداً عن الناس لمجرد أنه يخجل من ذاته في حين أن الناس تعامله بطبيعية.

الخجل في الزواج

وهذه تعتبر مصيبة في بعض الأحيان. حيث من المعروف أن ستار الخجل بعد الزواج سيزاح بين الشريكين وأن كلاً منهم سيعرف كل شيء عن الأخر. ولكن المشكلة هنا أن الشخصيات الخجولة لا تتأقلم مع هذا الوضع تماماً في البداية وأحياناً يستمر الوضع لفترة وأحياناً يستمر الوضع حتى الانفصال. والموضوع يكون بمثابة الكابوس على الطرفين حيث أن كل شخص من الاثنين يرمي اللوم على الأخر وإن كان الرجل هو الخجول فهذه ستعتبر كارثة، وإذا كانت الفتاة هي الخجولة فسيحدث بعض المشاجرات وربما يمتد الأمر إلى العائلات، وربما يكون الأهل عنيفين مع الفتاة ويتعاملون معها بغشم في حين أنه ما تشعر به هو غصب عنها وليس بإرادتها.

علاج لعنة الخجل

هل هذا هو طريق النهاية؟ هل لعنة الخجل هي مرض ليس له علاج؟ بالطبع لا، فالخجل عزيزي القارئ له علاجات وليس علاج واحد ولكن حتى تصل إلى هذه العلاجات يجب أن يكون لديك الاستعداد لمحاربة خجلك وإحراجك من نفسك، وأن تعترف بهذا أمام نفسك حتى بعد ذلك تعرف ما هي نقاط الضعف التي تشعر بها وتحاول أن تهرب منها.

المشاركة مع المجتمع

يجب عليك تماماً إن كنت تعاني من لعنة الخجل أن تجد لنفسك مجال تحبه وفي نفس الوقت يوجد أشخاص غيرك يحبونه ويشاركونك فيه. مثلاً إن كنت خجول وتحب القراءة فابحث عن هؤلاء الذين مثلك يحبون القراءة وتعامل معهم كنوع من أنواع الاحتكاك الطفيف في البداية، ثم ستجد نفسك تدريجياً صار بينك وبينهم ود ولم تعد تشعر بالخجل أمامهم لأنك تراهم كثيراً واعتدت على وجودهم بجوارك وهم يسمعونك. إن كنت تحب الموسيقى فاذهب لنشاط موسيقي سيكون أيضاً به أشخاص في عمرك. وهكذا ستجد الأمر في الأخير أصبح عادي جداً والخجل الذي كنت تعاني منه قبلاً أصبحت تضحك عليه مع أصدقائك عندما تتذكرون الماضي.

فرغ ما بداخلك

بمعني أن الأشخاص الخجولين يكونون غالباً كتومين جداً ولا يستأمنون أحد على ما يفكرون به خوفاً من الإحراج لأنهم يشعرون دوماً بالخجل من الخارج. فما بالك من الداخل حيث الأفكار المكشوفة! ولذلك كثرة الكبت لن تفيد الشخص الخجول بل ستجعل منه شخص مكبوت ومريض نفسياً ومنعزل وهذا واقع، ولذلك لابد من وسيلة للتفريغ. تفريغ أفكار هؤلاء الخجولين فمن الممكن أن يكون الرسم وسيلة ومن الممكن أن يكون العزف وسيلة، حيث الخجولين غالباً لا يحبون أن يغنون لأن ذلك يحرجهم ويجعل الجميع يركز معهم مما يكون بمثابة الضغط عليهم. وإن كان الشخص ليس لدية أي موهبة من كل هذا فليست مشكلة، فورقة وقلم ويكتب فيها ما يدور في خلده ثم يقرأ ما كتبه ثم يحرق الورقة أو يتلفها وهكذا يكون قد أفرغ أفكاره وقرأها وعرف ما كان يدور في خلده، فلن يشعر بالحرج فيما بعد وسيكتشف أن هذا عادي جداً وطبيعي وستكون بداية جيدة للتخلص من لعنة الخجل واكتشاف النفس.

حب ذاتك

لعنة الخجل تأتي غالباً عند الأشخاص الذين يكونون غير مقتنعين بأنفسهم وغير واثقين بأنفسهم لدرجة أنهم يشعرون بالتردد في كل شيء. ولكن إن كنت تحب نفسك وتتعامل مع نفسك على أساس أنك تثق في نفسك فلن تخجل وستتكلم طبيعي جداً. لأنك ليس لديك ما تخجل منه لأنك تحب نفسك بكل ما فيها من مزايا وعيوب وعندما تتقبل هذه العيوب فالآخرين أيضاً سيتقبلونها لأنهم لو لم يتقبلوها إذاً هم الخاسرين وأنت الرابح.

أخيراً لعنة الخجل ليست بالسهلة وإن كنت تعاني من الخجل في العموم فالله يكون في عونك. ولكن دائماً تذكر أن تثق في نفسك وتتقبلها ومن ثم لا تخف من أحد ولا من ردود فعلك ولا من الإحراج ولا من كل هذا. حيث أن الحياة ستمضي وكل شيء سينسى وما كنت تعتبره أنه شيء محرج جداً فالناس نفسها ستنساه ولن يتذكرك سوى الأحباب بالخير والمحبة لذلك لا داعي من الخجل الزائد وأطلق العنان لتعبر عن نفسك وأفكارك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.