تسعة شخصيات

السير مجدي يعقوب .. ملك القلوب وساكنها ومداويها

السير مجدي يعقوب .. ملك القلوب وساكنها ومداويها

مجدي يعقوب هو أحد أقطاب جراحة القلب والأوعية الدموية، ليس على مستوى مصر أو العالم العربي فحسب، بل إنه يعد جراح القلب الأشهر والأمهر على مستوى العالم دون استثناء، يشتهر كذلك مجدي يعقوب بكثرة أعماله الخيرية والتطوعية، وأبرزها قيامه بإنشاء مركز مجدي يعقوب بأسوان لعلاج الأطفال بالمجان.. واختصاراً فإن مجدي يعقوب هو أحد الأوجه المشرفة للعرب في العالم الغربي، وربما يكون الواجهة الأكثر تشريفاً لنا على الإطلاق.

مجدي يعقوب .. من هذا :

السير والدكتور وملك القلوب وغيرها الكثير من الألقاب تسبق اسم مجدي يعقوب ،فكيف تمكن من بلوغ تلك المكانة الرفيعة، كيف نشأ وكيف بدأ وما هي الإنجازات التي حققها على مدار حياته المهنية كجراح للقلب.

ميلاد ملك القلوب :

في واحدة من قرى الريف المصري وتحديداً في بلبيس التابعة لمحافظة الشرقية، وُلِد مجدي يعقوب وذلك في السادس عشر من شهر نوفمبر لعام 1935م، ونشأ في ظل أسرة مصرية تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، والتي تشكل النسبة الغالبة من النسيج الاجتماعي المصري، عائلة دكتور مجدي يعوب هي عائلة قبطة ارثوذكسية متدينة، ترجع أصولها إلى الصعيد المصري وتحديداً إلى محافظة أسيوط.

تأثره بوالده :

للآسف صار الالتحاق بالجامعات مرهون بمجموع الدرجات الذي يحققه الطالب بالمرحلة الثانوية، لكن هذا النمط من البشر لا يمكن أن يبرع بأي مجال، وعبقرية مجدي يعقوب والمكانة التي بلغها والتي يستحقها في ذات الوقت، تنبأنا بإن التحاقه بالعمل في مجال الطب وخاصة الجراحة، لم يكن نتيجة تفوقه والتحاقه بكلية الطب التي هي واحدة من كليات القمة، بل على العكس فقد كان منذ طفولته يحلم بأن يصير طبيباً، فقد عشق الطفل هذه المهنة من والده، الدكتور حبيب يعقوب الذي كان من أمهر أطباء الجراحة العامة في مصر.

التعليم :

التحق مجدي يعوب بعدد من المدارس الأميرية بمحافظة الشرقية، وأتم بها دراساته الابتدائية والإعدادية والثانوية، وقد عرف عنه التفوق الباهر على مدار سنوات دراسته المختلفة، وهو ما مكنه من وضع قدمه على أول الطريق نحو حلمه الأكبر، والمتمثل في أن يصير طبيباً متخصصاً في مجال الجراحات الدقيقة، وبالفعل تمكن من الالتحاق بعد إتمام الدراسة الثانوية بكلية الطب جامعة القاهرة، واستمر مشوار مجدي يعقوب مع التفوق الدراسي خلال مشواره الجامعي، الأمر الذي أهله إلى السفر للولايات المتحدة الأمريكية وبالأخص ولاية شيكاغو، حيث استكمل بها دراسته للعلوم الطب والجراحة، ثم في عام 1962م كان انتقاله التالي إلى إنجلترا، والتي استكمل دراسته بها لفترة وجيزة ثم عمل بها.

إنجاز مجدي يعقوب الطبي :

مجدي يعقوب كطبيب وجراح له من الإنجازات ما لا يعد ولا يحصى، ولكن يعد الإنجاز الأكبر في مسيرته، هو تمكنه من العلاج بواسطة جهاز الزرع الميكانيكي، فهو لا يقوم باستئصال القلب المريض ووضع قلب صناعي فقط، بل إنه يساعد القلب الطبيعي على الاستشفاء والعمل بشكل سليم، وأشهر عملياته التي أجريت بهذا الأسلوب، كانت لطفلة عمرها عامين تدعى هنا كلارك تعاني من تضخم قلبي بنسبة 200%.

الجوائز والتكريمات :

مجهودات مجدي يعقوب في المجال الطبي عامة وجراحة القلب بصفة خاصة، بجانب عبقريته الفذة وتجديده الباعث للأمل بهذين المجالين، بالإضافة إلى أعماله الخيرية والتطوعية، كلها أمور ما كان يمكن بأي شكل أن يتم تجاهلها، سواء من بلده الأم مصر أو من العالم بأسره، فتم تكريمه من بلاد عديدة وبأشكال مختلفة، ومن أمثلة هذه التكريمات التي نالها والجوائز التي حصل عليها ما يلي :

  • في 1985م حمل مجدي يعقوب لقب بروفسير جراحة القلب.

“سير” هو لقب آخر حمله يعقوب في 1991م، ومنحته إياه ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث.

من أهم الجوائز التي نالها مجدي يعقوب هي جائزة الإنجاز المتميز الإنجليزية، والتي يتم الترشح إليها من عن طريق الشعب البريطاني، والذي يقوم أيضاً بالتصويت للشخصيات المرشحة في وقت لاحق، وقد اختار الشعب البريطاني في إحدى دورات الإنجاز المتميز مجدي يعقوب كصاحب الإنجازات المميزة في المملكة المتحدة.

  • في عام 1992م حاز على وسام الفارس.
  • بعد الاستطلاع الذي نظمته إذاعة BBC الإنجليزية في عام 2000م، فاز مجدي يعقوب بجائزة الشعب.
  • في عام 2002م تم تكريمه من قداسة البابا شنودة.
  • في 2007م تم تكريم دكتور يعقوب من خلال قناه ITV الإنجليزية، وهي الجائزة التي يتم منحها لمن ساهموا في التنمية الاجتماعية بمختلف الوسائل، وقد حضر حفل التكريم رئيس الوزراء جوردون براون.
  • تم منح الدكتور يعقوب قلادة النيل العظمى من مصر في 2011م، وهي أعلى وسام مصري يمنح لمن يقدمون خدمات جليلة للوطن.

مراحل الارتقاء في حياة مجدي يعقوب :

لم يصبح مجدي يعقوب ملكاً للقلوب بين ليلة وضحاها، بل إن ذلك كان ثمرة رحلة من الكفاح، مارس خلالها الطب، وتدرج من مرتبة الطالب والمتدرب حتى بلغ مرتبة الأستاذ والمعلم، بل ومرتبة العبقري الذي استحدث أموراً في عالم جراحة القلب لم تعرف من قبله، ومن المناصب التي شغلها السير يعقوب خلال رحلته كطبيب:

  • عمل لفترة كباحث في جامعة شيكاغو الأمريكية.
  • حصل على ردجة الزمالة الملكية بالجراحة من ثلاث جامعات إنجليزية، هم جامعات لندن وأدنبره وجلاسكو.
  • شغل منصب استاذ جراحة القلب بمستشفى برومتون البريطانية.
  • مدير البحوث الطبية ومستشاراً فخرياً بكلية الملك إدوار في باكستان.
  • رئيساً لمؤسسة مجدي يعقوب لزراعة القلب والرئيتين في إنجلترا.
  • وهذا بجانب العديد والعديد من المناصب الرسمية والشرفية التي شغلها مجدي يعقوب على مدار حياته، والتي لا زال يشغل نسبة كبيرة منها حتى يومنا هذا.

ملك القلوب :

استكمالاً لحديثنا عن المكانة التي بلغها السير مجدي يعقوب ،والجوائز التي حققها والتكريمات التي نالها، لا يمكننا أبداً إغفال إن التكريم الأكبر في حياة مجدي يعقوب هو حب الناس، فمن تعامل مع دكتور مجدي يعقوب ومن كانت معرفته به فقط من خلال وسائل الإعلام، لابد وأنك ستجده يحبه ويقدره، فالرجل لم يحقق شهرته فقط من خلال إنجازاته العلمية، إنما أيضاً اشتهر بكونه أحد رواد العمل التطوعي والخيري، حتى إنه حصل على لقب ملك القلوب، وهو لقب شعبي وغير رسمي، أي إن عوام الناس هم من قاموا بإطلاق هذا اللقب عليه، حتى إنه بات يُعرّف به في وسائل الإعلام البريطانية، ثم امتد الأمر إلى وسائل الإعلام المصرية والعربية في وقت لاحق.

مجدي يعقوب بعد الاعتزال :

حين بلغ دكتور مجدي يعقوب سن الخامسة والستين، قرر أن يعتزل عالم الجراحة بصفة جزئية، ولكنه بالتأكيد لم يعتزل عالم الطب، ولم يتوقف ولو ليوم واحد عن مساعدة كل شخص يحتاج إلى مساعدته، فمنذ ذلك الحين يعمل مجدي يعقوب كطبيب استشاري لعمليات نقل الأعضاء، كذلك صار لديه وقت أكبر لاستثماره في مجال البحث الطبي، وإعداد التقارير الطبية وكتابة المقالات التي تنشر بكبرى المجلات المعنية بالصحة، كما قام بعد الاعتزال بإجراء عدد من الجراحات في عيادته الخاصة بالعاصمة البريطانية لندن، وهذا كله بجانب أعماله الخيرية والتطوعية في مجال زراعة وعلاج القلب.

العملية التي أعادته :

رغم قراره بالاعتزال عاد الدكتور يعقوب إلى الجراحات الدقيقة بوقت لاحق، وذلك من أجل معاونة وتقديم الاستشارة لفريق الجراحة، والذي كان مُطالب بإجراء عملية إزالة القلب المزروع بعد إتمام شفاء القلب الطبيعي، وهي واحدة من أكثر العمليات تعقيداً في عالم الجراحة، والتي تمكن مجدي يعقوب وفريقة من إجراؤها بنجاح تام، وأشرف بنفسه على متابعة الحالة خلال فترة النقاهة للتأكد من سلامتها.

سيرة حياة

أضف تعليق