تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » حياة زوجية » كيف تجمع بين عدم إنجاب الأطفال وبين الحياة الزوجية السعيدة؟

كيف تجمع بين عدم إنجاب الأطفال وبين الحياة الزوجية السعيدة؟

عدم إنجاب الأطفال هو واحد من أبرز المشاكل التي يمكن أن تواجه الأزواج، وينظر إليها الكثيرين على إنها نهاية الحياة أو تهديد للعلاقة الزوجية، بينما يمكن أن تكون فرصة لحياة أكثر تقليدية واستثنائية. هنا سأطرح هذه المسألة من عدة جهات لنرى الحياة من جانب آخر.

عدم إنجاب الأطفال

إذا كان الزواج يعتبر واحد من أهم السنن الحياتية عند الكثيرين فإن إنجاب الأطفال هو أمر ملازم تمامًا لعملية الزواج، ويرى الكثيرون، خاصة في وطننا العربي، أن فكرة عدم إنجاب الأطفال هي افتراء على الله وأن هذه نعمة لا يجدها الجميع. قبل أن نشرع في الحديث عن هذا الأمر يجب أن نوضح أن فكرة عدم إنجاب الأطفال لها بُعدين، فقد تكون بسبب ظروف لا إرادية، صحية كانت أو لأي أسباب بيولوجية لا دخل للأزواج بها، أو بشكل إرادي وعن رغبة وهذا الأمر غير منتشر في ثقافتنا العربية كثيرًا ولهذا سنتحدث عنه هنا، وسنتعرف ما الدوافع لهذه الرغبة الغريبة في وجهة نظر البعض ومنافية للفطرة كذلك.

عدم الإنجاب الطوعي

عدم إنجاب الأطفال عدم الإنجاب الطوعي

ينظر أغلب الأشخاص في مجتمعاتنا بطريقة نمطية زائد عن الحد في العديد من الأمور، مثل رغبة الفتاة في أن تكون أم هي رغبة غريزية ملاصقة لها منذ الولادة ومن لا تفكر بهذه الطريقة تعتبر شاذة، وكذلك الأمر في الرغبة في الزواج أو في الرغبة في الإنجاب ومن يفكر في العكس يعتبر شخص غريب شاذ أو مريض أحيانًا، بينما تجري الأمور على عكس هذه الشاكلة في النصف الآخر من كوكب الأرض، إذ نرى أن هناك أشخاص لا يتزوجون أو يرغبون في الإنجاب أو في اتخاذ المسار التقليدي، مع أنهم ينتمون لنفس فصيلة البشر التي ننتمي إليها! ومع مرور الوقت ظهرت حركة نسويه لدى السيدات تتبنى فكرة الزواج مع عدم إنجاب الأطفال وانتشرت في الكثير من دول العالم.

أسباب ظهور حركة عدم إنجاب الأطفال الطوعي

فكرة عدم إنجاب الأطفال الطوعي هي فكرة غير منتشرة في المجتمعات العربية بتاتًا، ولأن الإنجاب والزواج مرتبط بشكل ما بالدين الإسلامي وبعادات الشعوب العربية في التباهي بالأطفال وغيرها من الأمور الثقافية، فنجد فكرة عدم الإنجاب الطوعي هي فكرة منتشرة إلى حد ما في المجتمعات الغربية التي تخضع لمعايير ثقافية مختلفة، وهذه الفكرة بمثابة حركة اجتماعية تؤمن بحق الإنسان في عدم الإنجاب مدى الحياة ولهم أسبابهم التي تؤيد وجهة نظرهم، مثل وجود بعض الظروف الاقتصادية التي ستؤثر بالسلب على حياة الطفل، أو بسبب مشاكل صحية أو أمراض يتوقع انتقالها إلى الطفل، أو بسبب الشعور بأن العالم مليء بمن يحتاجون الرعاية والاهتمام من الأطفال الموجودين بالفعل ولهذا يمكن التبني، أو يمكن أن يكون الاعتراض على المناخ السائد في العالم أجمع، باعتبار أنه أصبح بيئة غير ملائمة لإنتاج أفراد صالحين أو أسوياء من جميع النواحي، ولهذه الحركة أنصارها في البلدان الأوروبية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وقد زادت نسبة هؤلاء السيدات عام 1995 ليمثلوا نسبة 6.6% من النساء الأمريكيات، وكذلك في بعض الدول الأوروبية.

ما حكم عدم الإنجاب؟

قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة” وذكر الله في كتابه عز وجل كثير من الآيات التي تحمل معنى الإنجاب والحث عليه، وعلى أ،ه زينة الحياة الدنيا، وسؤالنا الرئيسي هنا، هل عدم الإنجاب المتفق عليه له حكم في الدين الإسلامي أو موقف واضح؟ والجواب المختصر أن الإسلام لم يرد به ما يدل على هذا المبدأ وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، واتفقوا على أن الاتفاق على عدم الإنجاب لفترة محددة هو أمر مُباح ويمكن أن يحدث بلا أية مشاكل، بينما الاتفاق على عدم إنجاب الأطفال مدى الحياة هو محل جدل وخلاف ومن علماء الدين من يرى أن هذا غير مُباح بين الأزواج على اعتبار أن الإنجاب هو هدف رئيسي للزواج ولحث الدين الإسلامي معتنقيه على الإنجاب والتكاثر، وهناك بعض العلماء رأوا أن هذا الأمر مباح ومحتمل.

أسباب عدم الإنجاب عند المرأة

عدم إنجاب الأطفال أسباب عدم الإنجاب عند المرأة

فكرة إنجاب الأطفال هي حلم لأغلب المتزوجين وقبل كل ذلك هي إرادة الله عز وجل، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يكون هناك بعض العوامل التي تؤدي إلى عدم إنجاب الأطفال عند المرأة منها ما يلي:

سن المرأة

من أبرز الأمور التي يمكن أن تمنع المرأة من الإنجاب أو تعيق حملها هي السن، فهناك فترة معينة في عمر أغلب السيدات تتمتع فيها بالخصوبة وهي في الغالب من العشرين إلى الأربعين، وعدم الحمل في هذه الفترة سيؤدي إلى احتماليه عدم الإنجاب أو حدوث مشاكل.

تكيس المبايض

وهو يعتبر أحد الأمراض التي تصيب السيدات، وفي هذه الحالة تكون المشكلة في عدم قدرة المبايض على إنتاج البويضات وبالتالي لن تتم عملية التخصيب مع الحيوانات المنوية بشكل طبيعي.

بطانة الرحم وما قد يلاحقها من أمراض

الدور الأساسي لبطانة الرحم هو توفير الوضع والشكل المناسب لاستقبال البويضة وحدوث عملية التلقيح وما بعدها من مراحل تكوين الجنين، وفي هذه الحالة تكون أنسجة البطانة غير موزعة بطريقة صحيحة أو في أماكنها المناسبة، مما يؤدي إلى حدوث العقم.

اضطرابات قناة فالوب

دور قناة فالوب هو توصيل الحيوانات المنوية إلى البويضة بشكل سلس، وتكمن المشكلة في هذا السبب في عدم قدرة القناة على القيام بدورها ومن المحتمل أن يعود ذلك لعدة أسباب منها عدوى النفاس أو حدوث بعض الالتهابات أو غيرها من الأمور التي تؤدي إلى عدم إنجاب الأطفال .

يمكن أن يكون هناك أسباب أخرى غير ما ورد ذكرها هنا ويمكن أن يعود العقم أو عدم القدرة على الإنجاب إلى عمليات خارجية يحددها الطبيب المختص.

أسباب عدم الإنجاب عند الرجل

هنا سنتحدث عن الجانب البيولوجي والمشاكل المصاحبة التي قد تؤدي إلى عدم إنجاب الأطفال بسبب الرجل وكل هذه الأسباب بعد إرادة الله بالتأكيد:

  1. وجود اضطرابات في الخصية: تعتبر الخصية هي العامل الأساسي المسئول عن إنتاج الحيوانات المنوية وبالتالي إتمام عملية حدوث الحمل، وهي يجب أن تكون أول ما يبحث عنه في الرجل الذي لا ينجب، لأن السبب قد يرجع إلى تليف الخصية أو حدوث بعض الالتهابات أو أي سبب يمنع الخصية من إنتاج الحيوانات المنوية بشكل سليم.
  2. اضطرابات الهرمونات: من الأسباب المرتبطة بالخصوبة و عدم إنجاب الأطفال عند الرجل هي باقي أعضاء الجسم مثل الغدة الدرقية أو الغدة الكظرية والتي تؤثر بشكل رئيسي على الخصية ودورها في عملية الإنجاب.
  3. أسباب انسداديه: وهي المشاكل أو الأسباب التي تؤدي إلى امتناع خروج الحيوانات المنوية أو البول ويرجع ذلك لعدة مشاكل منها التدخل الجراحي أو حدوث بعض العوامل الخلقية وغيرها من الأمور.
  4. بعض الأمراض الخارجية مثل وجود مواد مضادة للحيوانات المنوية، والتي يمكن أن توجد لدى المرأة أيضًا.
  5. دوالي الخصيتين وما ينتج عنها من أثر سيء يؤدي إلى عدم إنجاب الأطفال أو العقم ربما.
  6. بعض الأمراض المعدية مثل الزهري والسيلان.

