تسعة شخصيات

يوسف زيدان .. آخر حماة المخطوطات العربية ومفهرسيها

يوسف زيدان

دكتور يوسف زيدان هو أحد القامات الثقافية العربية المعاصرة، ساهم في إثراء الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي بأشكال عدِة، كما أنه من فئة الكتاب النادرة المهتمة بفتح قنوات تواصل دائمة مع الشباب، وهو ما يوضح سر الشعبية الطاغية التي يحظى بها بينهم، فترى ما الإسهام الأدبي والفكري الذي قدمه يوسف زيدان والذي أكسبه المكانة الرفيعة التي يتبوأها.

يوسف زيدان .. من هذا:

يوسف زيدان هو المفكر والباحث المصري المؤثر دائماً والمثير للجدل على الدوام.. كيف أثر في الحياة الثقافية العربية؟ وما سر ذلك الجدل المثار باستمرار حول تصريحاته وكتبه وأعماله الأدبية؟

حياته المبكرة :

في الثلاثين من يونيو 1958م وُلِد الباحث المصري يوسف زيدان واسمه بالكامل يوسف محمد أحمد زيدان، وكان ذلك في صعيد مصر وتحديداً في منطقة نجع ساقلتة الذي يتبع إدارياً محافظة سوهاج، ثم انتقل في طفولته إلى مدينة الإسكندرية برفقة جده، ونشأ فيها وتلقى تعليمه من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية في مدارسها، ثم التحق بقسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية وحصل منه على درجة الليسانس.

أظهر يوسف زيدان في طفولته شغفاً كبيراً بالقراءة والمعرفة وكان كثير الاطلاع، وقد روى في أحد اللقاءات التي أجريت معه أنه لم يكن بمقدوره شراء الكتب، ولهذا كان يتعامل مع مجموعة من باعة الكتب ممن يسمحون باستعارة الكتب أو استبدالها مقابل سعر زهيد.

المؤهلات العلمية :

تخرج دكتور يوسف زيدان من جامعة الإسكندرية في عام 1980م ولكن رحلته مع التعليم لم تقف عند هذا الحد، إذ عمل على إعداد رسالة الماجستير الخاصة به بعد تخرجه وكانت بعنوان: الفكر الصوفي عند عبد الكريم الجيلي كما قدم تحقيقاً لقصيدة النادرات العينية، ثم نال فيما بعد -وتحديداً في عام 1989م- درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية وكانت الرسالة المقدمة منه بعنوان: الطريقة القادرية فكراً ومنهجاً وسلوكاً، وفي عام 1999م نال درجة الأستاذية في الفلسفة وتاريخ العلوم.

مخطوطات مكتبة الإسكندرية :

أثير الكثير من الجدل حول الخلاف الذي نشب بين يوسف زيدان من جهة ورئيس مكتبة الإسكندرية فؤاد سراج الدين من جهة أخرى، لكن أيا كانت حقيقة الخلاف ودوافعه فإن ذلك لا ينفي حقيقة أن دكتور يوسف زيدان أحد الأعمدة التي قامت عليها المكتبة، حيث أنه تولى عملية الإشراف على إنشاء قسم المخطوطات في مكتبة الإسكندرية ثم تولى رئاسته وكان ذلك في عام 1994م.

يوسف زيدان وفهرسة المخطوطات العربية :

تعد عملية الفهرسة إحدى المهام التراثية الشاقة وفقاً لوصف يوسف زيدان نفسه، إلا أن هذا لم يثنه عن العمل على فهرسة المخطوطات العربية، بل أنه يعد من أبرز المفهرسين العرب حيث بلغ عدد المخطوطات التي قام دكتور زيدان بفهرستها إلى 18 ألف مخطوطة من المخطوطات المصرية تقريباً، وقد اهتم على أن تتم فهرسة المخطوط بأسلوب علمي يقوم على دراسة موضوعية تحليلية، حيث يقدم للباحث في البداية نبذة مختصرة عن كل مخطوط تتضمن بداية النص الكتابي الوارد في أول المخطوط والنص الذي ورد في نهايته، وكذلك يصف هيئة المخطوط والحالة التي هو عليها.

قارب عدد الفهارس التي عمل عليها دكتور يوسف زيدان العشرين فهرس، استغرق العمل عليها وقت طويل حتى تخرج بذلك الشكل المنظم والمنمق، ومن أبرز الفهارس التي نظمها يوسف زيدان ما يلي:

  • فهرس مخطوطات جامعة الإسكندرية (الجزء الأول والجزء الثاني)
  • فهرس نوادر المخطوطات في مكتبة البلدية
  • فهرس مخطوطات مكتبة رفاعة الطهطاوي (ثلاثة أجزاء)
  • فهرس مخطوطات دمنهور ورشيد
  • فهرس مكتبة الإسكوريال

تأثيره وإنجازه :

أثرى يوسف زيدان المكتبة العربية بكم هائل من الكتب الهامة المتنوعة ما بين التراث الإسلامي والفلسفة وتاريخ العلوم، بجانب إنتاجه الأدبي المتميز المتمثل في المجموعات القصصية والروايات، أما الإنجاز الأكبر لـ يوسف زيدان فيتمثل في الخدمة الجليلة التي قدمها للثقافة العربية وللجيل الحالي والأجيال التالية من الباحثين، ألا وهي إشرافه على فهرسة أكثر من 18,000 من المخطوطات العربية.

يوسف زيدان أديباً :

يعد يوسف زيدان واحد من الأدباء العرب العرب المعاصرين، حيث أثرى المكتبة العربية بعدد كبير من الروايات والمجموعات القصصية بجانب كتابته لعدد من القصص القصيرة التي نشرت في عِدة صحف مصرية آخرها صحيفة الوطن. تتصدر مؤلفات دكتور يوسف زيدان قوائم الأكثر مبيعاً كما تمت ترجمة أغلب إنتاجه الأدبي لأكثر من لغة ولاقت نجاحاً كبيراً حول العالم، ومن أبرز مؤلفاته الأدبية ما يلي:

  • رواية ظل الأفعى
  • رواية عزازيل
  • رواية النبطي
  • رواية محال
  • رواية جونتانمو
  • رواية نور
  • مجموعة قصصية حل وترحال

مؤلفات يوسف زيدان :

إبداع يوسف زيدان لا يقتصر على النصوص الأدبية المتمثلة في الروايات والقصة القصيرة فحسب، بل هو أبدع في مجالات متعددة، أبرزها كتابته وأبحاثه في التصوف والفلسفة الإسلامية والتراث الإسلامي والعربي بصفة عامة، ومن أبرز مؤلفات يوسف زيدان وأوسعها انتشاراً ما يلي:

  • شعراء الصوفية المجهولون
  • دراسة وتحقيق ديوان عفيف الدين التلمساني
  • الطريق الصوفي وفروع القادرية بمصر
  • نصوص نقدية بعنوان التقاء البحرين
  • متاهات الوهم
  • دومات التدين
  • فقه الثورة
  • شجون عربية
  • شجون مصرية
  • شجون تراثية

تحقيق موسوعة الشامل :

عمل دكتور يوسف زيدان على تحقيق موسوعة الشامل في الصناعة الطبية لعلاء الدين بن النفيس، والتي تعد واحدة من أضخم الموسوعات الطبية خلال القرون الوسطى، وقد قام يوسف زيدان بتحقيق هذه الموسوعة بالغة الضخامة ونشرها في مجموعة كاملة مكونة من ثلاثين مجلداً صدرت عن المجمع الثقافي في أبي ظبي.

جوائز وتكريمات  :

حاز دكتور يوسف زيدان خلال سنوات نشاطه في الحقل الثقافي العديد من الجوائز والتكريمات عن إسهاماته الأدبية والثقافية، ومن أبرز تلك الجوائز:

  • جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن دراساته عن ابن النفيس
  • جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن تحقيق موسوعة الشامل في صناعة الطب
  • جائزة البوكر العربية عن رواية عزازيل

يوسف زيدان .. المثير للجدل دائماً :

يهدف دكتور يوسف زيدان إلى تنقية التراث الإسلامي والتراث العربي بشكل عام من المغالطات والأخطاء التاريخية المتوارثة، ومن ثم فأن تصريحاته التي يدلي بها في اللقاءات أو ما يورده في كتبه ومؤلفاته يُشكل في بعض الأحيان صدمة للمتلقي، حيث أنه ينسف مجموعة من الثوابت التي يتعامل معها المجتمع العربي باعتبارها مُسلمات مقدسة لا تقبل التشكيك، ولهذا فقد أثير الجدل دائماً حول تصريحاته كما أنه تعرض في كثير من الأحيان إلى هجمات شرسة من رجال الدين والمحافظين.

تسببت رواية عزازيل في إثارة كثير من الجدل حيث تم اتهام يوسف زيدان بتعمد تشويه العقيدة المسيحية، إلا أنه أكد على أن كل ما ورد ضمن أحداث الرواية من وقائع تاريخية قد حدث بالفعل، وقد حققت الرواية مبيعات قياسية وحازت على العديد من الجوائز العالمية، كذلك تكرر الهجوم على يوسف زيدان على خلفية تصريحاته المتعلقة بموقع المسجد الأقصى حيث قال بأن المسجد الأقصى الذي يقع في القدس ليس نفس المسجد الذي عرج منه النبي محمد عليه الصلاة والسلام إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج، مؤكداً على أن المسجد الأقصى الحقيقي كان موقعه منطقة الجعارنة التي تقع حالياً ضمن حدود المملكة العربية السعودية.

يوسف زيدان .. الأب الروحي للشباب :

يعتبر عدد كبير من شباب المثقفين يوسف زيدان بمثابة أب روحي لهم، ليس فقط لغزارة علمه أو لأنه واحد من أبرز المفكرين والأدباء العرب المعاصرين، ولكن لأنه من القلة المهتمة بالتواصل مع الشباب بصفة دائمة وبشكل مباشر، حيث أن يوسف زيدان اتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي نافذة يطل منها على متابعيه من الشباب، ويناقشهم بنفسه من خلالها ويجيب على أسئلتهم كما أنه ينظم العديد من المسابقات الثقافية من خلال صفحته الشخصية على موقع فيس بوك، بالإضافة إلى ذلك يعقد دكتور يوسف زيدان أكثر من صالون ثقافي بصفة دورية في محافظتي القاهرة والإسكندرية، بجانب حرصه على عقد الندوات على هامش أغلب الفعالياتالثقافية في مختلف الدول العربية.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق