تسعة شخصيات

حميد الشاعري .. صانع النجوم وأيقونة موسيقى الثمانينيات

حميد الشاعري

سيرة حياة حميد الشاعري : نجم موسيقي ومطرب وموزع أحدث ثورة فنية باستحداثه أساليب موسيقية وغنائية لم تُعرف قبله. فكيف ارتقى سلم المجد وما الأثر الذي تركه؟

حميد الشاعري هو أحد أهم رموز الفن الموسيقي المعاصر، يكفي القول بأنه أعاد صياغة القالب الفني للأغنية العربية خلال عقدي الثمانينات والتسعينيات، كما أن حميد الشاعري يعد الأب الروحي لكافة المطربين الذين تألقوا في تلك الفترة، حيث كان سبباً مباشراً في شهرتهم وتحقيقهم للنجاح.

حميد الشاعري .. من هذا؟

حميد الشاعري هو النجم الموسيقي المفضل لدى مواليد الثمانينيات، وهو المطرب والموزع الذي أحدث ثورة فنية باستحداثه أساليب موسيقية وغنائية لم تُعرف قبله.. فترى كيف ارتقى سلم المجد؟ وما الإنجاز الذي حققه وما الأثر الذي تركه؟ وما سر الهجمة الشرسة التي تعرض لها في بداياته؟

الميلاد والنشأة :

حميد الشاعري واسمه بالكامل عبد الحميد علي أحمد الشاعري، هو مطرب وملحن وموزع موسيقي يحمل الجنسيتين المصرية والليبية، كما تعود أصوله للدولتين حيث أنه ولد لأب ليبي وأم مصرية، وكان ذلك في التاسع والعشرين من نوفمبر لعام 1961م في إقليم برقة الليبي وتحديداً في مدينة بني غازي، وقد قضى حميد طفولته متنقلاً ما بين مصر وليبيا ويرى إنه ينتمي للدولتين بنفس القدر.

الدراسة :

تلقى حميد الشاعري تعليمه الأساسي في مدارس بني غازي، ورغم إنه قد أظهر في فترة صباه ومراهقته شغفاً كبيراً بفن الموسيقى، إلا أن تخصصه الدراسي جاء بعيداً كل البعد عن هذا المجال، حيث أنه بعد إتمام الدراسة الثانوية التحق بصفوف معهد الطيران الليبي تلبية لرغبة والده، وبعد إنهاء دراسته في المعهد سافر إلى بريطانيا لاستكمال دراساته في نفس المجال.

التجارب الموسيقية الأولى :

رغم أن انتقال حميد الشاعري إلى بريطانيا كان بهدف استكمال دراسة الطيران المدني، إلا إنه لم يستطع مقاومة شغفه بالفن، فقام خلال تلك الفترة باستئجار بعض الساعات في أحد استوديوهات التسجيل الصوتي الإنجليزية، حيث استغل الإمكانيات المتطورة المتوفرة بها في إجراء تجاربه التلحينية والغنائية الأولى، وقد صرح فيما بعد أن الأعمال التي نفذها في تلك الفترة لم تكن لأغراض تجارية وإنما كان يحاول من خلالها إشباع هوايته وتطوير مهاراته لا أكثر.

دخول المجال الفني :

عاد حميد الشاعري إلى مدينة الإسكندرية قادماً من بريطانيا حاملاً معه شهادته في مجال الطيران ومجموعة من الشرائط التي سجل عليها الأعمال التي نفذها في الاستوديوهات الإنجليزية، وقد أبدى حميد رغبته في احتراف مجال التلحين إلا أن والده عارض هذه الفكرة، حيث كان ينظر إلى العمل في المجال الفنية بنظرة دونية.

انصاع حميد الشاعري في البداية لرغبة والده وأهمل فكرة السعي وراء حلم الاحتراف مكتفياً بإشباع هوايته بالغناء والعزف على الجيتار في أوقات الفراغ، إلا أن القدر كان له رأي آخر، ولعبت الصدفة دور محوري في دخول عالم الفن دون أن يسعى لذلك، حيث حصل صديقه الفنان وحيد حمدي على نسخة من الألحان التي سجلها في إنجلترا وقام بعرضها على بعض منتجي الموسيقى المصريين دون أن يخبره بذلك، وقد تحمس المنتجون إلى ذلك اللون الإبداعي الغريب والبديع في ذات الوقت الذي يتبناه الملحن الشاب وطلبوا التعاقد معه.

بين الفشل والنجاح :

تجربة حميد الشاعري الغنائية الأولى لاقت فشلاً ذرعياً، حيث لم تتقبل الأذن المصرية والعربية في البداية اللون الغنائي الذي يقدمه ولم يحقق ألبومه الأول (عيونها) أي نسبة مبيعات تذكر، وأصاب ذلك حميد الشاعري بحالة من الإحباط ولوهلة فكر أن والده على حق وأن عليه ترك الموسيقى والاتجاه إلى مجال الطيران.

