تسعة شخصيات

أوبرا وينفري .. التي تحدت واقعها وصارت أسطورة

أوبرا وينفري.. التي تحدت واقعها وصارت أسطورة

سيرة حياة أوبرا وينفري : بثت روح الأمل في النفوس المحبطة، وشجعت الشباب على المضي قدماً وعدم التنازل عن أحلامهم. فما مآسي أوبرا وكيف حققت ذلك النجاح؟

أوبرا وينفري هي واحدة من أكثر الشخصيات شهرة وثراءً ونفوذاً في العالم، هي صاحبة العرض التلفزيوني الأعلى مشاهدة في التاريخ، وكذلك هي المذيعة الأكثر شعبية حول العالم، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إن أوبرا وينفري تعتبر ملهمة بالنسبة للكثيرين، فهي نموذج للكفاح والنجاح والارتقاء إلى قمة النجاح من قاع الفقر والمعاناة.

أوبرا وينفري .. من تكون ؟

رحلة أوبرا وينفري تروى على ألسنة خبراء التنمية البشرية حول العالم، لبث روح الأمل في النفوس المحبطة، وتشجيع الشباب على المضي قدماً وعدم التنازل عن أحلامهم، فمهما كانت الظروف المحيطة بنا قاسية فهي لن تكون كتلك التي مرت هي بها.. فما المآسي التي عانت منها أوبرا؟ وكيف تحددها وحققت ذلك النجاح منقطع النظير؟

ميلاد بالصدفة :

أوبرا جيل وينفري هو الاسم الكامل للإعلامية الأمريكية الأكثر شهرة في العالم أوبرا وينفري ،والتي ولدت في التاسع والعشرين من يناير لعام 1954م، وقد كان ذلك في مقاطعة كوسيكو بولاية ميسيسبي الأمريكية، والدها هو فيرنيتا لي والذي عمل حلاقاً بجانب قيامه ببعض الأعمال التجارية البسيطة ووالدتها هي فيرونان وينفري، وقد جاء حمل أمها بها عن طريق الخطأ، فأوبرا نتاج لقاء عابر جمع بين أبويها، فيرونان وفيرنيتا لم لم يكونا متزوجين ولا عاشقين حتى، هما اثنين جمعتهما نذوة عابرة، وبعد انقضاءها اكتشفت الأم إن تلك النذوة قد خلفت جنيناً في بطنها، وحين صارحت شريكها بذلك تخلى عنها بدم بارد، وبعد تسعة أشهر وضعت الأم حملها فكانت أنثى فاسمتها أوبرا ومنحتها اسم عائلتها، فصارت منذ ذلك الحين تُعرف باسم أوبرا وينفري

الفقر والشقاء :

عانت أوبرا وينفري في طفولتها ما لا يمكن لبشر أن يتحمله، فقد كانت أمها تعمل خادمة بالمنازل، ولم يكن ذلك العمل يدر عليهم دخلاً كافياً لتوفير حياة كريمة، حتى إن أوبرا في طفولتها كانت ملابسها تُصنع من مخلفات أجولة البطاطس، وبسبب عجز الأم عن سداد نفقات المعيشة، تشتت أوبرا في طفولتها ما بين الإقامة بمنزل أمها تارة وبمنزل جدتها تارة أخرى، كما إن مظهرها المذري وملابسها المهرتئة جعلتها عرضة للسخرية من أقرانها.

التعليم :

رغم إن طفولة أوبرا وينفري كانت خالية من شتى أشكال الرفاهية والمتعة، إلا إنها حصلت على فرصة للتعليم، وقد ألحقتها والدتها في بادئ الأمر بروضة للأطفال، وبناء على توصية مُعلمتها تم تصعيدها إلى الصف الأول مباشرة، إذ جاء بتقريرها إن الطفلة أوبرا متفوقة وتتمتع بذكاء حاد يفوق مرحلتها العُمرية، واستمر تفوق أوبرا حتى التحاقها بمدرسة East Nashville الثانوية، وكانت تشارك في العديد من الأنشطة المدرسية، وهو ما أكسبها شهرة واسعة فبات يُطلق عليها لقب الطالبة الأكثر شعبية، خاصة وإن علاقتها كانت طيبة بجميع زملائها ومُعلميها، وبسبب تفوقها خلال سنوات دراستها بالكامل حصلت على منحة تعليمية من جامعة تينيسي، فالتحقت بصفوفها ونالت منها شهادتها الجامعية.

مآسي العنصرية والاغتصاب :

مآسي أوبرا وينفري لم تتوقف عند حد المعاناة من الفقر وضيق الحال، بل إنها عند التحاقها بالجامعة عانت من التمييز العنصري، إذ كانت من أوائل الأمريكيين ذوي الأصل الإفريقي الذين تمكنوا من الالتحاق بالجامعة، وكان تفوقها يُشعر ابناء الجنس الأبيض -كما يسمون أنفسهم- بالغيرة ويثير أحقادهم، كما إنها تعرضت لأزمة أشد قسوة وهي مقتبل شبابها، إذ تم الاعتداء عليها جنسياً من قبل أحد أقاربها، وقد حملت سفاحاً ولكن مولودها مات بعد ولادته بساعات قليلة، وانهارت أوبرا بعد تلك التجربة فأدمنت تعاطي المخدرات، ولكنها بعد فترة تمكنت من المقاومة فتعافت منها، كما تغلبت على شعور القهر الذي سيطر عليها وواصلت مشوارها التعليمي.

