تسعة شخصيات

جورج برنارد شو .. الكاتب المسرحي الأهم والأشهر

جورج برنارد شو

سيرة حياة جورج برنارد شو : هو مثال آخر للمثابرة والكفاح؛ فهو من خرج من ظلمة الفقر والاحتياج ليصل إلى قمة النجاح والمجد، فكيف كانت مسيرته؟ وما نجاحاته؟

جورج برنارد شو هو كاتب أيرلندي بريطاني يُعد هو الكاتب الأشهر في تاريخ الفن المسرحي، بدأ مسيرته كناقد موسيقى وأدبي ثم اتجه فيما بعد إلى الكتابة الأدبية والمسرحية. تعد أعماله من أشهر الكلاسكيات المسرحية ويعتبر جورج برنارد شو من أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ المسرح وفي التاريخ البريطاني بصفة عامة.

جورج برنارد شو .. من هذا ؟

جورج برنارد شو هو مثال آخر للمثابرة والكفاح؛ فهو من خرج من ظلمة الفقر والاحتياج ليصل إلى قمة النجاح والمجد، فكيف كانت مسيرته؟ وما النجاحات التي حققها؟ وبأي مجال كانت؟

الميلاد والأسرة :

في السادس والعشرين من يوليو عام 1856م وُلِد جورج برنارد شو وكان ذلك في مدينة دبلن في أيرلندا. نشأ برنارد شو في كنف أسرة مسيحية بروتستنتية ومن الناحية الاجتماعية كانت تنتمي إلى الطبقة الوسطى. والده كان يعمل موظفاً بسيطاً بإحدى المحاكم أما والدته فقد كانت ربة منزل وهي ابنة لأحد ملاك الأراضي الزراعية، وكان لـ جورج برنارد شو ثلاثة أخوات هم: إلينور وإليزابيث ولوسيندا.

المعاناة المبكرة :

كشفت الحياة لـ جورج برنارد شو عن وجهها القبيح في وقت مبكر جداً من عمره، وفي مرحلة طفولته كان والده هو السبب الأول لمعاناته، فقد كان والده رجلاً مستهتراً سكيراً لا يبدي أي اهتمام بالأمور الدينية، كما إنه كان مهملاً في رعاية أسرته، وبناء على ذلك فقد اضطر جورج برنارد شو إلى ترك المدرسة وهي في الخامسة عشر من عمره تقريباً، وعمل خلال تلك الفترة بالعديد من المهن المتواضعة كي يتمكن من التكفل بنفسه بالإضافة إلى إعالة والدته.

التعليم :

ترك جورج برنارد شو المدرسة -رغماً عنه- في وقت مبكر من عمره كما ذكرنا، ولكنه لم يتأثر بذلك حتى إنه اعتاد تشبيه المدارس بالمعتقلات والسجون، ولكن هذا لا يعني إنه قد توقف عن الدراسة بصورة نهائية، بل إنه حرص على أن يُعلم نفسه بنفسه، خاصة وإنه كان لديه شغف بالقراءة ومحباً للمعرفة، حتى إنه اتقن ثلاث لغات بخلاف اللغة الإنجليزية هم الفرنسية واللاتينية والإغريقية، الأمر الذي دفع البعض إلى تشبيهه بالكاتب الإنجليزي وليام شكسبير إذ إنه هو الآخر لم يحظ بنصيب كبير من التعليم الأكاديمي وعلم نفسه بنفسه.

برنارد شو كاتباً مسرحياً :

مسيرة جورج برنارد شو الإبداعية لم تبدأ من العمل المسرحي كما يعتقد الغالبية بل إنه بدأ كناقد موسيقي وكتب العديد من المقالات في هذا المجال، ثم فيما بعد اتجه إلى الكتابة الروائية والمسرحية وقد دعمته أمه في أول الطريق وشجعته على الاستمرار رغم ما واجهه من مصاعب، حتى إن ما كان يحصل عليه من مال نظير كتاباته لم يكن يكفي مصاريف انتقالاته، ولكن أمه استمرت في دعمه إلى أن تمكن من إثبات ذاته، وصار اسم برنارد شو أحد ألمع الأسماء المطروحة على الساحة الفنية، فتوالت أعمال جورج برنارد شو المسرحية والتي تجاوزت الستين مسرحية أغلبها كان من تأليفه وإخراجه، والتي تم عرضها على أكبر مسارح أوروبا وأمريكا.

موقفه من جائزة نوبل :

الجائزة التي أسسها ألفريد نوبل هي واحدة من أبرز الجوائز العالمية والتي تقدم في فروع مختلفة، وتعد هي الجائزة الأهم في مسيرة كل شخص حصل عليها، وكان من بين هؤلاء الكاتب الإيرلندي جورج برنارد شو ولكن موقفه منها كان مختلفاً بعض الشىء، فقد أبدى اعتزازه بتلك الجائزة ولكن ذلك من الناحية الأدبية فقط، حيث اعتبرها بمثابة تكليل لمجهوداته وما قدمه من أعمال أثرى بها الحياة الثقافية والمسرحية، أما عن القيمة المالية لتلك الجائزة فقد رفض جورج برنارد شو أن ينال منها شيئاً، ووصف الجائزة المالية بإنها بمثابة طوق النجاة الذي يلقي للغريق، ولكن ذلك قد حدث بعدما وصل هذا الغريق بالفعل إلى الشاطئ وصار في أمان.

كان جورج برنارد شو يقصد بهذا التشبيه أيام طفولته وشبابه والتي عانى فيها كثيراً من الفقر ونقص الموارد المالية، ففي تلك اللحظة كان الحصول على مبلغ مالي بقيمة جائزة نوبل حلماً صعب المنال بالنسبة له، أما إنه حين حصل عليها فكانت أعماله الأدبية والمسرحية على السواء قد حققت نجاحاً عالمياً وجنى منها ما يكفيه من أموال، ولهذا فقد قرر التبرع بالقيمة المالية لجائزة نوبل لإقامة مؤسسة تهتم بأعمال النشر الأدبي، كما أهدى الجائزة الأدبية إلى وطنه، وقد فاز بارنارد شو بجائزة نوبل في عام 1925م.

جائزة الأوسكار :

تعتبر جائزة الأوسكار هي الجائزة السينمائية الأبرز والأرفع عالمياً، وقد نال جورج برنارد شو هذه الجائزة أيضاً على الرغم من إنه ليس فناناً سينمائياً خالصاً، فهو في الأساس كاتب مسرحي كما قام بإصدار بعض الروايات، أما السينما فهو لم يعمل بحلقها بصورة كبيرة، ولكن من المرات القليلة التي كتب فيها للسينما كان السيناريو الخاص بمسرحيته بيجماليون، ونالها عنها جائزة الأوسكار كأفضل كاتب سيناريو وهذا كان في عام 1938م.

برنارد شو والجمعية الفابية :

نشاط جورج برنارد شو لم يقتصر على النشاط الفني وحده، بل إنه أيضاً كان مهتماً بعالم السياسة، واهتمامه لم يقتصر على المطالعة أو المناقشة كما هو حال الغالبية من الكتاب والمفكرين، إنما قرر أن يكون عضواً فعالاً في الحياة السياسية في بلاده، وكان برنارد شو معروف بميله إلى الفكر اليساري أو الاشتراكي، وقد ساهم في تأسيس الجمعية الفابية والتي تم اقتباس اسمها من اسم فابيوس كونكتاتورد الذي عاش بالفترة ما بين 275 : 203 ق.م، وقد أسست الجمعية الفابية في عام 1884م في لندن، وكان هدفها يتمثل في الدعوة إلى الفكر الاشتراكي ونشر مبادئه ولكن من خلال الوسائل السلمية. ويعد جورج برنارد شو أحد أهم ثلاثة أعضاء ساهموا في تكوين هذه الجمعية بجانب كل من سيدني ويب وجراهام والاس، بجانب هذا فقد كان برنارد شو أحد أعضاء حزب العمال البريطاني.

الاعتقاد الديني :

لم يتطرق جورج برنارد شو كثيراً إلى اعتقاده الديني كثيراً، ولكن هناك أقاويل عديدة تشير إلى إنه كان ينتمي إلى طائفة اللا دينيين، ولكنه لم يكن من هؤلاء الذين يكنون مشاعر البغض والكراهية تجاه أصحاب الديانات، ودليل ذلك إن قائمة الشخصيات التي اتخذ منها مثل أعلى له أو تأثر بها في حياته كان من بينها شخصيات دينية. مما يشير إلى إن برنارد شو كان لا ديني هو إيمانه التام بنظرية التطور أي تغير السمات الوراثية في الأحياء المختلفة عبر الأجيال المتلاحقة.

إنجازه :

يُعد جورج برنارد شو الكاتب المسرحي الأبرز خلال القرن العشرين، وذلك ليس بسبب الكم الكبير للأعمال الفنية التي قدمها، والتي يقدر عددها بأكثر من ستين مسرحية بخلاف أعماله الروائية والمقالات، إنما بسبب أسلوبه المميز وعمق أعماله التي من خلالها قدم العديد من الأطروحات الفلسفية وناقش العديد من القضايا والأسئلة الوجودية، فقد ألهم برنارد شو العديد من المبدعين الذين اعتبروه مثل أعلى لهم، كما قام أكثر من مخرج بإعادة إحياء نصوصه وتقديمها للمسرح برؤيتهم الخاصة.

حياته الخاصة :

خاص جورج برنارد شو تجربة الزواج بعد تجاوزه سن الأربعين حيث تزوج من السيد تشارلوت باين تاونسند في 1898م تقريباً، وعاش معها حياة أسرية هادئة ومستقرة إلى أن توفيت في 1943م ولم يتزوج بعدها، وعاش على ذكراها إلى أن توفي في الثاني من نوفمبر 1950م عن عمر يناهز 94 عاماً، وكان ذلك في منزله بمقاطعة هارتفوردشير شرق العاصمة الإنجليزية لندن.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق