تسعة شخصيات

والت ديزني .. الأسطورة واهب السعادة ومفتقدها

الأسطورة والت ديزني .. واهب السعادة ومفتقدها

والت ديزني هو اسم محفور بحروف من نور في ذاكرة السينما، ليس هذا فقط، بل أن والت ديزني هو اسم يعني الكثير لجميع البشر تقريباً، طالما إن هؤلاء البشر قد كانوا أطفالاً ذات يوم، فذلك الاسم يتصدر تيترات المقدمة لأضخم الإنتاجات الكرتونية، وكذا يتصدر لافتة واحدة من أكبر وأشهر مدن الملاهي على مستوى العالم، فـ والت ديزني باختصار هو صانع البهجة في عالمنا، هو من ابتكر أشهر شخصيات الكرتون التي يتشكل منها عالم ديزني الشهير، مثل ميكي ماوس ودونالد دك أو بطوط وسنو وايت والأقزام السبعة وسندريلا وغيرهم الكثير..

والت ديزني .. من هذا ؟

كل المعلومات التي أوردناها بالمقدمة القصيرة لا تجيب عن سؤالنا: من يكون والت ديزني ؟.. فنحن نعرف قصته منذ أن صار تحت الأضواء، ومحط اهتمام وسائل الإعلام والمحافل السينمائية الدولية، لكن ترى كيف كان هذا العظيم قبل أن يكون عظيماً؟

الأبوين والميلاد :

مزارع بسيط ذو أصل أيرلندي يدعى إلياس ديزني ضاقت به الأحوال ببلاده، فقرر الانتقال للإقامة بكندا، ولكنه لم يمكث بها سوى فترة بسيطة، قرر بعدها أن ينتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك استقر في شيكاغو وتعرف المعلمة ذات الأصول الألمانية فلورا كال، وتزوجا وأنجبا خمسة أطفال، الرابع بينهم وُلد في 5 ديسمبر لعام 1901م واسموه والتر، ثم تم تخفيف نطق الاسم ليصبح والت، وحمل لقب عائلة والده، فصار بذلك والت ديزني ،وكان لـ والت ديزني أخوين وأخت يكبراه سناً هم هربرت وراي وروث، وأخيه الأقرب إليه كان أصغرهم ويدعى روي، الذي صار في وقت لاحق شريكاً له في استديوهات ديزني.

التعليم :

حين بلغ والت ديزني سن الالتحاق بالمدرسة الإلزامية، ألحقه والديه بإحدى المدارس النظامية القريبة من المقاطعة التي يقطنون بها، لكن علاقة والت ديزني طوال فترة دراسته اتسمت بالتخبط والتذبذب، فهو لم يتعلق بأي من المدارس العديدة التي التحق بها، وكذا لم يتمكن من عقد صداقات وطيدة مع الزملاء، وذلك لأن أسرته كانت دائمة التنقل من مكان لآخر، وكانت مدرسته تختلف باختلاف المكان الذي ينتقلون إليه، كما إن والده قد تعرض للإصابة بحمى التيفوئد، فلم يتمكن من مواصلة العمل وتراكمت عليه الديون، الأمر الذي اضطر الأسرة في النهاية إلى بيع المزرعة التي تمثل مصدر رزقهم، وبالتالي أجبر والت ديزني وشقيقه روي على الخروج إلى ميدان العمل في وقت مبكر من عمرهم، لتوفير نفقاتهم الخاصة وإعانة أسرتهم على المعيشة، الأمر الذي أثر بالسلب على مستوى تحصيل والت ديزني الدراسي، فقد كان الوقت الوحيد المتاحة له لاستذكار الدروس هو الدقائق البسيطة التي يستريح خلالها من شقاء العمل، وحتى تلك الدقائق كان أغلبها يقضيه في النقش ورسم الشخصيات الكركاتيرية.

زوجته صاحبة اسم ميكي :

لا جدال في إن والت ديزني هو أحد أعظم الرجال في الحقل الإبداعي، وكما جرت العادة لا يصح ولا يمكن ذكر العظمية دون ذكر العظيمة التي خلفه، وفيما يتعلق بشخصيتنا اليوم فالعظيمة هي السيدة ليليان بوندز، تلك السيدة التي قبل أن تشارك والت ديزني نجاحه الباهر، شاركته المآسي والأزمات الطاحنة التي مر بها خلال رحلة صعوده، وبدأت علاقة والت ديزني بليليان حين أراد توظيف شخص لتحبير وتلوين شرائط الأفلام الكرتونية، فتقدم أكثر من شخص لشغل الوظيفة كانت أفضلهم بوندز فوقع عليها الاختيار، في البداية جمعهما العمل الذي تطور سريعاً ليصبح صداقة، ثم تطورت الصداقة فصارت حباً كلل بالزواج في الخامس والعشرين من يوليو عام 1925م.

في وقت لاحق تعرض والت ديزني لأزمة كبيرة حين تعرض لعملية احتيال، خسر على إثرها حقوق الملكية لشخصية الأرنب أوزوالد، وهي الشخصية الرئيسية التي كانت تعتمد عليها الشركة في الأفلام التي تنتجها، فقرر والت ديزني أن ينشئ شخصية كرتونية جديدة، اختار هذه المرة أن تكون لفأر ودود خفيف الظل، واسماه في البداية “مورتيمر ماوس”، لكن زوجته رأت إن الاسم ثقيلاً على الأطفال، واقترحت تخفيفه واستبداله باسم آخر مثل “ميكي”، وبالفعل اقتنع والت ديزني بالاقتراح المقدم من زوجته، وجعل اسم الفأر “ميكي ماوس” الذي صار فيما بعد الشخصية الكرتونية الأشهر في تاريخ الفن.

الإنجاز المهني :

الفنانون بشكل عام ينقسمون إلى مبدعون ورواد، وكان والت ديزني ينتمي إلى التصنيف الفرعي الثاني، فهو أحد رواد فن صناعة سينما الرسوم المتحركة، فهو لم يثري الحقل الفني بإبداعاته وشخصياته المبتكرة فقط، بل إنه قد أحدث طفرة هائلة صناعة هذا النوع من الفنون، فقد كان أول من استخدم الصوت بأفلام الرسوم المتحركة، وكذا كان أول شريط رسوم متحركة ملون من إبداعه.

الإنجاز الشخصي :

كان والت ديزني في أيامه الأخيرة راضياً تمام الرضا عما حققه، فقد تمكن من تحقيق حلمه الأكبر بأن يصبح أحد صنا فنون الرسوم المتحركة، كما تمكن من تحقيق غايته الاسمى، والمتمثلة في منحه السعادة للأطفال، ويقول والت ديزني إن أسعد لحظات حياته، كانت حين يرى ابتسامة على شفاه الأطفال، فكان يجد في ذلك تعويضاً عما لقاه هو في طفولته من شقاء وقسوة ومتاعب.

الجوائز والتكريمات :

بلغ والت ديزني في مجال الفن مكانة قلة قليلة تمكنت من بلوغها، حتى أصبح منحه أي جائزة هو يعد بمثابة تكريم للجائزة وليس له، وقد أظهر العالم الامتنان لـ والت ديزني العديد من المرات، وتم شكره على إسهاماته بالحقل الفني بأشكال عديدة، منها منحه أبرز وأشهر الأوسمة والجوائز في مجال صناعة الأفلام، ومن تلك الجوائز:

  • نال والت ديزني جائزة سيسيل بي دوميل، والتي تعرف في يومنا هذا باسم جائزة جولدن جلوب.
  • حاز والت ديزني على 7 جوائز إيمي.
  • جائزة الأوسكار والتي تعتبر هي الجائزة الأكبر في عالم صناعة السينما، والت ديزني هو أكثر شخص فاز بها في التاريخ، إذ إنه خلال مشواره الفني نال 22 جائزة أوسكار، منهم أربعة جوائز أوسكار فخرية.
  • في عام 1968م تم طباعة صورة والت ديزني على طابع بريد كنوع من التكريم.

وفاة والت ديزني :

كان والت ديزني طوال حياته حريصاً على عدم التدخين أمام الأطفال، فهو كان يعلم إنه قد صار قدوة لهم، ولم يحبذ فكرة أن ينقل إليهم تلك العادة الملعونة، لكن رغم إيمانه بذلك لم يحاول التخلص من تلك العادة، بل تمادى في التدخين بشراهة، وفي عام 1966م كانت الطامة الكبرى إذ اكتشف الأطباء إصابته بمرض سرطان الرئة، وعليه تم إيقاف عمليات تطوير عالم ديزني المقررة بشكل مؤقت، وفي 15 ديسمير من عام 1966م ودع العالم والت ديزني ،إثر تعرضه لسكتة قلبية مفاجئة، وبعد يومين من تاريخ وفاته تم تشييع جثمانة إلى غابة لاون سيميتري، وهناك تم حرق جثته إذ إنه كان بروتستانتي الديانة والتي تبيح تشريعاتها حرق الموتى.

إرث والت ديزني :

رحل والت ديزني بروحه وجثمانه عن عالمنا، لكنه لم يغب عنا لحظة واحدة، فإبداعه الخالد وهبه الخلود، ولازالت شخصياته الكرتونية التي ابتكرها هي الأشهر على مستوى العالم، ولم يتمكن شخص حتى يومنا هذا من مضاهاة والت ديزني في إبداعه أو غزارة إنتاجه، كما إن الشركة التي قام بتأسيسها بمشاركة أخيه لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة مازالت تمارس نشاطها، وتلك الشركة التي كان مقرها الأول عبارة عن جراج متواضع ومتهالك، هي اليوم واحدة من كبرى شركات الإنتاج الفني على مستوى العالم، كما اتسع نشاط مؤسسة والت ديزني الترفيهية بعد وفاته، فصارت تملك وتدير 18 مدينة ترفيهية حول العالم، بجانب امتلاك حقوق البث لحوالي عشر قنوات فضائية، وهذا كله بخلاف عشرات استوديوهات التصوير السينمائي المطورة.

سيرة حياة

أضف تعليق