تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » جامعة وكلية » الحياة الجامعية : بابٌ جديدٌ نعبره في الحياة كيف تستفيد منه ؟

الحياة الجامعية : بابٌ جديدٌ نعبره في الحياة كيف تستفيد منه ؟

الحياة الجامعية هي مرحلة من مراحل تعليم كل شخص منا عليه أن يعبرها يومًا ما في حياته، فكيف نستفيد من الحياة الجامعية ؟ وكيف يمكن أن نجعلها مثمرة؟

الحياة الجامعية

ألم تسمع تلك الجملة من قبل؟ أن حياتك ستتغير تمامًا وتتحول لمزهرةٍ ومبهجةٍ ورائعة ما أن تخطو على أعتاب الحياة الجامعية وتدخل حياة الطالب الجامعي اللطيف؟ من قال ذلك؟ ولماذا قاله بتلك الطريقة التي تجعلك تحسب نفسك تحصل على قرش الحظ بتسجيلك في المرحلة الجامعية فستبتسم لك الحياة وتنفتح أبواب الأموال لتهبط فوق رأسك وستصبح أكثر الأشخاص شعبيةً في الجامعة وستقضي سنين الجامعة كلها تخرج مع أصدقائك وتذهب معهم إلى الرحلات وتتشاجر عليك الفتيات وسترتدي أحدث الصيحات وحتى بثور وجهك ستختفي من تلقاء نفسها وتصبح شخصًا آخر من هؤلاء الذين نراهم في الأفلام؟ ألا يخجل ذلك الشخص من نفسه؟ حسنًا ألا تخجل من نفسك وأنت على أبواب مرحلةٍ جديدةٍ في الحياة أن تفكر بتلك الطريقة؟ نعم مرحلةٌ جديدة لكن الحياة لن تنقلب رأسًا على عقب لمجرد أنك دخلت المرحلة الجامعية، المرحلة الجديدة والاختلاف والتغيرات كل ذلك سيحدث بداخلك وبعقلك وحسب، الحياة ستظل كما هي بنفس حقيقتها ووتيرتها وأي تغيرٍ فيه ستسعى إليه بنفسك وجهودك، هل تبدو الفكرة أكثر وضوحًا قبل أن ننتقل إليها بشكلٍ مفصل؟ جيد.

الحياة الجامعية : مرحلة جديدة ومختلفة

مرحلةٌ عمريةٌ ودراسيةٌ جديدة

أول فارقٍ وبصيص ضوءٍ سنراه من باب الحياة الجامعية حين نفتحه هو حقيقة أننا انتقلنا لمرحلةٍ عمريةٍ ودراسية جديدة، غالبًا سيصاحب دخول الجامعة الفترة العمرية التي تنتهي فيها فترة المراهقة بجنونها وطيشها وتمردها ونزاعاتها مع الجميع والرغبة العارمة في إثبات الذات والشعور بأنك صرت كبيرًا لتبدأ مرحلة أن تصبح كبيرًا بالفعل، فتجد نفسك تقف على أعتاب الشباب تنتظر أن تستكشف ذلك العالم الغامض، ومن ناحيةٌ أخرى فهي مرحلةٌ دراسيةٌ جديدة وليست أقل من المراحل الدراسية السابقة في شيءٍ حتى لا توهم نفسك فمن الطبيعي أنك تكبر فتزيد قدرتك الفهمية والاستيعابية وستحصل على كمٍ أكبر ومحتوى أكثر تخصصًا وتعقيدًا وتفصيلًا حسب الكلية التي قررت الالتحاق بها، ستجد نظامًا دراسيًا مختلفًا وستجعل أنت شخصيًا لنفسك نظامًا جديدًا عن نظامك التقليدي القديم الذي اعتمدت عليه في سنواتك الدراسية الماضية كلها، ذلك اختلافٌ طبيعيٌ ومنطقيٌ وهو النتيجة الطبيعية للتقدم في العمر وسنة الحياة، كلنا سنمر بتلك الفترة لكننا سنختلف في طريقة تعاملنا ومدى نضجنا أثناء تعاطينا معها.

عقلك لم يعد عقلك وشخصيتك ماذا حدث لها؟

مع التقدم في العمر والذي سيصادفه ويصاحبه دخولك المرحلة الجامعية الجديدة ستجد أن تغيراتٍ مختلفة ستحدث لك تلقائيًا بدون يدٍ فيها، ستشعر بعقلك أصبح أكثر نضوجًا واتزانًا وبأفكارك بدأت تترتب وتأخذ لها منحنًى واتجاهًا معينًا وبشخصيتك تتبلور أكثر وبشكلٍ أكثر وضوحًا وأقل تعذيبًا لك ولغيرك وغموضًا، ستتراجع رغباتك الاندفاعية الطائشة وستتحلى بالهدوء والاتزان في أفكارك وهذا واحدٌ من أكبر أسباب تغير معاملة الآخرين لك، لأنك ستجبرهم وتفرض عليهم احترامك واحترام رأيك وقولك ووجودك وستجعلهم يتأكدون من أنك أصبحت بالنضج الكافي لتشارك الكبار عكس ما كان يحدث في مراهقتك من طيشٍ وتمردٍ وعنادٍ واندفاع محاولةً منك لإثبات وجودك وصدًا منهم لأنهم يرون أفعالك خير دليلٍ على طيشك، الآن صرت أكبر وأكثر نضجًا وقدرةً على التفكير بهدوء وذكاء فاستغل ذلك جيدًا فأنت اليوم تدخل عالم الكبار.

باب المسئولية يُفتح

مع الحياة الجامعية تأتي المسئوليات تباعًا تهطل على رأسك، فانتهى زمن الطفولة والمراهقة والحياة الرغيدة بلا مسئولياتٍ بالنسبة إليك وأصبحت الآن قادرًا على استيعاب معنى المسئولية والبحث عنها وتحملها وقادرًا على القيام بها، أصبحت إنسانًا كاملًُا مسئولًا على العطاء في مقابل ما تأخذ، وأصبحت بالدرجة الأولى مسئولًا عن نفسك تحافظ عليها وتطورها وتنميها وتسعى لجعلها في مكانٍ أفضل، كثيرون يدخلون الحياة الجامعية بصدمةٍ أو إحباطٍ أو غضبٍ على المجال الذي دخلوا إليه لكنهم لا يجعلون ذلك يوقفهم عن واجبهم نحو أنفسهم الذي بدؤوه مع بداية يومهم الأول في الجامعة، الجامعة هي أفضل وقتٍ في حياتك ستكون ما زلت طالبًا لم تتخرج تعيش مع أبويك تملك جزءًا من رخاء الصغار وعقلية الكبار ووقتًا وطاقةً لم يملكوه، السنين التي ستقضيها خلال قضائك فترتك الجامعية هي أهم سنينٍ على الإطلاق وفي أحوالٍ كثيرة تكون هي التي تحدد مصيرك ومستقبلك فاستغلها على أكمل وجه، وقدها إلى الطريق الصحيح ولا تجعلها تقدك إلى طريق العبث.

أصبحت طالبًا جامعيًا فماذا بعد؟

يبدو ذلك سؤالًا منطقيًا ماذا بعد؟ كيف تستغل تلك السنين الثمينة من حياتك؟ كيف تستغل العقل الذي بدأ لتوه يفكر باتزانٍ ويحلل ويدرك، والطاقة المتفجرة في عروقك حتى أنك قد تهدم جبالًا وتبنيها، لا يدخل الجميع مجالهم الجامعي سعداء بذلك ولا تقتصر الحياة الجامعية على دراستك ونجاحك في الجامعة وانتهينا، الحياة الجامعية هي عملية اجتهادٍ شخصيٍ منك وبناءٌ لمستقبلك، أولًا شهادتك الجامعية، البعض لا يستذكر دروسه سوا قبل امتحاناته والكل ينجح وينتقل للمرحلة التالية والجميع يحصل على شهادةٍ جامعية فإن لم يكن مجالك الجامعي هو شغفك فلا تضيع وقتك عليه، لا بأس بأن تنجح ولا تجعل الفشل يعرقل مسيرتك لكن كن متفتحًا في جوانب حياتك الأخرى، اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ، لا تجعل تلك المرحلة من حياتك تمر دون أن تملأ مكتبةً صغيرةً في ركن غرفتك بالكتب التي قرأتها عدة مرات، لا تترك عقلك المتعطش للمعرفة والبحث والممتلئ بالفضول يهدر طاقتك وجهودك على أشياء تافهة لا تستحق بل املأه بما سينفعك مستقبلًا، لا تقتصر بالعلم والمعرفة على تخصص دراستك حتى لو كنت تحبه بل توسع واعرف شيئًا عن كل شيء، ابحث عن عمل! أيًا كان العمل تافهًا أو بسيطًا فابحث عنه وعلم نفسك المسئولية والانضباط والارتباط بعملٍ محدد والاستقلال المادي ولو جزئيًا، لا تجعل تجربةً ممتعةً كهذه تفوتك في تلك السن فكلنا سنعمل بعد التخرج لكننا سنعمل لأن الحياة ستدفعنا للعمل لا لأنها تجربة جديدة سنخوضها.

كن منتشرًا

لا تقضِ زهرة شبابك مدفونًا في أحد الأركان المظلمة الهادئة فالحياة ستدفعك رغمًا عنك للخروج من ركنك المختبئ، انتشر واشترك في كل شيءٍ وجرب كل شيء فربما لن تكون قادرًا على خوض كل تلك التجارب في وقتٍ آخر من حياتك، إن سمحت لك الظروف بالسفر فسافر وتعرف على العالم وتعلم شيئًا من كل مكانٍ تسافر إليه وتعلم اللغات المختلفة، أتقن الانجليزية كما تتقن العربية وتعلم لغات أخرى، تعلم أمرًا جديدًا كل يومٍ ولا تدع يومك يمر بدون أن يعود عليك بالفائدة فتلك الأيام ثمينة، ضع أساسًا قويًا وراسخًا لمستقبلك في أيام الحياة الجامعية لأن ما تعتاد عليه فيها غالبًا هو ما تكمل عليه حياتك، اجعل للرياضة جزءًا غير هينٍ من يومك ولا تغتر بصحتك فيومًا سيتركك الشباب ولن تبقى لك سوى الصحة التي حافظت عليها تؤخر عنك المرض والتقدم في العمر، ساعد الآخرين وتعود على العطاء ومد اليد للمحتاج وكن صاحب أفكارٍ وقضية، نمِ عقلك كما تنمي جسدك واعمل على نقاط ضعفك لتعالجها وعلى مميزاتك لتزيده، لا تعد للمنزل إلا لتنام أو تتعاون مع أهلك وتطمئن عليهم غير ذلك لا تقضِ تلك الفترة الذهبية من عمرك أمام الشاشات مستلقيًا على فراشك، فيومًا ستندم.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

17 − ستة =