هل عدم الإنجاب سببًا كافيًا للطلاق؟

يتخذ أغلب البشر مسار مشابه ومباشر في الحياة وهو الزواج والإنجاب ثم إمضاء الحياة كما هي بالنمط التقليدي حتى الوفاة، مثل أغلب الناس، ولكن تحول الظروف في بعض الأحيان بين بعض الناس وبين هذا النمط من الحياة، ومنهم من يقررون اتخاذ مواقف صارمة في هذا الأمر، مثل الطلاق أو الزواج مرة أخرى، بالنسبة للرجال، أو غيرها من القرارات التي تُنهي العلاقة الزوجية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل عدم إنجاب الأطفال سببًا كافيًا للطلاق؟ من رأي الشرع والدين أن هذا مُباح ليس للرجل فقط بل للمرأة أيضًا، فإن وجد أي منهم أن للطرف الآخر مشكلة في الإنجاب يمكن أن يكون الحل الوحيد هو الطلاق، ويمكن أن يتم الأمر بالتراضي مثل أن يتزوج الرجل زيجة ثانية حتى يحصل على الطفل الذي يريده، أي أن الإسلام أباح هذا.

ولكن في رأيي الشخصي والذي لأجله اكتب هذا التقرير، أرى أن الحياة مع عدم إنجاب الأطفال ممكنة وليست مستحيلة بجانب أن الطلاق بسبب عدم الإنجاب يعتبر الطرف الآخر وسيلة وليس غاية، فالزواج هدف في حد ذاته وأمان واستقرار يمكن أن ينتج عنه أطفالًا ويمكن ألا يحدث هذا، لذلك يجب وضع هذه الاعتبارات في الحسبان قبل الزواج، والتعامل بالحب والتفاهم في كافة أمور الحياة لأن رباط الزواج هو رباط مقدس.

كيف تجعل حياتك سعيدة بدون أطفال؟

عدم إنجاب الأطفال كيف تجعل حياتك سعيدة بدون أطفال؟

عدم إنجاب الأطفال لا يعني نهاية الكون ولا يعني أنك ستكون إنسانًا لديه نقص في أي جهة من الجهات، بل يمكن أن تعتبر أن هذه الفرصة، سواء كانت قدرية أو بمحض إرادتك هي فرصة لكي يكون لديك وقت أكبر لممارسة هواياته الحياتية ولكي يقوم بمزيد من الإنجازات، إليك بعض الأشياء التي يمكن القيام بها في حالة عدم وجود أطفال:

  • يمكنك أن تعطي مزيدًا من الاهتمام لحياتك المهنية، والأهم هنا أن تكون المهنة التي تعملها هي مهنة تحبها ويمكنك أن تقدم لها الكثير في هذا الصدد، لأن المهنة في هذه الحياة ستكون هي شغلك الشاغل بجانب سهولة الانشغال بها وقضاء وقت لطيف يمكن أن يمنحك تعويضًا جيدًا.
  • التخطيط لتحقيق أحلام العمر مع شريك الحياة مثل السفر إلى دولة أوروبية أو إنشاء مشروع معين أو تحقيق هدف كل منكما أيًا كان.
  • يمكنك أن تتبنى طفل، ولنعلم أن هذا الأمر لا مشكلة فيه ولا جدال ولكن الأمر يرجع لتقبلك الشخصي للفكرة لا أكثر.
  • يمكنك التطوع في منظمة أطفال أو دار أيتام، عدم إنجاب الأطفال يمكن أن يجعلك تميل إلى الجلوس معهم وممارسة بعض الهوايات، يمكنك أن تقدم بعض الخدمات التطوعية مثل تعليم القراءة والكتابة، أو اصطحابهم للتنزه وغير ذلك من الأمور التي يمكن أن تحتاجها هذه المنظمات، ستبني علاقات قوية وستساعد غيرك وستطفئ جزء من ظمأك للأطفال.
  • فكرة عدم إنجاب الأطفال سواء كانت برغبة الأزواج أو بعدم رغبتهم فهي أمر يجب أن نتقبله على أنه حرية شخصية ولا دخل لنا في هذه القرارات، يمكن أن يكونوا سعداء بدون أطفال ويمكن ألا يكونوا كذلك، لكن المؤكد أن لديهم الحرية في تقرير مصيرهم وتحقيق نموذج مثالي لحياتهم التي يريدونها.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

وفاء خيري

قارئة نهمة محبة للأدب وشغوفة بالكتابة والتدوين، أرغب في إثراء المحتوي العربي على الإنترنت للأفضل.

أضف تعليق

19 + ثمانية عشر =