تسعة شخصيات

كوكو شانيل .. صاحبة الاسم الأشهر بعالم الأزياء

كوكو شانيل

سيرة حياة كوكو شانيل : هي أحد رموز المثابرة والكفاح، لم ترضخ للظروف ولم تُسلم بالأمر والواقع وتحدت الفقر والمعاناة فاستحقت أن تكون أسطورة في مجالها.

كوكو شانيل في زمننا المعاصر هو عبارة عن علامة تجارية بارزة في مجال تصميم الأزياء يُقدر بمليارات الدولارات، ولا يزال متربع على عرش الموضة العالمية رغم مُضي أكثر من 90 عاماً على تأسيسه، لكن ذلك لم يتحقق بين ليلة وضحاها، بل هو نتاج عناء وشقاء مؤسسته الأولى كوكو شانيل التي تحمل لقب أسطورة الموضة وقد استحقت اللقب عن جدارة.

كوكو شانيل .. من تكون ؟

كوكو شانيل هي أحد رموز المثابرة والكفاح، لم ترضخ للظروف ولم تُسلم بالأمر والواقع وتحدت الفقر والمعاناة فاستحقت أن تكون أسطورة في مجالها.

مأساة الطفولة :

في التاسع عشر من أغسطس عام 1883م وُلِدت كوكو شانيل واسمها الحقيقي والكامل جابرييل بونور شانيل، وُلِدت داخل مستشفى خيري فقير بمدينة سومور الفرنسية، هي ابنة لأم غير متزوجة تدعى يوجيني جين ديلووف ووالدها هو ألبرت بونور شانيل، عانت في طفولتها من الفقر حيث أن عائلتها كانت تمارس بعض الأعمال المتواضعة والتي لا تدر دخلاً كبيراً، حيث أن والدها كان بائعاً متجولاً لملابس العمل، وكانت الأسرة المكونة من أبوين وثلاث بنات وولدين تقيم في غرفة واحدة فقيرة، مما يعني أن طفولة كوكو شانيل خلت من كافة أشكال البهجة وكانت شديدة القسوة.

حياتها في الملجأ :

معاناة كوكو شانيل في فترة الطفولة والصبا لم تتوقف عند هذا الحد، بل أنها ازدادت سوءاً حينما هَجّر والدها الأسرة وسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية سعياً وراء العمل، وحين بلغت الثانية عشرة من عمرها توفيت والدتها مُتأثرة بالتهاب الشعب الهوائية، وفجأة وجدت كوكو الصغيرة نفسها مضطرة إلى مواجهة الحياة وحدها.

تم إرسال كوكو شانيل وشقيقتيها إلى ملجأ اليتيمات المُلحق بدير أبوازين في وسط فرنسا، وكان من المؤلم أن تعيش داخل ملجأ للأيتام في حين أن والدها لا يزال على قيد الحياة، لكنها اضطرت لتقبُل الوضع وحياة الملجأ القاسية علمتها الالتزام والانضباط الصارم، وكانت إدارة الملجأ تُعلم الفتيات بعض المهارات كي يتمكن من إعالة أنفسهن في المستقبل، فانجذبت كوكو شانيل إلى أعمال الخياطة وحياكة الملابس وخلال فترة قصيرة صارت أمهر فتيات ذلك القسم.

العمل واسم كوكو :

أتقنت كوكو شانيل فنون الخياطة خلال الفترة التي قضتها داخل ملجأ دير أبوازين، من ثم كان من السهل عليها العثور على عمل فور مغادرتها إياه، حيث عملت في بعض ورش الخياطة الصغيرة، ولم يكن العائد المادي الذي تجنيه من تلك المهنة يكفي نفقات المعيشة، مما اضطرها للعمل في ذات الوقت كمطربة داخل أحد الملاهي.

حتى ذلك الوقت كانت لا تزال تُعرف باسم جابرييل شانيل، لكن خلال فترة عملها في الملهى أُطلِق عليها اسم كوكو شانيل للمرة الأولى، وقد تم اشتقاق هذا الاسم من كلمات الأغنية التي اشتهرت بتأديتها على المسرح والذي كانت تقول في مطلعها: كو كو كو ري كوي، وقد التصق بها الاسم فلم تستطع تغييره حتى بعدما تخلت عن العمل كمغنية بالملاهي.

أول مشروعاتها الخاصة :

لم ترض كوكو شانيل يوماً عن واقعها ولم تستلم له، وكانت تطمح دائماً إلى النجاح والثراء وتحقيق الذات؛ لذلك قررت استغلال مهاراتها في الخياطة وراحت تصنع القبعات وتعرضها على واجهة أحد مقالات البقالة نظير نسبة من الأرباح، وقد نجحت أولى محاولات شانيل في العمل الخاص وخلال فترة قصيرة تمكنت من جمع ما يكفي لاستئجار محل تجاري خاص بها.

النجاح والانتشار :

أطلقت كوكو شانيل لخيالها العنان وقامت بتصميم مجموعة متنوعة ومبتكرة من القبعات، مما جعل بضائعها تلقى رواجاً كبيراً بين النساء الفرنسيات، ورغم أن منافسيها حاولوا تقليد تصميماتها إلا أنهم لم يتمكنوا من مواكبتها حيث أنها كانت تحرص على تجديد تصميماتها باستمرار.

لفتت تصميمات كوكو شانيل نظر رجل الأعمال كابيل، وعرض على كوكو شراء تصميماتها إلا أنها كانت بعيدة النظر، فعرضت عليه مشاركتها بدلاً من أن تعمل لصالحه، وهو ما تحقق بالفعل، وبفضل الدعم المادي الذي تلقته من كابيل تمكنت شانيل من التوسع في تجارتها، وافتتحت فروعاً لمحلها في المدن الفرنسية الساحلية بعدما كان نشاطها يقتصر على العاصمة باريس فقط.

شانيل في زمن الحرب العالمية :

تعرض نشاط تصميم الأزياء وصناعة الملابس لحالة من الركود في أعقاب الحرب العالمية الأولى نتيجة قلة الخامات وارتفاع الأسعار، إلا أن كوكو شانيل تمكنت من تفادي تلك الأزمة، حيث كانت تعتمد في صناعتها على الأقمشة الرخيصة مع الاهتمام بالتصميم الفريد، مما جعل بضائعها في متناول يد غالبية المستهلكين وبالتالي تضاعفت أرباح تجارتها.

شانيل .. علامة تجارية :

تنامت ثروة كوكو شانيل خلال فترة وجيزة نتيجة رواج بضائعها وزيادة معدلات الإقبال عليها، مما شجعها على التوسع في العمل بصورة أكبر، فقامت بتأسيس بيت شانيل للأزياء واختارت له شعاراً مميزاً عبارة عن حرفي C متداخلان بصورة معكوسة، ويعد ذلك الشعار اليوم واحد من أشهر العلامات التجارية في عالم الموضة والأزياء.

أنشطة كوكو شانيل :

توسعت كوكو شانيل في أنشطتها التجارية بصورة كبيرة ابتداءً من عشرينات القرن الماضي، حيث قامت بإنشاء أحد مصانع القماش لتوفير المواد الخام اللازمة لصناعتها، وكذلك عقدت شراكة مع مصنع بورجوا للعطور، ثم توسعت فيما بعد بصورة أكبر فلم يعد يقتصر نشاطها على تصميم الأزياء فحسب، بل اتجهت إلى مجال تصميم المجوهرات وافتتحت مشغلاً خاصاً له، وأطلقت أولى تشكيلات الحلي الخاصة بها في عام 1932م.

تنامت تجارة كوكو شانيل حتى تحول اسم (شانيل) إلى علامة تجارية عالمية، حيث أصبحت ترأس مجموعة اقتصادية تضم نحو 4000 موظفاً، وتقوم بتصدير منتجاتها من أزياء وعطور ومجوهرات إلى كافة أنحاء العالم.

حياتها الخاصة :

تزوجت كوكو شانيل من رجل الأعمال كابيل الذي عاونها في بداية مسيرتها المهنية، ودام زواجهما حتى وفاته المنية في حادث سير عام 1919م، وقد شكلت مفارقة كابيل للحياة صدمة قوية بالنسبة لشانيل وكانت تقول أن السعادة فارقت حياتها بعدما فارقها هو.. تمت إقامة نصب تذكاري لتخليد ذكرى رجل الأعمال كابيل في موقع الحادث، ويُشاع أن ذلك النصب قد أُقيم بتكليف مباشرة من كوكو شانيل

التأثير والإنجاز :

أحدثت كوكو شانيل ثورة في عالم تصميم الأزياء، حيث تمردت على كافة قواعد التصميم التي كانت مفروضة على أزياء النساء في زمانها، وكانت تحرص على أن تجمع تصميماتها بين الرقي والبساطة وفي ذات الوقت الابتكار والاختلاف عن السائد بالأسواق، ولا تزال تلك السمات تميز كافة تصميمات شانيل حتى وقتنا هذا.

التأنق الأخير :

حين استشعرت كوكو شانيل اقتراب أجلها طلبت طلباً غريباً من خادمتها، هو أن تساعدها في ارتداء أحد فساتينها وتصفيف شعرها ووضع مساحيق التجميل على وجهها، وبعد أن تأكدت من حسن هندامها صعدت إلى فراشها وبعد دقائق اكتشف المحيطون بها مفارقتها للحياة، وكان ذلك في العاشر من يناير عام 1971م وتم دفنها في مدينة لوزان السويسرية التي كانت تقيم بها خلال سنواتها الأخيرة.

شانيل في مجلة التايم :

أدرجت مجلة التايم العالمية كوكو شانيل ضمن قائمة أهم 100 شخصية في القرن العشرين، باعتبارها واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً بالعالم في العصر الحديث، وهي أول مصممة أزياء تُدرج ضمن هذه القائمة.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق