تسعة شخصيات

محمد متولي الشعراوي ..إمام دعاة التحق بالأزهر رغم أنفه

محمد متولي الشعراوي ..إمام دعاة التحق بالأزهر رغم أنفه

محمد متولي الشعراوي : اشتهر بكونه مُفسراً، رغم إنه يرى إن القرآن الكريم لا يُفسر، وعرفه الناس كأحد أبرز علماء الأزهر الشريف، رغم معارضته لفكرة الالتحاق به

محمد متولي الشعراوي والذي يُعرف اختصاراً بمتولي الشعراوي، ويختزل أحياناً بشكل أكبر فيُعرف بـ”الشعراوي”، في النهاية كلها اسماء مختلفة يشار بها لذات العالم الجليل، محمد متولي الشعراوي رجل الدين الإسلامي الأشهر في القرن العشرين، والذي كان سبباً في اتجاه عدد غير قليل من غير المسلمين إلى الإسلام، أو على أقل تقدير كان سبباً في تغيير نظرتهم للدين الإسلامي، من خلال تعريفهم بأحكامه ومدى سماحته وكيف هي تتنافى مع الغوغائية والإرهاب. كان الشعراوي عالم جليل ذا عقل نابغ، تمكن من النفاذ إلى القلوب والعقول بسلاسة ويسر، مستعيناً بعاميته التي تضاهي في رقيها الفصاحة، وبساطته التي شرح بها أعمق الأمور.

محمد متولي الشعراوي .. من هذا ؟

محمد متولي الشعراوي اشتهر بكونه مُفسراً، رغم إنه يرى إن القرآن الكريم لا يُفسر، وعرفه الناس كأحد أبرز علماء الأزهر الشريف، رغم معارضته لفكرة الالتحاق بالدراسة به!.. كيف هذا؟!.. هو سؤال يصعب الإجابة عليه إلا من خلال استعراض سيرة هذا العالم الجليل، أو بمعنى آخر لا يمكن الإجابة إلا من خلال سؤال “الشعراوي.. من هذا؟”

الميلاد والنشأة :

ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في الخامس عشر من أبريل لعام 1911م، الموافق الخامس عشر من ربيع الأول لعام 1329 بحسب التقويم الهجري، وكان ذلك في قرية دقادوس التابعة لميت غمر بمحافظة الدقهلية، وكان والده الحاج متولي ميسور الحال، إذ إنه كان من مُلاك الأراضي الزراعية، وكان دوماً ما يذهب إلى المجلس الدوري الذي يعقده عمدة البلدة بداره، حيث يجتمع كبار أهل البلدة ومثقفيها، فيتناقشون في مختلف القضايا وبصفة خاصة القضايا السياسية، وكان محمد متولي الشعراوي أحياناً يرافق والده إلى هذا المجلس، فكان يجلس وينصت باهتمام لكل ما يُقال حوله، ومن خلال هذا المجلس بدأ يتشكل وعيه، وفي شبابه انضم الشعراوي إلى دائرة النقاش بذات الملجس، وفي كبره أيضاً كان يحرص أيضاً على التردد إليه خلال زياراته الدورية لمسقط رأسه.

حفظ القرآن :

منذ طفولته عُرِف محمد متولي الشعراوي بالذكاء المُتقد وسرعة البديهة، وقد انعكس هذا بشكل واضح على مستويات تحصيله العلمي خلال مراحل تعليمه المختلفة، وكان يمتاز بذاكرة قوية حتى إنه كان بإمكانه حفظ أي نص بعد قراءته مرة أو مرتين فقط، بدأ ممد متولي الشعراوي رحلته مع التعليم بكتاب القرية التي وُلِد بها، وقد أعجب شيخ الكُتاب بتفوق الطفل الدراسي وقدرته الفريدة على الحفظ، وكان كثيراً ما يمتدحه في مجلس كبار القرية ويوصي والده بضرورة مساندة الطفل حتى يُتِم تعليمه، وحين بلغ محمد متولي الشعراوي سن الحادية عشر كان حافظاً للقرآن الكريم كاملاً، علاوة على ذلك فقد كان محمد متولي الشعراوي عاشقاً للغة العربية، ولهذا فقد كان حافظاً -رغم صغر سنه- لقدر لا بأس به من أبيات شعر الفصحى.

حلمه وحلم والده :

لم يكن حلم محمد متولي الشعراوي أن يصبح من رجال الدين، فعلى الرغم من إنه قد عُرِف منذ طفولته بالتزامه الديني، وحرصه على حفظ القرآن والحديث بكتاب القرية، إلا إنه في النهاية كان يأمل أن يصير مُزارعاً، فقد كان الشعراوي في طفولته شديد التعلق بالأرض، وكان في فترة الإجازات يساعد والده في أعمال الزراعة، وكان يتمنى أن يدوم هذا، إلا إن والده كان له رأي آخر، فقد كان يأمل أن يدرس ابنه في الأزهر الشريف ليصبح من رجال الدين، وكان الدافع الثاني في رفض متولي الشعراوي لاستكمال دراسته بالأزهر، هو ألا يكبد والده مصاريف الدراسة الجامعية والإقامة بالقاهرة، ولكن أمام إصرار والده استسلم لرغبته واستكمل دراسته في جامعة الأزهر.

التعليم :

وضع متولي الشعراوي والد شيخنا الجليل ابنه على بداية الطريق في عام 1922م، حيث حثه على الالتحاق بمعهد الزقاقيق الأزهري الابتدائي، وقد جذب محمد متولي الشعراوي انتباه أساتذته منذ عامه الأول بالمعهد، فقد كان نبوغه ظاهراً جلياً، وبعد عام التحق بالمعهد الأزهري الثانوي، وخلال هذه المرحلة كان قد ذاع صيته وسط زملائه، فتم انتخابه رئيساً لاتحاد الطلبة وكذا رئياً لجمعية الأدباء بالزقازيق، وبعد أن أتم تعليمه الثانوي اصطحبه والده إلى القاهرة، وهناك ألحقه بالأزهر الشريف كي يُكمل تعليمه به، حيث تخصص في دراسة اللغة العربية.

أسرة الشيخ الشعراوي :

تزوج محمد متولي الشعراوي في وقت مبكر جداً من عمره، وقد كان ذلك قبل أن يُنهي تعليمه الجامعي حتى، وكان بناء على رغبة والده وأيضاً على نفقته، فوالده هو من اختار الزوجة والتي تعود جذورها إلى نفس البلدة التي نشأ بها الشيخ الشعراوي، فقد كان والد الشيخ الشعراوي من أصدقاء والد زوجته.. حياة محمد المتولي الشعراوي الأسرية رغم إنها كانت دوماً بعيدة عن الأضواء، إلا إن من خلال سيرته الذاتية، يتبين لنا إنها كانت هادئة ومستقرة وسعيدة، وقد كان لـ محمد متولي الشعراوي خمسة ابناء هم: عبد الرحيم وأحمد وسامي وفاطمة وصالحة.

خواطر الشعراوي :

الإنجاز الأكبر الذي يُحسب إلى الشيخ محمد متولي الشعراوي ،هو تفسيره لآيات القرآن الكريم بأسلوب عامي مُبسط يسهل فهمه واستيعابه، وقد كان يُطلق على تفسيراته “خواطر الشعراوي” وهي التسمية التي أطلقها هو على نفسه عليها، فقد كان يقول إن خواطره ليست تفسيراً بالمعنى الكامل، إنما هي هبات صفائية تخطر على قلب المؤمن، وكان يقول دوماً إن: إذا كان للقرآن أن يُفسر لكان الرسول عليه الصلاة والسلام أولى بتفسيره لإنه عليه نزل وبه انفعل وعلم وعمل.

الجوائز والتكريمات :

بلغ الشيخ محمد متولي الشعرواي مكانة في نفوس الشعب المصري خاصة والعربي على وجه العموم، لم يبلغها أي من رجال الدين المعاصرين له، وربما لم يبلغها أي من رجال الدين في العصر الحديث، وتلك المشاعر الطيبة التي يكنها الناس له تم التعبير عنها بأساليب عديدة، من بينها منحه عدد من الجوائز الشرفية والتكريمات، تقديراً لمجهوداته العديدة في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، وبيان تعاليم الدين ومفاهيمه للمسلمين أنفسهم، ومن أمثلة تلك التكريمات الآتي:

  • نال الشعراوي وسام الاستحقاق المصري من الطبقة الأولى.
  • نال وسام الجمهورية المصري من الطبقة الأولى مرتين في 1983، 1988م.
  • حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعتي المنوفية والمنصورة.
  • تم اختياره عضواً بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن والسنة برابطة في مكة المكرمة.

تم اختيار متولي الشعروي كشخصية العام الإسلامية في 1998م، وذلك من قبل الجهة المناحة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم.

الوفاة :

استمر عمل الشيخ محمد متولي الشعراوي على تفسير معاني القرآن الكريم حتى السنوات الأخيرة من حياته، ولكن عمله عليه قد صار متقطعاً في الأشهر الأخيرة، بسبب تراجع حالته الصحية تأثراً بتقدمه في السن، وفي السابع عشر من شهر يونيو لعام 1998م، اغتم المجتمع المصري والعربي بنبأ وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي ،بل إن غير المسلمين أيضاً كان للخبر وقع شديد عليهم، فقد تمكن هذا الشيخ الجليل من أن ينفذ إلى قلوب الجميع، بسماحته وخلقه الكريم وكلامه الطيب، وقد تم تشييع جثمانه إلى مسقط رأسه بقرية دقادوس حسب وصيته في جنازة حاشدة. رحم الله عالمنا الجليل الذي غاب عن دنيانا ولكن لم ينقطع عمله بها، فقد ترك تركة عظيمه خلدت اسمه وهي “العلم النافع”.

سيرة حياة

أضف تعليق