 الطريق إلى أوبرا شو :

بداية رحلة أوبرا وينفري العملية بدأت في العمر السابعة عشر، حين تمكنت من الحصول على وظيفة بهيئة الإذاعة، وحضورها الطاغي وثقافتها الواضحة لفتا إليها الأنظار، فانتقلت وهي في عمر التاسعة عشر إلى محطة Nashville التلفزيونية، لتكون بذلك أصغر المذيعات عمراً في تاريخ المحطة، وأخذت شعبية أوبرا تتعاظم وتثبت أقدامها أكثر بالحقل الإعلامي مع كل عرض تلفزيوني تتولى تقديمه، إلى قدمت برنامجها الحواري أوبرا شو والذي أصبح في زمن قياسي البرنامج الأكثر متابعة في الولايات المتحدة، ثم اكتسب في وقت لاحق شهرة عالمية، وأصبحت حلقاته تذاع في العديد من دول العالم وقبل توقفه بلغ عدد القنوات التلفزيونية التي تنقله قرابة الـ100 قناة.

الحب في حياة أوبرا :

لم يُعرف عن أوبرا وينفري إنها خاضت تجربة الزواج طيلة حياتها، على الرغم من إنها قد عاشت قصتي حب أعلنت عنهما، الأولى بدأت في عام 1986م وكان شريكها هو رجل الأعمال والكاتب ستدمان جرهام، وفي عام 1992م أعلن الثنائي خبر خطبتهما رسمياً واستعدادهما للزواج، إلا إن تلك الزيجة لم تتم في النهاية ولم يكشف أي من الطرفين عن السبب، أما العلاقة الثانية في حياة الإعلامية أوبرا وينفري فقد كشفت عنها خلال استضافتها بإحدى الحلقات التلفزيونية، إذ أفصحت عن وقوعها في غرام رجل متزوج، وقالت إن هذه العلاقة دامت لمدة أربع سنوات ولكنها فشلت في نهاية الأمر.

الإنجاز المهني :

حققت أوبرا وينفري نجاحاً غير مسبوق في مجال الإعلامي، فقد حقق برنامجها الحواري نسب مشاهدة مرتفعة في أكثر من 100 دولة حول العالم، وكذلك هي واحدة من أكثر سيدات الأعمال نجاحاً وثراءً، فنجاحة كمنتجة تلفزيونية لا يقل عن نجاحها كمذيعة، فهي تمتلك شركة Harpo Operah  للإنتاج، بجانب امتلاكها لاستوديو في شيكاغو، وكذلك تقوم بتمويل عدد من المجلات الأمريكية والتي يتم توزيعها بعدد كبير من دول العالم، كما قامت بإطلاق قناة تلفزيونية تحمل اسمها.

الإنجاز الشخصي :

لو وضعنا قائمة بالعشر أشخاص الذين عليهم الفخر بأنفسهم فحتماً ستأتي أوبرا وينفري ،ولن نبالغ إن قلنا بإن من الوارد جداً أن تتصدر القائمة، فقد تمكنت أوبرا من تحدي ظروف قاسية كفيلة بهدم أشد العزائم، وبلغت قمة المجد والشهرة من قاع الفقر المدقع، ولم تحقق فقط نجاحاً باهراً كإعلامية وسيدة أعمال، إنما أصبحت قدوة للجيال الحالي والأجيال اللاحقة، ويستشهد برحلتها خبراء التنمية البشرية لإرشاد المراهقين وبث روح الأمل في المحبطين.

الجوائز والتكريمات :

تلقت أوبرا وينفري خلال مشوارها العديد والعديد من الجوائز والتكريمات، سواء بصفتها المهنية كإعلامية أو بصفتها ناشطة في المجالات الخيرية والإنسانية، ولا خلاف على إن أوبرا قد استحقت هذا الكم من التكريمات والجوائز، بل إن البعض يرون إن ما حصلت عليه حتى اليوم لم يف قدرها، ومن أمثلة تلك التكريمات ما يلي:

  • تم إدراج اسم أوبرا وينفري ضمن قائمة أهم 100 شخصية بالقرن العشرين.
  • جائزة الإيمي من أكاديمية فنون وعلوم التلفزيون.
  • تكريم من مؤسسة قاعة الشهرة الوطنية للمرأة الأمريكية.
  • نالت أكثر من مرة جائزة استفتاء الجماهير الأشهر (بيبول تشويس)
  • وسام الحرية الرئاسي.
  • كذلك حصلت أوبرا على أكثر من درجة دكتوراه فخرية.

أوبرا والعمل الخيري :

من أهم الأسباب التي أكسبت أوبرا وينفري تلك الجماهيرية الكاسحة، هو إسهامها الدائم والمستمر في مجالات العمل الخيري، فالشهرة والثروة لم يتسببا في نسيان أوبرا لحياة الشقاء التي عانت منها في طفولتها، بل إن النجاح الذي حققته أشعارها بالمسؤلية تجاه الطبقة الفقيرة، والتي كانت تنتمي إليها لفترة طويلة من حياتها، ولهذا فقد قامت بتقديم العديد من التبرعات السخية للمشروعات التنموية الداعمة للفقراء، وكذلك أقامت أكثر من جمعية خيرية تعمل على توفير الدعم للفقراء والمحتاجين سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق