تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » التعامل مع المريض النفسي : كيف نتعامل مع المريض النفسي بشكل لائق؟

التعامل مع المريض النفسي : كيف نتعامل مع المريض النفسي بشكل لائق؟

التعامل مع المريض النفسي ليس مهمة سهلة على الإطلاق، ويعتمد الأمر كثيرًا على نوعية الفعل ورد الفعل من ومع المريض النفسي، تابع المقال لتتعلم كيف تتعامل معهم؟

التعامل مع المريض النفسي

التعامل مع المريض النفسي من ضمن الآداب والثقافة التي يجب أن يمتلكها جميع البشر في تعاملهم بعضهم مع بعض. ولكن للأسف ليس كل الناس على علم بقيمة هذا التعامل، والكثير من الناس نجدهم يفعلون تعديات في حق المرضى النفسيين بطريقة بشعة. وقد يصل الأمر إلى الاغتصاب والاستغلال والرمي بالحجر. وهذا كان في ثقافات العالم القديم أجمع، أن الذي يعاني من خلل نفسي يدعى مجنون ويترك في الشارع وتجد الأطفال يجرون حوله وهم يلقونه بالحجارة. تعامل غير أدمي بالمرة، وقد نجده في بلادنا العربية حتى يومنا هذا. ولكن هناك أيضًا مرضى نفسيين يكونوا في بيوتنا ونحن نعلم بحالتهم النفسية السيئة ولا نجيد التعامل معهم. بل بنوع من عدم الرحمة نرجمهم، والكثير من الأخطاء نفعلها من خلال التعامل مع المريض النفسي، دون أن ندري أن حساسية مثل هذا الشخص نفسيته تختلف كثيرًا عن المعافى نفسيًا. لدرجة أن بعض المرضى تزداد حالتهم سوءًا بسبب التعامل مع البشر المتخلفين عن معرفة طرق التعامل مع المريض النفسي.

كيفية التعامل مع المريض النفسي

أنواع المرض النفسي

مبدئيًا، يجب أن نعلم بعض الأشياء عن المرض النفسي عمومًا، والتي ستجعلك تميز بين المريض نفسيًا والمعافى، أو القادر على التعامل بطريقة عادية نفسيًا مع الآخرين. النوع الأول يكون مريض نفسيًا بأمراض شخصية، مثل التوحد أو الانطوائية المفرطة. ومثل هذا المرض النفسي من الممكن أن نطلق عليه “مرض نفسي غير مؤذي”. بمعنى أن صاحب هذا المرض غير عدواني ولا يتعرض للغير بأي نوع من أنواع الأذى. ولكنه فقط لا يتعامل مع الناس بالطريقة العادية. أما النوع الثاني فهو النوع المؤذي مثل أمراض السيكوباتية أو العدوانية، والتي من خلالها ممكن أن تصل حالة المريض النفسي أن يؤذي نفسه والآخرين لمجرد أنه لا يعرف كيف يتحكم في نفسه. وهنا في كلا الحالتين يجب أن نفهم كيفية التعامل مع المريض النفسي أي كان النوع الذي يعانيه من المرض النفسي. بطريقة ذكية وحكيمة وليست عنصرية، ولا تحمل داخلها الشفقة والعطف.

كلنا مرضى نفسيين

هذه المعلومة يجب أن تعرفها عزيزي القارئ قبل أن أقول أي طريقة في التعامل مع المريض النفسي حتى تفهم قيمة المشكلة. الحقيقة يا عزيزي هي أنه بالفعل كل البشر يعانون من مرض نفسي، ولكن بنسبة ضئيلة. مثل البكتريا الغير ضارة في جسم الإنسان التي تعيش معنا بدون أي ضرر. وتجد هذه الأمراض في صورة العصبية المفرطة أحيانًا أو في صورة الحزن الشديد والاكتئاب، أو بعض المواقف التي تجعل الأشخاص يخافون بطريقة هيستيرية من بعض الأشياء التي لا تخيف، مثل الأماكن العالية والأماكن المغلقة. كلها أمراض نفسية ولكنها في الحقيقة خاملة ولا تضر سوى في إطار ضيق جدًا.

لا تحتقر المريض نفسيًا

طريقة التعامل مع المريض النفسي لا يجب أن تحتوي على نوع من التحقير يا عزيزي. فما لا تعلمه أن هذا المرض النفسي هو ليس له ذنب فيه، وما تراه أنت من أعراض سيئة توحي لك أنه مجنون أو غير متزن، فهذا لا يجعلك تحقر منه وتتعامل معه على إنه شخص نكره أو نوع أدنى من البشر. لأن ما لا تعلمه هو أن المريض النفسي هو أكثر حساسية تجاه تعامل الناس معه من الشخص العادي. حتى لو لم يكن يظهر ذلك ولكن هذه هي الحقيقة. وفي نفس الوقت لا أقول لك أنك مجبر على التعامل مع شخص مريض نفسيًا أي كان نوع المرض. ولكن على الأقل لو وجدت احتكاك بينك وبين شخص مريض نفسي حاول أن تعامله على إنه طبيعي ولا تتعالى أو تتكبر عليه لأنه سيشعر بذلك.

لا تسخر من مريض نفسيًا

هذا النوع شائع جدًا في البلاد النامية وهي أن يعامل الناس المريض نفسيًا على إنه مجنون. أو حتى المجنون فعليًا فالناس تتعامل معه بمبدأ السخرية. تجد الكبار والصغار ملتفين حوله يحاولون أن يجعلونه يتكلم حتى يضحكون على ما يقول، لأنهم يتوقعون أنه سيقول شيء غريب مضحك. طبعًا هذا لا يليق أبدًا بطريقة التعامل مع المريض النفسي. رفقًا بالناس وبالأمراض، فهذا الخلل النفسي الذي جعله في هيئة المجنون لا يعطي بقية البشر الحق في أن يلتفوا عليه ويسخرون منه، ويشتمونه ويسألونه أسئلة غير أدمية. وخاصة لأن الناس من حوله تريد أن تضحك. لو وجدت شخص في هذا الموقف حاول أن تجعل هؤلاء الناس يبتعدون عنه ويعطونه مساحة، أو على الأقل لا تشارك هؤلاء الناس في طريقة تعاملهم السيئة جدًا التي تهين أدمية هذا الرجل، أو هذه المرأة.

لا تستفزه

مثل هؤلاء الناس يكونون ظاهرين في الحياة لعدم توافقهم مع الواقع المحيط، وعدم قدرتهم مع التعايش مع غيرهم من الناس. ولذلك تجد الناس من حولهم يحاولون أن يستفزوهم ليرون ردود أفعالهم. ولا سيما الأطفال في الدول النامية الذين ليس لديهم الثقافة في التعامل مع المريض النفسي. فتجد الأمر أحيانًا يصل إلى أن الطفل يرمي هذا الشخص بحجر ويجري، أو مجموعة صغيرة من الأطفال يمشون خلفه ويزفونه بكلام جارح ومستفز ويعايرونه بجنونه وشكله. أو حتى لو كان معنا شخص مريض نفسي في البيت أو يعاني نوعًا من أنواع الهلوسة، أو شخص كبير في السن يعاني من الخرف أو الهذيان، فيجب ألا نستفز هؤلاء الناس بطريقة لئيمة ومؤذية وكأنهم ليسوا بشر.

تربية الأبناء

يجب على الآباء أن يعلموا أولادهم احترام المختلف عنهم. وعندما يتعلم كل طفل في منزله التعامل مع المريض النفسي، فحينها لن يتعرض الطفل لمثل هذه الأفعال الرديئة والقميئة في حق هؤلاء الناس، لمجرد أنهم يريدون التسلية. وأحيانًا أطفالنا يكونوا سيئين في التعامل مع الانطوائيين في مدارسهم ونحن لا نعلم. بمعنى أن تجد شكوى من أن طفلك تعدى على طفل هادئ ومنطوي. حينها لا يجب أن تدافع عن طفلك وفي نفس الوقت يجب ألا تعاقبه. بل يجب عليك أن تفهمه أن هذا خطأ بطريقة حكيمة. لأنك لو عاقبته بسبب الشخص الأخر سيزيد كراهية وعنصرية له، لدرجة أنه سيعتبره عدوه الأكبر. ولذلك حاول أن تربي طفلك على ألا يكون عنصري، بل أن يحترم جميع الناس مهما كان شكلهم أو دينهم أو الظروف التي يعانوها. ومن هذا المنطلق سنجد جيل إنساني محترم.

ألا تستغله من أساسيات التعامل مع المريض النفسي

ما لا يعلمه الكثيرين أن المرضى النفسيين يستغَلون جسديًا وماديًا. وهناك الكثير من الحالات التي ثبتت في المصحات العقلية على أعمال غير أخلاقية منافية للآداب تعرض لها مرضى المصحات النفسية، من أفراد الأطباء وأفراد التمريض. ويكون الاستغلال المادي عن طريق أخذ ما يؤتى لهم من هدايا وأشياء من أهاليهم إلى أنفسهم، وأحيانًا أخرى يصل الأمر إلى الاغتصاب. وأخيرًا يصل الأمر للمرضى الذين ليس لديهم من يسأل عنهم إلى المتاجرة بأعضائهم، عن طريق فتح أجسامهم وسرقة أعضائهم الصالحة للاستبدال. وكل هذا يعد مصيبة كبيرة جدًا في فكرة التعامل مع المريض النفسي على أنه ليس إنسان. وأنا لا أتهم أي مصحة نفسية بهذه الفكرة، ولكن هناك القليل جدًا من المصحات النفسية التي حدث فيها هذه التعديات. ولذلك لو كان لديك مريض نفسي فيجب أن تتأكد من سلامته باستمرار لو كان في مصحة نفسية أو عقلية.

المريض نفسيًا ليس مؤذي

يحدث أحيانًا وأن نجد بعض الأشخاص وخصوصًا السيدات، يتعاملن مع المرضى النفسيين على إنهم حيوانات مفترسة يبتعدون عنهم ويحذرون منهم بطريقة مضحكة في بعض الأحيان. ولكن الحقيقة هي أن معظم المرضى النفسيين غير مؤذيين، وخصوصًا الذين يعانون من التوحد والاكتئاب والإدمان والحزن الشديد. وكل هذه الأعراض لا تخيف من الأساس، أما بالنسبة إلى الناس الذين يجوبون الشوارع في ملابس رثه جدًا ولا يبالون بأي أحد، فهم غالبًا يخافون من الناس ولا يحاولون الاحتكاك بهم من الأصل. بل هم يجوبون الشوارع يبحثون عن طعام وبعض الأشياء القابلة للخزين، لأنهم يشعرون أنهم بهذه الخزائن والصفائح يمتلكون شيئًا ثمينًا. الأمر فقط مجرد هوس وليس إلا. ولذلك ليس هناك ما يدعو للخوف منهم أو معاداتهم.

تجاهل المريض نفسيًا

هناك نوع من المرضى النفسيين بيننا نحن البشر، وتذكروا قولنا بأننا جميعًا مرضى نفسيين. وهؤلاء اللذين يكونون غير ظاهرين هم الأصعب في التعامل معهم. وكثير من الأحيان يكون هناك شخص غريب الأطوار يحب أن يضايق الناس لمجرد أنه يشعر بهذه الطريقة أنه جيد. أو من الأساس تكون هذه المضايقات عبارة عن عَرَض لمرض ليس إلا. ولذلك تجده يحاول أن يوجه لك كلمات محرجة أو يحاول التقليل من شأنك. مثل هذا الشخص يكون مصاب بنوع من الأمراض النفسية يدعى الشعور بالنقص. ولذلك هو يحاول أن يعوض هذا النقص بأن يتعالى على الآخرين وخصوصًا الناجحين، يكون دائم الانتقاد ودائم التجريح في الآخرين، لأنه يرى نفسه قادر على الحكم على أي شخص. لأن عقله يخيل له أنه هكذا هو جيد، ولا يوجد من هو أفضل منه في كوكب الأرض. ولذلك عندما تجد هذه النوعية المؤذية من الأشخاص يجب أن تتجاهله تمامًا، ولا سيما أن هذا المرض لن يجعله يدخل مصحة أمراض نفسية، لأنه فقط يكون شخص ملوث بالمرض النفسي. ولذلك التجاهل هو الأفضل له.

القبول كعلاج

في حالات الانطوائيين والمكتئبين، أفضل علاج من الممكن أن تقدمه لمثل هذه الأمراض النفسية المؤذية هي أنك تقبلهم في حياتك ولا تتعامل معهم على إنهم أشخاص غريبين. وأن تتحمل بعض الأوقات غرابتهم وعدم توافقهم مع الحياة العادية من حولهم. ومع الوقت ستفاجئ أن من الممكن ذلك القبول الذي قدمته لمثل هؤلاء الناس، يكون علاج فعال لهم. وأنك تنتشلهم من الوحدة التي من الممكن أن تكون سيئة بالنسبة لهم، لأنها ستزيد شعورهم بعدم الاهتمام من الناس وبأنهم غير مرغوب فيهم، وأنهم مختلفين بطريقة سيئة مما يزيد حدة المرض النفسي لديهم.

معاناة المريض النفسي

كل مريض نفسي مثله مثل أي مريض عضوي عزيزي القارئ. يعاني جدًا من أعراض هو نفسه لا يريدها أن تكون في حياته. ولذلك في التعامل مع المريض النفسي يجب أن تدرك جيدًا أن هذا الشخص يعاني. ولذلك إما تقدم له نوع من أنواع المساعدة إما تتجاهله ولكن لا تؤذيه.

أخيرًا عزيزي القارئ، التعامل مع المريض النفسي يحتاج إلى الإنسانية. وكلما كنت جيد في التعامل مع المرض النفسي عمومًا في الناس من حولك، كلما كان تواصلك مع الناس رائع وستجد نفسك محبوب من الجميع.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

19 − ثمانية عشر =