تسعة شخصيات

جيري سيجل .. الذي أحضر سوبر مان من كريبتون إلى الأرض

جيري سيجل .. الذي أحضر سوبر مان من كريبتون إلى الأرض

جيري سيجل والذي يُعرف أيضاً باسم جريوم سيجل، هو اسم الرجل الذي يختبئ خلف عباءة سوبر مان، هو صانعه وهو أول من قدمه من خلال القصص المصورة في عام 1938م، بمشاركة صديقة الرسام جو شاستر، وربما كلاهما لم يتوقع في ذلك الوقت، إنهما يبتكران شخصية ستصير ذات يوم الأشهر في تاريخ الفن الهزلي، وستمنح اسمي جيري سيجل وجو شاستر الخلود.

جيري سيجل .. من هذا ؟

مع اقتراب طرح الفيلم المنتظر Batman v Superman بدور العرض السينمائية، يكثر الحديث عن مبدعي الفيلم المخرج زاك سنايدر والنجوم هنري كافيل وبن أفليك، ولكن هؤلاء جميعاً يمثلون الحلقة الأخيرة من سلسلة الإبداع المديدة، أما الحلقة الأولى بها فهي تتمثل في اسم واحد فقط.. هو جيري سيجل .. فمن يكون؟

الميلاد والأسرة :

أصول جيري سيجل تعود إلى دولة ليتوانيا والتي كانت تتبع في وقت سابق الاتحاد السوفيتي، فمن هذه الدولة يندرج أبويه اليهوديان سارة وميتشيل سيجل، واللذان قررا بعد زواجهما أن يهاجرا إلى العالم الجديد كما كانت تعرف الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، وهناك استقرا في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية، وبها انجبا طفلهما السادس والأصغر جيري سيجل ،وكان ذلك في السابع عشر من أكتوبر لعام 1914م.. لجيري سيجل خمسة أخوات يكبرونه جميعاً، هم روزلين ومينرفا وهاري وإيزابيل وليو سيجل.

تأثره بوالده :

تأثر جيري سيجل بوالده وكان مقرباً منه، بل والأكثر من ذلك إنه أحب الفن من خلاله، فقد كان والده رساماً ولكن لم تكن موهبته تدر عليه كثير من الدخل، فاضطر إلى البحث عن مصدر رزق آخر تمثل في افتتاحه لمحل خردوات صغير، لكن هذا العمل لم ينسيه حبه للفن، وسعد كثيراً حين لاحظ ما يتمتع به ابنه الأصغر جيري سيجل من حس فني، فحرص على تشجيعه على المضي قدماً نحو تنمية مواهبه الفنية وإحسان استغلالها.

التعليم :

كان جيري سيجل طالباً ذو مستوى متوسط، أتم تعليمه بالمدارس الابتدائية ثم التحق بمدرسة حلنيفيل الثانوية بمدينة كليفلاند، وكان جيري سيجل خلال هذه المرحلة العمرية يتسم بالخجول الشديد، وبالتالي كانت علاقته محدودة ولا يتمتع بشعبية كبيرة بين الطلاب، ولكن نال فيما بعد شهرة واسعة لم يكن يتوقعها، حين شارك في النشاط الفني بالمدرسة وقام بنشر بعض قصصه بمجلات الحائط، ومنذ ذلك الحين حدد جيري سيجل طريقه، بعدما أيقن بأن الفن الأدبي هو الشئ الذي يجيده، والذي سيرتقي به ويجعل له مكانة عظيمة بين الناس.

الحياة الشخصية :

تزوج جيري سيجل مرتين خلال حياته، الأولى كانت من سيدة تدعى بيلا ودام زواجه منها قرابة 18 عاماً، وأثمر زواجهما عن الابن الأول لـ جيري سيجل ويدعى مايكل، وبعد انفصالهما التقى جيري بالسيدة جوان، والتي يصفها جيري سيجل بأنها الحب الحقيقي في حياته، وأنجب منها ابنته لورا سيجل واستمر زواجهما حتى وفاته في عام 1996م.

مبتكر سوبر مان أقرب لباتمان :

لا يمكن ذكر سوبر مان دون التطرق إلى منافسه الأول الوطواط باتمان، فمنذ زمن بعيد تربع كلاهما على عرش قصص الأبطال الخارقين، ولم تتمكن أي شخصية من نيل تلك المكانة التي بلغوها، أو تحقيق الشهرة الواسعة التي يحظيان بها حول العالم، ولكن المفارقة هنا إن مبتكر شخصية سوبر مان الأول جيري سيجل ،حياته الشخصية أقرب للبطل الخارق باتمان منها لشخصيته سوبر مان.. كيف؟.. نعرف جميعاً أن القصص المصورة المتعلقة بباتمان، تظهره في صورة الرجل الثري الذي فقد والديه في صغره على أيدي مجرمي الشوارع، فيتحول إلى حارس ليلي يكافح الجرمية في شوارع المدينة.

أما جيري سيجل فما يظهره في قصصه من بغض للجريمة والمجرمين، ليس نابع من فطرته الإنسانية المائلة للعدالة بطبيعتها، إنما لأنه في صباه قد عاني ما عناه باتمان، فحين كان جيري سيجل في مرحلة الصبا، فقد والده الذي توفي نتيجة تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة، أصيب بها بسبب هجوم لصوص مسلحين على متجره الخاص. تلك الحادثة خلفت جرحاً غائراً بقلب جيري سيجل ،فقد كان يكره الجريمة أكثر من أي شخص آخر، وكانت تلك العاطفة مسيطرة دوماً على كتاباته، فما كان يتوانى عن وصف المجرمين بأشنع الألفاظ، كما إنه كان يجعل مشهد قتلهم بالغ البشاعة، حتى إنه اتُهم في بداياته بالترويج للعنف.

تأثره الديني :

لم تكن العاطفة وحدها هي المسيطرة على كتابات جيري سيجل بصفة عامة، وقصص البطل الخارق سوبر مان على وجه الخصوص، بل إنه كان متأثراً أيضاً بتعاليم ديانته اليهودية، والمثال الأكبر على ذلك هو التشابه الكبير بين قصة سوبر مان –شخصيته الأشهر-، وبين القصة المعروفة لنبي الله موسى عليه السلام، فالأعداد الأولى التي كتبها جيري سيجل وتضمنت قصة نشأة سوبر مان، تروي إنه وُلِد على كوكب خارج مجرتنا يدعى كوكب كريبتون، وإن ذلك الكوكب كان على وشك الانفجار والفناء، فخشيت الأم أن يلقى طفلها الرضيع حتفه فوضعته داخل مركبة فضائية وأطلقتها بالفضاء، فاستقر به الحال في كوكب الأرض حيث تولت أسرة أخرى تربيته وتنشأته، وحين شب سعي إلى إرساء العدالة والسلام في الأرض وتخليص أهلها من الطغاة والمجرمين، وقد أجمع النقاد تقريباً على إن جيري سيجل في هذه النقطة تحديداً، قد تأثر بشكل كبير بتراث الديانة التي يعتنقها، وما يرجح ذلك أكثر هو إن شريكه الرسام جو شاستر هو الآخر يهودي الديانة.

الاحتيال والإنجاز :

تعرض جيري سيجل لعملية احتيال من قبل إحدى دور النشر، فتم تضليله وسُلبت منه حقوق الملكية الفكرية لشخصية سوبر مان، فضاعت عليه فرصة جني ملايين الدولارات مقابل استغلالها، ولكن في النهاية يبقى سوبر مان هو الإنجاز الأكبر في حياة جيري سيجل ،فبفضله تم تخليده في ذاكره التاريخ الفني، بصفته مبتكر الشخصية الخيالية الأشهر على الإطلاق، والأوسع انتشاراً في أنحاء العالم.

جوائز جيري سيجل :

لابد إنك قرأت من قبل واحدة على الأقل من قصص سوبر مان المصورة، وإن لم تفعل فإنك بالتأكيد شاهدت أحد الأفلام السينمائية التي جسدته، أو على أقل تقدير واحدة من تلك الحلقات الكرتونية العديدة التي كان بطلاً لها، فالأمر المؤكد هو إن سوبر مان هو البطل الخارق الأشهر في تاريخ الأدب الهزلي، وبالتأكيد – جيري سيجل – بصفته مبتكر تلك الشخصية الشهيرة، كان نال العديد من التكريمات والجوائز، ومن أمثلتها:

  • في عام 1975م نال جائزة المحبرة الشرفية “Inkpot”، وكان ذلك في دورتها الثانية إذ بدأ تقديم هذه الجائزة في عام 1974م.
  • في عام 1992م نال جيري سيجل جائزة سوف إيسنر لكتاب القصص المصورة.
  • في عام 1993م تم حصوله على جائزة جاك كيربي، وتم اعتباره أحد أعظم الكتاب في تاريخ الكتب المصورة.
  • بعد وفاة جيري سيجل وتحديداً في عام 2005م، نال جائزة بيل فينجر لتميزه في مجال الكتب المصورة.

وفاته :

في يناير من عام 1996م صُدم الوسط الفني بفاجعة رحيل جيري سيجل ،وكان ذلك في مدينة لوس أنجلوس التابعة لولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث كان يقيم بصحبة زوجته جوان وابنته لورا، وقام بنعيه أكبر الاسماء في هوليود، بصفته ملهماً للكثيرين من العاملين بالحقل الفني، ومبتكر الشخصية الأكثر نجاحاً في تاريخ أدب القصص المصورة والخيال العلمي، ورغم وفاته لازال اسم جيري سيجل يتردد بقوة، مع كل نجاح تحققه شخصيته الخالدة سوبر مان، والتي من المتوقع أن تعود بقوة خلال عام 2016م من خلال فيلم سينمائي، يجمع بين سوبر مان ونظيره باتمان على الشاشة لأول مرة في التاريخ.

سيرة حياة

أضف تعليق