تسعة شخصيات

توماس إديسون مخترع المصباح الذي تعلم على يد أمه

توماس إديسون المخترع الذي تعلم على يد أمه

الجميع تقريباً يعرف توماس إديسون بصفته مخترع شهير، لكن السؤال الواجب طرحه هو كيف شق طريقه إلى تلك الشهرة؟، والسؤال الأهم : هل نال ما استحقه من تكريم؟..

توماس إديسون هو أحد أشهر المخترعين والرجال في التاريخ الأمريكي بصفة خاصة، وفي تاريخ الإنسانية بوجه عام، فهذا الرجل العظيم له الفضل في ابتكار وتطوير العديد من الأجهزة، منها ما لانزال نستخدمه حتى يومنا هذا ولا نتصور حياتنا بدونه، مثل المصباح الكهربي الذي يدوم عمله لفترات طويلة، وكذلك جهاز الفونوجراف أو الجرامافون وهو أول جهاز لاستعادة الصوت المُسجل، بالإضافة إلى كاميرا التصوير والتي فتحت الباب أمام ظهور فن السينما.

توماس إديسون .. من هذا :

الجميع تقريباً يعرف توماس إديسون بصفته مخترع شهير، لكن السؤال الواجب طرحه هو كيف شق طريقه إلى تلك الشهرة؟، والسؤال الأهم : هل نال ما استحقه من تكريم؟..

الوالدين والميلاد :

كان صمويل إديسون أحد النشطاء السياسيين بكندا، والذي هرب إلى الولايات المتحدة بسبب ملاحقة الجهات الأمنية هناك له، كونه أحد المشاركين في ثورة ماكنزي الفاشلة، واستقر بولاية أوهايو وهناك التقى بالسيدة نانسي ماثيوز إليوت وتزوجا، ثم انتقلا إلى مدينة بورت هورون بولاية متشيجان واستقروا بها بصحبة أطفالهم السبعة، وكان أصغرهم توماس إديسون المولود في الحادي عشر من فبراير لعام 1847م.

الأم مدرسة :

مقولة الأم مدرسة يشار بها لكل أم كتشبيه يقصد به التوقير والاحترام، بينما الحال مختلف بالنسبة لوالدة توماس إديسون ،فهي قد كانت بالنسبة له مدرسة بحق، فقد تم إلحاق إديسون في بادئ الأمر بالسلك التعليمي النظامي، لكنه لم يستمر به أكثر من بضعة أشهر، وذلك لإنه كان يعاني من ضعف السمع، بالإضافة إلى إنه كان يشرد طويلاً، الأمر الذي تسبب في نعته بأوصاف مثل “الفاسد” أو “الفاشل” من قبل أحد مُعلميه، تركه للمدرسة كان كفيل بتحويل مسار حياته إلى مجرد شخص فاشل، لكن الأم أدركت إن طفلها يملك موهبة وإن المجد ينتظره في المستقبل، فتولت هي مهمة تعليمه في المنزل وكانت تحثه دوماً على القراءة وكثرة المطالعة، وكان دوماً ما يردد توماس إديسون في كل مناسبة عبارة : “أمي هي من صنعتني”.

 مسيرته العلمية :

اضطر توماس إديسون إلى العمل في سن صغيرة وفي مهن متواضعة، فعمل كبائع للحلوى والجرائد في عربات القطار، ثم التحق بوظيفه في مكتب التليغراف، أما مسيرته كمخترع فقد بدأت في نيو جيرسي بابتكار المُكرِّر الآلي، ولكن ذاع صيته في عام 1877م حين اخترع الفونوجراف، والذي اعتبره الناس نوع من السحر حتى إنهم أطلقوا عليه اسم “الساحر”، وكانت هذه هي البداية الحقيقية في مسيرته كعالم ومخترع.

الزوجات والابناء :

مر توماس إديسون خلال حياته بتجربتين زواج، أولهما كانت في ديسمبر لعام 1871م، حيث كان قد التقى بفتاة تعمل بأحد المحال التجارية، تدعى ماري ستلويل، وبعد شهرين فقط من بدء علاقتهما قررا الزواج، وأنجب إديسون أطفاله الثلاثة الأوائل من هذه الزيجة، وهم ابنيه ويليام ليزلي الذي حذى حذو أبيه وصار مخترعاً، وتوماس الذي أسماه بأسمه، وابنته ماريون إديسون والمعروفة باسم دويت، ولكن رحلت ماري ستلويل عن عالمنا في وقت مبكر وتوفت عن عمر نياهم 26 عاماً، البعض يقول بإن ذلك كان جراء إصابتها بورم بالمخ، بينما آخرون ذهبوا إلى إن ذلك كان نتيجة تسمم المورفين والذي كان يستعان به في العلاج بكثرة بتلك الحقبة الزمنية.

في عام 1886م أعلن توماس إديسون نبأ زواجه الثاني من السيدة مينا ميلر، وقد نتج عن هذه الزيجة أيضاً ثلاثة ابناء، هم على التوالي مادلين إديسون، وتشارلز إديسون الذي شغل منصب حاكم نيو جيرسي في وقت لاحق وتولى إدارة شركة والده، وثيودور إديسون والذي اتخذ درب والده، وحين توفي كان هناك 80 براءة اختراع مُسجلة باسمه.

أثر توماس إديسون الأكبر :

إنجازات توماس إديسون كعالم ومخترع بالتأكيد يصعب حصرها، ولكن يبقى عمله الأشهر هو ابتكاره المصباح الكهربي المتوهج، ولكن إن نظرنا بتمعن سنجد إن أثر إديسون في المجال العلمي يفوق ذلك كثيراً، فهو لم يترك لنا فقط مجموعة من الاختراعات المبتكرة، بل إنه ترك لنا مبدأ ومنهج بحثي اعتمد عليه العلماء من بعده، فـ توماس إديسون كان من أوائل العلماء ممن تخلوا عن الانفرادية وأيدوا العمل الجماعي، فأنشأ أول مختبر شامل للأبحاث الصناعية، مما يعني إنه صاحب الفضل فيما تم ابتكاره من اختراعات في زمنه، وكذلك ما تم أبتكاره فيما تلاه من أزمنة.

تكريم توماس إديسون :

توماس إديسون هو حالة فريدة، ومن ثم فإن الحديث عن الكيفية التي تم تكريمه بها لا يمكن أن تتم بشكل نمطي، فهذا الرجل كانت قيمته كعالم ومخترع تفوق قيمة أي جائزة، فهو لم يُشرَّف بحصوله على الجوائز بل إن الجوائز هي التي شُرِّفت بإطلاق اسمه عليها، وهذا لا يعني إنه لم يكن نصيب وافر منها، ولاستعراض الأمر بشئ من التفصيل، يمكننا تقسيم تكريمات توماس إديسون إلى أربعة أقسام رئيسية، هي كالآتي:

أ) جوائز حصل عليها :

نال توماس إديسون العديد من الأوسمة سواء خلال حياته أو بعد وفاته ، ومن أهم هذه الأوسمة :

  • وسام جون سكوت من مدينة فلادلفيا في 1889م.
  • وسام إدوارد لونجيسترث من معهد فرانكلين في 1889م.
  • وسام جمعية المهندسين الأمريكيين في 1908م.
  • وسام الخدمة المتميزة من القوات البحرية الأمريكية في 1920م.
  • وسام الكونجرس الذهبي في 1928م.
  • جائزة جرامي الشرفية في 2010م.

ب) مناصب شرفية :

حاز توماس إديسون كذلك العديد من المناصب الشرفية، ومنها:

  • تم انتخابه ضمن أعضاء الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في 1887م.
  • تم منحه عضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم في 1927م.
  • هذا بالإضافة لإدراجه رسمياً بقائمة رموز ولاية نيو جيرسي في 2008م، وكذلك أدرج بقائمة عظماء فلوريدا في 2011م.

ج) جوائز سُميت باسمه :

بجانب الجوائز العديدة التي حصل عليها توماس إديسون كعالم ومخترع، فهناك جوائز عديدة أيضاً قد أطلق عليها اسمه، ومن أمثلتها:

  • تم إنشاء وسام إديسون من قبل الجمعية الأمريكية للمهندسين الكهربائيين في 1923م، وكان إديسون نفسه هو أول الحاصلون عليه.
  • الجائزة الهولندية الموسيقية سُميت باسم جائزة إديسون تكريماً له.
  • الجامعة الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين في عام 2000م قدمت لأول مرة جائزة توماس إديسون للاختراعات الفردية.

د) متحف إديسون :

تحت إشراف إدارة متحف بورت هورون تم ترميم المستودع الذي اتخذه توماس إيدسون مقراً لعمله، وتم تحويله إلى متحفاً خاصاً به تم إطلاق اسمه عليه، ويقع متحف إديسون في نطاق ولاية متشيجان الأمريكية.

السنوات الأخيرة في حياته :

على عكس العديد من العلماء ورجال الأعمال المشاهير حول العالم، لم يكن لدى توماس إديسون ذرة رغبة في التقاعد رغم تقدمه في العمر، فاستمر في ممارسة أعماله حتى سنواته الأخيرة من حياته، حتى إنه قبل وفاته ببضعة أشهر افتتح السكك الحديدية في مدينة هوبوكين في ولاية نيو جيرسي، وكذلك وفر أساطيل شاحنات النقل العامة لخدمة شمال نفس الولاية.

الوفاة :

في الأشهر الأخيرة من حياة توماس إديسون منح وقتاً أكبر لعائلته، فكان دائم الإقامة في منزله الذي أهداه لزوجته، والواقع في منطقة ويست أورنج بولاية نيو جيرسي الأمريكية، وفي الثامن عشر من شهر أكتوبر لعام 1931م، فارق إديسون الحياة متأثراً بمضاعفات إصابته بمرض السكري، وتم دفنه في الحديقة الخلفية لذات المنزل الذي كان يقيم به.

سيرة حياة

أضف تعليق