تسعة شخصيات

لودفينج بيتهوفن الموسيقار الأصم الذي أطرب السامعين

بيتهوفن

بيتهوفن .. من هذا : بيتهوفن حمل لقب الأسطورة وعبقري الموسيقى والموسيقار الأعظم، فمن هو ذلك الرجل الذي نال كل هذه الألقاب؟ والأهم.. هل استحقها؟

لودفينج فان بيتهوفن هو أحد أبرز وأشهر الاسماء في تاريخ الموسيقى، فهو فنان برتبة عبقري ساهم في تطوير النمط الموسيقي خلال العصر الكلاسيكي، كما مهد الطريق أمام ظهور موسيقى الحقبة الرومانسية، تاريخ بيتهوفن حافل بالعديد من الأعمال الموسيقية الخالدة، والتي تتكون من تسعة سيمفونيات وقرابة خمسة مقطوعات معزوفة على البيانو، بجانب جوالي اثنين وثلاثون سوناتا موسيقية، الأمر الذي يجعل لزام علينا التوقف أمامه، واستعراض تاريخه ومشواره.

بيتهوفن .. من هذا :

بيتهوفن حمل لقب الأسطورة وعبقري الموسيقى والموسيقار الأعظم، فمن هو ذلك الرجل الذي نال كل هذه الألقاب؟ والأهم.. هل استحقها؟

موقع وتاريخ الميلاد :

وُلِد الموسيقار بيتهوفن في مدينة بون التابعة لإمارة انتخابية كولونيا، والتي ظلت تحت إمرة الامبراطورية الرومانية المقدسة لمدة تسعة قرون، وكان ذلك في السادس عشر من شهر ديسمبر لعام 1770م، ولكن ذلك التاريخ غير مؤكد ولا يوجد ما يدل عليه تاريخياً، إنما تم إقراره استناداً إلى تاريخ تعميده وفقاً لتعاليم المسيحية الكاثوليكية، إذ كان من العادات القديمة أن يُعمد الطفل باليوم التالي مباشرة لمولده، ومن المثبت إن تعميد بيتهوفن كان في السابع عشر من ديسمبر لعام 1770م.

التسمية :

لودينج فان بيتهوفن هو الاسم الكامل الذي نعرف به الموسيقار العظيم في زمننا، أما في الزمن الذي عاش به فقد كان اسمه يُلحق بكنية “الحفيد”، وذلك لأن جده شاركه الاسم نفسه، والجدير بالذكر هنا هو جد بيتهوفن لأبيه كان هو الآخر موسيقي ذائع الصيت، فصار العامة يفرقون بين كلاهما بلاحقتي (الجد والحفيد).

الأسرة والأخوة :

نشأ لودينج فان بيتهوفن في أسرة متوسطة الحال، ولكننا لا نعرف الكثير من التفاصيل المتعلقة بها، وذلك لبعد المدة الزمنية، خاصة وإن المؤرخون –بطبيعة الحال- لم ينتبهوا إلى بيتهوفن إلا بعدما أحدث تأثير، وصار واحد من أشهر وأبرع الموسيقيين، ولكن الثابت لدينا إن والده هو السيد يوهان فان بيتهوفن وقد كان هو الآخر عازفاً ومغنياً، بجانب توليه لمنصب الرئاسة بأسقفية كولونيا في بلدة بون، أما والدته فهي السيدة ماريا ماجدالينا كيفريش، وقد انجب الزوجين سبعة ابناء يأتي بيتهوفن الحفيد في الترتيب الثاني بينهم، ولكن جميعهم قد توفوا في عمر صغير ولم يبلغوا الصبا، عدا أخوين هما نيكولس وكاسبار وكلاهما أصغر منه سناً.

تأثره بوالده :

كان تعلق بيتهوفن بالفن بصفة عامة وفن الموسيقى بصفة خاصة أمر قدري مفروغ منه، فالنغمات المعزوفة على الآلات كان أول شئ يسمعه عند مولده، وفي طفولته المبكرة كان يُجالس والده وهو يُعد الألحان ويرافقه بحفلاته الغنائية، ورويداً رويداً تعلق قلب الطفل بتلك النغمات الجذابة، وما عاد شئ في الحياة يسعده مثلما تفعل هذه الأنغام، ومع تقدمه العمري وإدراكه للأمور زاد شغفه بها، وقرر أن يتحول من مُجرد مُستمع ومتذوق للفن إلى عازف مُبدع ومُجدد ومُؤثر.

تعلم الموسيقى :

بداية تعلم لودينج بيتهوفن للموسيقى وممارستها بحق كانت في عام 1779م، وكان ذلك على يد العازف البارز كريستيان جوتلوب نيفي، والذي تولى تعليمه أصول العزف الموسيقي على البيانو، كما ساعده في إعداد لحنه الأول وكان ذلك في 1783م وكان باسم WoO 63، وقد لمس الأستاذ في تلميذه حس فني رفيع وموهبة فريدة من نوعها، وأيقن من أنه لن يعيد فقط أمجاده والده وجده، بل إنه قد يحقق ما يتفوق به عليهما، ومن ثم قرر العازف البارز الاستعانة بتلميذه الموهوب، فجعل منه مساعداً رسمياً له، وبتلك الخطوة كان قد وضع لودينج فان بيتهوفن قدمه على أول طريق الاحتراف، والتي بدأت فعلياً في الفترة بين عامي 1790م: 1792م بتقديمه مجموعة من الألحان، والتي عرفت في وقت سابق بمسمى أعمال بيتهوفن الغير مصنفة، ثم كان عصره الذهبي بانتقاله إلى فيينا في عام 1792م.

قيمته كوسيقي :

الإنجاز الحقيقي والذي جعل من لودينج بيتهون أسطورة موسيقية، لا يتمثل فيما قدمه من ألحان شهيرة وعذبة ومؤثرة بالوجدات فحسب، إنما تنبع في تأثيره في الفن الموسيقي ذاته، فهو صاحب الفضل فيما شهدته موسيقى الحقبة الكلاسيكية من تطور، ولا تزال سيمفونيات بيتهوفن تعزف وتدرس حتى يومنا هذا، واستحق وعن جدارة أن يشتهر بلقب أسطورة الموسيقى.

التغلب على ضعف السمع :

عادة ما يُوصف الموسيقي المبدع أيا كان موقعه من العمل الفني، أي سواء كان ملحناً أو مطرباً أو عازفاً فعادة ما يوصف بأنه يملك أذن موسيقية، فإذا ما فقدت أذنه حسها هذا فقد هو قدرته على الإبداع الموسيقي، أما بيتهوفن فقد تمكن من خرق كل المسلمات في عالم الموسيقي، فابتداء من عام 1800 بدأت حاسة السمع لديه تتدهور، لكن هذا لم يمنعه من الاستمرار في عمله الإبداعي، وألف العديد من المقطوعات الموسيقية في تلك الفترة، وقرب نهاية حياته كان هذا الموسيقار العظيم قد بات أصم تماماً، لكن هذا أيضاً لم يمنعه من الاستمرار في الحقل الإبداعي، بل إنه ألف واحدة من أشهر سيمفونياته وهو مصاب بالصمم التام وهي السيمفونية التاسعة، وتعرف هذه الحقبة باسم الفترة المتأخرة بحياة بيتهوفين، وامتاز إنتاجه خلالها بالعمق الفكري والتجديد في البنية الموسيقية.

الحب في حياة بيتهوفن :

دق الحب باب لودفينج بيتهوفن عدة مرات لكن رغم ذلك فإن عدد زيجاته (صفر)، وذلك بسبب الطبقية التي سادت المجتمع الذي عاش به، إذ أن أغلب من وقع لودفينج في حبهم كانوا منتميات للطبقة الأرستقراطية، وكانت أول النساء في حياة لودفينج هي جوليتا جيجاردي سليلة أسرة برانسفيك، وقد أهداها لودفينج السوناتا الرابعة عشر من مقطوعاته، وتوالت قصص الحب في حياته بعد ذلك، وجميعها انتهت لذات السبب وهو الفارق الطبقي بينه وبين محبوباته، فتميز لودفينج الموسيقي دفعه للانخراط مع الطبقة الارستقراطية، فقد كان يعزف بحفلاتهم ويدرس لبناتهن الموسيقى، وبقدر ما كانت مشاعر الحب دافع لودفينج بيتهوفن للإبداع وإنتاج المزيد من المقطوعات، إلا إن الصدمات العاطفية التي يعاني منها جراء إنهاء تلك العلاقات، كانت تعيقه وتسببت في توقفه عن أعماله الفنية مرات عِدة.

المرض والوفاة :

ابتداءً من عام 1817م انخفضت معدلات الإنتاج الفني للفنان بيتهوفن ،وذلك بسبب تعرضه لصدمة نفسية نتيجة وفاة أخيه، بالإضافة إلى تصارعه مع زوجة شقيقه الراحل على بنوة ابن شقيقه، إذ كان يرى أن الزوجة سيئة السمعة ولا تصلح لتكون راعية الطفل ذو التسع سنوات، وفي الأشهر التالية بدأت الحالة الصحية لـ بيتهوفن في التدهور، وقضي معظم وقته طريح الفراش، ولم يتمكن الأطباء آنذاك من تشخيص المرض الذي أصابه، وقضي نحبه في السادس والعشرين من مارس لعام 1827م عن عمر يناهز السادسة والخمسين عاماً، ولكن تشريح الجثة  كشف عن إصابته بتليف في الكبد بجانب تمدد في العصب السمعي.

التشييع والدفن :

الدليل الأكبر على شعبية لودفينج بيتهوفن ومكانته في القلوب يتجسد في جنازته، فقد تم تشييع جثمان الموسيقار العظيم إلى مثواه الأخير في جنازة حاشدة، عدد الحضور بها تجاوز الـ 20 ألف مواطن، وكان ذلك بعد ثلاثة أيام من وفاته، وقد تصدر الحشد العديد من الشخصيات البارزة، منهم الموسيقي القدير فرانز شوبرت ويُقال إنه حرص على حمل النعش بنفسه، وتم دفن الجثمان في المقابر المركزية في فيينا.

سيرة حياة

أضف تعليق