لعب المنتج الفني هاني ثابت مالك شركة سونار دور بارز في إثناء حميد الشاعري عن قراره، وشجعه على تكرار المحاولة وعدم الاستسلام من الجولة الأولى، وأخبره بأنه يمتلك الموهبة لكن الجمهور لم يعتد بعد على اللون الفني الذي يقدمه، وقد استمع الشاعري للنصيحة وقرر تكرار التجربة وتقديم ألبومه الثاني الذي حمل عنوان (رحيل)، ومع صدوره انقلبت الأوضاع حيث حقق نجاحاً كبيراً ونسبة مبيعات مرتفعة، معلناً عن ميلاد نجم موسيقى جديد يدعى حميد الشاعري

ملك الثمانينيات :

بدأ حميد الشاعري نشاطه الفني في عام 1983م، وخلال سنوات قليلة استطاع أن يحقق شهرة واسعة خاصة في أوساط الشباب الذين انجذبوا إلى اللون الغنائي الذي يقدمه، وقد شجع ذلك العديد من المطربين على التعاون مع الشاعري كملحن أو موزع موسيقي، فلم يعد ألبوم يُطرح إلا وعليه بصمة الشاعري، الذي غير مفهوم الموسيقى وشكل الأغنية في تلك الفترة.

يمتلك الشاعري تاريخ فني زاخر بالنجاحات، فقد قدم خلال مسيرته الفنية نحو سبعة عشر ألبوماً غنائياً كان آخرهم ألبوم روح السمارة في 2006م، وتولى تلحين وتوزيع عشرات الأغنيات للعديد من المطربين والمطربات، كما تميز بتقديمه فن الديوتو الغنائي حيث شارك في الغناء مع أكثر من مطرب منهم مصطفى قمر الذي قدم معه أغنية غزالي وهشام عباس في ديوتو عيني وقدم مع سيمون أغنية بتكلم جد.

أثره وإنجازه :

يعد حميد الشاعري هو العمود الفقري لفن الموسيقى خلال فترة التسعينيات، حيث ساهم في اكتشاف النسبة الأكبر من نجوم هذه الفترة، كما كانت ألحانه سبباً مباشراً في صناعة نجومية جيل كامل من المطربين منهم مصطفى قمر وهشام عباس وسيمون وإيهاب توفيق بالإضافة إلى الاسمين الأبرز على الساحة الغنائية حالياً وهما عمرو دياب ومحمد منير، كما أن حميد الشاعر قد تميز بأسلوبه الفني الخاص، حيث عمل استحداث أساليب جديدة في التلحين والتوزيع الموسيقي لم تعرف من قبله، مما يضعه في مصاف المجددين في فن الموسيقى.

حياته الخاصة :

يحاول حميد الشاعري بقدر الإمكان إبعاد حياته الخاصة عن الأضواء، فلم يظهر في وسائل الإعلام بصحبة أفراد أسرته إلا نادراً، وحين يتطرق لهم في حواراته الإعلامية لا يسهب في الحديث. حميد الشاعري متزوج ورُزِق بنجلين هما نديم ونوح وابنتين هن نبيلة ونورا.

حميد والهجمات النقدية :

لم يسلم حميد الشاعري طوال سنوات نشاطه الفني من الهجمات والنقد اللاذع، حيث أنه كان ولا يزال خصماً لدوداً لجماعة المحافظين، حيث تم اتهامه من قبل بعض المطربين والملحنين بإنه أفسد الذوق العام، حيث لم يتقبل البعض في البداية فكرة المزج ما بين الموسيقى الغربية والموسيقى الشرقية، ورأوا أن ذلك يعمل على هدم الأصالة الفنية في الأغنية العربية.

يذكر أن في تلك الفترة -أي أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات- قام عدد كبير من الفنانين باستحداث أنماط موسيقية جديدة، فقد ظهر محمد منير الذي كان يستلهم أغنياته من التراث النوبي، ومصطفى قمر الذي اختار في بداياته أن يقدم أغنيات غربية الإيقاع، أما حميد الشاعري فقد أقدم على ما لم يتمكن أحد من المساس به من قبل، وهو المزج بين الأصالة الشرقية والحداثة الغربية، وهو الأمر الذي لم يتقبله عدد كبير من المحافظين مثل المطرب هاني شاكر والملحن حلمي بكر بالإضافة إلى عدد من النقاد، فشنوا حرباً ضد حميد والأغاني التي يقدمها والتي كانت تُعرف آنذاك باسم الأغنية الشبابية، لكن النجاح الذي حققه حميد الشاعري سواء كمطرب أو ملحن أو موزع يُثبت أنه كان محقاً وإن الجمهور قد استوعب اللون الفني الذي تبناه بدرجة أكبر من المتخصصين في هذا الفن.

حميد الشاعري .. المجدد دائماً :

يستعد حميد الشاعري خلال الفترة الحالية للعودة إلى الساحة الفنية من جديد، وكالعادة لا يزال يبحث عن الأفضل والأحدث وغير المألوف في هذا المجال، حيث أعلن أن ألبومه الغنائي القادم سيتم طرحه في الأسواق بتقنية الثري دي، حيث أن الألبوم لن يطرح على شرائط كاسيت أو CDs، بل سيكون مسجلاً على نظارة ثلاثية الأبعاد مسجلة عليها أغنيات الألبوم مصورة.

يرى حميد الشاعري أنه من خلال تلك التقنية سيقدم جودة أفضل للمستمع من خلال تقنية عرض جديدة غير التي اعتاد عليها لفترة طويلة، كما أنه سيحارب بذلك أعمال القرصنة التي يعاني منها منتجو الأعمال الفنية منذ فترة طويلة، حيث ينتهك البعض حقوق الملكية الفكرية ويقوموا بالسطو على المصنفات الفنية الخاصة بهم ويعرضونها عبر الإنترنت، حيث أن تلك التقنية الجديدة غير قابلة للنسخ ولا يمكن لأي شخص الاطلاع على محتواها إلا بامتلاكه للنظارة، وقام حميد بشرح الفكرة وتقديم تجربة عملية عليها خلال استضافته بأحد البرامج التلفزيونية.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق